خلل فني.. ما سبب تأخر فتح بوابات مفيض سد النهضة؟    من بين 138 دولة.. العراق تحتل المرتبة ال3 عالميًا في مكافحة المخدرات    الدولار ب50.07 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 18-5-2025    الحزب الحاكم يفوز بالانتخابات التشريعية في البرتغال    تركيا: توسيع إسرائيل هجماتها في غزة يظهر عدم رغبتها في السلام الدائم    148 شهيدا خلال 24 ساعة.. حصيلة جديدة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة    مواعيد مباريات اليوم الإثنين، وأبرزها ليفربول ضد برايتون    شيرينجهام: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية    مواعيد مباريات اليوم الإثنين 19-5-2025 والقنوات الناقلة لها    بتهمة فعل فاضح، حجز حمادة عزو مشجع مالية كفر الزيات    نجل عبد الرحمن أبو زهرة يشكر للرئيس السيسي بعد اتصاله للاطمئنان على حالة والده الصحية    تعرف على موعد طرح كراسات شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية بمشروع "سكن لكل المصريين"    انتخابات رومانيا.. مرشح المعارضة يعترف بهزيمته ويهنئ منافسه بالفوز    السفارة الأمريكية فى ليبيا ترحّب بتشكيل لجنة الهدنة فى طرابلس    تأجيل محاكمة المتهمين بإنهاء حياة نجل سفير سابق بالشيخ زايد    تحرير سعر الدقيق.. هل سيكون بداية رفع الدعم عن الخبز؟    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    تشخيص بايدن بنوع عدواني من السرطان    ملف يلا كورة.. أزمة عبد الله السعيد.. قرارات رابطة الأندية.. وهزيمة منتخب الشباب    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    مجدي عبدالغني يصدم بيراميدز بشأن رد المحكمة الرياضية الدولية    محمد رمضان يعلق على زيارة فريق «big time fund» لفيلم «أسد».. ماذا قال؟    ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستاتا    البرتغال تتجه مرة أخرى نحو تشكيل حكومة أقلية بعد الانتخابات العامة    بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟    الكنائس الأرثوذكسية تحتفل بمرور 1700 سنة على مجمع نيقية- صور    إصابة شخصين في حادث تصادم على طريق مصر إسكندرية الزراعي بطوخ    موعد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    تقرير التنمية في مصر: توصيات بالاستثمار في التعليم والصحة وإعداد خارطة طريق لإصلاح الحوكمة    هل توجد زكاة على المال المدخر للحج؟.. عضوة الأزهر للفتوى تجيب    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    مصرع شابين غرقا أثناء الاستحمام داخل ترعة بقنا صور    تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى 2025 فى مدن ومحافظات الجمهورية    القومى للاتصالات يعلن شراكة جديدة لتأهيل كوادر مصرفية رقمية على أحدث التقنيات    24 ساعة حذرة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «اتخذوا استعدادتكم»    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    رسميًا.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وATM وإنستاباي بعد قرار المركزي الأخير    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    أكرم القصاص: نتنياهو لم ينجح فى تحويل غزة لمكان غير صالح للحياة    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    المستشار القانوني للمستأجرين: هناك 3.5 ملايين أسرة معرضة للخروج من منازلهم    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    تعيين 269 معيدًا في احتفال جامعة سوهاج بتخريج الدفعة 29 بكلية الطب    إطلالات ساحرة.. لنجوم الفن على السجادة الحمراء لفيلم "المشروع X"    أسعار الذهب اليوم الإثنين 19 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    رئيس الأركان الإسرائيلي: لن نعود إلى ما قبل 7 أكتوبر    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    البابا لاون الثالث عشر يصدر قرارًا بإعادة تأسيس الكرسي البطريركي المرقسي للأقباط الكاثوليك    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكفير والصراع السياسي سرطان ينهش الأمة
د.محمود مزروعة : المتصارعون تناسو الالتزام بضوابط الدين في التكفير
نشر في عقيدتي يوم 25 - 03 - 2014

الصراع السياسي والتكفير وجهان لعملة واحدة . كلما اشتد الصراع زاد التكفير كأحد أسباب الاستقواء للقائم بالتكفير وتثبيت عقيدة أتباعه حتي يضحوا بأرواحهم وأموالهم من اجل التخلص ممن تم تكفيرهم لأنه جهاد في سبيل الله لا. ويتم استخدام التكفير أيضا وسيلة لبث الشك في نفوس المعارضين مما يساعد علي هزيمتهم المعنوية.
يشير المفكر الإسلامي الدكتور محمود مزروعة . العميد الأسبق لكلية أصول الدين . ورئيس جبهة علماء الأزهر . إلي أن ألاعيب الصراع السياسي عبر التاريخ ألقت بظلها حيث حاول كل فريق استخدام سلاح التكفير لهزيمة أعدائه وتثبيت عقيدة أتباعه سواء كان هذا التكفير بالحق او الباطل
وأشار الدكتور مزروعة الي من اخطر الظواهر السلبية في تاريخ الأمة علي الحكم بكفر إنسان بعينه ظلما لأنه أمرى بالغ الخطورة إلي حدّي من الجدية جعلت النبي صلي الله عليه وسلم يضع المُكفِّر بين خيارين لا ثالث لهما: إما أن يكون الحكم صحيحاً أو أنه يرتدُّ علي من أطلقه. وذلك لقوله "أيُّما امرئ قال لأخيه: يا كافر. فقد باء بها أحدهما. إن كان كما قال وإلا رجعت عليه". بل إنَّ النبي صلي الله عليه وسلم عدَّ التكفيرَ جريمةً تعادل جريمة القتل. "لَعْنُ المؤمن كقتلِه. ومن رمي مؤمناً بكفري فهو كقتلِه".
وأوضح الدكتور مزروعة إلي أن الحكمَ علي إنسان بالكفر لا يجوز إلا في ثلاث حالات فقط:
الأولي: أن يعلن كفره بنفسه.
الثانية: أن يرتكب فعلاً من صريح الكفر علي نحو لا يقبل التأويل كمن يتعمد إهانة المصحف علي نحو صريح بوضعه تحت القدم أو بوضع القاذورات عليه والعياذ بالله.
الثالثة: استحلال محرم مقطوع بتحريمه كمن يقتل نفساً معصومة وهو مصرّى علي أن قتلها مباح.
وأوضح الدكتور مزروعة . أن العلماء رفضوا الحكم علي من يسجد لغير الله بالكفر أو الشرك حتي يُسأل عن نيته من السجود. فإن قال إنه نوي عبادة المخلوق الذي سجد له فقد "أشرك" شركاً يُخرجه من الملّة. وإن قال إنما قصدت بذلك التحية والاحترام فقد ارتكب "إثماً" لا يُخرجه من الملة. لأن سجود التحية والاحترام حرام في شريعتنا. وقد كان في الشرائع السابقة جائزاً علي سبيل الاحترام كما فعل نبي الله يعقوب وزوجه وأولاده لابنه يوسف. قال تعالي:¢وَرَفَعَ أبَوَيْهِ علي العرشِ وخَرُّوا له سُجَّداً¢.
وباء التكفير
كشف الدكتور محمد عبد المنعم البري . الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية . جامعة الأزهر . أن الخوارج أول من ارتكب جريمة تكفير المسلم بسبب الخلافات السياسية حيث برروا نقضهم للعهد الذي بينهم وبين الإمام علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - بتكفيره. فكان هذا التكفير مرتبطاً بقصد سياسي وهو تبرير الانشقاق السياسي واستباحة الاغتيال وهو ما حصل بالفعل فقد كان قاتل أمير المؤمنين يعتبر نفسه مناصراً لدين الله ومدافعاً عن شرع الله بقتله لمن حكم هو وجماعته بتكفيره بينما رفض الإمام علي تكفيرهم بالرغم من خروجهم عليه وابتداء من ذلك العصر ظهرت حركات وجماعات استباحت قتل مخالفيهم السياسيين عبر مقدمة تكفيرهم كالفِرَقِ الباطنية.
وأشار الدكتور البري . إلي انه علي الرغم من أن مطلق الكفر لا يبيح القتل إلا إذا اقترن بالعدوان إلا أن الجهل بالدين يجعل الشريحة الجاهلة قابلة للتعبئة المغلوطة التي تؤدي إلي القتل لا سيما إذا اقترنت بالمشاكل النفسية أو السخط علي المجتمع . وزادت ظاهرة التكفير في عصر وقلت عصر آخر حسب شدة الصراع وقد شاهدنا أمثلة حيّة لاقتران التكفير بالقتل او محاولات القتل لاختلاف الأفكار رغم أن كثيراً منها لا يُبيح ارتكاب جريمة القتل أو التكفير.
وأشار الدكتور البري إلي ان ظاهرة ارتباط التكفير بالخلافات السياسية ليست قاصرة علي أهل السنة فقط بل أنها موجودة وبشكل اكبر لدي متطرفي الشيعة الذين يفتون بإهدار دم كثير من اتباع المذاهب السنية وكان رد بعض متطرفي المذاهب السنية باستباحة دم الشيعة الروافض وكل فريق يحاول أن يلبس فتواه بتكفير الآخر بأنه عين الشرعية والشريعة ونسوا جميعا أن النبي صلي الله عليه وسلم جعل التكفير بمرتبة القتل ولهذا سنِّ قوانين تُجرِّم التكفير وتُعاقب مرتكبه حقناً للدماء وصيانة للدين من جهل الجاهلين وتلاعب المُتلاعبين.
التكفير والصراع
أعد الداعية عماد المهدي . عضو مجلس الشوري السابق دراسة اسماها ¢التكفير والصراع السياسي¢ أكد فيها حدوث كثير من اللبس لدي البعض في خلطه بين الشرعية والمشروعية وكيفية اكتسابهما وفقدانهما إلا أن الحديث الأكثر أهمية في تلك اللحظة الراهنة هو إقحام الإيمان والكفر في هذا الصراع السياسي ورغم انه من طبيعة الدين الإسلامي أنه منظم لشئون الحياة كافة بما يعني الرفض المطلق لأي دعوات تتحدث عن فصل الدين عن الدولة بأي درجة من الدرجات إلا أنه من الصحيح أيضا أن استدعاء الدين ورفعه كشعار في خصومة سياسية أمر مرفوض كليةخاصة إذا كانت الخصومة تتعلق بتنظيم مسار الحياة السياسية دون التطرق إلي المبادئ والأحكام الكلية المنظمة لتلك الحياة.
وأضاف : بمعني أكثر وضوحا إن استدعاء قضية الكفر والإيمان فيصراع سياسي لا يعني سوي أمرين: أولهما: أن أحد الطرفين ظن انه قدحاز العلم كله وان رأيه صواب لا يحتمل الخطأ وأن مخالفه رأيه خطا لايحتمل الصواب. ومن ثم فإن أقواله وتفسيراته لا مرد لها كونه يحتكرالحقيقة المطلقة في عالم اليوم وما عداه كفر وزندقة وهرطقة. وثانيهما يتمثل في أن محاربة هذا الطرف الذي يري في نفسه أنه يحتكر العلم كلهلا يعني سوي محاربة الدين في عمومه وأحكامه حيث يحدث الخلط بين الدين وبين هذه الجماعة أو الفرد ويتم ترجمة هذا الخطاب إلي واقع عملي يصبح فيه العنف والعنف المضاد سيدي الموقف وتصبح عمليات القتل ذات مشروعية حيث تستند فتوي هدر الدم إلي شرعية إلهية ومن يقومبتنفيذ هذه المهمة إنما يؤدي واجبا دينيا يحتسب له في الآخرة وهذا كله بسبب أحادية النظرة واحتكارية الفهم وإطلاقية الرؤية وهو ما نهي عنه الدين الإسلامي حينما جعل الاختلاف سنة إلهية وحكمة كونية وفطرةإنسانية مصداقا لقوله تعالي: ¢ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين¢.
وأشار المهدي إلي انه حينما يعتقد البعض أنه يملك الحقيقة المطلقة وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إنما تجاوز- بهذا الاعتقاد- الفهم الصحيح للشريعة ومقاصدها الحقيقية وذلك من خلال ما يطرحه من فتاوي مضللة واجتهادات خاطئة وهو ما حذر منه النبي صلي الله عليه وسلم حين قال ¢ إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتي رأيت بهجته عليه وكان ردئا للإسلام. غيره إلي ما شاء الله. فانسلخ منه. ونبذه وراء ظهره. وسعي علي جاره بالسيف. ورماه بالشرك. قال صحابي : يا نبي الله.. أيهما أولي بالشرك؟ المرمي أم الرامي؟ قال : بل الرامي¢ فهذاالرجل الموصوف في الحديث قرأ القرآن حتي ظهرت بهجة القرآن عليه لكنه لم يكتف بالقراءة بل انتقل إلي الاستنباط والإفتاء دون معرفة بالقواعد الكلية والأحكام الفقهية فظن في نفسه العلم والمعرفة وصاريصدر الأحكام دون ضوابط أو قواعد منظمة كما درج عليها علماء الأمة وفقهاؤها.
وأنهي المهدي كلامه: إن لجوء كل طرف في الصراع السياسي أوالاجتماعي لاستدعاء الخطاب باسم الدين لإضفاء مشروعية علي أفعاله. يمثل نذير خطر علي مستقبل العيش المشترك حيث يتجذر منطق العنفأكثر فأكثر وتغيب الحكمة والسماحة وقبول الآخر واحترام الرأيالمخالف دون تسفيه أو تحقير وهو ما يهدد الوطن في مجموعه والدولةفي كيانها والمجتمع في لحمته وتماسكه وهو ما يلقي بحمل المسئولية علي المؤسسات الدينية وفي مقدمتها الأزهر ووزارة الأوقاف لتصحيحهذه المفاهيم والرد علي تلك الشبهات.
التكفير والهجرة
أوضح الباحث الإسلامي الدكتور كمال حبيب أن جماعة التكفير والهجرة تعد ابرز جماعات التكفير التي ظهرت في النصف الثاني من القرن الماضي وأطلقت علي نفسها ¢جماعة المسلمين¢ وانتهجت نهج الخوارج في التكفير بالمعصية وقد نشأت داخل السجون المصرية وبعد إطلاق سراح أفرادها تبلورت أفكارها وكثر أتباعها في صعيد مصر وبين طلبة الجامعات خاصة وأحيت فكر الخوارج بتكفير كل من ارتكب كبيرة وأصر عليها وتكفير الحكام بإطلاق لأنهم لا يحكمون بشرع الله وتكفر المحكومين لرضاهم بهم بدون تفصيل وتكفر العلماء لعدم تكفيرهم أولئك الحكام.
وأشار الدكتور كمال حبيب الي أنها وصفت نفسها ب ¢الهجرة¢ بعد ¢التكفير¢ ويقصد به اعتزال المجتمع الجاهلي عزلة مكانية وعزلة شعورية وتتمثل في اعتزال معابد او مساجد الجاهلية وهي تخالف كل أفكار ومنهج أهل السنة والجماعة في الكفر والإيمان حيث يعتبر التكفير عنصر أساسي في أفكار ومعتقدات هذه الجماعة.
وأشار إلي أن تنشيط ظاهرة التكفير بسبب الصراع السياسي ويزيدها انتشار الفساد والفسق والإلحاد في بعض المجتمعات الإسلامية دون أي محاسبة من الحكام الظالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.