فيما يشابه الحقائق «العلمية» المجردة، هناك حقائق «إنسانية» نستطيع أن نتبناها باطمئنان بالغ، ومنها تصديق «الرواية التاريخية» التى يدلى بها شخص اشتهر بهذا الكم الهائل من التجرد والإخلاص والمصداقية هو السيد.. سامى شرف.. سكرتير الرئيس عبد الناصر للمعلومات ووزير شئون رئاسة الجمهورية الأسبق، لا سيما أن الأمر يتعلق بشخص زعيم الأمة.. جمال عبد الناصر. لذا حين يصوب سامى شرف ما جاء بمسلسل «الجماعة 2» للكاتب الكبير وحيد حامد من أن عبد الناصر كان عضوًا منظمًا بجماعة «الإخوان»، فعلينا أن ننصت جميعًا لما يقوله باعتباره ألصق الناس بالزعيم، وخزانة أسراره، وموضع ثقته الكاملة، فقد نفى شرف هذه المعلومة المغلوطة - جملةً وتفصيلًا- رغم الترويج لها على مدى سنوات فى عدة كتب، مؤكدًا أن ناصر قد اتصل بكافة التنظيمات السياسية قبل ثورة 23 يوليو المجيدة إبان قيادته ل «تنظيم الضباط الأحرار» حيث كانت له علاقات ب«الشيوعيين، ومصر الفتاة، والإخوان، وغيرهم» كجزء من تفاعل «الضباط الأحرار» مع المشهد السياسى إبان الاحتلال الإنجليزى وتغول وفساد الأسرة العلوية المالكة وأذيال المستعمر من الأحزاب والإقطاعيين. وللحقيقة والتاريخ، فإنها ليست المرة الأولى التى يتصدى لها سامى شرف لمعلومات تاريخية مغلوطة بالتصويب والتصحيح من رجل وُصف- عن حق- بأنه «رجل المعلومات الأول» فى مصر منذ أن كلفه عبد الناصر بإنشاء سكرتارية للمعلومات برئاسة الجمهورية، فضلًا عن مشاركته فى إنشاء جهاز المخابرات العامة، إضافةً إلى أنه أحد مؤسسى إدارة المعلومات بوزارة الخارجية المصرية. وكلنا نذكر ردوده الحاسمة على الكثير من الافتراءات ضد عبد الناصر مثل رده على شمس بدران.. رجل المشير ووزير الحربية إبان نكسة 67.. الذى ردد «كلامًا خائبًا» عن الحياة الجنسية لناصر حيث أفحمه شرف بالحجة والمنطق، مشيرًا ل«يوجين جوستين».. رجل المخابرات وأحد كبار المتخصصين فى الشأن المصرى فى ال«سى آى إيه».. الذى قال نصًا عن الزعيم الراحل: «مشكلتنا مع ناصر أنه بلا رذيلة مما يجعله من الناحية العملية غير قابل للتجريح فلا نساء ولا خمر ولا مخدرات ولا يمكن شراؤه أو رشوته أو حتى تهويشه، نحن نكرهه ككل ولكننا لا نستطيع أن نفعل شيئًا تجاهه لأنه بلا رذيلة وغير قابل للفساد». حقًا.. لقد صدق عبد الناصر حين شبّه سامى شرف ب«الذهب الخالص» خصوصًا ونحن فى زمن امتلأ بالزيف والاجتراء على الحقيقة.