منذ سنوات ليست بالبعيدة ونحن نعيش فوضى أخلاقية وانفلات قيم وعشوائية اجتماعية تطورت شيئًا فشيئًا إلى سلوكيات مشينة يندى لها جبين الإنسانية تطال فى وحشيتها ما تفعله داعش فى المناطق الموبوءة بهم. حادث الطفلة الرضعية وفتاة الزقازيق وتعذيب أم لطفلها حتى الموت وغيرها وغيرها من الحوادث المخيفة فى دلالاتها التى توقفت عندها كثيرًا بعضها مثير للجدل وآخر مثير للغثيان لكن الأخطر كان اللغط الذى صاحب كل واقعة سواء على صفحات التواصل الاجتماعى أو على القنوات الفضائية وجعلنى فى حالة صدمة، فهل تحولت الثوابت الأخلاقية لحرية شخصية كل حسب هواه؟! ولا أكاد أصدق أننا وصلنا لمثل هذه المرحلة من السجالات العقيمة والتدنى والسطحية والخلط فى التناول وكلها تكشف عن عطب وخلل واضح وامراض اجتماعية فجة، فهل هذه هى مصر التى أعرفها ونشأت فيها؟!. ماذا حدث للشخصية المصرية؟! أعلم أن المجتمع بتركيبته الاجتماعية شهد تحولات وتغيرات تغيرت معها أشياء كثيرة فى الأعوام الأخيرة الماضية ولكن ليس لهذه المرحلة. ما يحدث ينبغى التوقف عنده ودراسته لخطورته وتمدده فى المجتمع المصرى فما نحن فيه أعظم من المؤامرات الخارجية والتدخلات الأجنبية نحن فى خطر داهم وغزو للعقول وقبح وتغييب للقيم الأخلاقية وتعاليم الدين الوسطى. اختلطت المفاهيم وجاء الخلط متعمدًا لإحداث بلبلة. والمفارقة الغريبة أننا فى مجتمع يفترض أنه يعيش أوج عصور التدين لكنه حينما يفرغ من مضمونه يصبح شكليًا وتحدث الفجوة بين الجوهر والمظهر. فأصبحنا أكثر شغفًا بارتياد دور العبادة والالتزام بالزى الدينى لكن فى أدنى درجات التمسك بالقيم والأخلاق وروح الدين فتصدرنا المواقع المتقدمة فى الإحصائيات العالمية لمؤشرات الفساد والتحرش. ومفارقة غريبة أخرى استحضرتنى حين كانت مصر متبرجة فى الخمسينيات والستينيات والسبعينيات كانت أكثر إيمانًا وفضيلة وتمسكًا بروح وتعاليم الدين الحنيف، فما هذا التناقض؟!. ما الذى يحدث؟! هل اختلت الموازين واعتلت المقاييس وانحدرت القيم وضللنا الطريق؟!. وللأسف مع كل واقعة تطفو على السطح يسرع المحللون بتبريرها أنها حادثة فردية وظواهر دخيلة وشيئًا فشيئًا أصبحت مألوفة وما خفى كان أعظم؛ وفى كل مرة نكتفى بالاستنكار حتى تحولنا تدريجيًا وتوارت قيمنا الأصيلة فى باب التاريخ وأصبحت الأخلاق فيه هى استثناء. افيقوا هناك نسبة من المصريين لا يستهان بها تتجه إلى تلك الهوة السحيقة من الانحدار إننا أمام منعطف قاتل وحلحلة وتجريف للشخصية المصرية فى العمق والقلب. مصر لم ولن تهزم إلا بتغييب الضمائر والقيم. مصر لن تحتل إلا بالعقول وأتساءل: أين لجنة تنمية الأخلاق والضمير التى دعا إلى تشكليها الرئيس السيسى من واقع مجتمعنا؟!.