كشفت مصادر دبلوماسية وعسكرية عن تشكيل فرق عمل فنية لحسم الملفات العالقة في مشروع إنشاء القوة العربية المشتركة، قبل الجدول الزمني الذي حددته القمة العربية نهاية مارس الماضي لتشكيل هذه القوة. وفيما جري التوافق حول العديد من النقاط لاسيما تشكيل ومهام القوات وطبيعة عملها وتحركها، شهد التوافق حول البروتوكول النهائي اعتراضات هامشية، لاسيما موقف قطر الرافض لأن تكون القاهرة مقرا لقيادة القوات المشتركة. لكن معلومات رجحت أن قيادة القوات المقترحة 'المجلس العسكري العربي'، ستكون في القاهرة، فيما تعتمد التشكيلات بالأساس علي القوات الخاصة والتدخل السريع في الدول الأعضاء، ويتم توزيع الأدوار علي الدول العربية المشاركة في تلك القوات بحيث تعتمد علي مشاركة عسكرية من الدول التي تمتلك جيوشاً ومعدات وتتلقي دعماً لوجيستياً من دول أخري. وتواصلت المناقشات التي شهدتها الجامعة العربية، السبت والأحد، بمشاركة رؤساء أركان جيوش الدول العربية من 21 دولة باستثناء سوريا نظرا لتجميد عضويتها بالجامعة العربية. وأكد رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق محمود حجازي، ضرورة الانتهاء من الترتيبات الخاصة بإنشاء القوة العربية المشتركة 'البروتوكول' قبل 29 يونيو القادم، وفقا للمهلة التي منحتها قمة شرم الشيخ لرؤساء الأركان، للانتهاء من ترتيبات إنشاء القوة العربية. وتضم القوة الجديدة قوات خاصة من الدول العربية مدعومة بقوات جوية، وتتلقي تدريبات مشتركة كل ثلاثة أشهر علي خطط سيتم وضعها لمواجهة التهديدات والمستجدات الاقليمية، إلي جانب مهام أخري منها عمليات حفظ السلام دون التدخل في الدول تعاني قضايا سياسية متشابكة. وفي جلسة مغلقة تم مناقشة عدة محاور أساسية لتشكيل القوة العربية المشتركة 'أهداف تشكيل القوة، ومهامها، وحجم تشكيل القوة والوقت اللازم لها، وأماكن وجود القوة وتمركزها، والمعايير والضوابط الخاصة بالكفاءة القتالية والاستعداد القتالي ومنها التسليح والتدريب والإمداد الإداري، وتشكيل هيئة القيادة ومكان الوجود، وآلية اتخاذ القرار بشأن طلب الاستعانة بالقوة، وأسلوب وآلية القيادة واتخاذ القرارات الميدانية، ومصادر التمويل، والإطار القانوني اللازم لتشكيل وطلب إرسال واستخدام القوة'. واستعرض رؤساء الأركان العرب خلال مداولاتهم الأوضاع الراهنة وما تفرضه من تحديات خطيرة علي الأمن القومي العربي وخاصة المخاطر المترتبة علي العمليات التي تنفذها المنظمات الإرهابية والرامية إلي تهديد كيان الدولة الوطنية الحديثة وترويع المجتمعات العربية وتهديد الوحدة الوطنية وبث الفرقة والانقسام بين أبناء الأمة الواحدة. وأكدت المشاورات الجارية أن تشكيل القوة العربية المشتركة وتدخلها إذا ما اقتضت الحاجة سيكون بناء علي طلب من الدول المعنية بما لا يمثل أي انتقاص من سيادتها واستقلالها اتساقاً مع أحكام ميثاقي الأممالمتحدة والجامعة العربية وفي إطار من الاحترام الكامل لقواعد القانون الدولي. ونبه رؤساء الأركان العرب إلي أن القوة العربية المشتركة ليست موجهة ضد أي دولة ولا تمثل محوراً أو تحالفاً أو تهديداً لأحد، وإنما تهدف إلي محاربة الإرهاب وحماية الأمن القومي العربي. وأقرت القمة العربية 'في دورتها ال26' بشرم الشيخ، نهاية مارس الماضي، إنشاء قوة عربية مشتركة لصيانة الأمن القومي. ونص قرار القادة علي 'أن هذه القوة تضطلع بمهام التدخل العسكري السريع وما تكلف به من مهام أخري لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أي من الدول الأعضاء وسيادتها الوطنية وتشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي بما فيها تهديدات التنظيمات الإرهابية بناء علي طلب من الدولة المعنية'. وتحدث القرار عن خطوات واضحة ومحددة، في عملية إنشاء القوة العسكرية العربية، بمشاركة اختيارية من الدول الاعضاء في مجلس الجامعة، وتم تكليف الأمين العام بالتنسيق مع رئاسة القمة 'مصر'، بدعوة فريق رفيع المستوي تحت إشراف رؤساء أركان القوات المسلحة بالدول الأعضاء للاجتماع لحسم هذا الملف. ويستند هذا القرار إلي المادة الثانية من ميثاق جامعة الدول العربية والمواد ذات الصلة من معاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي وملحقها وقرارات مجلس الجامعة علي مستوي القمة وإعلاناتها بشأن المحافظة علي السلام والأمن بين الدول الأعضاء وصيانة الأمن القومي العربي. وتم اللجوء إلي فكرة القوة العسكرية المشتركة في ظل فشل معاهدة الدفاع العربي المشترك 'بشكلها الحالي'، في مواجهة الأخطار التي توجه الدول الأعضاء.