تعد جريمة خطف الاطفال من أقدم الجرائم، اذ انها ترجع الى عصور الرق . وهي من الجرائم البشعة التي ينبغي أن تحظى بمزيد من الاهتمام سواء من الجهات الأمنية او الإعلامية، نظرا لأنها تؤدي الى قتل الطفل الذي ينتزع من بين أحضان أسرته والى الإطاحة بأمن واستقرار هذه الاسرة؛ فالطفل الذي يموت يهدأ ذووه بعد دفنه، أما ذلك الذي يضيع تضيع معه عقول من يحبونه ويقلقون عليه. وقد تراجعت جرائم خطف الأطفال، الى حد ما، بعد ان تم القضاء على تجارة الرقيق في معظم دول العالم وتزايد الوعي الاجتماعي والقانوني واصبح للإنسان قيمة رفيعة تقدسها التشريعات وتحافظ عليها الحكومات المتقدمة. وقد يتم خطف الطفل في سن الرضاعة لبيعه للنساء اللاتي لا ينجبن وترغب المرأة منهن في أن يتربى الطفل على يديها من نعومة أظفاره فينشأ لا يعلم له أما إلا هي ولا أسرة غير اسرته التي نشأ في بيتها، ومن ثم فهي تضمن ولاءه وانتماءه وتبعيته. ومن أكثر العصابات خطفا للأطفال، تلك التي تمارس أنشطة التسول وجرائم السرقة والنشل. ففي مجال التسول يتم استخدام الأطفال في استدرار عطف المحسنين من الناس وحثهم على تقديم العون لهم والرأفة بأوضاعهم وضعفهم الظاهر على ملامحهم وهيئاتهم. وقد تبلغ القسوة بالعصابات حدا يجعلهم يشوهون جسد الطفل وإحداث عاهات به ليظهر بمظهر العاجز عن الكسب او التعلم ويحتاج الى الرثاء قبل الإحسان. وفي العصر الحديث، تلجأ عصابات خطف الأطفال الي بيعهم للمراكز الطبية المتخصصة في تجارة الأعضاء حيث يتم اغتيالهم والاستيلاء على أعضائهم البيولوجية لاستخدامها في عمليات جراحية لإنقاذ أبناء الأثرياء القادرين على شراء تلك الأعضاء ودفع نفقات زرعها من الأمراض والعجز. وهناك من عصابات خطف الاطفال من تخصصوا في خطف ابناء الأثرياء لمفاوضة أهلهم على دفع مبالغ هائلة من المال في مقابل اعادتهم الي اسرهم. ولكن هذا النمط من جرائم الخطف لا ينتشر كثيرا في المجتمع نظرا لقدرة الأثرياء على الاستعانة بالأجهزة الامنية الحكومية والخاصة لاستعادة أطفالهم، هذا ناهيك عن صلاتهم الوثيقة مع ذوي السلطان ومتخذي القرار في المجتمع. ونظرا لما يترتب على جرائم خطف الأطفال من آثار اجتماعية ونفسية خطيرة، أصبح من الضروري التصدي لها وردع مرتكبيها ومعاقبتهم. وفي هذا المجال نرى أهمية تشديد عقوبة خطف الأطفال لما تنطوي عليه من قتل معنوي للطفل ولأفراد أسرته، حيث ان الأضرار التي تلحق المجني عليهم في هذه الجريمة لا تقل خطورة عن الاضرار المترتبة على جريمة القتل العمد. ولو تأملنا الوضع سنجد ان الجريمتين تقودان الى نفس النتيجة وهي فقد عزيز على الاسرة. ولكي نحد من جريمة خطف الأطفال، نرى ضرورة نشر الوعي بين الأطفال وتحذيرهم من التعامل مع الغرباء ومرافقتهم في الطريق او في سياراتهم وتناول الحلوى منهم، وتدريبهم على الاستغاثة بمن حولهم اذا ما تعرض أحدهم للخطف. وفي نفس الاتجاه يجب تنبيه الآباء والامهات الى توخي الحذر والتحلي باليقظة وعدم الثقة المفرطة فيمن لا يعرفونهم ويعهدون إليهم برعاية ابنائهم . كما يجب عليهم عدم إهمال الصغار وتركهم دون مراقبة. ويقع على ابناء المجتمع الواحد عبء التعاون مع بعضهم بعضا للبحث عمن يضل الطريق من صغارهم والانتباه الى الغرباء الذين يترددون على المدارس وعلى الحدائق وغيرها من تجمعات الأطفال، والإبلاغ عن أى فرد موضع اشتباه يحاول التواصل مع الاطفال واستدراجهم. ان افراد الأمن عليهم أيضا، ان يتحروا دائما عن مدى صلة القرابة بين المتسول والأطفال الذين بصحبته، للتأكد من انهم ليسوا مخطوفين ويقعون تحت سيطرته وتهديداته . ان هذه المنظومة من الإجراءات المتكاملة كفيلة بأن تحد من انتشار جريمة خطف الأطفال وتحولها الى ظاهرة اجتماعية خطيرة. الباحثة فى علم الاجتماع