'الشرطة مجرمة.. رجالها قتلة.. كاذبون.. أفاقون.. لا ضمير لهم.. يلهثون وراء أسيادهم لا يقيمون وزنًا لمظلوم.. ولا يرأفون بمن يقع في قبضتهم'.. 'ورجال الشرطة مزيفون للحقائق.. حراس للباطل.. لا يألون جهدًا في سحق البسطاء.. وإعمال كل أدوات الشر للإمساك بالأبرياء.. وتوصيلهم باعترافاتهم.. المنزوعة منهم قسرًا إلي حب المشنقة'. 'ورجال الشرطة.. نزعت ضمائرهم.. وفقدوا الحياء.. وتحولوا إلي عبيد لسادتهم.. لا يعصون أمرًا لكبارهم، ورؤسائهم في العمل.. ينفذون الأوامر بطاعة عمياء.. يدمرون كل القيم من أجل مصالح ضيقة وأنانية'. ثم هم فوق ذلك، ومن يشاركهم مهنتهم فاسدون.. فاسقون.. مرتشون.. كذابون.. متلونون.. بل ولا يعرفون حتي أصلوا مهنتهم، وقواعد وظيفتهم'. تلك هي رسالة مسلسلات رمضان هذا العام للمجتمع.. وهي رسالة مهينة، وبالغة الوقاحة، ولا يجب أبدًا التعامل معها من زاوية العمل الدرامي، ومتطلباته الفنية والابداعية.. بل يجب التوقف مليًا أمام ما احتوته مسلسلات رمضان من أعمال لهذا العام، تؤكد محصلتها حتي الآن أنها تروج للفجور، وتقدح في أخلاقيات المجتمع، وتطلق البذاءات الساقطة في وجه الجميع، وتشوه بشكل متعمد صورة المرأة المصرية، والتي ضربت أروع الأمثلة في الشجاعة، والتضحية من أجل وطنها، واستقرار مجتمعها. لم تكتف دراما رمضان لهذا العام بتلك الإساءات البليغة لقيم وأخلاقيات المجتمع، بل وامتدت إلي تسفيه رجال الأمن، وتشويه رسالتهم، وإظهارهم بصورة الطغاة، الجبابرة.. الساديين.. الذين يتلذذون بتعذيب ضحاياهم. صحيح أن مسلسل 'ابن حلال' الذي يعرض علي العديد من الشاشات الرمضانية احتوي علي حيكة درامية جيدة، جذبت له جمهور المشاهدين، ولكن الصحيح أيضًا أن المسلسل تعامل مع رجال الشرطة، وكأنهم 'أعداء للوطن' يتلذذون بتلفيق التهم.. والزج بالأبرياء للسجون، بعد دفعهم قسرًا للاعتراف بإرتكابهم جرائم قتل.. هم منها براء. استلهم المسلسل جريمة قتل وقعت لابنة إحدي الفنانات وصديقتها بمدينة السادس من أكتوبر منذ عدة سنوات وراح يقدم عبرها صورة مذرية لجهاز الشرطة، تظهر رجال الأمن بكل هيئاتهم، وكأنهم مجموعات من الأشرار، يمارسون القهر علي المواطن البريء، لدفعه للاعتراف بجريمة لم يرتكبها، إرضاء لأحد كبار رجال الدولة، الذي ارتكب نجله جريمة القتل، وجرائم أخري، أفلت منها جراء نفوذ والده القوي، وكان 'حبيشة' ابن الحلال الذي يجسد دوره الفنان محمد رمضان هو كبش الفداء الذي أرغموه علي 'لبس القضية' بعد أن هددوه بوالدته وشقيقته، إذا لم يقر بكل ما أملوه عليه، هو وغيره من شهود من أقوال كاذبة. وبعيدًا عن 'التزييف الدرامي والواقعي' للقصة الحقيقية لما جري في تلك الجريمة، والتي تكشف حقائقها بوقائع ثبتت بالأدلة الكاملة، وبعيدًا عن محاولات الاسقاط الدرامي علي رئيس وزراء سابق يقبع الآن في السجن لاتهامه بالفساد، فإن واقع الحال يطرح.. بالاضافة لوقائع أخري احتوتها مسلسلات ك 'سجن النسا' الذي أظهر السجينات، وهن ضمن جهاز الشرطة، بهذه الصورة المزرية من الانحراف والرشوة، وغيرها.. يطرح عددًا من الأسئلة بالغة الأهمية: أولاً: هل هي محض مصادفة أن تأتي معظم الأعمال الدرامية لهذا العام علي هذا النحو من التوجه 'المتعمد' لتشويه رجال الشرطة ومعاونيهم؟ ثانياً: لماذا جاءت هذه الأعمال، وبهذا الشكل المريع في اختلاق الأكاذيب، والافتراء علي رجال الأمن، في وقت يتساقط فيه العشرات من رجال الشرطة، شهداء في معركة مواجهة الإرهاب الغاشم، وفي وقت يقفوه وحدهم، ومعهم رجال قواتنا المسلحة لحماية الوطن والمجتمع والأسر والعائلات من شرور تلك العناصر؟ ثالثاً: هل يكون رد الجميل لرجال الشرطة، الذين وقفوا حماة ومدافعين عن شعب مصر في ثورة 30 يونيو.. هل يكون رد جميل أصحاب هذه المسلسلات هو تشويه صورة الأبطال الذين انحازوا للشعب، وتصدوا لطاغوت الإخوان وإرهابهم، وتحملوا الكثير من أجل الوطن؟! رابعًا: كيف لا يراعي هؤلاء مشاعر المئات من أسر الشهداء، والذين فقدوا ذويهم من الضباط والأمناء والجنود في تلك المواجهات الشرسة مع الإرهاب؟.. ألم يدرك أصحاب هذه الأعمال الدرامية أن كل إساءة لضابط ورجل أمن في هذه الظروف توقد نيران الحزن والغضب داخل قلوب أسر كل الشهداء؟ خامسًا: ألم يفكر هؤلاء أن إظهار رجال الشرطة علي هذا النحو، سوف يؤثر في معنوياتهم، وقدراتهم ويحرض المجتمع ضدهم.. ثم تبقي النتيجة في غير صالح الوطن، وحماة أمنه؟ سادسًا: ويبقي سؤال عن مغزي عرض هذه الأعمال في تلك المرحلة، التي تخوض فيها قوي خارجية، وفضائيات عميلة حرب تشويه صورة الدولة المصرية، وجهازها الأمني؟.. وكأننا بذلك نقدم لهؤلاء هدية مجانية حول صحة كل أكاذيبهم. سابعًا: وبقي السؤال الأخير: كيف سمحت رقابة الدولة بعرض كل هذه الأعمال، وفيها ما فيها من سقوط أخلاقي وقيمي؟ كنت أتصور أن يهب المجتمع، مستنفرًا، ليرد تلك الهجمة الباطلة علي رجال الشرطة.. غير أنني لا أفهم أسباب كل هذا الصمت والتواطؤ المريع علي تشويه 'حماة الوطن'.