بالرغم من أن هجوم حركة الشباب الصومالية على جامعة جاريسا لم يكن الحادث الإرهابى الأول من نوعه الذى تشهده كينيا إلا أنه أشعل الانتقادات لحكومة الرئيس الكينى يوهورو كيناتا بشأن ضعف الإجراءات الأمنية وفشل سلطات البلاد فى منع وقوع الحادث، خاصة أن دول أجنبية، من بينها بريطانيا وأستراليا وكندا، كانت قد حذرت كينيا قبلها بأيام من هجوم وشيك. ومنذ انضمامها فى أكتوبر 2011 للقوة الأفريقية التى تقاتل حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة فى الصومال، والتى تسعى لإقامة دولة إسلامية، أصبحت كينيا هدفا للهجمات الانتقامية، من بينها الهجوم الذى نفذته الحركة على مركز للتسوق بالعاصمة نيروبى فى سبتمبر 2013 وخلف نحو 67 قتيلًا. ويعتبر الهجوم على حرم جامعة جاريسا شمال شرق البلاد والذى أدى إلى مقتل نحو 150 شخصا، معظمهم من المسيحيين، الأكثر دموية فى كينيا منذ تفجير تنظيم القاعد للسفارة الأمريكية فى العاصمة نيروبى عام 1998 والذى أسفر عن مقتل أكثر من مائتى شخص. وكان أربعة مسلحين اقتحموا حرم جامعة جاريسا فجر الثانى من إبريل وشرعوا فى إطلاق النار بشكل عشوائى على الطلبة لقتلهم وقاموا باحتجاز بعضهم رهائن خلال حصار دام يوما وانتهت المجزرة بموت المسلحين عندما انفجرت أحزمة ناسفة كانوا يرتدونها. وقالت حركة الشباب إن الهجوم كان انتقاما لعمليات القتل التى ترتكبها القوات الكينية ضدها داخل الصومال ولإساءة معاملة المسلمين فى كينيا. وتوعدت الحركة فى رسالة موجهة للشعب الكينى بشن «حرب طويلة ومرعبة» فى كينيا. وفى حين قال محللون أن استهداف المسيحيين هو تكتيك تقليدى لحركة الشباب يهدف إلى زيادة التوتر بين الأقلية المسلمة والأغلبية المسيحية فى كينيا مما يساعد على جذب الحركة للمزيد من المجندين، فإن الهجوم زاد من حدة الانتقادات لحكومة الرئيس يوهورو كيناتا بسبب عجزها عن كسر دوامة هجمات الحركة على الأراضى الكينية والتى أدت إلى سقوط أكثر من 600 قتيل منذ عام 2012 وعصفت بقطاع السياحة الكينى، وهو ما عبرت عنه معظم الصحف العالمية حيث نقلت صحيفة «الجارديان» البريطانية عن رشيد عبدى، محلل مستقل متخصص فى شئون القرن الافريقى، قوله إن قوات الأمن كان يجب عليها فعل ما هو أكثر من ذلك لضمان سلامة الطلاب، خاصة أنه كان واضحا أن هذه الجامعة هدفا ممكنا لحركة الشباب، واعتبر عبدى أنه من الإجرام عدم وجود إلا اثنين فقط من الحراس بالحرم الجامعى، قائلا إن الإخفاقات الاستخباراتية التى كشف عنها الهجوم لا يمكن أن تغتفر. وفى نفس السياق، ذكرت صحيفة «لوس انجلوس تايمز» الأمريكية أن الكثيرين فى كينيا يقولون إن السلطات كان يجب عليها بعد التحذيرات الاستخباراتية التى تلقتها أن تعزز الأمن على جامعة جاريسا التى تعد هدفًا واضحًا للإرهابيين، حيث تضم خليطا من الطلبة المسلمين والمسيحيين. وأضافت الصحيفة أن مجزرة جاريسا أكدت الإخفاقات المتواصلة لأجهزة الأمن الكينية من حيث قصور الاستخبارات والفساد المتفشى بين حرس الحدود الذى يسمح لمقاتلى حركة الشباب بعبور الحدود بسهولة والتحرك فى جميع أنحاء البلاد، واستمرار الانتهاكات والتجاوزات من قبل الشرطة بحق المسلمين، صوماليين أو الكينيين من أصول صومالية، وهو ما يدفعهم إلى الارتماء فى أحضان المتطرفين. كما نقلت الصحيفة عن الخبير بحركة الشباب ستيج جارلى هانسن قوله إن الشرطة الكينية فاسدة لدرجة أنه من السهل على أعضاء حركة الشباب المعتقلين رشوة الضباط للإفراج عنهم وأن الحدود يسهل اختراقها بسبب الفساد المتفشى بين قوات حرس الحدود. نفس المعنى أكدت عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، حيث قالت إن هناك استياء متزايدا من الحكومة الكينية ونقلت عن مواطنين كينيين قولهم إن القوات القليلة التى تحرس الحدود معروفة بالفساد حيث تسمح بمرور السلع المهربة واللاجئين غير الشرعيين وحمولات الأسلحة مقابل السعر المناسب. وعن مطالبة الحكومة الكينية لحلفائها الغربيين بمساعدتها فى بناء جدار هائل على الحدود، نقلت الصحيفة عن مختصين فى الشأن الصومالى إن هذا قد لا يكون حلا كافيا.