الفرس والصهيونية العالمية والغرب، دائمًا وأبدًا ينفذون داخل الجسد العربى إما تباعًا وإما مجتمعين، والغرب اليوم ممثلًا فى الأنجلوأمريكيين هم مَنْ يقودون العربة، أما الحصانان فهما الفرس والصهيونية العالمية بعناوينهم الطائفية البغيضة. ويمكن الإشارة هنا إلى مثلث الشر والذى تتمثل قاعدته فى إسرائيل وإيران ورأسه فى جماعة الإخوان الإرهابية وجماعة حزب الله اللبناني. هكذا تُقرأ جميع المخططات التى تحاك ضد العرب عبر أضلاع هذا المثلث. خرجت إيران من رحم الدولة الصفوية أحفاد الفرس / المجوس 1925، وبعد ثلاثة أعوام تأسست جماعة حسن البنا 1928 وكان لها اليد العليا بالتعاون مع الاستخبارات الغربية فى إسقاط الشاه رضا بهلوى وتنصيب الخُمينى قائدًا للثورة الإيرانية 1979 والإعلان عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية كعنوان طائفى رُكِّب عليه اسم دولة بدستور فارسي، وبعد عشرين عامًا من ظهور التنظيم الإخوانى تم الإعلان عن الحركة الصهيونية العالمية 1948 كعنوان طائفى جديد يبرر وجود باقى العناوين الطائفية، فتظهر المقاومة الإسلامية فى لبنان )جماعة حزب الله( 1982 لتكتمل أضلاع مثلث الشر على العرب جميعًا. ويمكن القول إن أحداث العام 1979 تجسيد حقيقى لبانوراما الصراع الدائرة رحاه الآن. فقد قدَّم أهم الحركات الطائفية، أى إن الشرق الأوسط عاش طيلة السنوات ال36 الماضية فى العام 1979، الذى شهد فى بدايته احتلال المتطرفين الإسلاميين للمسجد الحرام فى مكةالمكرمة، وتحديهم لأسرة آل سعود الحاكمة، التى استجابت بعقد اتفاق جديد مع المحافظين الدينيين للبقاء فى السلطة، فى مقابل منحهم صلاحية تحديد المعايير الاجتماعية والتعليم الدينى داخل المملكة. حصول المحافظين على موارد هائلة لنشر الفكر الأصولى المتشدد تزامن مع الثورة الإسلامية فى إيران التى جلبت آية الله روح الله الخمينى إلى السلطة وأثارت منافسة إقليمية بين إيران الشيعية والمملكة العربية السعودية السُّنية على قيادة العالم الإسلامي. أيضًا الغزو السوفيتى لأفغانستان فى العام نفسه أدى إلى احتدام الصراع بين الطرفين، إذ إن الغزو السوفيتى قاد إلى ظهور الحركة الجهادية السُّنية وتنظيم القاعدة فى نهاية المطاف. وفى العراق كان العام 1979 عام وصول الشهيد صدام حسين لسُدة الحكم فى نفس عام الثورة الإيرانية التى اخترقت المجتمع العراقى بحزب الدعوة الإسلامية الشيعى الذى أعلنت قياداته مبايعة ولاية الفقيه فى طهران من قلب العاصمة بغداد، فاندلعت حرب الخليج الأولى )حرب الثمانى سنوات( التى مهَّدت الطريق للغزو الأمريكى للعراق 2003. وهكذا دارت الأيام دورتها وإذا بالصفويين يطلُّون علينا مرة أخرى بعد مرور قرنين ونصف القرن، ومثلما تآمروا مع المغول والبرتغال والإسبان والإنجليز ضد العرب، تآمروا مع الأمريكان فى أفغانستانوالعراق )مناطق نفوذهم السابقة(، وأصبحت العراق رهينة فى قبضة الخميني. الآن لا يمكن لأى جيوسياسى تقييم دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية دون التوقف عند النزعة القومية الفارسية التى تسيطر على السلوك الإيرانى لإعادة صياغة وجودها فى مناطق نفوذها التاريخية فى دول الخليج واليمن والدول المطلة على بحر قزوين من جهة، ومصر وشمال إفريقيا من جهة أخرى. تلك النزعة التى توجه سياسات إيران الخارجية التى تم الترويج عبرها لطبيعة الصراع فى المنطقة على أنه صراع سني- شيعي، وفى الحقيقة هو صراع لا يتعدى كونه حلقةً فى منظومة لعبة الحروب الدينية فى المشرق العربى بعناوينها الطائفية. تارة عبر السلفية الجهادية والفكر التكفيرى من جيوش القاعدة وداعش تحت قيادة الإخوان المسلمين، وتارة أخرى عبر المذهب الشيعى لجماعة حسن نصر الله فى لبنان والحوثيين فى اليمن، والذى هو فى الأصل عنوان طائفى تم إطلاقه منذ عهد الصحابة لاستعادة العروش المفقودة على يد العرب ويتتترسون اليوم خلف دولة سُميت بالجمهورية الإسلامية الإيرانية لتصدير ثورتها الطائفية العابرة للحدود، ومن ثم السيطرة على منطقة المشرق العربى وقيادة العالم الإسلامي. تستخدم إيران جماعة حزب الله فى لبنان كبوق ناطق بالعربية لمخاطبة شعوب المنطقة وجذب تعاطف العرب ولذلك قدَّمت هذه الجماعة نفسها كمقاومة مسلحة ضد الكيان الصهيونى مثلما قدَّمت جماعة حماس نفسها للعرب، وفى حقيقة الأمر فإن هاتين الجماعتين تمرران خطط الصهاينة لإقامة دولة إسرائيل الكبرى من النيل للفرات. بعد الانقلاب الدموى لحماس على إخوتهم من حركة فتح بغزة عام 2007، قدم الصهاينة عبر مشروع جيورا إيلاند الصادر عن مركز «بيجن السادات» لدراسات الشرق الأوسط عام 2008 مقترحين، الأول هو مقترح )الأردنوسطين(، أى كونفيدرالية تضم الضفة الغربية والشرقية وقطاع غزة على أن تكون الحكومة المركزية فى العاصمة الأردنية عمان، وقد وافقت عليه حماس بوصفه جزءًا من صفقة مع الصهاينة للوصول إلى حكم غزة عام 2009. أما المقترح الثانى )غزة الكبرى( وهو حل يأتى فى إطار تحسين اقتراح حل الدولتين لشعبين، ويشمل أسس الاقتراح أن تنقل مصر إلى غزة مناطق مساحتها نحو720 كم2، تشمل جزءًا من الشريط الساحلى للمتوسط ممتد بطول 24 كم من رفح غربًا فى اتجاه العريش، بالاضافة إلى شريط يقع غرب كرم سالم جنوبًا ويمتد على طول الحدود بين إسرائيل ومصر وغزة. هذه الزيادة تؤدى إلى مضاعفة مساحة قطاع غزة البالغة حاليًا 365 كم نحو ثلاث مرات، وفى المقابل يتنازل الفلسطينيون لإسرائيل عن نسبة 12% من مساحة الضفة تمثل قيمة الزيادة فى قطاع غزة، وتتنازل إسرائيل عن نفس هذه المساحة لصالح مصر فى صحراء النقب. هذا الجزء المراد استقطاعه من مصر )رفح–الشيخ زويد–العريش( يشكِّل ذات مناطق تمركز تنظيم داعش فى سيناء بأوامر التنظيم الدولى للإخوان بعد سقوط حكمهم فى مصر أعقاب ثورة 30 يونية. وبالتأكيد لم يتتترس مقاتلو التنظيم على هذه الأراضى بمحض الصدفة بل جاء على العكس تمامًا من استراتيجية التمدد التى يتبعها التنظيم فى سورياوالعراق وليبيا؛ حيث يتمركز حول مصافى النفط والأنهار والسدود المائية، وبالطبع هى ذات حدود إسرائيل الكبرى فى جزئها الثانى من الفرات، فهذا التنظيم الإخوانى يُعَدُّ أداةً طيعةً فى يد الصهاينة، وإن التمركز على مساحة 1% من إجمالى مساحة شبه جزيرة سيناء فى المنطقة الحدودية معدومة الموارد يأتى لبناء تحالف عسكرى مع جماعة حماس الإرهابية فى قطاع غزة بعد أن فشل تحالف )إيران–حماس–حزب الله( فى جرجرة مصر لفتح المعابر والصدام العسكرى مع إسرائيل عام 2009. الآن يطلقون علينا الدعايشة الجدد فى سيناء لخلق بيئة حاضنة للإرهاب تنفذ هجماتها الإرهابية ضد الجيش والشرطة المصرية؛ حتى تصبح هذه البورة قبلةَ الإرهابيين على كوكب الأرض فتخرج عن سيطرة الدولة المصرية. وبمضى الوقت تُفتح الحدود وتندمج هذه المساحة داخل قطاع غزة وتُعلِن إسرائيل عن قيام غزة الكبرى كجزء من استراتيجية الدولة اليهودية الكبرى فى مقابل دولة إيران الفارسية الكبرى بمخطط أنجلوأمريكى حقير. كاتب جيوسياسى