'مصر لا تركع أبدًا'.. تلك هي حكمة التاريخ الممتد لسبعة آلاف عام، ولكن منذ متي والخونة والمتآمرون يدركون تلك الحكمة؟!. الحدث كان جللأً: سقوط طائرة مدنية روسية فوق سيناء، خبر نسمعه كثيرًا عن سقوط طائرة هنا أو هناك، ولكن لأن الحادثة علي أرض 'مصرية' والطائرة 'روسية'، كانت 'الزوبعة' التي كشفت عن المؤامرة علي مصر 30 يونية، وهو ما أعاد إلي الأذهان العدوان الثلاثي الغاشم 1956م، ومن هنا كانت حادثة سيناء 'عدوانا ثلاثيا جديدا'!!. والتشابه بين العدوانين يبدأ من التاريخ 'الشهر نفسه'، ففي 29 أكتوبر 56، بدأ العدوان الثلاثي بدخول إسرائيل سيناء ثم عمليات إنزال جوي للقوات الإنجليزية والفرنسية بالقناة. وفي 31 أكتوبر 2015م، وقعت حادثة الطائرة. في الحالتين، هناك طرفان رئيسان: مصر 'ومعها روسيا' في جانب، والغرب 'ومعه إسرائيل' في الجانب الآخر. '1' في 56: مصر كانت الطرف المعتدي عليه والذي قاوم ببسالة بزعامة خالد الذكر جمال عبد الناصر، ومعها روسيا 'الاتحاد السوفيتي السابق' والتي هددت صراحةً بقصف لندن وباريس بالأسلحة الذرية إذا لم يوقفا العدوان. أما الغرب فهناك فرنسا وإنجلترا 'وإسرائيل'، أما الولاياتالمتحدة فادّعت أنها ضد العدوان مطالبةً بوقفه 'رسميًا'، ولكنها غضبت من عدم معرفتها بالأمر أولًا، فهي لم تكن تمانع بسبب كرهها ل'ناصر'!!. وأسباب العدوان تتلخص في معاقبة مصر علي تأميمها لقناة السويس، ودعمها لثورة الجزائر ضد فرنسا، ورفضها سياسة الأحلاف، وإبرامها صفقة الأسلحة التشيكية، فضلًا عن اعترافها بجمهورية الصين الشعبية. '2' في 2015: تحركت انجلترا بحماسة المتآمر لاستباق نتيجة تحقيقات الجانبين المصري والروسي الخاصة بالطائرة المنكوبة، مدعيةً وجود عمل إرهابي، وثنت أمريكا بدعم تلك الفرضية، وإسرائيل بالطبع ليست بعيدة عن المشهد حيث تردد أن أحد أقمارها الصناعية رصد مكالمات بين إرهابيين- لم تسمهم–حول الطائرة!!. أما فرنسا فموقفها غامض، وإن كان أقرب إلي حلفائها الغربيين. وهنا تبادلت أمريكا وإسرائيل موقف 'المراقب' أو مدعيّ الحياد.. أمريكا 56: مراقب، و2015: مشارك.. وإسرائيل 2015: مراقب، و56: مشارك!!. وأسباب العدوان الجديد هي: معاقبة مصر 30 يونية علي إجهاضها للمشروع الأمريكي بتقسيم العالم العربي إلي كانتونات طائفية ومذهبية باستخدام 'الإسلام السياسي'.. الإخوان وأشباههم من الدواعش.. ومعاقبة روسيا علي تدخلها القوي في سوريا، فضلًا عن دعمها لمصر ولرئيسها عبد الفتاح السيسي. والمحصلة: مصر عبد الناصر خرجت أقوي من عدوان 56، وستخرج أقوي كذلك من 'العدوان الثلاثي الجديد'.