يحفل مسلسل 'حارة'اليهود' للفنانة منة شلبي والفنان إياد نصار بحزمة من الأخطاء والمغالطات التاريخية التي ترقي إلي وصفها بالجرائم التاريخية، حيث لم تكن في حاجة إلي متخصصين لاكتشافها ، وربما اكتشفها المشاهد العادي منذ الحلقة الأولي من العمل. وبغض النظر عن التلاسن والأخذ والرد بين السفارة الإسرائيلية بالقاهرة وصناع العمل، حيث أشادت السفارة بالعمل في البداية واعتبرته أول مسلسل مصري يقدم اليهودي كبشر 'من لحم ودم'، قبل أن تنقلب عليه في الحلقات التالية وتتهمه بالتحريض العلني والمباشر ضد إسرائيل، فإن المسلسل وقع في العديد من الأخطاء التاريخية التي لا يمكن تبريرها علي الإطلاق. وجاء الخطأ التاريخي الأول في أول مشهد للعمل بغارة إسرائيلية علي القاهرة خلال حرب 1948 علما بأن تلك الحرب لم تشهد أي غارات جوية علي القاهرة، باستثناء غارة واحدة حلقت فوق قصر عابدين، ولم تكن غارات متلاحقة كما بدا من حديث أبطال العمل، وحمل المشهد نفسه خطأ آخر حيث هرع سكان 'حارة اليهود' إلي المعبد اليهودي للاختباء من الغارة، وهي خطوة غريبة وغير مفهومة من صناع العمل سوي محاولتهم التأكيد علي فكرة التناغم بين الطوائف المصرية بغض النظر عن الديانة. فمن المعروف علي نطاق واسع أن أماكن الاختباء خلال الغارات الجوية هي أماكن تحت الأرض وليس معابد مبنية فوق الأرض، كما أن دور العبادة بشكل عام لم تكن ملجأ للهروب من الغارات الجوية. الخطأ التاريخي الثاني، والذي لا يزال مستمرا ضمن أحداث المسلسل، أن الفنانة هالة صدقي تجسد دور قوادة وصاحبة بيت دعارة مرخص، علي الرغم من أن الحكومة المصرية كانت قد ألغت تراخيص بيوت الدعارة بالكامل العام 1945، وجرمت الدعارة، وبالتالي أصبح دور هالة صدقي وبيت دعارتها لا معني له علي الإطلاق سوي مزيد من الإثارة علي الأحداث. المغالطة التاريخية الثالثة أن المسلسل عرض للضباط الإنجليز منتشرين في بيوت الدعارة بالقاهرة ويقبعون في أقسام الشرطة كذلك، علما بأن الإنجليز لم يكن لهم هذا التواجد في القاهرة بعد معاهدة 1936، وكان وجودهم قاصرا علي قناة السويس ومدن القناة إلي جانب الإسكندرية. كذلك حمل المسلسل، الذي كتبه مدحت العدل وأخرجه محمد العدل، مغالطة واضحة حيث أظهر سكان حارة اليهود وكأنهم طبقة متوسطة، رغم أنهم في الحقيقة كانوا يعيشون تحت خط الفقر، ولم تكن منازلهم بهذا الاتساع، ولم يكن بمقدورهم شراء هذا الأثاث ولا هذه الملابس التي تساير آخر صيحات الموضة، كما أنهم لم يكونوا تجارا للقماش أو الصاغة، كما جاء في العمل، بل أغلبهم كانوا عمال وحرفيين.