«تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    السفيرة الأمريكية: ملتزمون بخلق فرص اقتصادية فى مصر    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم بلدة بيتا جنوبي نابلس بالضفة الغربية    بينها 7 رادارات، الجيش الأمريكي تعلن تدمير عتاد للحوثيين    الصحة العالمية تحذر من تفاقم الوضع الصحي في الضفة الغربية    تشكيل إسبانيا المتوقع أمام كرواتيا في يورو 2024    عروض خليجية وتركية ل«عواد».. ومُحاولات مُكثفة لتجديد عقده مع الزمالك    فيديو | جبل الرحمة يكسوه البياض في صباح يوم عرفه خلال موسم الحج 2024    خطأ شائع قد يُبطل صيامك في يوم عرفة.. يقع فيه البعض    أفضل الأعمال المستحبة في يوم عرفة 2024.. اغتمنه اليوم    5000 وجبة للوافدين.. «الأزهر» ينظم أكبر مائدة إفطار فى يوم عرفة    «غسلتها بإيدي».. لطيفة تتحدث للمرة الأولى عن وفاة والدتها (فيديو)    وفاة نائب رئيس حي ثان المحلة الكبرى بالغربية حزناً على والدته    نصائح للحجاج في يوم عرفة.. لتجنب مخاطر الطقس الحار    إصابة 3 اشخاص في مشاجرة ثأرية بين عائلتين بقرية كحك بالفيوم    ب التوقيت المحلي.. موعد صلاة عيد الأضحى المبارك 2024 في جميع مدن ومحافظات مصر    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    الجيش الإسرائيلي يستعد لهجوم واسع النطاق على لبنان    ضرب وشتائم وإصابات بين محمود العسيلي ومؤدي المهرجانات مسلم، والسبب صادم (فيديو)    «معلق فاشل».. شوبير يرد على هجوم أحمد الطيب    بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض السبت 15 يونيو 2024 بعد آخر ارتفاع    مصطفى بكري: وزير التموين هيمشي بغض النظر عن أي حديث يتقال    انتخاب سيريل رامافوزا رئيسًا لجنوب إفريقيا لولاية ثانية    أفضل دعاء يوم عرفة    ما هو يوم عرفة؟    تعرف على مساجد وساحات صلاة عيد الأضحى 2024    هبوط اضطراري لطائرة تقل وزير الدفاع الإيطالي بعد عطل طارئ    12 سيارة إطفاء تسيطر على حريق مخزن الطوابق بالجيزة| صور    بسبب جلسة شعرية محبطة.. صلاح عبد الله يروي سر ابتعاده عن كتابة الأغاني للمطربين    أحمد شوبير: فخور بالأهلي.. والزمالك لازم يظبط نفسه    مدرب إسكتلندا بعد الخسارة القاسية: لم يمنحنا الألمان أي فرصة    معهد التغذية يحذر: اللحوم المشوية على الفحم تسبب السرطان    مقرر المحور الاقتصادي بالحوار الوطني: صفقة رأس الحكمة فرصة لإعادة النظر في السياسات الاقتصادية    بطولة عصام عمر وطه الدسوقي.. بدء تصوير فيلم «سيكو سيكو»    «مرحلة ما يعلم بيها إلا ربنا».. لطيفة تكشف سبب اختفائها    أبرزهم «أفشة»| الزمالك يراقب خماسي الأهلي حالٍ رحيلهم عن القلعة الحمراء    إبادة «فراشات غزة» بنيران الاحتلال| إسرائيل على قائمة مرتكبي الانتهاكات ضد الأطفال    لمنع الإصابة بسرطان الجلد.. طبيب يحذر من التعرض لأشعة الشمس    محمد علي السيد يكتب: دروب الحج ..سيدي أبوالحسن الشاذلي 93    «العلاج الطبيعي»: غلق 45 أكاديمية وهمية خلال الفترة الماضية    وزير المالية الأسبق: أؤيد تدخل الدولة لضبط الأسعار وحماية المستهلك من جشع التجار    يورو 2024 - ناجلسمان: من المهم ألا يقتصر التسجيل على لاعب واحد.. ولهذا سعيد ل موسيالا    مصرع طالبين غرقا في نهر النيل بقرية الديسمي في الصف بالجيزة    كرة سلة - سيف سمير يكشف حقيقة عدم مصافحته لمصيلحي    بعد تدخل المحامي السويسري.. فيفا ينصف الإسماعيلي في قضية سعدو    كاف يعتمد دورات تدريبية في مصر لرخص المدربين    موسيالا أفضل لاعب في مباراة ألمانيا ضد اسكتلندا بافتتاح يورو 2024    مقرر المحور الاقتصادي بالحوار الوطني: ميزانية الصحة والتعليم اختيار وليس قلة موارد    أعراض التهاب مفاصل الركبة وطرق علاجها المختلفة    طريقة عمل لحمة الرأس مثل الجاهزة.. اعرف أسرار المطاعم    عيار 21 يعود لسابق عهده في وقفة عرفات.. أسعار الذهب اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    حظك اليوم برج الأسد السبت 15-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    «زي النهارده».. وفاة وزير الداخلية الأسبق النبوي إسماعيل 15 يونيو 2009    محافظ الغربية يواصل متابعة الاستعدادات لعيد الأضحى المبارك    مصرع طفلة وشقيقتها الرضيعة سقطتا من شرفة منزلهما بالشرقية    توجيه عاجل من رئيس جامعة الأزهر لعمداء الكليات بشأن نتائج الفرق النهائية    نقيب الإعلاميين يهنئ السيسي بحلول عيد الأضحى    «التنسيقية».. مصنع السياسة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحزان مسرحيّة!
شبابيك
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 17 - 10 - 2016

قد يتبادر لذهن البعض.. أن عنوان المقال يشير إلى عواطف ومشاعر وأحاسيس ذاتية تجتاح صاحبته.. وهى تتحدث عن حال المسرح والمسرحيين المصريين.. وما آلت إليه فى السنوات الأخيرة من ضعف وهزال.. إن لم يكن السير فى الحذاء ذاته! رغم الأمانى والأحلام التى أعقبت الثورتين.. لكن الحقيقة أن المقال يتجاوز ذلك بكثير.. وهو يحتكم إلى العقل والعقلانية.. ويستند إلى الضمير الشعبى والوطنى العام.. الذى رفض التطبيع مع العدو الإسرائيلى.. هكذا كان.. ولا يزال.. تبعًا لقرارات كافة المؤسسات والنقابات وجمعيات المجتمع المدنى.. منذ اتفاقية «كامب ديفيد» حتى الآن.. إلى أن تعود الأرض الفلسطينية المحتلة إلى أصحابها.
المذهل فى الأمر.. أنه فى يوم 6 أكتوبر عام 2016.. وفى قاعة المسرح القومى العريق.. الذى هو عنوان الفن المصرى وبوابته العريضة.. يفاجأ الجميع، من داخل الدار المسرحية.. ومن خارجها الجمهور المصرى العريض.. بأن السفير الإسرائيلى يجلس بكل أريحية فى الصفوف الأمامية ليشاهد العرض المسرحى القديم الجديد.. وكأنه يخرج لسانه للجميع: ها أنا أحتفل بنصر أكتوبر بطريقتى الإسرائيلية الخاصة.. وفى ساحة القومى المصرية!
المذهل فى الأمر.. أن مسئولى المسرح.. ارتبكوا.. وصاروا يتخبطون كما لو أن على رؤوسهم الطير.. هل فقدوا صوابهم أم بالأحرى عقولهم؟!
المذهل فى الأمر.. أن بطل العرض الفنان الكبير «يحيى الفخرانى» لم يبد أى اعتراض أو حتى تأفف! وإنما اختار أن يسير داخل الجدار لا حتى بحذائه! متجنبًا أن يعلن رأيه.. وأن هذا الشخص غير مرغوب فيه لا سمح الله! اختار أن يحتسبه فردًا من أفراد الجمهور العادى.. جملة اعتراضية أو ليس هذا نوعًا من أنواع التطبيع؟ اقفل القوس من فضلك.. هل كان وجود هذا السفير أمرًا لا يعنيه ولا يعنى الفريق الفنى؟! فبماذا نفسر الأمر: هل هو السلبية المفرطة أو المذلة؟! أم أنه أمر دافع للتطبيع بقوة الأمر الواقع.. والدفع فى شرايين الفن المصرى بما يرفضه ويأباه؟! أم أنه محاولة لجس النبض من قِبل أجهزة الأمن عن مدى تقبل الجمهور لهذا الفعل؟ خاصة أن هذه الأجهزة هى المسئولة عن كل خطوة يخطوها ذاك الشخص خارج عتبة السفارة تأمنيًا على حياته بالأساس!! أم أن مرض المراوغة الذى نعانيه بشدة فى حياتنا العامة قد انتقل إلى خشبة المسرح فاصطبغت به فى حده الأعلى ولا نقول الانتهازية؟!
هل وصلنا إلى هذا الهوان.. فى بيتنا.. أو فى وطننا.. وبتنا لا نستطيع أن نأخذ موقفًا واضحًا ومحددًا نعلن فيه رفض الفنانين للزيارة.. بل رفضهم للمشاركة من قِبل هذا الشخص فى الاحتفال بيوم النصر العظيم والمشرف لمصر والعرب فى 6 أكتوبر عام 1973؟!
ولمن فقد الذاكرة.. أو أصابها العطب.. وبات يتشكك فى القرار الشعبى العام بعدم التطبيع حتى تُسترد الحقوق الفلسطينية العربية.. أذكره بهذا الموقف الأخير للكيان الإسرائيلى والذى أجبر فيه هيئة «اليونيسكو» على إلغاء مشروع القانون الذى حظى بالموافقة وهو يعلن أن المسجد الأقصى وحائط البراق مكان مقدس للمسلمين.. لم يستمر الأمر يومًا أو بضعة أجزاء من يوم.. وإذ باليونيسكو تلغى القرار وتردد المزاعم الإسرائيلية فى القدس والأقصى.. بعد أن هددها «نتنانياهو» بالويل والثبور وعظائم الأمور.. المقاطعة التى لا تطيق فيها اليونيسكو البعاد عن إسرائيل وأحضانها وعناق ماما أمريكا للاثنين معًا!!
ما أطل علينا نهار يوم 10/10/2016 إلا وكان النبأ المؤلم، والخبر المحزن.. رحيل شيخ المسرحيين العراقيين.. الفنان الكبير «يوسف العانى» عن عمر يقترب من ال90 عامًا.. وعن عطاء فنى متنوع استمر ما يقرب من 75 عامًا.. بعد عذابات أسطورية لتمزيق وطنه تفوقت على معاناته فى الغربة من المرض.. رحل فى الغربة.. فى الأردن.. رغم أن روحه ظلت مزروعة فى وطنه العراق.. إنه فنان عراقى بامتياز.. وعروبى بامتياز أيضًا.. مارس كل أنواع الفنون: سينما ومسرح وتليفزيون وإذاعة.. من كتابة وتمثيل للمسرح إلى كتابات نقدية ونظرية.. تقلد أعلى المناصب الإدارية الفنية.. أسس فرقة الفن الحديث عام 1952.. وجاء مسرحه من رحم الحرب العالمية الثانية.. مجددًا، مستنيرًا، تحديثيًا، مطالبًا بالاستقلال الوطنى.. من أشهر أعماله التى فاقت المائة «بغداد الأزل بين الجد والهزل» «الإنسان الطيب» عرضت فى الثمانينيات فى المسرح القومى المصرى.. لاقت ترحيبًا واستحسانًا كبيرًا.. تمتع «العانى» بنزوع إنسان عالٍ.. نذكر له أنه صاحب مصطلح «الضحك الحلال».. وهو القادر على تأكيد رسالة المسرح الجاد لا التجارى أو الاستهلاك.. ولعله فى دوره فى مسرحية برخت الشهيرة «بونيتلا وتابعه ماتى» قد حقق هذه المعادلة بمهارة وتميز لافت.
عندما يقولون عنه.. رحيل فنان الشعب العراقى.. فهم محقون لأن رصيده يعزز تلك المكانة.. وينتزعها لحسابه الخاص.. فهو لم يكن مسرحيًا عاديًا.. وإنما فوق العادة.. بعد أن التحق بمرتبة المفكرين المسرحيين.. ولهذا يتساءل فى مرارة وحسرة بعد غزو أمريكا للعراق.. وهو يشارك فى آخر مهرجان مسرحى أقيم فى سوريا عام 2010 مهرجان دمشق المسرحى: لماذا نأكل لحمنا؟ المسرح يعنى أن تكون حيًا.. لكننا أمة تموت! المسرح يؤكد غريزة البقاء.. حفظ الذات.. الأمة اليونانية القديمة أثبتت وجودها بالمسرح.. لكنه لدينا للأسف الشديد سبب للحزن والتشرد والتبة! ما يقتلنا هو الفلسفة التسلطية التى تتعالى علينا.. ولذا يسكن «داركولا» بيننا! إن صرخته الأخيرة تتلخص فى الخطر الداهم من الإسلام السياسى والمتاجرين بالدين إذ يقول: لا تفترسوا المسرح حتى لا يلجأ الحكام الدنيويون إلى الوحى، فتقوى شوكتهم.. ويزيدوا من عدد الأفكاك المفترسة.
فى 12/10/2016 تستمر مسيرة الأحزان المسرحية.. ويفاجأ العالم برحيل الكاتب والممثل المسرحى الإيطالى الساخر «داريو فو» حامل نوبل لعام 1997.. وبينما العالم ينتظر إعلان جائزة نوبل فى الآداب لهذا العام.. والتى نالها الشاعر والمغنى الأمريكى «بوب ديلان» لتصبح أيضًا مفاجأة للجميع.. فلأول مرة يحصل عليها مغنٍ.. لكن ينسى البعض أو يتناسى أنه شاعر بالأساس! وعلى أى حال فإن رحيل «داريو» يعد خسارة كبيرة للمسرح ولليسار فى إيطاليا، فكم أذاق الساسة لسعات نارية.. وسخريات مريرة.. لكنهم لم يعصفوا به ولا بمسرحه!!
رحلة عامرة بالإبداع، والعطاء الفنى المتنوع.. والاشتباك مع الواقع.. ومحاولة تغييره إلى الأفضل والأكثر جمالاً وعدلاً وحرية.. ولهذا يعد من أكثر المسرحيين الذين قُدِّمت أعمالهم على خشبات المسارح العالمية.. من مسرحياته الشهيرة «موت فوضوى» و«ماريجاونا والدتى هى الأفضل».. و«الشاذ ذو الرأسين» التى وجهها ضد حكم رئيس الوزراء الإيطالى الأسبق «بيرلسكونى» عام 2003 ونالت شهرة واسعة.. ولا غرابة أن ينعيه رئيس وزراء إيطاليا الحالى «ماثيو وينزى» الذى نال من سخريته الكثير.. ينعيه بعبارات دالة على مناخ الحريات والديمقراطية فهو يقول: «خسرت إيطاليا «داريو» وهو واحد من أبرز أعلام المسرح والثقافة والحياة فى بلادنا.. وأعماله الساخرة هى إرث إيطالى كبير.. نخاطب به العالم».
والسؤال: متى ستسطع فى سمائنا العربية مثل تلك الحريات؟ متى ننهض ونفيق لنذود عن مسرحنا الذى لا ينفصل عن وطنيتنا وعروبتنا؟ رحل «العانى» فى الغربة.. ودُفن سرًا فى بلده الأصلى العراق!! وجاءنا السفير الإسرائيلى.. فأصابنا البكم.. وولينا الأدبار.. وتخبطنا وتبادلنا الاتهامات.. وتاهت منا الخطى الواثقة، الواضحة، المحددة.. وسطع فيها مواقف «البيّن بيّن» التى تزيد الأحزان.. حزنًا مضاعفًا!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.