بعد الاتفاق الذي وقعته تركيا مع الاتحاد الأوربي ببروكسل في شهر مارس الماضي بخصوص ملف اللاجئين فإنه قد بدأ بالفعل تنفيذ الاتفاق في 4 ابريل الجاري وبداية نقل اللاجئين من اليونان وإعادتهم للسلطات التركية للبحث في ملفاتهم، إن هذا الاتفاق برغم موافقة بعض بلدان الاتحاد الأوربي عليه إلا أنه توجد دول أوربية هامة قد اعترضت عليه منها فرنسا وقبرص اللتان رأيتا في الاتفاق شكلا من أشكال الابتزاز والمساومة التركية للتمهيد لانضمام تركيا للاتحاد الأوربي وهو أمر مقرون بدفع أموال لتركيا مقابل عودة اللاجئين غير الشرعيين إليها ورفع الاتحاد الأوربي القيود عن تأشيرات دخول الأتراك للاتحاد الأوربي في شهر يونيو القادم. هذا الرفض جاء من جانب بلجيكا أيضا والتي رأت أن الاتفاق مع الجانب التركي يعارض القيم الأوربية واعتبرته نوعا من المساومة التركية على القيم الأوربية ومتاجرة بالبشر الذين من المفترض ألا يتاجر بهم، ومن هنا فإن تركيا التي فشلت خلال ثلاثين عاما فى الانضمام للاتحاد الأوربي بعد أن تنازلت وضحت بالغالي والنفيس في تغيير الدستور ومجال حقوق الإنسان وغيرها لاسترضاء دول الاتحاد ورغم ذلك لم تلق غير الفتور والرفض وطول أمد المساومة حتى جاء أردوغان الذي يحاول منذ أن كان رئيسا لحزب العدالة والتنمية ورئيسا للوزراء ثم رئيسا للدولة الآن بالتعاون مع رئيس وزرائه وحكومته وبذل كل الطاقات والحيل لأجل الانضمام للاتحاد الأوربي. ومنذ الأزمة السورية التي طال أمدها استطاع أردوغان أن يؤجج الصراع في سوريا ويوظف الأزمة السورية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لصالحه على حساب خراب ووحدة سوريا وتشريد أهلها بعد ثبوت تورطه مع الجماعات الإرهابية، ولهذا فإن تركيا أردوغان قد تاجرت بالأزمة السورية لأقصى مدى ومنها ورقة اللاجئين التي رآها أردوغان الورقة الرابحة له ليساوم بها بلدان الاتحاد الأوربي ويضغط على حكومات بلدانها بعد أن فشلت في السيطرة على ملف تدفق المهاجرين واللاجئين بنسبة كبيرة لم تحدث منذ الحرب العالمية ولهذا فإن أردوغان تلقى أموالا إضافية وأخذ الوعد بالسماح للأتراك بالدخول إلى أوربا بدون تأشيرة ثم انضمامه في وقت لاحق للاتحاد الأوربي بعضوية كاملة ، ولحاجة أوربا لذلك فإنها قبلت الشروط التركية غير الإنسانية التي قبلتها تركيا أيضا وهي في نفس الوقت تدرك السجل الأسود لأردوغان في مجال حرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان وظلمه لجيرانه وإجرامه في حق الأقليات كالأكراد في محيطه الجغرافي ، ومن ذلك تجارته الرخيصة بالظروف الإنسانية للاجئين واستغلال الأزمة السورية ثم ظهوره أمام الرأي العام بشكل إنساني ، إن هذا الاتفاق الرخيص رفضته الكثير من الدول الأوربية والمنظمات الحقوقية وأيضا رئيس المفوضية بالأمم المتحدة لشئون اللاجئين الذي يخشى من احتمال الالتفاف على القانون الدولي من خلال تطبيق تركيا للاتفاق وسوء معاملتها للاجئين من خلال التمييز بينهم وبين أعراقهم وأن الشيطان يكمن في التفاصيل ويرى أيضا أنه لا توجد ضمانات مقنعة لوجود أردوغان في هذا الملف ويؤيد هذا الرأي الحقوقيون بالعالم، ثم اليونان التي ترى تركيا بلدا غير آمن على هذا الملف، ويرى الحقوقيون أن الاتفاق يتعارض كليا مع حقوق الإنسان أمام هذا المواطن الذي انعدمت به السبل عندما فقد وطنه وأمنه وأمواله ، وبلده التي ضاعت فيها أحلامه وسط الحروب والإرهاب حتى نجا بحياته عبر البحار من أجل الذهاب إلى أوربا الآمنة المدافعة عن حقوق الإنسان للحلم بتوفير أبسط حقوقه في الحياة ليجد نفسه مرة أخرى من تهجير إلى تهجير ومن ضياع إلى ضياع ليجد نفسه ومصيره في بلد يتحكم فيه هذا الأردوغان المتاجر بالحجر والبشر .