مجلس الذهب العالمي: صناديق استثمار الذهب الصينية سجلت أقوى أداء نصف سنوي على الإطلاق خلال النصف الأول من 2025    الحكومة تسعى لجذب 101 مليار جنيه استثمارات خاصة بقطاع تجارة الجملة والتجزئة    ارتفاع شهداء عدوان الاحتلال على غزة منذ فجر اليوم إلى 70    القسام تعلن استهداف جرافة عسكرية إسرائيلية ودبابتين ميركافا في مدينة جباليا    تعرف على قائمة منتخب الدراجات قبل المشاركة في بطولة إفريقيا للمدارس بالجزائر    بايرن يؤجل عرضه الثالث لضم هداف شتوتجارت    إغلاق 3 أكاديميات تدريب وهمية في حملة ببني سويف    الحماية المدنية تنجح في السيطرة على حريق اشتعل بمخزن أجهزة كهربائية بالبدرشين    بيت السناري يستضيف ندوة إفادة الشعر من الفنون الأخرى وعلاقة الشكل بالتجديد غدا    في أولى حفلاته بالسعودية.. حسام حبيب يشيد بالتطور الفني ويشكر قيادات المملكة    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    بعد استقالته من شركة الكرة بالأهلي.. شوبير يكشف منصب أمير توفيق الجديد    الإصلاح والنهضة: الشراكة الاستراتيجية بين مصر والسعودية حجر الزاوية لاستقرار المنطقة    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    داعية إسلامي يوضح أسرار الصلاة المشيشية    حملات مكثفة بالبحيرة.. غلق عيادات غير مرخصة وضبط منتحل صفة طبيب    تعاون أكاديمي جديد.. بنها ولويفيل الأمريكية تطلقان مسار ماجستير في الهندسة    «روزاليوسف» تواصل حلقات «الطريق إلى البرلمان»    سعر طن الحديد اليوم فى مصر ما بين 38 ألف إلى 38500 جنيه    رسالة مؤثرة وتحية ل"الكينج".. أنغام تتألق بافتتاح مهرجان العلمين الجديدة    الشاطر أمير كرارة والبنت الشقية هنا الزاهد؟!    "جريئة".. نادين نسيب نجيم تتألق بأحدث ظهور والجمهور يغازلها (صور)    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال توفير التغذية الكهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    الرئيس السيسي يهنئ الإمارات بذكرى يوم "عهد الاتحاد"    طفل يقود تريلا.. الداخلية تكشف ملابسات فيديو صادم | فيديو    وزارة الصحة": إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار منذ انطلاقها في يوليو 2018    الصحة توجه نصائح للمواطنين بشأن الطقس الحار وتحذر من ضربات الشمس    5 مكملات غذائية ضرورية للنساء قبل سن الياس    اندلاع حريق داخل مخزن فى البدرشين والأطفاء تحاول إخماده    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    مبادرة "أسوان بلا إدمان" تشن حملات مفاجئة بالأكمنة المختلفة    محافظ المنيا يتفقد محطة رفع صرف صحى بردنوها لخدمة 30 ألف مواطن بمركز مطاى    تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي فوق النبطية والحدود الجنوبية للبنان    رابط نتيجة تنسيق رياض الأطفال الجيزة 2025 (الموعد والخطوات)    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يُقر تعويضات إضافية لعملاء الإنترنت الثابت    المتمردون المدعومون من الكونغو ورواندا يوقعون إعلان مبادئ لوقف إطلاق نار دائم    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    رسالة هامة من التنظيم والإدارة للمرشحين للاختبارات الإلكترونية بمركز تقييم القدرات والمسابقات    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    خبر في الجول - جلسة بين جون إدوارد ومسؤولي زد لحسم انتقال محمد إسماعيل للزمالك    بسبب تشابه الأسماء.. موقف محرج للنجم "لي جون يونغ" في حفل "Blue Dragon"    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    «الرعاية الصحية»: إنشاء مركز تميز لعلاج الأورام في محافظة أسوان    اليوم.. بدء محاكمة المتهم بقتل سائق أمام مستشفى فاقوس ب الشرقية    أسعار اللحوم اليوم السبت 19-7-2025 بأسواق محافظة مطروح    المصري يستبعد محمود جاد من معسكر تونس.. اعرف التفاصيل    الشرع للدروز والبدو: الحاجة ماسة لتغليب صوت العقل والحكمة    تركيب قضبان مشروع القطار الكهربائي السريع العين السخنة - مطروح | فيديو    مين عملها أحسن؟ حديث طريف بين حسين فهمي وياسر جلال عن شخصية "شهريار" (فيديو)    خالد جلال: معالي يشبه الغندور وحفني.. وسيصنع الفارق مع الزمالك    بيسكوف: لا معلومات لدينا حول لقاء محتمل بين بوتين وترامب وشي جين بينج    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    سوريا وإسرائيل تتفقان على إنهاء الصراع برعاية أمريكية    ستوري نجوم كرة القدم.. ناصر منسي يتذكر هدفه الحاسم بالأهلي.. وظهور صفقة الزمالك الجديدة    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب من ضد من؟!
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 15 - 09 - 2014

بعد أن وضعت حرب الخليج الثانية أوزارها، تقدمت قيادة غربية إلي وزير الخارجية الأمريكي، بطلب محدد هو أن تفي الولايات المتحدة بوعودها التي قطعتها علي نفسها بإجبار إسرائيل علي انسحاب كامل من الأراضي العربية المحتلة في حرب عام 1967، تنفيذًا لما أكدته القيادة الأمريكية، قبل الحرب من أن خلق إجماع استراتيجي عربي لضرب العراق، سيكون ثمنًا أمريكيًا مطلوبًا لحل القضية الفلسطينية، لكن إجابة 'جيمس بيكر' وزير الخارجية الأمريكي علي الطلب، لم تكن صادمة فحسب، بل كانت ناطقة بفهم لم تتسع له قبلها عقول، بعض أولئك الذين مدّوا ظهورهم جسورًا عبرت عليها آلة الحرب الأمريكية، فلم يجد 'بيكر' غضاضة في أن يتجرأ بالقول مستنكرًا: 'إننا نتعامل مع الدول العربية علي أنها كلها مهزومة، وليس العراق وحده'.
لكن المدهش أن بعض العرب الذين انخرطوا بعد أحداث 11 سبتمبر.. وقبيل الفتح الاستراتيجي لضرب العراق، في تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، تحت مسمي مكافحة الإرهاب، لم يستعيدوا الدرس، ولم يسترجعوا مجددًا كلمات 'بيكر'، فقد ظلوا يستعجلون نصرًا أمريكيًا في العراق وهزيمة عراقية، وفق مفهومين ثبت بعد ذلك أن كليهما كان ضالاً، وأن أيهما لم يكن صحيحًا، الأول أن الهزيمة ستكون هزيمة النظام العراقي السابق وحده، والثاني أن الوعود التي قدمتها الولايات المتحدة ثمنًا للانخراط في التحالف، سوف تكون قابلة للتحقق.
إن هذا قد يعني من بين ما يعنيه أن يدرك الذين يتنادون إلي الانخراط في حلف أمريكي جديد باسم محاربة 'داعش'، أن كافة الوعود التي تقطعها الولايات المتحدة علي نفسها، بما فيها توجه شامل لمحاربة الإرهاب في الإقليم، هي مجرد صنّارة لاصطيادهم وإلقائهم في بركة مضطربة يلفها الغموض، وتلفها النيران من كل جانب، وأن هذه الوعود وفق ما جري عليه تراث من الوعود الأمريكية السابقة، في مفصل كل تحول في أوضاع الإقليم، غير قابلة للتحقق، بل إنه يعني فوق ذلك أن يدرك هؤلاء أن موازين القوي التي تريد أمريكا أن تغيّرها في قلب توجهها الاستراتيجي ومن خلال حلفها الجديد، لن تكون نتائجها إضافة إلي أرصدة عربية في موازين القوي الإقليمية، وإنما ستكون خصمًا منها، ولن تكون تحصينًا لأنظمتها الباقية، وإنما تجريف لها، ولن تكون تقوية للدولة القومية في محيطها، وإنما مقدمة لتفجيرها، وانفراطها، وهذا أمر قد يحتاج إلي شرح وتفصيل، لكنه إذا لم يقع من عقول البعض في موضع اليقين، فعليه في الأقل أن يقع من عقولهم في موقع الريبة والاحتمال.
هل يعني ذلك أن الإدارة الأمريكية تمارس كذبًا صريحًا فيما تقول به وتدعيه، وأن ظاهر الاستراتيجية الأمريكية المعلنة، منفصل تمامًا عن باطنها؟ قد يكون من الأفضل ومن الأخْلَق، أن نترك الاجابة لمصدر أمريكي رسمي، فوفق دراسة لمكتب المعلومات الأمريكية حول تصريحات إدارة بوش الابن وأركانها، أي 'بوش' و'تشيني' و'رامسفيلد' و'باول' و'رايس' بصدد الحرب علي العراق، فقد أصدروا 237 بيانًا وتصريحًا كاذبًا، من بينها 161 تصريحًا قبل تصويت الكونجرس علي استخدام القوة، و76 تصريحًا، منذ بدء الحرب علي العراق، حتي شهر مارس 2004، وقد صنّف المكتب الأمريكي هذه التصريحات الكاذبة علي النحو التالي: 84 تصريحًا كاذبًا يؤكد امتلاك العراق لترسانة كيماوية وبيولوجية، و81 تصريحًا كاذبًا يضخم من قدرات العراق النووية و61 تصريحًا كاذبًا يؤكد وجود علاقة قوية بين النظام العراقي وتنظيم القاعدة، و11 تصريحًا كاذبًا يؤكد أن العراق يمثل تهديدًا استراتيجيًا مباشرًا يستوجب تحركًا عسكريًا فوريًا.
وفي كل الأحوال فالثابت أن بناء تحالف دولي لمواجهة الإرهاب، أو لضرب العراق، قد استند إلي مراكب، وعودٍ من ورق، طافيةً فوق سطح كامل من الأكاذيب، ولا يمكن إرجاع ذلك أو تفسيره بالطبيعة الخاصة لإدارة بوش الابن، أو إدارة بوش الأب، بقدر ما هو مكوّن ثابت في إدارة كل ما يصنْف أمريكيًا في نطاق عمليات 'التأثير الاستراتيجي'.
***
ربما يُدهش حد التعجب أن الولايات المتحدة تكرر في كل مرحلة جديدة، استخدام نفس أنماط التفكير، وصيغ الدعاية، وأساليب التأثير وأدوات التكتيك، لكن الأكثر مدعاة للدهشة أن تكون هذه الأنماط والصيغ والأساليب والأدوات قادرة علي تحقيق أهدافها المباشرة في عقول من جرّبوها، واكتوا بنارها، ولا أعتقد أن ذلك يمكن أن تفسرّه معادلة بسيطة يقول منطوقها، إن العرب لا يقرأون ولا يتعلمون من دروسهم، وأن أمريكا لا تقدم جديدًا في أساليبها وأدواتها وأن حوّرت في صيغ استراتيجيتها. إن المقارنة في هذا الحيز ليست بين عملية بناء تحالف دولي سابق لضرب الإرهاب أو ضرب العراق، وعملية بناء تحالف راهن لضرب داعش، وليست بين الخطاب الأمريكي الذي انبعث مع الأول والنسخة المكررة التالية عليه، التي انبعثت مع الثاني، ولكن المقارنة هنا، أو قُلّ المقابلة هي بين العمليات العسكرية الكبري التي قامت بها الولايات المتحدة عبر تاريخها:
أولاً: لقد كان هناك في كل هذه العمليات العسكرية، توجّه سابق، لخلق واقع مصطنع جديد علي الأرض، يبدو أنه يشكّل تهديدًا بالفعل، فعندما تم توقيع الحرب الأمريكية الأسبانية علي الخرائط، وعُرض الأمر علي الكونجرس أعلن رفضه لمبدأ الحرب، فقد كان أعضاؤه الكبار هم المالكين للفنادق وعلب الليل في كوبا، والتي كانت تمثل حديقة اللهو الخلفية للولايات المتحدة رغم وقوعها تحت السيادة الأسبانية.. وكان الحل الذي أقدمت عليه السلطة الأمريكية لإشعال الحرب، وفرض الأمر الواقع علي الكونجرس، هو توجيه مدمرة أمريكية هي المدمرة 'مين' إلي الشواطئ الكوبية، وتفجيرها وقتل بعض جنودها بأصابع أمريكية، ليعلو نشيد الأمن القومي الأمريكي الذبيح، فوق أصوات رفض الكونجرس، ويتم إعلان الحرب علي أسبانيا. ولم يختلف الأمر كثيرًا في الحرب العالمية الأولي، فقد تم إغراق سفينة أمريكية أخري هي 'لوسيتانا' لكي تجد أمريكًا مبررًا للانخراط في الحرب إلي جانب بريطانيا وفرنسا ضد ألمانيا والنمسا.
وفي عام 1964، تم انتزاع موافقة الكونجرس علي دخول أمريكا في حرب فيتنام بواسطة إغراق قطعة بحرية أمريكية في خليج 'تونكين'، لتتصاعد موسيقي نشيد الأمن القومي الأمريكي وتفرض نفسها علي الرافضين والمترددين، وإذا كانت واقعة تفجير برج التجارة العالمي تطل في خلفية التحالف السابق، فهناك عشرات الكتب التي صدرت في أنحاء العالم، تربط بينها وبين وقائع المدمرة 'مين' والسفينة 'لوسيتانا' وخليج 'تونكين'، أما في التحالف الجديد فهناك 'داعش' التي لا يستطيع أي باحث جاد أن ينفي أنها صنيعة أمريكية من الألف إلي الياء، وأن النمط المتوحش الذي ظهر به ذبحًا للناس كالخراف بالسكين، كان مطلوبًا في حد ذاته، كما أن صور ذبح صحفيين أمريكيين مؤخرًا، لم تكن أكثر من رسالة بالدم لكسب الرأي العام داخل الولايات المتحدة بالدرجة الأولي لقرار الحرب.
لكن الحقيقة مع ذلك تقتضي القول إن اختلاق عدو أو تهديد لتبرير بدء الحرب لم يكن ابتكارًا أمريكيًا، بقدر ما هو تراث غربي، فقد كانت ألمانيا علي سبيل المثال هي التي ابتدعت خطة 'بوتكوفا' في صربيا، لتبرير حرب كوسوفو.
ثانيًا: إن تاريخ الحروب الأمريكية يؤكد علي حقيقة جوهرية ثابتة، هي أن الولايات المتحدة لم تخض حربًا واحدة في ظل أزمة اقتصادية كبيرة، وإنما كانت كل حروبها دون استثناء تالية علي أزمة اقتصادية، وفي مرحلة تالية عليها بعد النجاح في تحقيق قدر محدود من الازدهار الاقتصادي يمكن تغذيته بعد ذلك عن طريق الحرب، ينطبق ذلك علي الحرب الأمريكية ضد المكسيك التي أعقبت ازدهارًا اقتصاديًا محدودًا، أعقب الأزمة الاقتصادية في عام 1835، وينطبق ذلك علي الحرب الأسبانية عام '1898' والتي أعقبت ازدهارًا محدودًا، أعقب الأزمة الاقتصادية في عام '1914'، وينطبق ذلك علي الحرب العالمية الثانية '1942' التي أعقبت ازدهارًا محدودًا، في أعقاب الأزمة الاقتصادية الكبري في عام '1936'، وهو أمر بدوره ينطبق علي الحرب ضد العراق، فقد انحدرت قيمة الأسهم الأمريكية خلال العامين السابقين علي الحرب من '14.7' تريليون دولار إلي '9.9' تريليون، أي أنها خسرت 5 تريليونات دولار من قيمتها، وانخفض المؤشر الرئيس لسوق المال بنسبة 33% وزادت البطالة بمعدل 40%، وبلغ الهبوط الاقتصادي الإجمالي نحو 13%، وقد أجرت في هذا الوقت مراكز أبحاث ومؤسسات دولية وبنوك استثمارية مختلفة في أمريكا وبريطانيا دراسات انتهت إلي أنه لا بديل عن الحرب شرط أن تكون سريعة ومنخفضة التكلفة، حيث سيليها انتعاش للاقتصاد العالمي، بل حذرت تقارير مؤسسات مالية في الولايات المتحدة من التأخير في العمليات العسكرية، لأن خسائر كبيرة ستترتب عليه في هيكل الاقتصاد العالمي.
ثالثًا: إن الولايات المتحدة تحركت في حروبها محكومة بقوانيها أو قيودها الذاتية، وأوضحها وأكثرها تأثيرًا علي عملياتها الحربية هو ثقافتها الاستراتيجية، التي يمكن تعريفها بأنها التعبير عن الذاكرة الاستراتيجية، لكن الثقافة الاستراتيجية الأمريكية قد حددت نفسها بقوالب ذاكرتها العسكرية، وهي ذاكرة قليلة العمق، صغيرة العمر، تتشكل شرائحها الرقيقة من تاريخها العسكري في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر حيث لم يصادف الأمريكيون خصمًا لقدراتهم، لا الهنود الحمر ولا الكنديين ولا المكسيكيين، ولهذا آمن الأمريكيون بأن يكسبوا معاركهم بنصر مطلق من حربهم ضد أسبانيا إلي الحرب العالمية الأولي إلي الحرب العالمية الثانية ولهذا خانتهم ذاكرتهم العسكرية في حربي كوريا وفيتنام ثم حربي أفغانستان والعراق.
***
هذه المرة وفي إطار هذا التحالف، يبدو الوضع الأمريكي مختلفًا تمامًا، فأمريكا تواجه فوق مسرح عمليات هذه الحرب، معضلات لا قبل لها بحلها منفردة، ولا قبل لحلف الأطلنطي، بأن يواجهها وحده، ولذلك فهي لا تريد غطاءً إقليميًا يمنح حربها الممتدة في الإقليم مشروعية زائفة، ولكنها تريد استنفاذ استراتيجية إقليمية أدركها البوار والفشل، وتهشّمت واجهتها كأنها قُدّت من زجاج علي يد ثورة المصريين في الثلاثين من يونية، ثم أنها وقد فقدت قدرتها علي التأثير في العمليات التاريخية الكبري في الإقليم، لا تملك تكلفة التدخل العسكري الباهظة، بعد أن انتهت محاولة تحويل القوة العسكرية إلي استثمار اقتصادي، إلي خسائر وديون وكساد كبير، قذف بالأزمة الاقتصادية الهيكلية في الغرب كله إلي سعير متّقد، كما أن محاولة تعميم صيغة نقل الحروب إلي داخل الدول تم إفشالها مصريًا، وأصبح التحسّب لها يجري علي قدم وساق، ثم إن هناك معضلة أخري بعد تداعي الاستراتيجية، والسقوط تحت براثن الأزمة الاقتصادية، وهي أن القبول الشعبي في أمريكا وفي الغرب عمومًا، بمنطق التضحيات البشرية، وعودة توابيت الجنود، وقطارات الجرحي، قد أصبح مغلقًا، لذلك كله أجرت الولايات المتحدة استدارة تكتيكية كاملة، حول استراتيجيتها المأزومة، تتيح لها إمكانية أن تستعيد جانبًا من السيطرة علي التحولات في الإقليم، ودفعها لصالح هذه الاستراتيجية، مع تقليل التكلفة المادية والبشرية إلي حدود الصفر، ومع إضفاء مشروعية جديدة علي دورها، تغسل وجهها باعتبارها في هذه المرة قادمة لضرب عدو مشترك، لكنه عدو أحسنت هي صنع صورته الوحشية، وقوته الطاغية، وهي تنفث لهيبا ولظي في وجه دول، يبدو أن مكوناتها الداخلية، غدت أكثر قابلية للانفراط غير أن الإرهاب في الإقليم من أوله إلي آخره من صنع الولايات المتحدة، إما لأنها اصطنعته وغذّته وسمنّته، وإما أنه كان منتوجًا جانبيًا لاستراتيجيتها، لكنه تحول في أنبوبة اختبار علي مقاس الإقليم، إلي منتوج رئيس، يمثل إعلانًا بفشل هذه الاستراتيجية، ولهذا فالسعي الأمريكي لبناء تحالف جديد، لا يخرج عن محاولة إضفاء طابع عقلي، علي أهداف غير عقلانية، وهو وضع قد يمكن لبعض السلطات أن تتفهمّه، لكن الرأي العام هنا وهناك، لا يستطيع أن يهضم فيه تلك الازدواجية بين الطابع العقلاني للأهداف والطابع اللاعقلاني للتفكير الأمريكي ذاته، فأمريكا تريد أن تقنعنا بأنها تريد تحالفًا ييسّر لها أن تقتل جنينها الذي ولدته من صلب أفكارها. وربما كان لهذا مطلوبًا من أحد الكتاب، أن يقدم اجتهادًا ملوثًا، يبرهن علي أن 'الداعشية' هي مكون مستحدث، ولكنه تاريخي، لم تنجبه غير البطن المشتركة للإسلام والعروبة، باعتبار أن هويتنا هي القاصرة، وتراثنا هو المعيب، وليس لنا، وعلينا إلا نجحد الهوية والتراث، لنبرأ من أعراض 'الداعشية'، وأن نيسّر بالتالي المسرح أمام هؤلاء الذين جاءوا يعرضون علينا خدماتهم العسكرية المدفوعة الأجر، ليستأصلوا جزءًا منّا، لا منهم.
***
علي من سيقع عبء هذه الحرب المبهمة، وعلي من ستقع تبعات نتائجها الغامضة؟
إذا كان الأمر في الشق الأول أمر تمويل مالي، فإن العرب هم الذين سينوبون عن أمريكا وأوربا في دفع تكلفة يصفها الغرب نفسه بأنها باهظة، وإذا كان الأمر أمر عمل عسكري مباشر، فإن تركيا التي تمثل القيادة الجنوبية الشرقية لحلف الناتو والتي رفضت التوقيع علي محضر اجتماع جدة، حددت دورها في عدم المشاركة في أي عملية عسكرية مع السماح باستخدام قاعدة 'انجرليك' للأغراض الإنسانية، وفتح مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية واللوجستية. أما أمريكا، فالخيار العسكري باقي أمامها هو القصف من الفضاء، لأنه يصل بخسائرها البشرية إلي درجة الصفر، لكن اللجوء إلي القصف من الفضاء، لا يحسم حربًا، ولا يحقق الهدف من ورائها، فوق أنه يترتب عليه بالضرورة ليس فقط، تكثيف القوة، ومصادر النيران، وزيادة الخسائر البشرية فوق الأرض، وإنما يترتب عليه في المستوي العملي تداخل شديد بين ما هو مدني، وما هو عسكري أو شبه عسكري، خاصة في ربوع مناطق بالغة الاتساع والعمق، يذوب بين ملايينها بضعة آلاف من تنظيم إرهابي بينهم وبين البيئة السكانية التي ينغمسون فيها تجانس في اللون والشكل واللغة، فكأنهم جميعًا من أعلي، مجرد حبّات متشابهات من الرمل، أما العمل علي الأرض، في هذه المساحة، وفق ما هو قائم، فلن يخلو من تضحيات أكبر من العوائد، ومن عوائد مثقلة ببرك من الدماء.
والسؤال: من الذي سيتحمل مسئولية العمل علي الأرض لينجب زلزالاً في مناطق السنة في العراق، باسم إضعاف أو حتي إبادة داعش، رغم أنه زلزال سينجب زلازل أكبر وأوسع في عموم الإقليم؟
ثم، من أجل ماذا؟! من أجل أن يمنح قبلة الحياة، لاستراتيجية أمريكية توشك علي الاحتضار!!
'وللحديث بقية'
@@@@@@@@@
الأرقام الهندسية تكشف عجائب 11 سبتمبر الخفية
أن رقم 11 تزامن مع الدورة الشمسية الفلكية التي تتم دورة حول نفسها كل أحد عشر عامًا.. والتي تحدُث معها انفجارات في قلب الشمس وزوابع مغناطيسية هائلة علي سطحها تؤثر علي الموجات الكهرومغناطيسية في الغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية.. ويتزامن مع تلك الانفجارات الشمسية حدوث كوارث أرضية مروعة مع كل دورة فلكية شمسية!!
ومن غرائب الأسرار الرقمية التي أحاطت بلغز 11 سبتمبر أن رقم 11 كان كامنًا ومرسومًا في شكل برجي مركز التجارة العالمي فالبرجان التوأمان يقفان مثل رقم 11 ليحملا تاريخ نهايتهما!! بل أن عجائب الرقم 11 في الأحداث تجليَّ في ارتفاع كل برج من برجي مبني التجارة العالمي، فكل منها يعلو لارتفاع 110 طابقًا!! والاعتداء ذاته وقع في 11/9 وهذا يعني أن 9+1+1=11، كما أن 11 سبتمبر هو اليوم رقم 254 من السنة وهذا يترجم بصورة أوضح 4+5+2=11 وبعد 11 سبتمبر يتبقي عدد 111 يومًا علي نهاية السنة!! كما أن الطائرة التي اصطدمت بالبرج الشمالي من مركز برج التجارة العالمي كانت تحمل الرحلة رقم 11 وكان عدد ركابها 92 ومجموعهم 2+9=11 والرحلة الثانية برقم 77 كانت تحمل 65 راكبًا علي متنها ومجموعهم 5+6=11، كما أن رقم خط الحوادث التليفوني الشهير بالطوارئ في الولايات المتحدة هو 911 فيحمل بذلك رقم 11/9! والأغرب أن كل برج من برجي مركز التجارة العالمي يزن 290 ألف طن من الفولاذ من بينها 11 ألف طن من الأسمنت.. وعندما نتأمل رقم 290 سنجد 0+9+2=11 كما أن ال 11 ألف طن من الأسمنت واضحة التبيان لا تحتاج إلي تعليق!! وإذا تأملنا أيضًا سنجد أن كل برج من البرجين يحتوي علي 21800 شباك وذلك بمجموع 0+0+8+1+2=11 والغريب أن البرج الجنوبي انهار بعد 47 دقيقة تمامًا من الاصطدام به!! بمجموع رقمي 7+4=11.
كما أن منطقة الحماية الجوية المحظور الطيران فيها والتي تغطي البيت الأبيض والكابيتول هي المنطقة رقم 65/1 والمجموع 6+5=11 واسم مدينة نيويورك التي كان يقبع بها برجا مركز التجارة العالمي New York City يتألف من 11 رقم!! وأفغانستان التي ضربت ضمن تبعات 11 سبتمبر Afghanistan هي أحد عشر حرفًا!! والبنتاجون 11 حرفًا 'The Pentagon' والرئيس جورج دبليو بوش الذي كان رئيسًا للولايات المتحدة آنذاك يتكون اسمه من 11 حرفًا 'George.W.Bush'.
بل حتي اسم الإرهابي الذي اُتهم بالتنسيق في عملية الاعتداء علي مركز التجارة العالمي عام 1993 يتكون من 11 حرفًا وهو اسم رمزي يوسف 'Ramzi Yousef' !! بل ويتكون اسم الحرب العالمية الأولي، وكذلك الثانية بالانجليزي من 11 حرفًا.
والغريب أن هُدنة الحرب العالمية الأولي حدثت في الساعة الحادية عشرة من اليوم الحادي عشر من الشهر الحادي عشر 'نوفمبر' 1918 إن عجائب الأرقام المخبأة والمختفية في سفر الزمن، تثير التأمل والاستغراب في أسرار هذا الكون العجيب فسبحان الخالق.. المهندس الأعظم في تدابيره وحكمته وهندسته التي فاقت كل تصور.
مجدي صبحي
خبير إعلامي دولي
وعضو المنظمة المصرية الدولية لحقوق الإنسان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.