وبينما العام الجديد يهل علينا.. ويحاول أن يدخل حياتنا بقوة التغيير المرتقب فى تضاريس العالم.. يهرب منا العام القديم.. ويولى الأدبار.. فهل يا ترى هو الذى ولى الأدبار.. أم نحن؟! بعد أن شهد عام 2016 عددًا كبيرًا من الكوارث والمحن والمتغيرات المرعبة والتفجيرات كبيرها وصغيرها.. ومن المؤكد أن فى مقدمتها حوادث الإرهاب الدموى بفرعيه العربى، والأوربى.. ووشائج الصلة قائمة وحاضرة بقوة.. وهو الإسلام السياسى فضلاً عن سياسة الازدراء والتهميش والكيل بمكيالين.. وعلى أى حال تناسى الغرب أن من ساهم فى صنع الإرهاب.. وبخاصة إرهاب الإسلام السياسى.. هو ما كان يسمى بالقطب الواحد.. أو «ماما أمريكا».. ونحمد الله أنه لم يعد قطبًا أوحد.. بل صار يبحث له عن مكانة وسط التنين والدب والمهراجا! الخلاصة أننا صرنا وجهًا لوجه أمام فكر هذا الإرهاب الأسود.. فكر الكراهية والعدوان.. والتمزيق.. والاستبداد.. وكأنها حلقات متداخلة ومتشابكة يصعب فكها دون مواجهة واعية وحقيقية لهذه العقد المركبة.. ومن المؤكد أن مصر أرض الكنانة فى القلب من هذه المواجهة.. فماذا عسانا فاعلين؟! أن نشق الجيوب ونلطم الخدود.. أم أن نتدبر ونفكر ونتفاعل ونغير.. وقد صدقت كلمات الله سبحانه وتعالى «لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم». إن سياسة التعتيم.. أو سياسة الصدمات والمفاجآت والكىّ بالأسعار.. أوشكت أن تحيل حياة المواطن المصرى إلى سلسلة من العقوبات الإجبارية.. فلا عجب أن غالبية الشعب المصرى صار يئن من السياسات الاقتصادية خاصة بعد تعويم الجنيه وزيادة أسعار المحروقات.. فإذا بحياة المواطن تتحول إلى جحيم فى الأسعار، والمرعب فى الأمر.. أن تلك الأسعار تلتهب وتتصاعد تبعًا لكل يوم يعقبه يوم آخر.. أو سعر آخر مرتفع!! لا ثبات فى الأسعار.. والحكومة عاجزة عن أن تثبت تلك الأسعار.. لا خفضها لا سمح الله.. وفى المقابل مطلوب من المواطن الفقير والمسكين والبسيط.. أن يضبط مشاعره وأحاسيسه.. ويسير على الصراط المستقيم.. إلى أن يفرجها الله عليه.. وإذا سأل متى.. فإن الإجابة تأتيه.. لا أحد يعلم مشيئة المولى عز وجل!! إذا كانت مواجهة الإرهاب تتطلب مواجهة الفكر الغيبى والتكفيرى بالأساس.. فإن مواجهة تصرفات الحكومة تصدم المواطن البسيط بهذا الفكر الغيبى من ناحية أخرى.. أو على نحو آخر.. فعدم مواجهة المواطن بحقائق الأمور فى النواحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. أليس هذا من شأنه أن يضيف غموضًا على حياته.. وبالتالى يتركه للفكر الغيبى؟! ثم إن سياسة الصدمات التى تتعاقب على رأس ذاك المواطن من موجات عاتية ومتعاقبة ومتلاحقة من غلاء فى مناحى الحياة مجتمعة: مأكل، ومشرب ودواء، وعلاج، وتعليم ومواصلات.. وهو يقف ليستجيب لهذا السيل العرم من اللهيب.. دون أن يعرف الأسباب الحقيقية والعلمية لذلك.. أو حتى تقال له بطريقة مقنعة.. وبالتالى تتشوش الصورة.. ويفتقد المصداقية بين ما يقال له.. وما يكويه على أرض الواقع.. ليتركه فى النهاية نهبًا للفكر الغيبى! ثم تطفح فجأة فى وجهه وعبر الإعلام.. صورة الموظف المرتشى «جمال اللبان» ذلك الرجل المتهم بابتزاز الجمهور.. وبالرشوة التى بلغت فى مجملها 150 مليون جنيه.. ولأن قضية ذلك «اللبان» يكتنفها الغموض.. فإن المصداقية تتراجع بينما يتقدم الحظ السيئ «للبان» أو من هم على شاكلته.. وللعلم هم كثر!! أو ليس هذا يندرج أيضًا تحت الغيبيات؟! نعم إن المواطن المصرى.. صار يرى فى كل شىء حوله.. أشياء أشبه بالغيبيات وأن مقاومتها تأتى بدعاء الوالدين، أو بضربة حظ.. لا عبر مشوار طويل من الإرادة الحرة، والتصميم والاجتهاد وبالتالى حصاد التغيير!! وإن كنا حقًا نريد محاربة الإرهاب وتلك الشرنقات المختلفة من الغيبيات والخرافة والشعوذة.. فعلينا أن نغير وجه الحياة.. علينا بداية بإعادة النظر فى المجالات السياسية، والاجتماعية وبالتأكيد الاقتصادية وكأنها أوانٍ مستطرقة.. جميعها صار فى مستوى واحد.. وعلى الدولة والحكومة أن تسعى لتخفيض هذا المنسوب المرتفع للغاية.. والذى يؤكد ويشير إلى الفقر الشديد الذى يعانيه منه غالبية الشعب المصرى.. وقد قالها قديمًا على ابن أبى طالب.. لو كان الفقر رجلاً.. لقتلته!.