«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المجوس» قادمون تحت راية حسن البنا!!
نشر في الموجز يوم 28 - 03 - 2015

منذ أيام قليلة قال على يونسى مستشار الرئيس الإيرانى، حسن روحانى، إن إيران أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً!!.. وهى مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا كما فى الماضى، وذلك فى إشارة إلى إعادة الإمبراطورية الفارسية قبل الإسلام التى احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها، ونقلت وكالة أنباء «ايسنا» عن يونسى تصريحاته خلال منتدى «الهوية الإيرانية» بطهران.. حيث قال إن «جغرافية إيران والعراق غير قابلة للتجزئة وثقافتنا غير قابلة للتفكيك، لذا إما أن نقاتل معاً أو نتحد»، فى إشارة إلى التواجد العسكرى الإيرانى المكثف فى العراق خلال الآونة الأخيرة، وهاجم يونسى الذى شغل منصب وزير الاستخبارات فى حكومة الرئيس الإصلاحى، محمد خاتمى، كل معارضى النفوذ الإيرانى فى المنطقة، معتبرا أن «كل منطقة الشرق الأوسط إيرانية»، قائلاً «سندافع عن كل شعوب المنطقة، لأننا نعتبرهم جزءاً من إيران».
قبل هذا التصريح الخطير الذى لم يلتفت إليه أحد، كان وزير الخارجية الأمريكى، جون كيرى يقدم التهنئة للشعب الإيرانى بعيد النيروز وهو العيد القومى لإيران ورأس السنة الفارسية، وأطلق كيرى على الخليج العربى اسم الخليج الفارسى!!
وعلى الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية الأمريكية على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، قرأنا نقلًا عن كيرى: «من دواعى سرورى مشاركة الرئيس أوباما بتهنئة كل من يحتفل بعيد النيروز فى العالم، من آسيا والقوقاز إلى الخليج الفارسى والولايات المتحدة»!!
هل هى سقطة أم غلطة كتلك التى حدثت فى مؤتمر شرم الشيخ حين أعلن تعهده بتقديم كل العون لإسرائيل بدلًا من مصر؟!
طبيعى أو منطقى وأنت تقرأ هذه التغريدة أن تربطها بغير المعلن على العلاقات الأمريكية الإيرانية والذى صار يظهر بدرجة تقترب من الحقيقة فى الفترة الماضية.. وإن كان شديد الوضوح رغم عدم الالتفات إليه خلال الفترة التى استخدمت فيها الولايات المتحدة تنظيم الإخوان لتنفيذ مخطط احتلال مصر تمهيداً لتفتيتها ثم تفتيت وتقسيم بقية دول المنطقة، إذ كان لافتاً أن جماعة الإخوان حاولت أن تتبع خطى الثورة الإسلامية فى إيران، حيث قام الخمينى بتأسيس حرس الثورة الإسلامية بعد سقوط نظام الشاه رضا بهلوى فى إيران. وفى سنة 1979 تمكن تحالف ثورى من الليبراليين والجماعات الدينية من إسقاط النظام، ثم قام الخمينى بإعلان إيران جمهورية إسلامية بعد أقل من شهرين من سقوط النظام. وقام الخمينى بتشكيل الحرس الثورى ليكون قوة مسلحة خاضعة للنظام الإسلامى، وتولى الحرس الثورى تصفية جميع التنظيمات اليسارية والليبرالية -التى تحالف معها أثناء الثورة- باعتبارهم أعداء الله، وفرض الإسلاميون سيطرة كاملة على كل مؤسسات الدولة. كما تم استبعاد الجيش النظامى الذى تقرر اقتصار عمله على الدفاع عن حدود الدولة الإيرانية، بينما يتولى الحرس الثورى حماية الثورة الإسلامية فى الداخل.
التاريخ الأسود لعيد النيروز المجوسى
عيد النيروز.. أو الاحتفال برأس السنة الفارسية.. هو الموعد الذى اختاره أوباما ليعلن بداية قصة الحب والغرام مع إيران، ليكتمل بذلك مثلث الشيطان الذى يبدأ من واشنطن إلى تل أبيب وأخيراً أصبحت طهران هى قاعدة هذا المثلث وبجوارها الصبيان الصغار بقيادة دويلة قطر التى سبق لها ولأميرها حمد وزوجته موزة أن وجها الدعوة لإيران لحضور مؤتمر القمة العربية!!
وليس هناك جديد فى خطاب أوباما لطهران، ولا فى تهنئة وزير الخارجية كيرى لهم، فليست هذه هى المرة الأولى فعلها أوباما قبل اندلاع ثورات الربيع العربى وها هو يجدد اللعبة من جديد، فالعلاقات بين طهران والبيت الأبيض لم تكن سيئة كما يعتقد البعض وهناك عشرات الشواهد والوقائع التى لا تخفى على أحد فى هذا الشأن، لكن الجديد هو اعتراف أوباما بطهران باعتبارها دولة فارسية وليست إسلامية أو عربية، كان بإمكانه أن يوجه رسالته فى ذكرى المولد النبوى الشريف أو رأس السنة الهجرية أو أى مناسبة إسلامية تخص المسلمين جميعاً، لكنه اختار مخاطبتهم فى العيد الخاص بالفرس وحدهم، فعيد النيروز احتفال فارسى برأس السنة الفارسية وتذكير بالإمبراطورية الفارسية التى جاء الإسلام فقضى عليها، وحاول الإيرانيون بشتى الوسائل البحث عن ذريعة تمكنهم من الاحتفال بتلك المناسبة بعد دخول الإسلام فتوصل فقهاء الشيعة إلى الربط بين عيد النيروز والإمام على، فاخترعوا ودسوا القصص التى تؤكد أن هذا اليوم هو الذى أخذ فيه النبى العهد للإمام على!!.. وتوقع البعض أن نجاح الثورة الشيعية التى قادها الخمينى ستنعكس بصورة إيجابية على وأد هذه الممارسات والتقاليد المجوسية التى كانت سائدة فى الحياة الإيرانية، وأن القيم الإسلامية سوف تسود، ولكن خاب ظنهم فالاحتفالات أصبحت تقام مثل السابق، وأكثر فجوراً وفسوقاً حيث الخمر والنساء والاحتفالات الماجنة.
وبذلك يكون الإيرانيون قد استحبوا الكفر على الإيمان، فالاحتفالات الإيرانية بعيد النيروز تعود إلى عصور الكفر والجاهلية حيث يتجمع الشيعة من المجوس فى هذا العيد لإشعال النار فى طقس مجوسى يعيد إلى الأذهان عبادة النار، ويمارسون كل أشكال الفسق كما يمارسون القفز فوق المشاعل للتخلص من الذنوب والخطايا وللاعتقاد بأن النار تشفى الأمراض وتطهر الذنوب!!.. أليس كل ذلك من بدع الكفر؟!
وقد أحسن الرئيس الأمريكى وخادم المصالح الصهيونية فى اختيار التوقيت المناسب ليخاطب بلاد الفرس ويؤكد لهم أنهم ليسوا عرباً ولا مسلمين، وكأن الخطاب فى ذلك الوقت رسالة من أوباما لطهران تشير فى مضمونها إلى أن البيت الأبيض يبارك خطواتكم فى تفتيت العرب واستعمار أراضيهم.. فبذلك أصبحت واشنطن وتل أبيب وطهران مثلثاً رأسه وقاعدته مغروستان فى قلب العرب والإسلام.
وانطلاقاً من التاريخ المخزى لإيران فى التعاطى والتعامل مع أعداء الأمة العربية والإسلامية، يتضح لنا أن إيران لديها مشروع توسعى استعمارى فى المنطقة، لا يقل فى الخطورة عن المشروع الصهيونى الأمريكى فى المنطقة، وهو ما يدفع هذه الأطراف إلى السعى نحو التعاون الجدى بينهم لتحقيق تلك الأهداف، والتى وإن اختلفت أيديولوجيا وسياسياً عن بعضها البعض إلا أنهم فى النهاية متساوون فى الأطماع فى المنطقة العربية.
وكل ما سبق ليس بغريب على إيران والكيان الصهيونى، وقد توقفنا هنا كثيراً أمام تفاصيل هذا المشروع الاستيطانى الذى تسعى إليه إسرائيل من النيل إلى الفرات وتسعى إليه طهران لتكوين إمبراطورية فارسية ممتدة فى قلب العالم الإسلامى، إلا أن الأغرب هو الموقف العربى والإسلامى تجاه هذين المشروعين الاستعماريين فى المنطقة، ارتضت بعض الدويلات القيام بدور «الصبى» للسياسة الإيرانية، وكانت قطر نموذجاً فى ذلك، فقطر تقوم بدور «الصبى» لإيران.
تنظيم الإخوان الإرهابى فى إيران
والأكثر وضوحاً من ذلك، هو أن جماعة الدعوة والإصلاح «التى تمثل الإخوان المسلمين فى إيران» تأسست فى 1979 مع نجاح الثورة الإيرانية ولها حتى الآن وجودها ورموزها فى كل المحافظات وتمارس نشاطاتها بشكل شبه رسمى وتنشط بشكل علنى ولها مواقفها المعلنة، وأسسها الفكرية متطابقة تماماً مع الأسس الفكرية لتنظيم الإخوان، ومرتبطة بالتنظيم الدولى!!
فى أبريل 2013 أعلن على أكبر ولايتى، وزير الخارجية الإيرانى الأسبق والمستشار الأعلى لمرشد النظام الإيرانى على خامنئى، أن الإخوان المسلمين هم الأقرب إلى طهران بين كافة المجموعات الإسلامية.
تصريحات ولايتى جاءت خلال كلمة ألقاها فى ندوة عنوانها «الحوزة الدينية والصحوة الإسلامية» عقدتها جامعة العلوم الإسلامية بمدينة مشهد شمال شرق إيران.
ولايتى كرر النظرة الرسمية الإيرانية بهذا الخصوص، فتحدث عن «دور ومكانة إيران فى دعم الصحوة الإسلامية» أى الربيع العربى، قائلاً: «لا يوجد بلد واحد اليوم لا يستخدم «الألف باء» الإسلامية، واللغة الفارسية أصبحت اللغة الثانية فى العالم الإسلامى».
واعتبر ولايتى النظام فى بلاده حامى الحمى لكافة المسلمين فى العالم، وقال: «اليوم العالم الإسلامى ليس له إلا إيران، ولا توجد حكومة إسلامية أكثر استقراراً من الجمهورية الإسلامية الإيرانية».
وما قاله ولايتى «الذى يعد من منظرى النظام الإيرانى» يتطابق مع نظرية تطلق على إيران مسمى «أم القرى الإسلامية»!!
فى الندوة نفسها، تحدث ولايتى عن رسالة كان وجهها ناشطون إيرانيون إلى محمد مرسى يحذرونه من المصير الذى آل إليه الشعب الإيرانى نتيجة لتحكم نظام ولاية الفقيه فى تفاصيل حياته، ونصحوا الرئيس المصرى بعدم السعى وراء إقامة نظام دينى فى بلاده، حفاظاً على الإسلام، فى حين وصف مستشار المرشد الموقعين على الرسالة بالعناصر المنافقة المعادية للثورة الإيرانية المتخذة من لندن مقراً لها.
ثم أشار على أكبر ولايتى إلى رسالة أخرى كان وجهها هو وعدد من أساتذة الجامعات الإيرانية الموالين للنظام إلى الرئيس المصرى، حيث دعوه إلى العمل على إقامة نظام دينى فى مصر.
وبشكل أكثر وضوحاً وصراحة تناول موقف نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية من الإخوان المسلمين قائلاً: «نحن والإخوان أصدقاء، ونقوم بدعمهم، وهم الأقرب إلينا عقائدياً بين كافة الجماعات الإسلامية».
هذا الكلام طبعاً ليس جديداً، لكن الجديد هو الوضوح والمباشرة فى وصف العلاقات الإخوانية الإيرانية «القديمة»، التى ترجع بداياتها إلى سنة 1938 وحتى الآن.
كشف ثروت الخرباوى، القيادى المنشق عن جماعة الإخوان- فى كتابه أئمة الشر- عن وثيقة تاريخية تثبت قيام السيد روح الله مصطفى الموسوى الخمينى عام 1938، بزيارة المقر العام لجماعة الإخوان، وتشير هذه الورقة إلى لقاء خاصّ تمّ بين المرشد الأول للجماعة حسن البنا والسيد روح الله مصطفى الخمينى، الذى أصبح فيما بعد الإمام آية الله الخمينى مفجر الثورة الإيرانية.
يقول ثروت الخرباوى فى كتابه «أئمة الشر»: «فى تاريخ الإخوان القديم ورقة ظلت مخفية لا يعرف أحد عنها شيئاً، أذهلتنى حين عرفتها، كانت مخبأة فى أحد دهاليز الجماعة دون أن يلتفت إليها أحد أو يشعر بقيمتها التاريخية، كانت هذه الورقة تحتوى على خبر زيارة لمقر الإخوان فى مصر قام بها سيد روح الله مصطفى الموسوى الخمينى عام 1938، وتشير هذه الورقة إلى أن ثمة لقاء خاصاً، تم بين المرشد الأول للجماعة الأستاذ حسن البنا، والسيد روح الله مصطفى الخمينى، الذى أصبح فيما بعد الإمام آية الله الخمينى مفجر الثورة الإيرانية، ولكن مما يؤسف له أن أحدًا من الذين عاصروا هذه الواقعة لم يدوِّن أحداثها ووقائعها».
تحالف الإخوان سياسياً مع إيران والشيعة باسم التقريب بين المذاهب، ولم يكن المقصود من فكرة التقارب هو فتح قنوات حوار بقصد بيان الحقِّ والرُّضوخ له، وإنما كان المقصود هو السياسة والتحالف، إذ إن بينهما مشتركات تجمع بين كل منهما، فنشأت ما يسمى بدار التقريب بين المذاهب الإسلامية سنة 1947م، وقد أسهم فى تأسيسها عدد من شيوخ الأزهر مثل محمود شلتوت وعبدالمجيد سليم، وشارك بها مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا.
ونقل الخرباوى أيضاً، أن دراسة أعدها السيد محمد على آزرشب وهو من الشخصيات الشيعية الشهيرة ومن دعاة التقريب بين السنة والشيعة، تحت عنوان «التقريب بين المذاهب الإسلامية القاهرة القسم الثانى - تاريخ ووثائق» جاء فيها:إن مفاجأة كبرى فجرها الدكتور العلامة إسحاق موسى الحسينى فى كتابه «الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية الحديثة» حينما قال «إن بعض الطلاب الشيعة الذين كانوا يدرسون فى مصر قد انضموا إلى جماعة الإخوان»، قطعاً «لم ينضموا إلى جماعة الإخوان بحسب أنها جماعة سنية أو أنهم تسننوا وتركوا تشيعهم، ولكنهم انتسبوا إليها بحسب أنها حركة إسلامية يستطيعون من خلالها إحداث قدر من التنسيق يدلفون منه إلى مصر»، وبغض النظر عن هذا، ظل حسن البنا ساعياً إلى فكرة التقريب حتى إن مؤرخ الإخوان الأكبر محمود عبدالحليم قال «لو كانت الظروف قد أمهلت حسن البنا لتمَّ مزج هذه الطائفة بالطوائف السنية مزجًا عاد على البلاد الإسلامية بأعظم الخيرات».
وعندما تبنى الأزهر الشريف سياسة التقريب بين المذاهب، زار رجل الدين الإيرانى محمد تقى القمى مصر، والتقى حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، وشارك الرّجلان فى اجتماعات التقريب بين المذاهب.
كما زار «نواب صفوى»، مؤسس الحركة الشيعية الثوريَّة «فدائيان إسلام» المناوئة لحكم الشاه آنذاك- مصر بدعوة من الإخوان المسلمين.
ومنذ أن تكوَّنت جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية والتى أسهم فيها الإمام البنَّا والإمام القمي- والتعاون قائم بين الإخوان المسلمين والشيعة، وقد أدَّى ذلك إلى زيارة الإمام نواب صفوى سنة 1954 للقاهرة، ثم قال: «ولا غرو فى ذلك فمناهج الجماعتين تُؤدِّى إلى هذا التعاون».
وقوبل نواب صفوى بترحاب وحماس شديدين من قبل الإخوان، الذين أرادوا توطيد علاقتهم بهذه الحركة الشيعية الإيرانية المناهضة للشاه فى تلك الفترة.
كما قامت إيران بتعيين ضابط، للاتصال بالتنظيم الدولى للإخوان فى لوجانو بسويسرا، بتاريخ 14 مايو 1979؛ لدراسة القرارات السريعة.. والمدهش أن بعد وصول الخمينى للسلطة فى إيران بيوم، كانت من أوائل الطائرات التى وصلت مطار طهران واحدة تحمل وفداً يمثل قيادة التنظيم العالمى للإخوان المسلمين:تناقلت الألسن وسط المعارضة السورية آنذاك أخباراً بأن الوفد طرح على الخمينى مبايعته خليفة للمسلمين إن قبل ببيان يصدره يقول «بأن الخلاف على الإمامة فى زمن الصحابة مسألة سياسية وليست إيمانية». تقول الرواية إن الخمينى تريث ووعدهم بالإجابة لاحقاً، وعندما صدر الدستور الجديد للجمهورية الإسلامية الإيرانية الذى يقول ب«المذهب الجعفرى مذهباً رسمياً ... وبولاية الفقيه نائباً عن الإمام الغائب»، كان من الواضح ماهى إجابة الخمينى.
وصدر كتيب عن الثورة الإيرانية لإبراز الإيجابيات الصادرة عن الثورة وقياداتها من أقوال ومواقف، وأحد البيانات الصادرة عن التنظيم الدولى للإخوان المسلمين يصف الإمام الخمينى بأنه «فخر المسلمين»، ولا ننسى- أيضاً- ذلك الموقف الذى وقفته جماعة الإخوان المسلمين فى مصر ضد استقبال الشاه المخلوع، وإقامتها نصباً تذكارياً للشهداء الإيرانيين الذين سقطوا برصاص قوات الأمن والجيش إبان الثورة.
وبناء صلات تنظيمية مع حركة الطلبة المسلمين فى إيران عن طريق الاتحاد العالمى للطلبة المسلمين وتنشيط عملية الترجمة من وإلى الفارسية، خاصة فيما يتعلق بكتابات الإخوان المسلمين.
مرشد الإخوان بين أهل السنة والشيعة
كما كتب عمر التلمسانى، مرشد الإخوان الأسبق فى مجلة «الدعوة» المصرية عام 1985 قائلاً: «إن التقريب بين المذهب السنى والمذهب الشيعى يعد الآن مهمة ملحة للفقهاء»، وأضاف: «إن الاتصالات بين الإخوان المسلمين ورجال الدين الإيرانيين لم يكن الهدف منها أن يعتنق الشيعيون المذهب السنى، ولكن الهدف الأساسى الالتزام برسالة الإسلام فى توحيد الفرق الإسلامية والتقريب بينها قدر المستطاع».
وهناك نقاط كان التعاون فيها بين الإخوان وإيران أكثر وضوحاً وانفتاحاً، ففى عام 1988- على سبيل المثال- وافق الإيرانيون بناء على طلب من الشيخ محمد الغزالى على الإفراج من جانب واحد عن جميع السجناء المصريين الذين حاربوا مع الجيش العراقى ضد إيران.
وفى 28 يناير 1982 صرح محمد مهدى عاكف «الذى أصبح فيما بعد المرشد العام للإخوان» فى مقابلة له مع وكالة الأنباء الإيرانية- بأن الإخوان المسلمين يؤيدون أفكار ومفاهيم الجمهورية الإسلامية، وأضاف أن أفكار آية الله الخمينى خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، هى امتداد لتوجه الإخوان نحو مكافحة الاحتلال.
وامتدت علاقتهم فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، حيث اتفق الطرفان فى معاداتهما لنظام مبارك، ووصفه بأنه حليف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وكذلك رفضهما اتفاقية السلام مع إسرائيل، ودعم إيران لحركة حماس فرع الإخوان فى قطاع غزة.
ومع 25 يناير ازداد التقارب الفعلى بين جماعة الإخوان وإيران، من خلال توجيه آية الله على خامنئى، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية فى إيران تحية إلى ثوار التحرير، واصفاً إياهم بأنهم أبناء حسن البنا، وهى إشارة صريحة وقوية إلى طبيعة العلاقة بين أبناء البنا وأبناء الخمينى.
وقال: «نحن والإخوان أصدقاء، ونقوم بدعمهم، وهم الأقرب إلينا عقائدياً بين جميع الجماعات الإسلامية».
وكانت إيران أول المهنئين بفوز الدكتور محمد مرسى برئاسة جمهورية مصر، وقد كانت هناك خطب عديدة فى صلاة الجمعة بإيران، وأغلبها تعبر عن موقف رسمى دعا المصريين إلى التقارب الإيرانى المصرى بانتخاب الدكتور مرسى باعتبار ذلك واجباً دينياً، لا يُعفى منه أحد.
وبعد ثورة 30 يونيو وسقوط حكم الإخوان، ما زالت وسائل الإعلام الإيرانية تعتبر ما حدث فى مصر انقلابًا!!
وبالطبع، لا يمكن أن ننسى موقف الإخوان من الحرب العراقيةالإيرانية. فقد أصدرت الجماعة «التنظيم الدولى» بياناً هاجمت فيه «حزب البعث الملحد الكافر» داعياً العراقيين إلى «قتل جلاديكم. ألقوا أسلحتكم وانضموا إلى معسكر الثورة، الثورة الإسلامية ثورتكم».
ولم ينس الإيرانيون موقف الإخوان حين أشار الرئيس الأسبق حسنى مبارك إلى «ولاء الشيعة لإيران» أو حين تحدث العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى عن «الهلال الشيعى».
العلاقة بين «الإخوان» وإيران شديدة الشبه بما كشفته وثائق ويكيليكس من كلام منسوب لرئيس وزراء قطر «البلد الداعم الأساسى للإخوان» حول طبيعة العلاقة مع إيران: «نحن والإيرانيون نكذب على بعضنا البعض»!
هكذا، وعلى الرغم من سياسات الجمهورية الإيرانية المحلية المناهضة للسنة، لم يكن لدى إيران مشكلة فى إقامة تحالفات استراتيجية وتكتيكية مع المنظمات السنية ما دامت تخدم مصالحها الخارجية. ويمثل تعاون إيران مع الإخوان المسلمين، أحد أكبر التنظيمات السنية فى العالم، والذى يحمل أيضا خلافات أيديولوجية مع الجمهورية الإسلامية. فلم يرحب فقط الإخوان المسلمون بظهور الجمهورية الإسلامية فى إيران فى أعقاب ثورة 1979، ولكن إيران احتفت أيضا بحماس بالغ بصعود الإخوان المسلمين فى مصر.
فإذا ما كان الإخوان المسلمون ينظرون إلى الجمهورية الإسلامية فى 1979 باعتبارها نصراً لرؤيتهم، وأول حكومة إسلامية منذ انهيار الخلافة العثمانية، حيث أيدت جماعة الإخوان المسلمين الثورة الإسلامية فى إيران منذ اندلاعها لأنها قامت ضد نظام حكم الشاه رضا بهلوى الذى كان منحازاً للعدو الصهيونى. فإن إيران تنظر أيضاً إلى تصدير الإخوان المسلمين للثورة باعتباره نجاحاً.
أهم القواسم المشتركة التى تساعد على التقارب بين الإخوان والشيعة هى «العدالة الاجتماعية» و«الحريات الدينية» و«الصراع العربى الإسرائيلى».
ورغم الاختلاف، إلا أن هناك ميلاً إلى تغليب عوامل اللقاء بين نهجى الثورة الإيرانية وجماعة الإخوان المسلمين، وإن كان هناك بعض الاختلاف بين الذهنيتين، وينتهى بخلاصة تؤكد ما جاء فى المقدمات. فهو يعتقد بأن الولايات المتحدة أصبحت العدو الأول للإخوان المسلمين بعد انهيار الاتحاد السوفييتى وبداية تشكل النظام الدولى الجديد، وباستمرار التوتر بين الجماعة ودول الخليج النفطية، وبتقارب الإخوان المسلمين مع الحركات الأكثر تشدداً فى أصوليتها.
مع هذا، كان الإخوان المسلمون فى مصر مستمرين على تأييد الحكم الجديد الإيرانى، وقد سيَروا مظاهرات كبرى ضد استضافة الرئيس السادات لشاه إيران فى مصر، ثم أيدوا إيران فى حربها ضد العراق، وفى عدد مجلة»كرسنت»، المسلمة الكندية، بتاريخ 6/12/1984 يقول المرشد العام للجماعة عمر التلمسانى: «لا أعرف أحداً من الإخوان المسلمين فى العالم يهاجم إيران».كان هناك استثناء لهذا عند الفرع الإخوانى السورى الذى كان خارجاً للتو من مواجهة ضارية «1979-1982» مع نظام الحكم السورى الحليف لإيران، وإن كان هذا ليس رسمياً، وإنما فى كتابات لأحد قيادات الإخوان فى سوريا هو الشيخ سعيد حوا.
وبعد وفاة الخمينى بيوم، أصدر المرشد العام لجماعة الإخوان حامد أبوالنصر نعياً تضمن الكلمات التالية: «الإخوان المسلمون يحتسبون عند الله فقيد الإسلام الإمام الخمينى، القائد الذى فجر الثورة الإسلامية ضد الطغاة». فى عهد على الخامنئى، الذى أصبح «مرشداً» فى مرحلة مابعد وفاة الخمينى، أصبحت نظريات سيد قطب تدرس فى مدارس الإعداد العقائدى ل«الحرس الثورى الإيرانى»، كما برز نفوذ لمرجعيات دينية مثل آية الله مصباح يزدى، وهو الأستاذ الروحى لأحمدى نجاد، لا تخفى إعجابها بسيد قطب وتأثرها به.
ووصل الأمر أن قام «خامنئى» بنفسه بترجمة كتابين ل«سيد قطب» إلى اللغة الفارسية عام 1979 وكانت الثورة الإيرانية توشك أن تضع أوزارها.. أما «على أكبر ولايتى» الأمين العام للمجمع العالمى للصحوة الإسلامية ومستشار «خامنئى» فى مقابلة له مع وكالة أنباء مهر الإيرانية فقال: «طبعا كان لإيران ومصر أثر متبادل، فكما كان للسيد جمال الدين دور فى نشوء الصحوة الإسلامية فى مصر وبروز شخصيات من قبيل المرحوم الشيخ محمد عبده وعبدالرحمن الكواكبى ورشيد رضا، فكذلك ترك الإخوان المسلمون فى وقتهم أثرا على الحركات الإسلامية فى إيران.. إن سماحة قائد الثورة قام قبل الثورة بترجمة عدد من كتب سيد قطب إلى الفارسية، وبعد الثورة أيضاً تمت ترجمة كتاب ولاية الفقيه للإمام الخمينى إلى العربية، حيث ترك أثراً مهمًا فى الصحوة الإسلامية بالعالم العربى خاصة مصر»!!
المعزول ومشروع المجوس الكبير
ولم تكن زيارة وزير الخارجية الإيرانى على أكبر صالحى إلى القاهرة «خلال فترة حكم الإخوان» سوى قمة جبل الجليد، الذى يُخفى الجزء الأعظم منه فى صورة اتصالات وتفاهمات واتفاقات سرية لم يُعلن عنها، ولكى نفهم ما وراء الزيارة التى قام بها وزير الخارجية الإيرانى وتبعه الرئيس الإيرانى للمشاركة فى مؤتمر القمة الإسلامى الذى انعقد فى القاهرة، والذى كان بمثابة غطاء سياسى لزيارة معدة سلفاً لها أجندة سياسية خاصة بها، بعيداً عن قمة المؤتمر الإسلامى، وهو الذى بدا واضحاً فى حضور الرئيس الإيرانى قبل موعد انعقاد القمة بيوم وعاد إلى بلاده بعد انتهاء أعمال القمة بيومين، وهو ما يوضح طبيعة زيارته الخاصة إلى مصر، والتى التقى خلالها المسئولين المصريين وكذلك مكتب الإرشاد لتناول قضايا عديدة تسعى من خلالها إيران إلى تدعيم علاقتها بمصر من خلال الإخوان المسلمين ودعمهم وهو ما تم، ولا يخفى على أحد أن هذه الزيارات التى قام بها المسئولون الإيرانيون على أعلى مستوى للقاهرة، لم تكن لتتم لو لم يكن هناك ضوء أخضر أمريكى ومباركة لهذه الاتصالات والزيارات بين الجانبين.
مصر لها مكانة خاصة فى أدبيات الفكر الشيعى باعتبار أن عصر الظهور للإمام الغائب «المهدى المنتظر» قد بدأ، وهو ما يفسر زيارة العديد من المرجعيات الدينية والشخصيات السياسية إلى مصر فى الفترة الأخيرة، وذلك لرصد علامات الظهور الخاصة بالإمام المهدى المنتظر، الذى سيظهر فى مصر وفق المعتقد الشيعى وسيكون جنده من أهل مصر والذى سيحارب به، وهو ما يمثل أهمية قصوى لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية القائمة على الدين، وكذلك لما تلعبه مصر من دور محورى وأساسى فى الوطن العربى والشرق الأوسط باعتبارها أكبر دولة عربية ولموقعها الجغرافى المهم، كما تسعى إيران إلى إيجاد بديل استراتيجى لسوريا، التى تعلم أن نفوذها فيها إلى انحسار طال الوقت أم قصر. ولما كانت إيران تعلم يقيناً أنها لن تجد شريكاً استراتيجياً يسمح لها بموطئ قدم وتمدُّد فى مصر أفضل من الإخوان، لذا راهنت عليهم منذ قيام الثورة ودعمتهم بكل الأشكال مادياً ومعنوياً وسياسياً، مما أسهم بصورة فاعلة فى اعتلائهم كرسى الحكم فى مصر، ولا يخفى على أحد أن إيران قدّمت دعماً مادياً كبيراً للإخوان المسلمين أثناء حملتهم الانتخابية البرلمانية والرئاسية، وأما الإخوان المسلمون فهم بحاجة ماسة إلى شريك دولى وإقليمى قوى يسندهم ويدعمهم داخلياً وخارجياً ويراهن عليهم، وهو ما توافر فى إيران، كما أن الإخوان المسلمين لا يثقون بالولايات المتحدة لمعرفتهم أنها يمكن أن تنقلب عليهم فى أى لحظة، كما حدث من قبل مع مبارك والسادات، لذا كان لزاماً عليهم أن يراهنوا على إيران باعتبارها خصماً قوياً للولايات المتحدة وورقة يمكنهم بها المساومة معها، ولخلق نوع من التوازن والقوة فى مواجهة خصومها.
وكان لإيران الدور الأكبر فى أحداث غزة، بدءاً من إطلاق صواريخ «فجر» الإيرانية على إسرائيل إلى إقرار وضمان الهدنة بين حماس والجهاد وباقى الفصائل الفلسطينية من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، وذلك نظراً إلى النفوذ الإيرانى القوى فى غزة والمتمثل فى الدعم المالى والعسكرى الذى تقدّمه إيران لحماس والجهاد وباقى الفصائل الفلسطينية، وعلى الرغم من الدور الذى لعبته الإخوان المسلمين فى الهدنة فإنه كان دوراً محدوداً قياساً إلى الدور الإيرانى وتبدى ذلك واضحاً فى الاتصالات والزيارات التى تمّت بين مسئولين فى مكتب الإرشاد لإيران وكذلك مسئولين إيرانيين إلى مصر أثناء الأزمة، والتى انتهت بإقرار الهدنة بين حماس وإسرائيل، وبدا الدور الإيرانى قوياً وحاضراً عند الإعلان الرسمى عن الهدنة حينما صرّح خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة المقاومة الإسلامية حماس، من منبر جامعة الدول العربية فى مؤتمر صحفى أنه يوجه الشكر إلى إيران لما قدّمته من مال وسلاح للمقاومة، وما أعلنه رجل حماس القوى محمود الزهار عند ثنائه على الدور الإيرانى، قائلاً: ليس عيباً أن تعترف بالجميل ومن لا يعجبه فليتنافس المتنافسون، فى إشارة إلى الدول العربية التى تتحفّظ على الدور الإيرانى!!
ولجأت جماعة الإخوان إلى إيران لكى تساعدهم فى إنشاء أجهزة أمنية موازية خاصة بهم، بعيداً عن الدولة، وهو ما يفسر زيارة الجنرال «قاسمى» رئيس فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى، إلى القاهرة فى زيارة سرية لم يعلن عنها التقى خلالها مكتب الإرشاد وسرّبت الخبر أجهزة سيادية مصرية كانت تراقب الاجتماعات والاتصالات بين الجانبين، والمعروف أن «قاسمى» هو رئيس فيلق القدس، وهو المسئول عن دعم ومتابعة العناصر والمنظمات والجهات المتعاونة مع إيران فى كل مكان، وعلى الرغم من نفى الإخوان المسلمين لذلك فإن مساهمة إيران فى إنشاء وتدريب وتسليح كوادر حماس والجهاد والفصائل الفلسطينية خير شاهد على ذلك، كما أن إيران ساعدت الإخوان على إنشاء جهاز مخابرات خاص بهم تمكّن من اختراق جميع أجهزة ومفاصل الدولة، وتوفر إيران للإخوان كل الدعم المادى والعسكرى والمخابراتى لكى تدعم موقفهم داخلياً، كما أنها حرصت على إعطاء الإخوان مجموعة من الملفات المهمة لكى تلعب من خلالها دور الوساطة الذى سيُزيد من قوتها أمام الولايات المتحدة كشريك استراتيجى قوى قادر على حماية المصالح الأمريكية فى المنطقة والحفاظ على أمن إسرائيل، وهو ما جعل الولايات المتحدة تراهن على الإخوان وتدعمهم داخلياً وإقليمياً ودولياً.
فضيحة مخابرات طهران وقيادات الجماعة
قبل أيام من وصول صالحى إلى القاهرة، وصل مدير المخابرات الإيرانى بدعوة من «الإخوان» للقاء سرى مع أعضاء الجماعة، لمساعدتهم فى السيطرة على أجهزة الأمن المصرية. وتحدثت جريدة «التايمز» البريطانية عن زيارة قام بها قاسم سليمانى إلى القاهرة لمدة يومين بعد أعياد الميلاد: «طلبت الحكومة الإسلامية فى مصر سرا المساعدة من إيران لتعزيز قبضتها على السلطة... فقد علمت «التايمز» بزيارة قاسم سليمانى للعاصمة المصرية لمدة يومين بعد أعياد الميلاد مباشرة، للتباحث مع مسئولين كبار قريبين من الرئيس مرسى. جاء سليمانى الذى يشرف على الميليشيات الإيرانية السرية فى المنطقة - بما فى ذلك حزب الله وحماس - بناء على دعوة من حكومة مرسى وجماعة الإخوان المسلمين التى تدعمه. والتقى مدير المخابرات الإيرانى بعصام حداد مستشار الرئيس مرسى».
ورغم إنكار ياسر على المتحدث الرسمى باسم الرئيس مرسى عقد هذا اللقاء، نشرت جريدة «المصرى اليوم» تقريراً عن مصدر أمنى رفيع يفيد بأن اللقاء تم بالفعل بين عصام حداد وقاسم سليمانى، وهو الذى تسبب فى رحيل وزير الداخلية «وقتها» اللواء أحمد جمال الدين فى التعديل الوزارى الأخير. وقالت الصحيفة «فى 9/1/2013» إن جمال الدين اعترض على لقاء الحداد بالمسئول الإيرانى للتعرف على كيفية سيطرة حكومته على الأجهزة الأمنية بهدف تطبيقها فى مصر.
كما اعتبر بعض المعلقين أن زيارة سليمانى إلى مصر تفصح عن نية جماعة الإخوان المسلمين فى تشكيل قوات «الحرس الثورى» على الطريقة الإيرانية، حيث بينت الأحداث الماضية عدم رغبة جهاز الشرطة فى الخروج على تقاليد المؤسسة الأمنية القائمة على المساواة بين المواطنين، وعدم الصدام مع المعارضين السلميين. وتبين عدم رغبة الجيش فى التصدى للجماهير دفاعا عن حكم الإخوان، ورغبته فى تحقيق توافق وطنى بين جميع التيارات السياسية. فقد دعا قائد الجيش ووزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى ممثلى القوى الشعبية إلى الحوار للخروج من الأزمة السياسية فى 12 ديسمبر 2012، لكن مرسى عاد فألغى هذه الدعوة عندما رفضتها جماعة الإخوان.
جماعة الإخوان كانت «أو حاولت» أن تتبع خطى الثورة الإسلامية فى إيران، حيث قام الخمينى بتأسيس حرس الثورة الإسلامية بعد سقوط نظام الشاه رضا بهلوى فى إيران. وفى سنة 1979 تمكن تحالف ثورى من الليبراليين والجماعات الدينية من إسقاط النظام، ثم قام الخمينى بإعلان إيران جمهورية إسلامية بعد أقل من شهرين من سقوط النظام. وقام الخمينى بتشكيل الحرس الثورى ليكون قوة مسلحة خاضعة للنظام الإسلامى، وتولى الحرس الثورى تصفية جميع التنظيمات اليسارية والليبرالية - التى تحالف معها أثناء الثورة - باعتبارهم أعداء الله، وفرض الإسلاميون سيطرة كاملة على كل مؤسسات الدولة. كما تم استبعاد الجيش النظامى الذى تقرر اقتصار عمله على الدفاع عن حدود الدولة الإيرانية، بينما يتولى الحرس الثورى حماية الثورة الإسلامية فى الداخل.
هنا، يكون مهماً أن نتوقف أمام ما كشفته وثيقة مسربة من مكتب إرشاد جماعة الإخوان عن لقاء سرى بين مندوب عن المرشد العام للجماعة وبين «قاسم سليمانى».
الوثيقة عبارة عن تقرير مقدم من مندوب مكتب الإرشاد إلى المرشد العام للجماعة عن تفاصيل اللقاء الذى تم بينه وبين مسئول العلاقات الخارجية فى مكتب «مرشد إيران»، وبعض التوصيات بخصوص أوجه التعاون والدعم الذى يمكن أن تقدمه «إيران» للإخوان لمساعدتهم فى الوصول للسلطة.
وحسب الوثيقة فإن هذا اللقاء تم فى 14 أبريل 2011 بمدينة إسطنبول بتركيا وكان مندوب مرشد إيران يرافقه مساعداه، وحضر اللقاء أحد عناصر الإخوان بالعراق ويدعى «رشيد العزاوى» وهو من أصل تركمانى وهو الذى قام بالترجمة بين الطرفين، كما حضر أيضاً أحد أعضاء الجماعة ويدعى «محمد فاضل».
وكان اللقاء للتعارف وتبادل وجهات النظر حول مستقبل العلاقة بين جماعة الإخوان وإيران ومدى الدعم الذى يمكن أن تقدمه إيران للجماعة لمساعدتها فى الوصول إلى الحكم.
وذكرت الوثيقة أنه بعد التعارف أكد مندوب الإرشاد للمسئول الإيرانى أن جماعة الإخوان هى من أنجحت ثورة 25 يناير وتحدث عن تاريخ الجماعة ومواقفها بعد الثورة، وأكد له رفض الجماعة لمعاهدة كامب ديفيد التى لولا رفضها لكانت الجماعة تحكم مصر منذ زمن طويل على حسب قوله.
واستكمل مندوب مكتب الإرشاد حديثه للمسئول الإيرانى مؤكدا له تأييد جماعة الإخوان المسلمين للثورة الإيرانية وموقفهم المعارض لنظام صدام حسين أثناء الحرب بين إيران والعراق، وأوضح مدى توافق الجماعة مع الشيعة وأن موقفهم ثابت حيث يجمعنا رب واحد ونبى واحد وكتاب واحد وقبلة واحدة.
وأكد مندوب الإرشاد أن الجماعة تسعى إلى التعاون مع إيران، مستنكرا مواقف السلفيين تجاه الشيعة فى مصر الذين وصفهم بأنهم يقومون بعمليات شق لصف المسلمين، وطالب مندوب الإرشاد المسئول الإيرانى بتدخل دولته للإفراج عن بعض عناصر الجماعة المعتقلين آنذاك فى دولة البحرين، مؤكدا سعادة جماعة الإخوان وتمنيهم العمل المشترك مع إيران.
وقال له «قاسم سليمانى» المسئول الإيرانى، بعد انتهاء مندوب الإرشاد من حديثه، إنه كان حريصاً على هذا اللقاء منذ فترة، وأن المرشد الأعلى لإيران «خامنئى» يعرف الجماعة جيدا وتربطه علاقات قديمة معهم وأنه قام بترجمة كتب سيد قطب، كما أطلقوا اسم حسن البنا على أحد شوارع طهران، وأبدى تقديرهم لدور الجماعة.
وأكد صلتهم الوثيقة ببعض عناصر التنظيم الدولى للإخوان وذكر صلتهم بالقيادى بحركة حماس «خالد مشعل»، ورئيس الوزراء التركى «رجب طيب أردوغان»، وقال إن الوقت قد حان لربيع الإخوان فى المنطقة ويجب الحرص على عدم التراجع، مؤكدا دعم إيران الكامل لهم.
وأضاف «سليمانى» أن الرئيس الأمريكى «أوباما» ينتهج سياسة مختلفة عن سلفه «بوش» لصلته السابقة بالإسلام، وكشف أن «أوباما» أرسل رسالتين لقائد الجمهورية الإيراينة يطالبه بإنهاء المشاكل مع أمريكا.
وأكد «سليمانى» أن وصول الإخوان لحكم مصر هو فى حد ذاته دعم كبير لإيران، وأنهم سيعقدون شراكة وتحالفاً مع الجماعة لتأمين وصول الإخوان لسدة الحكم ل«نتكامل» على حد تعبيره.
وأضاف قائلاً: نحن إخوانكم وعندنا تجربة هى فى خدمتكم وهذه الدولة للإسلام وفى خدمة المسلمين، ونحن جاهزون فى خدمتكم بكل إمكانياتنا، واتفقا فى نهاية اللقاء على استمرار تلك اللقاءات.
وفى نهاية هذه الوثيقة أبدى المندوب الذى لم يذكر اسمه فى الوثيقة عدة ملاحظات وطرح بعض الرؤى لمستقبل العلاقة مع إيران، أهمها أنه طلب البدء فى التفكير فى كيفية التعاون مع إيران بشكل غير مباشر وكيفية الاستفادة من إمكانيات الدولة الإيرانية وما لديها من معلومات تساعدهم فى التخطيط لإقامة دولة الإخوان.
...................
إيران إذن هى الوجه الآخر ل«العملة» التى تلعب بها الولايات المتحدة لعبة تقسيم أو تفتيت المنطقة، بعد أن فشل وجه العملة الأول وهو تنظيم الإخوان.
إن إيران وفقاً للدور المرسوم لها أمريكياً ستلعب الدور الذى فشلت فيه تركيا وقطر باستخدام تنظيم الإخوان، لذلك يخدعك من يقول إن تركيا يمكن أن تكون حليفاً فى مواجهة إيران!!.. ويخدعك ويخدع نفسه من يعتقد أن هناك من يقضى على حلم «الشيطان الفارسى» غير مصر وجيش مصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.