الدولار ب49.68 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 2-6-2025    تعاون مصري إسباني لتطوير محاصيل الأعلاف المبتكرة في الوادي الجديد    كشف هوية منفذ هجوم استهدف مؤيدين لإسرائيل في كولورادو الأمريكية    وزير التجارة الأمريكي: ترامب لن يمدد تعليق سريان الرسوم الجمركية    مصرع وإصابة 15 شخصا في حريق هائل بالمكسيك- صور    هزة أرضية تضرب الجيزة.. وبيان عاجل من الهلال الأحمر المصري    «هنقطع في هدومنا عشان زيزو!».. طارق يحيى يفتح النار على مجلس الزمالك    مصرع وإصابة 15 شخصا في حريق بمركز تأهيل مدمني المخدرات بالمكسيك (صور)    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الاثنين 2-6-2025    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    المتهم الثاني في قضية انفجار خط الغاز بالواحات: «اتخضينا وهربنا» (خاص)    الشروط والأوراق المطلوبة للتقديم للصف الأول الابتدائي 2025–2026    تامر عبد المنعم يعلن انفصاله عن زوجته رنا علي بعد زواج دام 6 سنوات    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    شريف عبد الفضيل: رحيل علي معلول طبيعي    أكرم توفيق: صفقة زيزو ستكون الأقوى إذا جاء بدوافع مختلفة.. وميسي "إنسان آلي"    "غير كده معتقدش".. أكرم توفيق يعلق على انضمام زيزو إلى الأهلي    بدء التقديم الكترونيًا بمرحلة رياض الأطفال للعام الدراسي 2025 - 2026 بالجيزة    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 2 يونيو 2025    زلزال بقوة 6 درجات بمقياس ريختر يضرب قرب جزيرة هوكايدو اليابانية    وزارة الحج بالسعودية توجه تحذير لحجاج بيت الله الحرام بشأن يوم عرفة    ضحايا فى هجوم على مركز تجارى بمدينة بولدر بولاية كولورادو    تجهيز 463 ساحة لصلاة العيد بجميع مراكز ومدن محافظة الغربية    4 إصابات في تصادم دراجة نارية بسيارة ربع نقل في الوادي الجديد    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الاثنين 2 يونيو 2025    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    هل يحرم قص الشعر والأظافر لمن سيضحي؟.. الأوقاف توضح    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    قد تسبب الوفاة.. تجنب تناول الماء المثلج    أستاذ تغذية: السلطة والخضروات "سلاح" وقائي لمواجهة أضرار اللحوم    أخبار × 24 ساعة.. إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص من 5 ل9 يونيو    محافظ كفر الشيخ: إنهاء مشكلة تراكم القمامة خلف المحكمة القديمة ببلطيم    المشدد 10 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعامل لاتهامه بالاتجار فى المخدرات بالمنيا    التحالف الوطنى يستعرض جهوده فى ملف التطوع ويناقش مقترح حوافز المتطوعين    أحمد زاهر: تعرضنا لضغط كبير ضد صن داونز وهذه البطولة تعب موسم كامل    يورتشيتش: بيراميدز أصبح كبير القارة والتتويج بدوري أبطال أفريقيا معجزة    توقعات برج الجوزاء لشهر يونيو 2025 رسائل تحذيرية وموعد انتهاء العاصفة    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    عماد الدين حسين: إسرائيل تستغل ورقة الأسرى لإطالة أمد الحرب    غلق مطلع محور حسب الله الكفراوى.. اعرف التحويلات المرورية    مين فين؟    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 2 يونيو 2025    ملك البحرين يستقبل وزير التنمية الاقتصادية لروسيا الاتحادية    هل صلاة العيد تسقط صلاة الجمعة؟ أمين الفتوى يكشف الحكم الشرعي (فيديو)    شروط التقديم لوظائف شركة مصر للطيران للخدمات الجوية    عدد أيام الإجازات الرسمية في شهر يونيو 2025.. تصل ل13 يوما (تفاصيل)    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    قبل العيد.. 7 خطوات لتنظيف الثلاجة بفعالية للحفاظ على الطعام والصحة    الأوقاف تحتفي باليوم العالمي للوالدين: دعوة لتعزيز ثقافة البر والإحسان    طريقة عمل العجة أسرع وجبة للفطار والعشاء واقتصادية    ختام امتحانات كلية العلوم بجامعة أسوان    وزير العمل يعلن موعد إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    هل يمكن إخراج المال بدلا من الذبح للأضحية؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدي رياض.. إلي اللقاء
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 17 - 09 - 2014

هل كان لابد أن يموت مجدي رياض ليكتشف الناس أنه كان مفكرًا وأديبًا وفنانًا وشاعرًا ومناضلا؟!! وهل كان لابد أن يتألم كل هذا الألم ليكتشف الذين حاصروه وحاولوا تحجيمه أنه كان صاحب فضل وريادة؟!!
نعم كان مجدي رياض صاحب فضل وريادة.. لدرجة أنني أطلقت عليه مبكرًا أيام الصبا لقب: 'المنقب الأول' علي وزن 'المعلم الأول' كما كان يسمي أرسطو...
فكلما تقابلنا في شارع المحطة أو شارع خوفو أو شارع ربيع الجيزي كان يحمل معه جديدًا مدهشًا.. فمرة يخرج من جيبه قصيدة نزار الممنوعة في أواخر الستينيات: 'هوامش علي دفتر النكسة' مكتوبة بخطه الجميل الأنيق لنقرر بعد أن نقرأها أن ننسخها عدة نسخ بالكربون لنوزعها كمنشور ثوري لرفض الهزيمة والمطالبة بإزالة آثار العدوان.. ومرة يحمل إلينا نحن أبناء الحتة من هواة القراءة نسخة حائلة اللون من ديوان الأرض والعيال للأبنودي لنتسمر تحت مصابيح الشارع الخافتة نتبادل إنشاد قصائده الطازجة المليئة برائحة الطين الصعيدي النفاذة.. كنا نسير في المساء بشارع البحر الأعظم ننشد أشعار صلاح جاهين ونزار ودرويش ونحن علي أبواب المرحلة الثانوية فنشعر بأن قلوبنا الصغيرة تعزف علي إيقاعات هذه القصائد الثورية مارشًا عسكريًا سيقودنا حتمًا لتحرير سيناء والقدس..
حتي عندما كبرنا وانخرطنا في العمل السياسي بمنظمة الشباب ثم الجامعة كان يمارس هوايته في التنقيب ليكون هو أول من يعرفنا علي كتابات عصمت سيف الدولة ومطاع صفدي ونديم البيطار وعبد الله الريماوي وكان لهذه الاسماء جرس موسيقي مدهش ولأفكارهم طزاجة آسرة تلتهمها قلوبنا قبل عقولنا.. ورغم خلافاتنا الحادة أنا والراحل سيد حسان معه حول مصطلح الاشتراكية العربية وإصرارنا أنه تطبيق عربي للاشتراكية مؤكدين أن الاشتراكية واحدة وإن اختلفت تطبيقاتها لكنه كان يقابل شدتنا بهدوء وحماسنا بمنهجية مؤكدًا علي ضرورة أن نكتب هذه الحوارات لتكون بداية تنظير حقيقي للناصرية.. ويسبقنا ليكتب هو الدراسة تلو الدراسة نتفق ونختلف من جديد لكنه ومع كل اختلاف كان يأتي بدراسة جديدة ومراجع مدهشه العناوين عن التنظيم الوحدوي والإقليم القاعدة والإقليمية الجديدة ودولة الوحدة العربية الديمقراطية الاشتراكية.. كان يمثل بالنسبة لجيل مؤسسي نادي الفكر الناصري بجامعة القاهرة 'كتيبة
الاستطلاع' الاستراتيجية المتقدمة التي تعود من كل رحلة بزاد جديد ومعرفة جديدة وتصورات مبهرة نظريًا وفكريًا وفلسفيًا وكما عرفنا علي الكثير من الأفكار كان هو أول من عرفنا علي كثير من الأعلام والمناضلين فهو أول من عرفنا علي عمنا المناضل الراحل كمال رفعت والدكتور عبد الكريم احمد وعمنا فتحي رضوان وسعد أردش والفريد فرج وكمال شاتيلا ومصطفي سعد.. كان يختفي ليظهر بكنز معرفي جديد ومعلومات جديدة مدهشة ورغم علاقاته العربية المتشعبة كان زاهدًا لا يبحث عن شهرة أو مال أو مكانة لدرجة أنني اشريت له كتابًا من السوق وكان يسكن معي في نفس البيت فصعدت إليه غاضبًا وسألته أنت مؤلف هذا الكتاب؟ فابتسم وسألني: أين وجدته؟.. فقلت لا تجب علي سؤالي بسؤال لماذا لم تخبرني به أو تعطيني نسخة فقال مبتسما ببراءة خشيت أن أثقل عليك أو أسبب لك حرجًا فتعتقد أنني أريد أن تكتب عنه وربما تسبب اسمي في لخبطة الدنيا عندك في جريدتك.. قلت بحزم أنا أساسا أحب الدنيا الملخبطة لأقوم بتعديلها من جديد.
كان يطبع دواوينه العامية علي نفقته ويوزعها علي أصدقائه حتي عندما أنجز مشروع قاموس العامية المصرية وهو عمل علمي كبير لم يوزع علي أصدقائه في الصحف نسخًا واكتفي بإهدائه الي أصدقائه القريبين رغم أهمية الكتاب والمشروع.
ورغم كتابته لعامود أسبوعي في جريدة العربي والذي كان يتناول فيه الكثير من القضايا الفكرية والسياسية لم يفكر في جمع هذه المقالات رغم أهميتها في كتاب أو كتب وإن سألته لماذا أجاب باستخفاف يا عم دي مقالات عابرة.. التأليف شيء آخر.. ورغم معاناته الصحية الباكرة كان يسافر ويشارك في المنتديات الفكرية القومية العربية يناقش ويجادل ويبتكر ويشتبك من بلد الي بلد يحمل فكرة العروبة التي وهبها حياته تمامًا كما كان يفعل ديوجين حاملا مصباح الحقيقة في عز النهار.
سألته مرة عن سر غيابه الطويل فقال: كنت في الإمارات ومنها إلي بيروت ثم أثينا ضحكت وقلت له هل تتذكر مدرسة المشائين التي أسسها تلاميذ أرسطو الذين كانوا يمشون وراء أستاذهم ويناقشون قضايا الكون في الطرقات؟ أنت بطريقتك هذه لابد أن تحمل لقبا آخر غير لقب 'المنقب الأول' لتصبح 'المشاء الأول' ضحك وقال لا بل هو 'الرحالة الأول'.. منذ أن عرفته في نهاية الستينيات وحتي رحيله كان مخلصًا وبسيطًا وقابضًا علي جمر العروبة واهبًا قلمه وفكره وحياته لتجسيد أحلام البسطاء الذين كانوا يسكنون روحه وشعره وكتاباته ورسوماته وظل لا يبحث عن مال أو شهرة أو مكانة رغم أن مكانته كانت وما تزال كبيرة في قلوب من أحبوه ومن لم يحبوه.. طب روحًا يا صديق العمر فالحلم الذي وهبت له عمرك سيتحقق وستشرق شمس العروبة عما قريب كما حلمت.. فنور الفجر العربي ليس ببعيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.