بحكم سنها الذي تجاوز ال75 عاماً تعد هي أول سيدة تتولي الجلسة الإفتتاحية لمجلس النواب الجديد، إنها الدكتور آمنة نصير، النائبة البرلمانية عن قائمة "في حب مصر". البداية: من أبرز الداعيات في الوقت المعاصر نظرا لكونها صاحبة آراء واجتهادات موضوعية ومعتدلة، وذات نظرة مستقبلية ثاقبة في معظم القضايا والمشكلات التي تمس المجتمع العربي والإسلامي في الأونة الأخيرة، علاوة على مواقفها ورؤيتها المتميزة تجاه عديد من القضايا الإسلامية بين الحين والآخر على الساحة الإسلامية، مثل المرأة والدعوة الإسلامية والعمل السياسي، وفتاوى الفضائيات، وقضايا الفقر والرحم البديل والطب المساعد، ورفضها وثيقة "عالم جدير بالأطفال" الصادرة عن الأممالمتحدة. مولد آمنة نصير: ولدت آمنة نصير في قرية موشا بأسيوط عام1367ه/ 1948م وكانت أول طفلة في القرية تصر على إتمام تعليمها بعد السنوات الإلزامية في البلد، وقد درست في المدارس التبشيرية الأمريكية بأسيوط عام1373ه/ 1954م، ثم التحقت بكلية بنات عين شمس قسم الفلسفة وعلم النفس والاجتماع عام 1386ه/ 1966م، وحصلت على الماجستير عن (أبي الفرج ابن الجوزي) ثم الدكتوراة عن دراساتها (ابن عبد الوهاب). المناصب التي حصلت عليها آمنة نصير: تقلدت الدكتورة آمنة، العديد من المناصب سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي حيث عملت أستاذة زائرة في جامعة ليدن بهولندا، وقامت بالتدريس في الأكاديمية الإسلامية بالنمسا. وهي أيضا أستاذة للفلسفة الإسلامية والعقيدة بجامعة الأزهر ومتخصصة في علم الكلام والمذاهب والعقائد، وعميدة سابقة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية فرع جامعة الأزهر بالإسكندرية، علاوة على عضويتها في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وفي الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين. إلى جانب ذلك ساهمت آمنة نصير، بالتدريس ووضع المناهج العلمية لكلية التربية والآداب بالرياض بالمملكة العربية السعودية1391-1394ه/19-1974م، وكلية الآداب من1400-1404ه/ 1980–1984م، ومكثت زائرة بمكةالمكرمة لوضع المناهج والإشراف على الرسائل العلمية لكلية التربية سنة 1400ه/ 1980م، وسافرت بتكليف من وزارة التعليم العالي إلى جامعة ليدن بهولندا لبيان حقيقة الإسلام في بعض القضايا، علاوة على قيامها بتطوير وتنظيم كلية الدراسات الإسلامية، فرع الإسكندرية منذ عام 1410ه/ 1990م وحتى الآن. يضاف إلى ذلك أن آمنة نصير، كانت سفيرة للإسلام في المحافل الدولية، لما لديها من القدرة على الإقناع ومخاطبة الآخر والمجادلة بالحسنى والموضوعية في معالجة القضايا الشائكة ولنظرتها المعتدلة دون إفراط أو تفريط، وقد تمثل ذلك جليا في مشاركتها في العديد من المؤتمرات والندوات الدولية، مثل مؤتمر " هل الأديان هي التي أدت إلى الصراع بين البشر؟" بسويسرا في الفترة من 20 إلى 25-4-1425ه/ 8 إلى 13-6-2004م، والذي شاركت فيه ببحثها عن "علاقة الإسلام بالأديان الأخرى"، والمؤتمر العالمي السنوي للحوار في فرانكفورت. وجاءت مشاركتها في المؤتمر العام التاسع عشر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة تحت عنوان "مشكلات العالم الإسلامي وعلاجها في ظل العولمة" عام 2007م، علاوة على مواقفها المشهودة على المستوى الدولي خاصة فيما يتعلق بالدعوة إلى الإباحية والإجهاض وممارسة الجنس بطرائق غير مشروعة. فقد أعلنت رفضها جملة وتفصيلا لوثيقة عالم جدير بالأطفال، التي سعت الجمعية العامة للأمم المتحدة لإقرارها خلال مؤتمر الطفل الذي عقد في الفترة من 26 إلى 28-2-1423ه/ 8 إلى 10-5-2002م. و لابد من الإشارة إلى أن هناك العديد من الأساتذة والمفكرين الذين كان لهم الفضل الأول من بلورة التكوين الفكري والإسلامي والتي كان من أبرزهم عي الدكتورة آمنة نصير، مرشحة قائمة في حب مصر. الإنتاج الفكري لقد أثمر الفكر الفلسفي والاجتماعي خاصة في المجال الإسلامي للدكتورة آمنة نصير العديد من المؤلفات والدراسات التي عالجت معظم القضايا التي تشغل بال الرأي العام العربي والإسلامي. الدفاع عن الإسلام في مواجهة الغرب: من أهم أولويات الدكتورة آمنة نصير، تفنيد الحجج ودرء الشبهات التي يحاول الغرب إلصاقها بالإسلام بشتى الطرق، ومن أهمها تعدد الزوجات في الإسلام، والقول بأن الإسلام دين دموي انتشر بحد السيف... الخ. وهنا نجد الدكتورة آمنة، قد عالجت قضية تعدد الزوجات في الإسلام في كتابها "حكمة الإسلام في تعدد الزوجات" والذي أوضحت من خلاله أن التعدد كان موجودا قبل الإسلام ولكنه كان بلا قيود أو ضوابط، إلى أن جاء الإسلام ووضع له عددا من الضوابط الأخلاقية والاجتماعية، وذلك لعلاج النفوس الإنسانية وصيانة المجتمع الإسلامي. إضافة إلى ذلك تحاول آمنة في مؤلفها "المفهوم الحضاري للإسلام في الحرب والسلام" الرد على الشبهات التي تعترض الإسلام ومنها أن الإسلام دين دموي لا يعرف مكانة للإنسان ولا يهتم بالإنسانية، وبينت أن الإسلام دين متحضر ودين سلام، وليس دين عدوان ولا دينا دمويا انتشر بحد السيف كما يزعم الغرب، فوصايا الخلفاء الراشدين للمحاربين كانت من قبيل: لا تجهزوا على جريح، ولا تتعقبوا هاربا، ولا تقطعوا شجرة، ولا تذبحوا ذبيحة لإتلافها، ولا تطاردوا عجوزا...، وحينئذ يسبق الإسلام جميع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في احترام هذه الحقوق ومعها حقوق الحيوان، والجرحى، والأسرى بصورة لا تعرفها البشرية، إضافة إلى أن الحرب في الإسلام غير مباحة إلا بعد المكاتبات والمراسلات والدخول في الدعوة إلى الدين، ولا تأتي الحرب إلا بعد وقوع العدوان. المرأة بين الدعوة والعمل السياسي: أما عن التوجهات والمسلمات الفكرية لدى د. آمنة فيتقدمها إيمانها العميق بعمل المرأة في مجال الدعوة، على أن تتمتع في إطار ذلك بالعديد من المقومات، من أهمها أن تكون على بصيرة بما تدعو إليه، وأن تكون على دراية تامة ووعي بعلوم القرآن الكريم، والسيرة النبوية، وأن تكون قدوة لغيرها من المسلمات من خلال تحليها بالأخلاق الإسلامية وأدبها. وتمشيا مع الدور السياسي للمرأة في العهد النبوي والذي تم بلورته في بيعة النساء لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة، والتي تعد وثيقة للحقوق السياسية للمرأة في الإسلام، ودستورا عقديا على مستوى رفيع من الممارسة الفعلية، إضافة إلى بيعة العقبة الثانية وقيام أصحابها من أهل يثرب بحماية النبي صلى الله عليه وسلم، وقيام المرأة بدورها في هذه البيعة في البناء السياسي للدولة الإسلامية قولا وفعلا، دافعت د.آمنة عن الحقوق السياسية للمرأة مشاركة وممارسة، ونادت بضرورة إعطائها حقوقها في ذلك المجال لتساهم بقوة في عملية التنمية، وهذا ما تجلى بصورة فكرية في مؤلفها "المرأة الإسلامية بين عدل التشريع وسوء التطبيق". علاوة على ذلك كان إبراز الطابع العالمي والوجه الإنساني للإسلام من أجل الاهتمامات الفكرية والأدبية للدكتورة آمنة نصير، وذلك مع بيانها لقضية الحدود في الإسلام، والعولمة خاصة في شقها الثقافي، وإشارتها لموقف الإسلام من قضايا البيئة وقضايا الفقر، والرحم البديل، والطب المساعد، وتصديها لقضية إقامة حد القذف على الصحافيين، وقضية إثبات نسب الطفل، وفتاوى الفضائيات... الخ. إضافة إلى ذلك كان لها الفضل في تصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة إزاء صورة المرأة في الإسلام، وهي تعد كذلك مرجعا متميزا في المدرسة السلفية وفقهاء الحنابلة في العصر القديم.