نالت زيارة الرئيس السيسي لفرنسا تقدير كبير لمسناه هنا في عيون الشعب الفرنسي، كما رأيناه في إشادة الصحف والإعلام الفرنسي وكبار الكتاب والسياسيين والعسكريين ورموز الأحزاب الفرنسية وتصريحاتهم القوية التي أشادت بأهمية وقوة تلك الزيارة التي وفق الرئيس السيسي في اختيار توقيتها والترتيب لها لحد كبير وهي التي تأتي في لحظة عصيبة تتعرض فيها الدول بالعالم لخطر وآثار الإرهاب الذي لا يفرق بين دين ولون وهو ما حذر منه الرئيس حتي قبل استلامه لمنصب الرئاسة، إن الرئيس السيسي استطاع بحكمته وصدقه ونبل مطالبه بل و بمكانيزم شخصيته القيادية القوية أن يقنع الجانب الفرنسي المتمثل في شخصية الرئيس فرانسوا هولاند والحكومة والبرلمان ومجلس الشيوخ الفرنسي وأرباب العمل بخطورة الأوضاع والأحداث الملتهبة في منطقة الشرق الأوسط وشمال وغرب أفريقيا، بداية مما يحدث في العراقوسوريا وما يحدث في مصر في سيناء، بل وما يحدث في ليبيا ومحيطها وهي التي وبسبب إهمال الدول الكبري لما يحدث فيها تتهيأ لوجود تنظيم قوي علي غرار داعش سوف تتشكل من كثرة التنظيمات والميلشيات بها وعلي رأسها جماعة أنصار الشريعة، وبقايا القاعدة في المغرب العربي وبجوارها في الساحل الأفريقي بوكو حرام وتنظيمات مالي وهو ما يمكن أن يهدد دول جوار ليبيا ويهدد دول المتوسط وبالتالي فرنسا الأمر الذي يتطلب تعاون عسكري وأمني قوي مع مصر وفرنسا والجزائر بل تعاون وتحالف قوي علي غرار ما يحدث في سورياوالعراق لخطورة وتفاقم الأوضاع في تلك المنطقة قبل فوات الأوان، ولهذا استطاع الرئيس السيسي إقناع الجانب الفرنسي بالعمل مع مصر وتقديم العون والسند للمؤسسات الليبية الشرعية وعلي رأسها الجيش الوطني الليبي لمواجهة تلك التنظيمات لضمان وسلامة منطقة المتوسط ليأتي طلب السلاح من فرنسا ضرورة ملحة لمواجهة الإرهاب في سيناء الذي يواجه مصر من حدودها الغربية، لقد أعطي السيسي الأولوية في زيارته للقضايا العربية ومنها اهتمامه بالقضية الفلسطينية داخل بروتوكول الزيارة أيضا وعمل علي حث الجانب الفرنسي بالتعجيل في المساعدة لإقامة الدولة الفلسطينية باعتبار أنها سبب رئيسي لصراعات المنطقة وكذلك من أنها الحجة التي تعتمد عليها التنظيمات الإرهابية وظهورهم كأبطال يدافعون عن الدين وفلسطين، كما نقل الرئيس علي اليمن والسيطرة علي باب المندب وتمويل الصراع باليمن من صراع سياسي لصراع ديني علي غرار سورياوالعراق ولبنان، وأما عن المصالح والملفات المصرية فقد نجح الرئيس في نقل وتصحيح الصورة لواقع الأحداث في مصر بداية من ثورة يونيه وحتي الآن وما تفعله مصر وتتعرض له يوميا من خسائر في الأرواح بسبب العمليات الإرهابية من جانب تنظيم الإخوان الإرهابي حتي في لحظات زيارة الرئيس الأمر الذي لاقي تفهما من الجانب الفرنسي بدليل طلب الرئيس هولاند الرئيس السيسي مواصلة مصر جهودها نحو تحقيق الديمقراطية واستكمال خطة الطريق التي أثبت الرئيس دورها خلالها إيذانا بإجراء الانتخابات البرلمانية، وقد عمل الرئيس أيضا علي إقناع الجانب الفرنسي بأن السلاح المطلوب لمصر من فرنسا ضرورة أمنية ملحة لمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية الأمر الذي سيخلق تعاون مشترك بين الجانبين ولهذا احتوت الزيارة علي شق عسكري وعشاء عمل مع وزير الدفاع الفرنسي لاستكمال ما اتفق عليه أثناء زيارته للقاهرة في سبتمبر الماضي وتوضيح الرئيس السيسي كل الأسلحة البرية والبحرية والجوية المطلوبة لمصر التي تسعي إلي تنويع سلاحها من دول مختلفة إضافة إلي التأكيد علي العمليات البحرية العسكرية المشتركة بين الجانبين، وقد نجح الرئيس السيسي أيضا من خلال الوفد المصري المشارك معه بالزيارة علي تفعيل الجانب الاقتصادي والتجاري والسياحي عندما وضع في أجندة زيارته مقابلة أرباب العمل وممثلي الشركات الفرنسية حتي نجح في توقيع عقود شراكة هامة بملايين الدولارات مع الجانب الفرنسي في مجالات الطاقة ومشروع مترو الأنفاق ومشاريع مد الغاز في أماكن مختلفة، ورغم المشاريع الصغيرة والمتوسطة للنهوض باقتصاد مصر والمصريين، رفع حجم الاستثمارات الفرنسية في المرحلة المقبلة ومنها المشاركة في المشاريع الغذائية والزراعية ومساعدة مصر في مشاريعها العملاقة في استصلاح الأراضي ومنطقة محور قناة السويس والعمل علي تنشيط السياحة الأمر الذي لاقي تجاوبا كبيرا واعترافا قويا من الجانب الفرنسي ومن الرئيس هولاند بأهمية وتاريخ العلاقات والشراكة مع مصر وعن دورها الإقليمي والدولي مما شجع الرئيس السيسي علي طلب زيارة الرئيس هولاند لمصر العام المقبل لحظة افتتاح الخط الملاحي الجديد، وعودة الجانب الفرنسي أيضا للمؤتمر الاقتصادي في مارس المقبل، حتي يمكن القول بأن الزيارة حققت أهدافها وأن الرئيس يمضي بمصر والمصريين قدما وإضافة لأجواء وأصداء تلك الزيارة لا ننسي أن نشير إلي نتائجها المعنوية وتأثيرها الإيجابي علي الجالية المصرية هنا حتي شعروا بأهمية مصر وأهمية رئيسهم فخرجوا بحب وحفاوة وافتخار في الميادين الباريسية لاستقباله لأنهم يرونه أعاد الكرامة إليهم، ولا ننسي أيضا الدور والمجهود الجبار الذي بذلته السفارة المصرية ومكاتبها ومنها قيادات المكتب الحربي، وقيادات المكتب الثقافي والإعلامي والتجاري وغيرها ورجال الأعمال والمصريين الشرفاء، أما أسوأ ما في أصداء تلك الزيارة هو ظهور بعض الوجوه المحسوبة علي المصريين من النظام القديم ونقصد بهم هؤلاء الكذابون والمنافقون وأصحاب المصالح الذين ينجحون في التحايل للزج بأنفسهم وسط تلك المحافل للحصول علي المصالح والمناصب لاحقا، وهم هم الذين كانوا في عهد مبارك، بل وهم هم الذين سعوا ليكونوا مستشارين في عهد مرسي، وهم هم الآن الذين مازالوا يكذبون وينافقون رجال السلطة والوطن علي حساب المصريين الشرفاء وعلي حساب الأكثرية المخلصة الكادحة في فرنسا وكل دول العالم، ما نتمني من الرئيس وأصحاب القرار لاتخاذ وقفة مع هؤلاء المنافقون لأنهم بالفعل أشد خطر علي مصر والمصريين من الإخوان وصورهم معروفة لأنها علي الصحف والقنوات.