لازالت حقيقة العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والشيعة في منطقة الخليج تمثل لغزاً معقداً لم يتضح سوى بعد اندلاع ثورات الربيع العربي بالمنطقة في مطلع عام 2011 ، الذي شهد حالة من الصراعات الحزبية والطائفية بمعظم دول المنطقة, خاصة بعد خروج بعض الشعوب على الحكام وإسقاط تلك الأنظمة، وصعود التجربة الإسلامية كأنظمة بديلة في مصر وتونس وليبيا ووصولاً بالثورة السورية التي لم تؤتِ ثمارها بعد في ظل الصراع المتناحر بين النظام والشعب الثائر عليه ولكن لم تكن الأحداث مقتصرة في تلك الفترة على خروج الشعوب على الحكام فحسب وإنما كانت سبباً رئيسياً في عودة التوترات بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط من أجل الهيمنة السياسية والدينية التي تعود للقرن السابع عشر وحتى اليوم في سوريا والعراق والبحرين والمملكة العربية السعودية وباكستان وغيرها. ففي الوقت الذي تحاول العديد من الطوائف الإسلامية السيطرة على الاختلافات المذهبية من أجل إعادة إقامة دولة إسلامية, إلا أن كان لهذا الحلم عقبات شتى تقف حائلاً دون تحقيقه في المنطقة، مع ظهور الحركة السلفية المتطرفة المزدهرة في منطقة الخليج التي عسكت مدى صعوبة التعاون بين السنة والشيعة على المدى القريب, نظراً للديناميات الإقليمية الحالية. وبمرور الوقت أوضحت سياسات الجمهورية الإيرانية المحلية المناهضة للسنة عدم اعتراضها على إقامة تحالفات استراتيجية وتكتيكية مع المنظمات السنية لخدمة مصالحها الخارجية وكانت على رأس هذه التنظيمات جماعة الإخوان المسلمين أكبر التنظيمات السنية في العالم التي تعاونت معها إيران، برغم الخلافات الأيديولوجية مع الجمهورية الإسلامية, ويذكر التاريخ أن الإخوان رحبوا بظهور الجمهورية الإسلامية في إيران في أعقاب ثورة 1979، كذلك احتفاء إيران بصعود الإخوان المسلمين في مصر, حيث اعتبر الاخوان إرساء الجمهورية الإسلامية الإيرانية نصرا لرؤيتهم في تأييد ونجاح الثورة الإسلامية التي قامت ضد حكم الشاه رضا بهلوي الذي كان منحازاً لاسرائيل ؛ فإن إيران تنظر أيضا إلى تصدير الإخوان المسلمين للثورة ونجاحها في وضع أول حكومة إسلامية منذ انهيار الخلافة العثمانية . والتقارب بين الإخوان والشيعة يعود إلى وجود العديد من الأهداف المشتركة مثل تحقيق العدالة الاجتماعية, والحريات الدينية، وأيضاً الصراع العربي الإسرائيلي الذي تتفق حوله كل من الإخوان وإيران على مدار العقود الماضية . في المقابل تختلف ولاية الفقيه الذي تعطي الصفة الدينية الإلزامية، بينما مرجعية المرشد في الإخوان المسلمين تُعطى الصفة التنظيمية دون الولاية الشرعية, حيث تتمثل الغاية العظمى للتنظيم الإخواني الذي أسس قواعدها الإمام حسن البنا, على إقامة نظام حكم عادل رشيد بكل مؤسساته ومقوماته، يتضمن حكومة ثم خلافة راشدة وأستاذية في العالم، وهو ما أثار شعور إيران بالارتياح خاصة بعد صعود الإخوان إلى سدة الحكم في مصر و تونس ومصر, كما أشار حسين أمير عبد اللهيان، نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية ( جريدة "السياسة الكويتية ") ، بأنه رغم وجود الاختلافات بين جماعة الإخوان وإيران إلا أن هناك ميلاً إلى تغليب عوامل اللقاء بين نهجي الثورة الإيرانية وجماعة الإخوان المسلمين، وإن كان هناك بعض الاختلاف بين المنهجين، وينتهي بخلاصة تؤكد ما جاء في المقدمات, بداية تشكل النظام الدولي الجديد، وباستمرار التوتر بين الجماعة ودول الخليج النفطية، وبتقارب الإخوان المسلمين مع الحركات الأكثر تشددا في أصوليتها, اتضح دور الإمام حسن البنا في إقامة العلاقات التعاونية بين الإخوان المسلمين والجمهورية الإيرانية منذ تأسيسها..ودوره في التقارب بين السنة والشيعة من خلال الترويج لشعار " الوحدة الإسلامية "، ومواجهة الطغيان وسقوط الاستبداد المتمثل في مواجهة إسرائيل ونصرة القضية الفلسطينية. الإخوان والحرب الأولى وقد اتضحت أهم المواقف التي أثبتت حقيقة العلاقة بين جماعة الإخوان والشيعة خاصة في أعقاب حرب الخليج الأولى أو الحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت عقب قيام الثورة الإسلامية في إيران بعدة أشهر، حيث كان للإخوان موقف مناهض لتلك الحرب التي تستنزف طاقات ومقدرات البلدين الإسلاميين، وطالبت حينها بضرورة وقف الحرب وتدخل العقلاء من الجانبين لوقف المزيد من الدماء والدمار التى أصابت البلدين، مع تكثيف الجماعة لتقريب وجهات النظر بين المذاهب الإسلامية، والقضاء على الفتن حتى تتفرغ الأمة لمواجهة الخطر المشترك الذي يهددها وهو العدوان الإسرائيلي أو " العدو الصهيوني " كما كانوا يطلقوا عليه ولازالوا ، ومنذ هذه اللحظة تحول الجيش الإيراني من جيش إمبراطوري قبل قيام الثورة إلى الجيش الإسلامي عقب قيام العلاقة بين الإخوان والشيعة في إيران . واعتبر الرئيس العراقي الراحل "صدام حسين"هذا التحول بالفرصة الذهبية التي لن تتكرر من أجل القضاء على هذا الجيش قبل أن يتحول إلى قوة إسلامية لا تقهر بفضل العقيدة الإسلامية في نفوس ضباطه وجنوده التي أرسخت قواعدها جماعة الإخوان المسلمين التي أفشلت مخطط الولاياتالمتحدةالأمريكية في القضاء على ثورة الشعب الإيراني المسلم, ولكن الحرب لم تهدأ نتيجة حشد وتوجيه الشعب الإيراني بكامل هيئاته ومنظماته على مواصلة الحرب حتى النصر وحتى إسقاط البعث الدموي في العراق من خلال حث الشيعة في إيران على الرغبة في الاستشهاد والاقدام والثقة في النصر للثورة الإيرانية الإسلامية حتى النهاية . وعندما بدأ الغزو الصدامي السني ضد إيران أصدر التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بياناً وجهه إلى الشعب العراقي هاجم فيه حزب البعث الملحد الكافر - على حد تعبير البيان - الذي قال أيضاً : " إن هذه الحرب أيضاً ليست حرب تحرير للمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يملكون حيلة ولا يهتدون سبيلاً, فشعب إيران المسلم قد حرر نفسه من الظلم والاستعمار الأمريكي الصهيوني في جهاد بطولي خارق وبثورة إسلامية عارمة فريدة من نوعها في التاريخ البشري وتحت قيادة إمام مسلم هو دون شك فخر للإسلام والمسلمين " ، ثم يتكلم البيان عن أهداف العدوان الصدامي قائلاً :"إن ضرب الحركة الإسلامية وإطفاء شعلة التحرير الإسلامية التي انبعثت من إيران, وحتثهم التنظيم على الخروج على النظام الحاكم والانضمام لمعسكر الثورة الإسلامية في إيران ". وصدر بيان أخر من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين بتاريخ 15/1/1981جاء فيه :" إزاء الاستمرار في الحرب العراقية الإيرانية يذكر الإخوان المسلمون بأنه لايجوز التفريط بالطاقات الإسلامية في معارك جانبيه تهدر فيها دماء المسلمين وتبدد ثرواتهم، والإخوان المسلمون يدعون إلى وضع حد للحرب من أجل صرف جهود المسلمين إلى ميدان الصراع الحقيقى مع اليهودية العالمية ومواجهة خطرها على الإسلام والمسلمين في كل مكان, واستمرت مطالبة الإخوان بوقف هذه الحرب المدمرة التي أشعلتها الأصابع الإسرائيلية لإجهاض القوة الإيرانية والعراقية حتى تتمكن من إدخال المنطقة كلها فيما تريده من حلول وهي آمنة خطر الشمال العراقي الإيراني -على حد سواء - , وما إن أوشكت المرحلة الأولى للحرب العراقية على إيران على الانتهاء وبداية تحولات جديدة في ميادين القتال تحول الإخوان عن موقفهم السابق لأسباب كثيرة وإتخذوا موقفا آخر يتناسب مع المرحلة الجديدة التي دخلتها الحرب فقد نشطوا في دعوة الدول الإسلامية للتوسط بين الطرفين ووقف الحرب بينهما. تحولات الإخوان وكانت بداية هذه التحولات من قبل قيادات الإخوان المسلمين بالكويت د. إسماعيل الشطي، الذي أكد على اعتراضه على اندلاع الحرب من البداية حتى لا تبدد الثروات ويهدر دماء الكثير من المسلمين، برغم موقفنا الواضح من النظام الكافر في العراق إلا أننا كنا في الوقت نفسه نعارض احتلال إيران للعراق وهذا هو موقفنا طوال الحرب بين العراق وإيران. وتوالت التحولات ؛ حيث قال محمود عبد الحليم عضو اللجنة التأسيسية للإخوان المسلمين " إن الطائفة الشيعية رغم كثرتها تعيش في عزلة تامة عن أهل السنة.. كأنهما من دينين مختلفين.. مع أن الطائفة الشيعية تضم قومًا من أكرم العناصر المسلمة ذات التاريخ المجيد والغيرة على الإسلام والذود عن حياضه, وأن الوقت قد حان لتنفيذ رأي حسن البنا لتوجيه الدعوة إلى طائفة الشيعة، ولوكانت الظروف قد أمهلت حسن البنا الفرصة لتم مزج هذه الطائفة بالطوائف السنية مزجًا عاد على البلاد الإسلامية بأعظم الخيرات . وفي عام 2008 صرح مهدي عاكف مرشد الإخوان المسلمين في مصر، بتأييده للمد الشيعي، قائلا: أرى أنه لا مانع في ذلك، فعندنا 56 دولة في منظمة المؤتمر الإسلامي سنية، فلماذا التخوف من إيران وهي الدولة الوحيدة في العالم الشيعية ؟ أليس حسن نصر الله شيعياً، ألم يؤيده الناس في حربه ضد إسرائيل في صيف 2006 ؟ وفي عام 1979وصل الخميني للسلطة في إيران، وكانت من أوائل الطائرات التي وصلت مطار طهران واحدة تحمل وفداً يمثل قيادة التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وتناقلت الألسن وسط المعارضة السورية أخباراً بأن الوفد طرح على الخميني مبايعته خليفة للمسلمين إن قبل ببيان يصدره يقول"بأن الخلاف على الإمامة في زمن الصحابة مسألة سياسية وليست إيمانية", إلا الخميني تريث في الإجابة ووعدهم بالرد لاحقًا، وعندما صدر الدستور الجديد للجمهورية الإسلامية الإيرانية الذي يقول ب"المذهب الجعفري مذهباً رسمياً ... وبولاية الفقيه نائباً عن الإمام الغائب"،كان من الواضح ماهي إجابة الخميني. ورغم ذلك استمر موقف الجماعة في مصر من تأييد الحكم الجديد الإيراني، وقد سيَروا مظاهرات كبرى ضد استضافة الرئيس السادات لشاه إيران في مصر، ثم أيدوا إيران في حربها ضد العراق، كما قال المرشد العام للجماعة عمر التلمساني في 1984 :" لا أعرف أحداً من الإخوان المسلمين في العالم يهاجم إيران". كان هناك استثناء لهذا عند الفرع الإخواني السوري الذي كان خارجاً للتو من مواجهة ضارية (1979-1982)مع نظام الحكم السوري الحليف لإيران، وإن كان هذا ليس رسمياً، وإنما في كتابات لأحد قيادات الإخوان في سوريا هو الشيخ سعيد حوا. وعند وفاة الخميني 1989 أصدر المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين "حامد أبو النصر "، نعياً تضمن الكلمات التالية: "الإخوان المسلمون يحتسبون عند الله فقيد الإسلام الإمام الخميني والقائد الذي فجر الثورة الإسلامية ضد الطغاة". في عهد علي الخامنئي الذي أصبح "مرشداً" في مرحلة مابعد وفاة الخميني أصبحت نظريات " سيد قطب " ُتدرس في مدارس الإعداد العقائدي للحرس الثوري الإيراني، كما برز نفوذ لمرجعيات دينية مثل آية الله مصباح يزدي وهو الأستاذ الروحي لأحمدي نجاد لا تخفي إعجابها بسيد قطب وتأثرها به, ووصل الأمر أن قام خامنئى بنفسه بترجمة كتابين ل "سيد قطب" إلى اللغة الفارسية عام 1979، وكانت الثورة الإيرانية توشك أن تضع أوزارها. أما " على أكبر ولايتي " الأمين العام للمجمع العالمي للصحوة الإسلامية ومستشار (خامنئى ) ، في مقابلة له مع وكالة أنباء مهر الإيرانية قائلاً : " طبعا كان لإيران ومصر أثر متبادل، فكما كان للسيد جمال الدين الافغاني دوراً في نشوء الصحوة الإسلامية في مصر وبروز شخصيات من قبيل المرحوم الشيخ محمد عبده وعبدالرحمن الكواكبى ورشيد رضا، فكذلك ترك الإخوان المسلمون في وقتهم أثرًا على الحركات الإسلامية في إيران..كما تم ترجمة سيد قطب إلى الفارسية على أيدي سماحة قائد الثورة الإيرانية قبل الثورة، وبعد الثورة أيضا تمت ترجمة كتاب ولاية الفقيه للإمام الخميني إلى العربية، حيث ترك أثرا مهمًا في الصحوة الإسلامية بالعالم العربي خاصة مصر من خلال جماعة الإخوان المسلمين. وفي السياق ذاته تكشفت المزيد من العلاقات الإخوانية الشيعية في عام 2011 وقبل سقوط الرئيس المصري السابق حسني مبارك ، قام السيد علي الخامنئي في خطبة يوم الجمعة وقبل سقوط النظام المصري 2011 بتشبيه مايجري في مصر من ثورة ضد الرئيس السابق بالثورة الإيرانية ضد شاه إيران، وكان عند إعلان فوز الرئيس الإخواني السابق محمد مرسي بانتخابات رئاسة الجمهورية بمصر كانت إيران الرسمية من أوائل المسارعين لتقديم التهنئة لمكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان المسلمين واعتبرت نجاح الجماعة في مصر تأكيداً على نجاح واستمرار الثورة الإيرانية الإسلامية. وهذا ماحذرت منه مؤسسة الأزهر الشريف بعد ثورة يناير 2011 وبعض التيارات الإسلامية السلفية وعدد من رجال الدين الوسطي من خطورة محاولات المد الشيعي بمصر, ولكن كان للإخوان موقف متناقض عندما صرح محمد غزلان القيادي الاخواني، بأن الجماعة ترفض وتحذر من المحاولات الخاصة بنشر المذهب الشيعي بمصر وإقامة الحسينيات، حتى لا تتحول مصر إلى عراق آخر بعد إشعال الفتنة الطائفية بها . سرطان الإخوان وفتنة الخليج وبصورة سريعة وآلية عمل تتبعتها جماعة الإخوان بحانب الشيعة والتي تشبه " خلية النحل السرية " في الإمارات العربية العربية في مطلع عام 2012 عندما اتهم قائد شرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان جماعة الإخوان المسلمين بالتنسيق مع إيران، قائلاً :" إن خمسين قيادياً من الجماعة زاروا إيران في مايو 2012 ", إلا أن الإماراتي " محمد الركن " المعتقل والمتهم بانتمائه للإخوان المسلمين له دراسات قانونية ومواقف بارزة دفاعاً عن الجزر الإماراتية التي تحتلها إيران, حيث أوضحت "دعوة الإصلاح الإمارتية السنية " حقيقة علاقتها بإيران قائلة : إيران بالنسبة لنا عدو, ولا نظن أن هناك ما يجمعنا مع إيران في أي يوم من الأيام لا مصلحة دينية ولا دنيوية، رغم أن هذا الموقف لا يدل على حسن تدبير سياسي غير أن العلاقة العدائية مع إيران هي ثابت لا متغير) . أما بالنسبة للإخوان المسلمين بالكويت ومحاولاتها الدؤوبة مع إيران من أجل تشويه منجزات الأسرة الحاكمة في الكويت في العديد من دول الخليج لإثارة الفتنة والبلبلة السياسية التي تفتت منطقة الخليج بالكامل من أجل السيطرة الإخوانية ونشر المذهب الشيعة في آن واحد! وبالفعل خرجت دعوة الحركة الدستورية الإسلامية "حدس" ، وهي الحركة التي خرجت من رحم جماعة الإخوان المسلمين الكويتية في عام 1991 لتكون الجناح السياسي لها، وأثارت دعوتها للسفير الإيراني " روح الله قهرماني "ومشاركته في إفطارها الرمضاني في الثامن من أغسطس 2012 عاصفة من ردود الفعل المستنكرة لسلوكيات وازدواجية الحركة وتناقض افعالها وسلوكياتها مع مواقف نوابها وقادتها الذين يهاجمون يوميًا في تصريحاتهم طهران لدعمها نظام بشار الأسد وجرائمه ضد الشعب السوري. وعلى صعيد مملكة البحرين, اعتبر الأمين العام لجمعية المنبر الوطني الإسلامي، الذراع البحرينية لجماعة الإخوان المسلمين علي أحمد، إيران العدو الأول لدول مجلس التعاون الخليجي، سواء من خلال احتلال الجزر الإماراتية الثلاث أو من إصطفافها العام 2011 مع المعارضة العنيفة والتدخل مباشرة في شؤون البحرين الداخلية. ولم تتوقف تناقضات الجماعة عن استنكارها الكاذب لإيران، عندما أعلنت عن رفضها التمدد الشيعي الإيراني في العالم الإسلامي على حساب أهل السنة، وأدانت مواقف طهران من سورياوالبحرين, واتهمت المملكة الاردنية الإخوان المسلمين في الأردن بمساعدة إيران على نشر الفكر الشيعي في جميع البلدان السنية من خلال إنفاق الأموال الطائلة لمزيد من التمدد للمذهب الشيعي خاصة في مصر ؛ صة عقب اندلاع ثورة 25يناير 2011 بدعوة الحرية والديمقراطية الجديدة في اتباع حرية العقيدة والفكر, إضافة لتأكيد الجماعة على حقها ودعمها لامتلاك التکنولوجيا النووية، ورفض الحملة الأمريکية الإسرائيلية ضد هذا البرنامج النووي، قائلة :"إن المشروع النووي الإيراني لا يهدد العرب ولا المسلمين، وأن إيران دولة مسلمة ساندت وتساند القضية الفلسطينية منذ انتصار الثورة الإسلامية في نهاية السبعينات وهي مستمرة في ذلك تدعم حزب الله في لبنان الذي ما زال يجاهد من أجل طرد الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي اللبنانيةالمحتلة، بجانب دعمها للحق السوري في استعادة الجولان وتناصر القضايا العربية والإسلامية رغم الضغوطات التي تعرضت و تتعرض له حتى الآن " . التعاون الإسلامي الشيعي وفي السنوات الأخيرة، توطدت العلاقات الإخوانية الشيعية بشكل أكثر عمقاً وتعقيداً من خلال اتفاق العديد من الإسلاميين في الكثير من البلدان من السنة والشيعة بعض القضايا المشتركة بينهم والتي بدأت بين إيران و تنظيم القاعدة خلال السنوات الأخيرة تحديداً من عام 2001 الماضي عندما توحدت كلمة المتطرفون السنة والشيعة معاً لاستهداف الولاياتالمتحدةالأمريكية, كما أكد على ذلك العديد من منفذي هجمات الحادي عشر من سبتمبر من العام نفسه، على أن إيران في طريقها إلى أمريكا من خلال تسليح القاعدة السنية لاستكمال عملية التطهير التي تستهدف الكفار الشيعة في العراق، وكانت طهران توفر الملاذ الآمن لمئات من عاملي التنظيم وقادته وتسليحهم بدعوي أن هذه العلاقات كانت حاسمة في مساعدة إيران على تقويض الاحتلال الأمريكي في العراق المجاورة. ولمزيد من التحالفات الإيرانية مع الإخوان المسلمين من أجل نشر المذهب الشيعي في فلسطين ؛ حيث كان الهدف المشترك وهو مقاومة الكيان الإسرائيلي، من خلال تسليح الإخوان في حماس لتكوين تحالفات من الأطراف الفاعلة والمتطرفة من السنة والشيعة للمقاومة الإسرائيلية. فقد قامت طهران بتوفير التدريب والدعم اللوجستي ومئات الملايين من الدولارات إلى الجماعة الإخوانية في فلسطين منذ عام 1995 ووسط علاقات شهدت بعض مؤشرات الشد والجذب في الآونة الأخيرة ؛ خاصة عندما قامت حماس في عام 2011 بإخلاء مكاتبها في دمشق احتجاجاً على قتل نظام الأسد المدعوم من إيران لآلاف السوريين أغلبهم من السنة, ولكن بمعرفة مدى البغض المشترك والدائم الذي يكنه الطرفان لإسرائيل، يمكن القول إن هذا الوضع ربما لا يكون سوى خلاف مؤقت. وفي الواقع، قبل عام فقط من اندلاع القتال في سوريا، شرع مفكرون من حركة حماس الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين في مسعى لتذليل الحواجز الأيديولوجية التي تقوِّض العلاقات السنية الشيعية, وفي عام 2010 عندما أصدر وزير خارجية حماس " أحمد يوسف " كتيباً بعنوان "الإخوان المسلمون والثورة الإسلامية في إيران" يهدف من خلاله التوفيق بين رؤى مؤسس الإخوان المسلمين الإمام حسن البنا وزعيم الثورة الإيرانية آيه الله روح الله الخميني في عام 1979. وعكس هذا البحث أبرز مراحل الإعجاب المتبادل الذي يكنه الإخوان المسلمون وطهران لمهندس الحركة الجهادية العصرية " سيد قطب "، بجانب هدفهما المشترك المتمثل في تأسيس دولة إسلامية عليا تقوم على مبادئ الشريعة الإسلامية وهو ما تؤكده مواقف الحكومات المتعاقبة على ثورات الربيع العربي, خاصة في مصر بعد صعود الرئيس المعزول محمد مرسي وتوجيه من قبل مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين, فعلى الرغم من الحرب الباردة القائمة منذ حين بين مصر وإيران والتي تعود إلى معاهدة السلام التي وقعتها القاهرة مع إسرائيل عام 1979، وأعقبها بعد ذلك بعامين احتفال طهران باغتيال الرئيس السابق محمد أنور السادات الذي وقع على هذه المعاهدة, إلا أن فوجئ الجميع بتوجه الرئيس مرسي إلى إيران في زيارته الثانية لدولة غير عربية في أغسطس 2012 والتي كانت تهدف إلى تسليم رئاسة "حركة عدم الانحياز" إلى الرئيس الإيراني - وقتها - محمود أحمدي نجاد, وإن كانت الرسالة الحقيقة من الزيارة إقامة علاقات جديدة وتحديد أدوار جديدة مع إيران لتنفيذ المشروع الإسلامي الذي بدأ في إيران عقب الثورة الإسلامية الإيرانية, والتي تسببت في دخول مصر في خلافات إقليمية جراء هذا التمدد الشيعي على أيدي حلفائهم من الإخوان المسلمين مع حزب الله اللبناني الشيعي في لبنان، والذي أسسته إيران في أوائل الثمانينات, وخلال الأعوام الأخيرة تورطت الجماعة في أعمال عنف طائفي تمثلت باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السني "رفيق الحريري " عام 2005 وقد تم إلقاء القبض على تسعة وأربعين من عناصرها العاملة في سيناء في أواخر 2008. ومع ذلك، فقد قلَب مرسي رأسا على عقب سياسة مصر الخارجية الراسخة ؛ وأخذ يقوم ببناء علاقات مع هذا التنظيم المسلح، وفقاً لمبعوث القاهرة في بيروت, ورغم ذلك كان حزب الله اللبناني في نظر الإخوان وبعد تعهده بمواجهة إسرائيل، من الأحزاب التي تم تصنيفها ضمن فئة الشيعة الفريدة على مدار فترة طويلة. وبالفعل هاجم حزب الله إسرائيل في عام 2006، أثناء شن الأخيرة غارة على قطاع غزة، وعرض المرشد العام للإخوان " مهدي عاكف " نشر المقاتلين إلى جانب أفراد التنظيم المسلح في لبنان. وفي عام 2009، بعد أشهر قليلة من القبض على أعضاء تابعين لحزب الله على الأراضي المصرية أثناء تهريبهم الأسلحة إلى حركة المقاومة الفلسطينية حماس، أشاد عاكف " علناً " بزعيم الجماعة حسن نصر الله لوقوفه مع المقاومة ودعمه لها ومساعدته للفلسطينيين . ورغم مواقف قيادات جماعة الإخوان المسلمين في مصر من إيران وإشادتهم الصريحة بها كما يقول المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين كمال الهلباوي :" إن مستقبل الشيعة في المنطقة عموماً ودول الربيع العربي خصوصاً سيكون أفضل بوصول الإخوان أو الإسلام السياسي الوسطي إلى الحكم في دول الربيع العربي والمنطقة عموماً، لأننا آنئذ نستطيع أن نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه". ورغم الموقف المصري المعارض من التمدد الشيعي لازال قائماً على أساس الرفض والكراهية المستمرة التي عكستها زيارة الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد إلى القاهرة في فبراير 2013، حيث استقبله المصريون برشق الأحذية من جانب مجموعة من المحتجين الغاضبين من دعم طهران لقوى النظام السوري القائم .. كما كان للأزهر الشريف من هذه الزيارة موقفاً أيضاً، عندما استنكر رجال الدين السني تدخل إيران في شؤون البحرين وأيضا تشجيعها على نشر المذهب الشيعي في مصر, كما نظمت الحركات السلفية في مصر العديد من المظاهرات في 15 مارس الماضي لرفض التطبيع الإخواني مع إيران والإسلام الشيعي، والتهديد بالتصعيد إذا استمر الإخوان على موقفهم من تطوير هذه العلاقة, حتى قامت الثورة الشعبية في 30يونيو 2013 التي استطاعت إسقاط حكم جماعة الإخوان المسلمين وتشتت أمرهم وبات مصيرهم نحو المجهول بصفة خاصة والدعوة الإسلامية الإخوانية في العالم بصفة عامة .