قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في خطبة الوداع: 'لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوي'. وقال النبي صلي الله عليه وسلم: ' أَحِبُّوا الْعَرَبَ لِثَلاثٍ : لأَنِّي عَرَبِيٌّ، وَالْقُرْآن عَرَبِيٌّ، وَكَلام أَهْلِ الْجَنَّةِ عَرَبِيٌّ '. 'البخاري في التاريخ الكبير' و'الطبراني في معجميه الكبير والأوسط'. وقال أبو الريحان البيروني: 'لئن أُهجَي بالعربية خيرٌ مِن أنْ أُمدَحَ بالفارسية'. وقال الزمخشري في كتابه'المُفَصَّل في علم العربية': 'اللهَ أحمدُ علي أن جعلني من علماء العربية، وجبلني علي الغضب للعرب والعصبية، وأبي لي أن أنفرد عن صميم أنصارهم وأنماز، وأنضوي إلي لفيف الشعوبية وأنحاز، وعصمني من مذهبهم الذي لم يُجْدِ عليهم إلا الرشقَ بألسنةِ اللاعنينَ، والمَشْقَ بأسِنَّة الطاعنين'. فلماذا دالت دولة اللغة العربية، وغربتْ شمسها في طهران واستانبول؟! ولماذا تنعي العربية حظها العاثر داخل إيرانوتركيا في هذه الآونة؟! ولماذا يضطهد خامنئي وأردوغان الفصحي إلي هذا الحد غير المبرر علي الإطلاق؟! * * * يقول العلاّمة الدكتور/ حسين مجيب المصري-عميد الآداب الشرقية- في كتابه المخطوط 'تذكار الصبا': 'ما يُحزنني، هو احتقار الفرس والترك للسان العربي علي مر العصور، ففي كل عصر، كانت العربية تنحدر أكثر وأكثر إلي أسفل لدي الفرس والترك، ولا يُقبل عليها الحُكّام، ولا العوام، حتي رأيناها في العصر الحديث، يتيمة الأبوين في طهران، واستانبول، وضيعة المكانة في البلاط الخُميني، والخامنئي، وفي القصر العثماني الأتاتوركي'! وأزيد، فأقول: إنها باتت منبوذةً، مُحتقَرةً علي يد أردوغان وخامنئي أكثر من ذي قبل! فاليوم، فلا الملالي، ولا السلاطين يعترفون باللغة العربية، أو العروبة! ولكنها شعوبية بغيضة، تمتهن كل ما يمت للجنس العربي بأية صلة من قريبٍ أو بعيد! * * * فلاش باك والعجيب أنَّ اللغة الفارسية احتوت علي كثيرٍ من الألفاظ العربية، فمن الباحثين من أحصي عدد المفردات العربية في بعض نصوص كُتُب التراث الفارسي، فقال: 'إن في الصفحة الأولي من 'تاريخ البيهقي' استخدم الكاتب مئةً وخمساً من الكلمات العربية، من مئتين وستة وخمسين كلمة فارسية في الصفحة الواحدة'. ويري الدكتور/ محمد نور عبد المنعم في كتابه 'اللغة الفارسية' :أن مؤلف كتاب 'قابوسنامه' أورد: ثماني عشرة كلمة عربية، من مئة وعشرين كلمة فارسية. ومنهم من أحصي اثنين وأربعين كلمة عربية في نص واحد، في إحدي خُطب شاه إيران من مئة وعشرين كلمة فارسية. ويؤكد العلامة/ حسين مجيب المصري أن كثرة الألفاظ العربية في الفارسية شيءٌ مُلاحَظٌ في النصوص القديمة والحديثة علي حد سواء. إن هذه الكثرة تتفاوت، كما أن هذه الألفاظ منها ما دلَّ علي معني جديد، لم يكن في العربية، أو منها ما استُخدِم بمعناه في العربية. وفي الإمكان متابعة هذه الألفاظ العربية في تزايدها في الفارسية علي امتداد القرون'. ويقول الباحث الإيراني/ يوسف عزيزي: 'ازدهرت اللغة الفارسية وترعرعت في أحضان الأبجدية العربية بعد الفتح الإسلامي لإيران. وقدمت شعراء ومتصوفين ومفكرين عظاماً، خلافاً لِما قبل الإسلام حيث، لم تقدم اللغة البهلوية، وهي لغة البلاط عند الأكاسرة.. أيَّ اسمٍ بارز في مختلف مجالات المعرفة، ويبدو أن اللغة الفارسية استعارت من اللغة العربية الكثير من تراكيبها ومفراداتها، فنتيجة لتمازج الثقافتين الفارسية والعربية، الذي أنتج عندنا شعراء ومفكرين وأدباء كباراً، مثل حافظ الشيرازي، وسعدي الشيرازي، وناصر خسرو البلخي، وفي مجال الفلسفة الملا صدرا، وابن سينا، والفارابي، والغزالي'. * * * مجد العرب وعزهم سقي الله أياماً، كنا فيها سادة الدنيا، فهابتنا الروم، وخشينا الفرس، وتزلَّف إلينا عجم الأرض! ورحم الله أعلاماً من العرب، وغير العرب، ملأوا الحياة نخوة، وشهامة، وأريحية، وأخلاقاً، اعترفت بها، حتي سباع البرية! ورجَّع الله أزماناً، كانت للعرب دولة عظيمة، فلم ينسوا اعتزازهم بعنصرهم، وبدولتهم الشامخة، حتي إنَّ بعض أمراء العرب ترفَّع عن مصاهرة كسري! فلمّا سُئِل عن ذلك باستغرابٍ، أجاب: 'أليس له في بقر فارس، وغيرها ما يُغنيه؟'. وأحيا الله أوقاتاً، كان فيها العرب يرفلون في الحضارة، وكان رعاع الفرس، وهمج الترك، لا يعرفون إلّا عبادة النار، والعيش في البراري! العصبية ضد العرب! الباحث التركي/ سيزر قال عن ظاهرة تدني حال اللغة العربية، وتدهورها في تركيا اليوم لدي الساسة والنخبة معاً: 'إن القليل من الأتراك هم من يتكلمون لغات أجنبية، ، وهذا وضع غير طبيعي، لأننا اليوم في عصر العولمة، والانفتاح، وكسر الحواجز، والحدود'! لكن الأغرب في نظره أن رئيس الوزراء التركي/ رجب طيب أردوغان.. هو نفسه لا يتكلم أي لغة أجنبية، ولا يعرف العربية! فأردوغان يميني متطرف، بالنسبة لوضع اللغة العربية في بلاده، فهو يماثل أتاتورك في احتقاره للفصحي، ومحاولته القضاء عليها بأية وسيلة كانت! أولمبياد تركي! والأغرب، أن أردوغان أمر بإنشاء، ما يُسمّي بأولمبياد سنوي، لتعليم اللغة التركية في الدول العربية! أي غزو تركي للعربية في عقر دارها! بدلاً من إحياء مجد العربية الزائل في استانبول! فذات مرّة سأل الأديب/ خليفة التونسي أستاذه الكاتب العملاق/ عبّاس محمود العقاد قائلاً: لماذا لا تستعمل الشعوب الإسلامية لغة الضاد بدلاً من لهجاتها الفقيرة في معجمها، وبلاغتها، وتراكيبها؟! فابتسم العقاد، ومال برأسه، ثم نظر إلي السماء، وهو يقول: 'لقد قصَّر أهلها، وتغافل عن فضلها مسلمو تركيا، وإيران والهند، ونيجيريا، وأندونيسيا، وغيرها'! قمع العربية! ولذلك، علَّق الدكتور/ طه حسين علي ظاهرة قمع العربية في تركيا، وإيران، والهند، فقال: 'لقد تعجبتُ كثيراً، عندما رأيت هنوداً، وأتراكاً مسلمين، لا همَّ لهم إلا الدفاع عن لغاتهم، والإزراء من شأن اللغة العربية! ولمّا سألتهم متعجباً: وكيف تفهمون كلام الخالق العظيم في كتابه الكريم؟! أجابوا بزهو، وخيلاء: بلغاتنا المحلية'! فلا.. أرجع الله أوقاتاً، شاهدنا فيها علي خامنئي'الذي يعرف اللسان العربي' يستهين بالعرب والعربية، ويُفضِّل لسانه العنصري، علي خير لسانٍ طلعت عليه الشمس! وشاهدنا أردوغان يقمع كل أثر للفصحي في بلاده! ولا.. أنجع الله أرضاً تُعادي لغة القرآن الكريم! إذ كيف يزدري أردوغان اللغة العربية، ثمَّ يزعم، ويدَّعي، أنه مناصِرٌ للشعوب العربية؟! وكيف تفهم الشعوب الإسلامية غير العربية.. القرآن الكريم، وهي بمعزل عنه، صنعه خامنئي، وأردوغان، للحيلولة ضد القرآن، والعرب، واللغة العربية؟!