أكدت دراسة لمركز البحرين للدراسات والإعلام، أن سيناريوهات الأزمة اليمنية، وعملية 'عاصفة الحزم'، التي تجاوزت يومها العاشر، معقدة إلي حد كبير، لدرجة إمكانية القول بأنها قد تفرز نظاما إقليميا جديد في المنطقة، يزيل كل رواسب التغريب والعولمة التي منيت بها المنطقة العربية منذ عقود طويلة، حيث تتشابك أطراف عدة، تكاد تجمع كل أقطاب قوي العالم، من الولاياتالمتحدة إلي روسياوإيران وخمس دول خليجية بالإضافة إلي الشقيقة الكبري مصر، الأمر الذي يجعل المواجهة مباشرة وتتمثل في خيارات صعبة ما بين حلفاء الأمس ورفقاء اليوم أو الاعتماد علي النفس فقط. وأضافت الدراسة أن هذه الحرب، بسبب أهميتها وخطورة نتائجها، تمثل حرب الخليج الثالثة، حيث تصطف دول الخليج بالطريقة نفسها التي فعلتها في حرب الخليج الثانية عندما غزت قوات صدام حسين الكويت فكان لزاما التدخل لإنقاذ دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي من ناحية، ومن ناحية أخري عضو في الجامعة العربية، لكن ما يميز الاصطفاف هذه المرة، هو ذاتية التحرك، وليس من خلال الولاياتالمتحدةالامريكية، التي رغم مباركتها للحرب لكنها لا تزال تضمر أشياء أخري يفضحها التقدم الأخير في المفاوضات النووية 'اتفاق الإطار' الذي وقعته مع إيران قبل أيام، وهي نقطة تتداخل هي الأخري مع الأزمة اليمنية ولا تنفصل عنها. خطورة الأزمة اليمنية ليس في دائرتها الإقليمية فقط، بل لأنها أصبحت تمثل اختبارا حقيقيا للحلفاء والأعداء علي مستوي دولي وليس إقليمي، فجميع دول المنطقة الخليجية والعربية تبارك العملية وتقف خلف المملكة العربية السعودية، وبجوارها تقف أمريكا، في المقابل تقف إيران بأذرعها في المنطقة وبجوارها روسيا ضد الحرب، والازمة أن حالة الاصطفاف المضادة هذه تأتي في ظرف التحولات السياسية في المنطقة إذ كانت الولاياتالمتحدة ترحل عن العديد من الدول العربية تاركة مكانها للدب الروسي، الذي كان أكثر قربا ومساندة لخيارات دول الخليج تجاه الأزمة المصرية، بينما كانت الولاياتالمتحدة تقف في خندق الإرهابيين والتنظيم الدولي للإخوان ولم ترضخ لخيارات الشعب المصري إلا بعد أن أرغمتها الظروف وكفاءة الرئيس السيسي، الذي لاقي كل دعم من أشقائه الخليجيين. وثمة وجه آخر للأزمة وهو اتفاق الإطار النووي الذي وقعته إيران مع مجموعة '5+1'. ففي حين تبارك الولاياتالمتحدة العملية ضد الحوثيين حلفاء إيران تمد يدها الاخري لتصافح الأخيرة في تعقيد أكثر للأزمة يزيدها غموضا حول الحليف القديم الداعم للعملية العسكرية؟ المبادرة النهائية وكلمة الفصل ستكون لدول الخليج ومصر، فجميع الأوراق الأخري سواء الولاياتالمتحدة أو روسيا مجرد عوامل مساعدة لكن العملية بكافة مخاطرها تتحملها دول الخليج ومصر، لذا فهي من يدير التحولات السياسية في المنطقة هذه المرة، وهي من ستحكم النظام الإقليمي الجديد، لكنه هذه المرة سيكون فريدا من نوعه لا يحتمل الوصاية من أحد، فهي لم تستأذن أي أحد في عمليتها ضد الحوثيين لحماية أمنها القومي، ما يعني عدم ارتباط أي نجاح في اليمن بواشنطن، أيضا روسيا لن تغامر بعلاقاتها مع مصر ودول الخليج فدورها لن يتعدي محاولة دفع الأزمة إلي مسار سياسي بدلا من عسكري، وهو أمر أيضا يتوقف علي دول الخليج، التي سيكون من حقها للمرة الأولي فرض إرادتها علي المنطقة بعد إنهاء الأزمة اليمنية بطريقة تحقق الاستقرار للمنطقة، وهو الامر الذي سيرسم أولي خطوط النظام الإقليمي الجديد العربي المحافظ علي استقلالية قراره بعيدا عن الشرق والغرب. إذن فهي حرب العروبة، وحرب الدفاع عن السنة، وحرب الكرامة واسترداد استقلالية القرار العربي أمام جميع أقطاب العالم، وهي الحرب التي ستعيد التوازن للمنطقة العربية أمام المزايدات الأمريكيةالإيرانية علي الدول العربية، فحسمها حسم لعديد من القضايا العربية في آن واحد، لاسيما في العراقوالبحرين ولبنان وسوريا، وهي الدول التي تعبث إيران منذ زمن بأمنها القومي من خلال عصابات وجماعات تخريبية ممثلة في الوفاق وحزب الله والعلويين والشيعة الاثني عشرية، لكن آن الآوان لوأدها بعد حرب الخليج الثالثة.