قالت صحيفة 'كريستيان ساينس مونيتور' الأمريكية إن الهجوم الذي شنته حركة الشباب الصومالية علي جامعة 'جاريسا' في أبريل الماضي، يكشف مدي اختراق الحركة الإرهابية لأراضي كينيا التي تشارك بدورها في قوات الاتحاد الأفريقي بالصومال 'أميصوم'. ورصدت الصحيفة - في تقرير علي موقعها الإلكتروني - ما أثاره الهجوم من جدل في كينيا عن مدي الحكمة من وراء مشاركة بلادهم في تلك القوات، في ظل ارتفاع وتيرة الهجمات الإرهابية علي الأراضي الكينية. ولفتت 'مونيتور' إلي أن أهداف 'أميصوم' تتركز في استعادة الأرض من قبضة حركة الشباب، وفي المقابل تعزيز السلطات في قبضة حكومة مركزية بمقديشيو مدعومة من الغرب. غير أن كينيا لها مأرب آخر في الصومال: هو تأمين الأراضي الكينية بعد سلسلة من الاختراقات التي تبنتها الحركة الصومالية لأراضيها ونفذت عمليات اختطاف لعمال إغاثة وسائحين. وعادت الصحيفة بالأذهان إلي ما قبل أربع سنوات، عندما اجتاحت كينيا الأراضي الصومالية في عملية وصفتها بأنها تأمينية للوطن، بعد ذلك بأشهر، أسهمت كينيا بنحو 700ر4 عسكري في قوة ال أميصوم البالغ تعدادها 22 ألفا. ونوهت 'مونيتور' عما دفعته كينيا من ثمن باهظ لقاء هذا الانضمام وذاك الاجتياح، تمثل في هجمات انتقامية شنتها حركة الشباب علي سوق تجاري في العاصمة نيروبي عام 2013 وهجوم جامعة جاريسا، مرورا بعدد وافر من عمليات قتل الكينيين في الحافلات والمدارس والمناجم. ورصدت إلقاء بعض النقاد بلائمة هذا الهجوم المضاد، علي الحكومة الكينية التي دقت طبول حرب لا تستطيع حسمها لصالحها، ونبهت الصحيفة إلي أن استعانة 'أميصوم' بقوات دول مجاورة في عملياتها القتالية بدءا من عام 2011 جاء مخالفا للتقليد المتبع دوليا في عمليات حفظ السلام : وهو الاستعانة دائما بقوات من دول بعيدة غير مجاورة، كالاستعانة بقوات من الفلبين للقيام بعمليات حفظ سلام في لبنان، أو الاستعانة بقوات من باكستان للقيام بعمليات حفظ سلام في الكونغو علي سبيل المثال. وأوضحت أن مخالفة 'أميصوم' لهذا التقليد جاءت انطلاقا من حرص الحكومات علي مصالحها المتمثلة في تحقيق الاستقرار بدول الجوار، غير أن التجارب المتعلقة بمحاربة الجماعات الإرهابية كحركة الشباب في الصومال أو تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي أو جماعة بوكو حرام في غرب أفريقيا، أثبتت أن استعانة قوات حفظ السلام بعناصر مقاتلة من دول مجاورة -خصوصا تلك التي لا تتمتع بقوات حرس حدودية قوية- يمكن أن يؤدي إلي اتساع رقعة الحرب إلي تلك الدول. ولكن حجم التهديدات والعمليات التي شنتها حركة الشباب مؤخرا ضد كينيا تجعل من الصعب علي الأخيرة أن تظل مكتوفة الأيدي، ورصدت 'مونيتور' 63 هجوما شنتها حركة الشباب الصومالية ضد كينيا منذ عام 2013 فقط. ورصدت كذلك تحول الرأي العام الكيني جراء التدخل في الصومال من التردد عام 2011 إلي الضغط المتزايد الآن علي الحكومة في نيروبي للتدخل والمشاركة في الأميصوم، لا سيما وأن أهداف الأخيرة لم تتحقق بالدرجة المطلوبة، أما هدف كينيا المتمثل في حماية الوطن فلا يزال بعيد المنال في ظل تراجع حركة السياحة في البلاد وانخفاض قيمة العملة واستمرار تطبيق حظر التجوال في الشمال الشرقي وأحيانا في منطقة الساحل.