خلال زيارته للولايات المتحدةالأمريكية في الأسبوع الأول من ديسمبر 2012 اجتمع الدكتور عصام الحداد مستشار الرئيس المصري للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي في عهد 'الإخوان' مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ليطلب منه نصائحه للتحكم في جيش مصر.. وعاد الحداد إلي القاهرة لينتظر الخطة الأمريكية التي تضمن لجماعة 'الإخوان' السيطرة التامة علي القوات المسلحة، والتي كانت تعني في نفس الوقت ترحيباً من الإدارة الأمريكية بالهيمنة الإخوانية علي قوة عسكرية كبري في الشرق الأوسط!! وعاد عصام الحداد إلي مصر حاملاً البشري لمكتب الإرشاد الإخواني.. لكنه وجد مفاجأة أخري في انتظاره، واستقبله أحد أعضاء المجلس العسكري ليخبره بأن الفريق أول عبد الفتاح السيسي علي علم تام بما تم في اجتماعه مع أوباما.. وظلت هذه الفضيحة طي الكتمان إلي أن اعترف بها عصام الحداد في حوار تم بينه وبين محمد فهمي الصحفي بقناة الجزيرة الإنجليزية داخل سجن العقرب، وكان الحداد نزيلاً في السجن علي ذمة قضايا العنف والإرهاب المتهم فيها عدد كبير من قيادات 'الإخوان'.. أما فهمي فقد كان محبوساً علي ذمة القضية المعروفة إعلامياً ب 'خلية الماريوت'، وكان 'فهمي' مصدر ثقة الجماعة وقياداتها ورمز صمودها ونضالها الإعلامي ضد ما يسمونه ب'الإنقلاب'.. وخرج محمد فهمي من سجنه بقرار رئاسي، وأدلي بحديث لصحيفة 'المصري اليوم' نشرته في عدد الأربعاء 11 مارس 2015، وكان أهم مافيه هو تسريب اعترافات عضو مكتب الإرشاد السابق والقيادي الإخواني عصام الحداد!! ونقل فهمي عن عصام الحداد قوله : 'أنا طلبت من الرئيس الأمريكي معلومات ونصائح عن التحكم الديمقراطي في القوات المسلحة، ووعدني بإرسال ملف من البنتاجون فور وصولي إلي مصر' وأكد الحداد أن تلك كانت غلطة منه ندم عليها بعد ذلك، مشيراً إلي أنه بعد عودته إلي مصر، كشف لواء في المجلس العسكري الموضوع الذي دار بينه وبين أوباما حيث قال له اللواء 'بقي انت رايح لحد أمريكا وأوباما علشان تقوله عاوز نصيحة في التحكم في القوات المسلحة.. السيسي عرف بالموضوع، يا راجل عيب كده'!! ونزلت اعترافات الحداد كالصاعقة علي رأس التتنظيم الإخواني، وانطلقت كتائبه الإلكترونية لتقصف رأس محمد فهمي بوابل من الشتائم واللعنات، وقال 'الإخوان' إن فهمي كان مجرد 'مخبر في مهمة رسمية داخل السجون'، و'عميل لأجهزة الأمن المصرية داخل قناة الجزيرة في قطر ومصر'، وقال آخرون إنه 'باع الإخوان مقابل إطلاق سراحه'!! وبعيداً عن غارات السب والشتم.. بدأت عناصر 'الإخوان' في طرح العديد من التساؤلات حول المتهم بتسريب محضر اجتماع أوباما- الحداد إلي السيسي، وانتهي بعضهم إلي اتهام المهندس خالد القزاز سكرتير رئيس الجمهورية للشئون الخارجية في عهد 'الإخوان'.. وكان دليل ظنونهم أنه كان مرافقاً للحداد في رحلته إلي الولاياتالمتحدة، وهو كاتم أسرار الحداد وخيرت الشاطر ومحمد مرسي، وهو الوحيد الذي لم يلحق بالقيادات الإخوانية في سجون وزارة الداخلية عقب عزل مرسي في الثالث من يوليو 2013، وقضي معظم فترات حبسه الاحتياطي داخل أحد المستشفيات الخاصة، وكان القزاز في مقدمة الموقعين علي 'إقرار التوبة' الذي يقر فيه الموقع علي مثل هذا الإقرار إنه يعترف بثورة الثلاثين من يونيو 2013.. هذا فضلاً عن تبعات أخري يراها 'الإخوان' كارثية.. وتم الإفراج عن خالد القزاز في يناير 2015 دون محاكمة رغم أنه من أخطر وأهم قيادات حزب 'الحرية والعدالة' داخل مؤسسة الرئاسة!! وقال 'الإخوان' إنهم لا يصدقون ما جاء في بيان النيابة العامة عن إطلاق سراح خالد القزاز لأسباب صحية.. لأن العشرات من قيادات 'الإخوان' يعانون من أمراض أشد خطورة.. ويتم علاجهم في مستشفيات داخل السجون أو يتم نقلهم للعلاج خارج السجون في مستشفيات حكومية تحت حراسة مشددة!! واستقر في يقين بعض 'الإخوان' أن خالد القزاز نقل تسريبات أخري من داخل مكتب محمد مرسي في قصر الرئاسة، وقالوا إن وصول محتوي اجتماع أوباما مع عصام الحداد إلي السيسي يعني أنه أصبح – أيضاً - علي علم بمحتوي الاجتماع المهم الذي عقده عصام الحداد مع توم دونيلون مستشار الأمن القومي الأمريكي خلال زيارة الحداد للولايات المتحدة !! وأصبح 'الإخوان' أمام مصيبتين.. الأولي في الصحفي محمد فهمي رئيس قناة الجزيرة الإنجليزية بالقاهرة، والذي كان في قلب 'الإخوان' قبل القبض عليه في قضية 'خلية الماريوت' ثم انتقل إلي عقل التنظيم الإخواني داخل السجون، واستمع وانصت وتابع وراقب وأجري العديد من الحوارات.. ليس مع عصام الحداد وحده فقط.. ولكن مع محمد بديع وآخرين من أعضاء مكتب الإرشاد الذين عاشوا وتعايشوا معه داخل سجن العقرب.. وقال أحد 'الإخوان' في تعليق له علي اعترافات الحداد التي نشرها محمد فهمي: 'هذا ما نقله محمد فهمي للصحف.. فما بالكم بالمعلومات التي وصلت من فهمي إلي أجهزة الأمن؟!!!' واختلط الحابل بالنابل داخل التنظيم الإخواني، وأصبحوا لا يفرقون بين من يسمونه بالعدو الذي يرتدي قناع الحبيب، وبين الحبيب الذي انقلب علي الجماعة وأصبح معولاً لتدميرها من الداخل أو قائداً يقود التنظيم إلي الهاوية!!