إن مصر وعلي مدار تاريخها الطويل الممتد عبر العصور تعاقب عليها الكثير والكثير من الحكام والسلاطين الذين تولوا مقاليد الحكم فيها منذ زمن الفراعنة حتي الآن، ولكن قليلا من هؤلاء الحكام هم من سطروا أسماءهم بحروف من نور في سجلات هذا البلد العريق. ومنذ عصور الفراعنة العظام وما تركوه لنا من كنوز وآثار تدل علي عظمة حضارتهم الخالدة التي تعلم منها العالم ونهل من بحور علمها وأسس حضارته من خلال ما تعلمه من الحضارة المصرية القديمة، لا تزال مصر تعلم العالم من جديد دروسًا في التحدي والصمود وفعل المعجزات. تذكرت هذا التاريخ العظيم لهذا البلد العريق ومن حكموه من عظماء وما تركوه لنا من آثار وكنوز دلت علي عظمتهم وأنا أشاهد هذا الصرح العظيم 'قناة السويس الجديدة' هذه المعجزة التي حفرها المصريون بأيديهم كما فعلها أجدادهم من قبل وفي زمن قياسي لم يكن أكثر المتفائلين يصدق أن يتم في هذا الوقت القصير بالنسبة لضخامة المشروع وأن يتم بسواعد مصرية مائة في المائة وبتخطيط مصري وتمويل مصري. إن روح التحدي التي تم بها إنجاز هذا المشروع العملاق فاقت كل التصورات وأدهشت العالم الذي بات في حيرة من أمر هذا الشعب الذي كلما زادت معاناته أبدع وصنع مجدًا جديًدا يضاف إلي أمجاده السابقة، وبرغم ما يعانيه من مشقة في العيش والحياة ومواجهة إرهاب خسيس يريد أن يوقف مسيرته نحو التقدم ومع ذلك يتحدي الصعاب ويبدع في كل المجالات ويعلم العالم كيف يكون الصمود والتحدي وصناعة التاريخ. إن ما صنعه هذا الشعب العظيم من معجزة تضاف إلي معجزاته السابقة وتحت قيادة وطنية خالصة شجاعة تمثلت في الرئيس عبد الفتاح السيسي ذلك القائد العسكري المصري الجسور الذي كتب اسمه بحروف من نور في تاريخ هذا البلد وأثبت للعالم أجمع أن مصر لا تزال هي أم الدنيا وأن مصر التي تصدت بمفردها للمخططات الشيطانية التي أرادت النيل من المنطقة بأكملها واستطاعت مصر بشعبها العنيد الصبور المكافح ان تقف بالمرصاد لمحاولات السيطرة علي الوطن العربي وتقسيمه، ها هي تهدي للعالم قناة السويس الجديدة التي ستسهم في زيادة ونمو التجارة العالمية بين القارات وتيسر الرحلات البحرية للسفن العابرة، وبرغم ما تمر به من أزمات وحروب طاحنة علي الإرهاب ومن يموله فإنها استطاعت وبسواعد أبنائها المخلصين أن تحقق المستحيل وتتقدم للأمام. إن عظماء الأمة الذين صنعوا مجدها منذ العصور القديمة حتي عصرنا الحديث حين أنشأ الزعيم جمال عبد الناصر 'السد العالي' في جنوب مصر بمحافظة أسوان ذلك المشروع الذي كان فاتحة خير علي مصر وأهلها وليس هذا فقط، فقد ترك الزعيم جمال عبد الناصر سجلًا خالدًا من الإنجازات التي لن تمحي من ذاكرة التاريخ. إن السد العالي الذي قال عنه المؤرخون العالميون إنه من أكبر المشاريع العملاقة في القرن العشرين، فقد بدأ العمل فيه عام 1960 وكانت مصر في ذلك الوقت تمر بمرحلة في غاية الصعوبة. فالبلاد في مرحلة تكوين مؤسساتها بعد عصور ملكية وحروب نهكت الأمة ولكن الإرادة القوية لهذا الشعب العريق وزعيمه أبت إلا أن تبدأ في بناء هذا المشروع القومي العظيم رغم التحديات، وسيظل هذا الشعب بأبنائه الشرفاء يصنعون تاريخ وطنهم، وها هم الآن يصنعون صرحًا آخر بسواعدهم وبقائد جديد من أبناء هذا الوطن الشرفاء ليكمل مسيرة العطاء وصناعة التاريخ كما فعل أسلافه العظماء، ها هي قناة السويس الجديدة هذا الصرح الجديد الذي يبني في مصر التي برغم ما تواجهه من مؤامرات وصعوبات وعراقيل فإنها ماضية نحو التقدم لتصنع حضارة جديدة يفتخر بها أبناء هذا الوطن جيلًا بعد جيل.