قضية شائكة تجلت فى التساؤل الذى يطرحه البعض: لماذا لا يتم تكفير داعش الارهابى وهو التنظيم الذى انحرف عن الصراط المستقيم عبر نزواته الشيطانية وما يقترفه من آثام يخرج بها عن جادة الدين الاسلامى الحنيف. ويكفى أنه نشر الفكر المتطرف وكفر المسلمين واستحل دماءهم وحرماتهم لمجرد الاختلاف معه حول معتقداته؟ لقد أصدر الأزهر الشريف بيانا فى 11 ديسمبر 2014 رفض فيه تكفير داعش وجاء فيه: «لا تكفير لمؤمن مهما بلغت ذنوبه». وعاود فضيلة الامام الأكبر شيخ الأزهر فى الأول من يناير 2015 رفضه تكفير داعش، وهو ما أثار تحفظات لدى البعض، فالمنطق يفرض تكفير هذا الوباء القاتل الذى خالف منطوق تعاليم الاسلام عندما بادر فتبنى القتل الممنهج لكل من يعارضه فى الرأى فاستهدف النفس التى حرم الله قتلها. وكأنى بالأزهر هنا قد بنى حكمه على أساس قاعدة ترتكز على المظهر لا الجوهر الذى يجب أن تصدر الأحكام وفقا له، وإلا فمن السهل على أى إنسان أن ينطق بالشهادتين ثم يمعن بعد ذلك فى اقتراف الآثام والجرائم وهو موقن بأنه سيكون بمأمن من أن يتم تكفيره وبالتالى يمضى قدما فى ارتكاب المزيد من الجرائم مثلما فعل داعش، فلقد قتل وحرق الناس أحياء وعذب ودمر ومثل بالجثامين وألغى كل معانى الانسانية واختزن عنصرية مفرطة تجاه الآخر بهدف الاستحواذ على السلطة والتوسع. إنه داعش الذى جنح إلى الاستئثار بكل شىء.. احتكر المال ومارس القمع والاضطهاد وجسد تشويها للاسلام ومضى فأعلن دولة موازية للدولة الاسلامية. إنه صاحب الرسالة التى تدعو إلى تفريق الأمة الاسلامية وبث الوهن والضعف فيها وإلهائها عن محاربة الأعداء. ارتكز على نشر الفتن والصراعات الدموية والسعى إلى تمزيق وتدمير المجتمعات الاسلامية. تبنى هذا التنظيم ثقافة تقوم على الأحادية وترتكز على الغاء الآخر، فهو لا يؤمن بالتنوع. جسد الارهاب القاتل ودعا إلى التكفير وحض على ممارسة العنف ونشر ثقافة الكراهية واثارة التفرقة والعنصرية. اعتمد الغلظة وعمد إلى تشريد وتعذيب المناوئين له وذبحهم وحرقهم واغراقهم وهم أحياء، أصدر الفتاوى بقتل الأطفال والنساء ومنتسبى الأجهزة الأمنية المناوئة له. ارهابيو داعش ليسوا إلا فئة تتميز بدرجة عالية من الجهل بالاسلام وظهرت أعلى درجات الجهل فهمهم لمعنى الكفر والكافر، إنهم الفئة الضالة التى تختزن فى طياتها أسوأ أنواع الشوفينية الدينية والتى تجسدت فى تكفير الآخر والغائه، أمعنوا فى هدر دماء المسلمين وهدر أموال من يعارضونهم سواء أكانوا من أهل السنة أو من غيرهم. إنه داعش الذى يتبنى نفس عقيدة الوهابية التى تكفر أهل السنة والجماعة. بل إن أساسه الفكرى مأخوذ من فتاوى «ابن تيمية» الذى اتهم بالخروج عن الدين واثارة الفتن والقلاقل وسوء المعتقد، ولهذا فإن الكثير من علماء عصره قد حكموا عليه بالكفر وآخرون الأقل تشددا حكموا عليه بالفسق. لقد فاقت جرائم داعش كل ما عرفه العصر الحديث من الدموية والوحشية ويتصدرها قتل المسلم بالشبهات كأن يقال إنه يبطن الكفر رغم أن حقيقة هذا الاتهام لا يعلمه إلا الخالق عز وجل. لهذا كله يتعين على علماء الاسلام مراجعة موقفهم من داعش الارهابى لأن عدم الاقتراب منه بالمساءلة والمراجعة والحساب سيشجع اتباعه وحواريوه على الامعان فى ارتكاب المزيد من الموبقات والآثام. بل سيشجع آخرين على أن يقتدوا به ويتبنوا مذهبه ليصبح فى عالمنا أكثر من داعش.. وللحديث بقية.....