أمانة الفاتحة يامسافر

"لبيك اللهم لبيك ...لبيك لا شريك لك لبيك " كلمات يشدو بها القلب ..تسموبها الروح , ترفرف في سماء الخلق وتهفو الي الخالق
..ينجلي بها صدأ قلوب أرهقتها الذنوب وشغلتها عوارض الدنيا . أيام تشد فيها الرحال الي أعظم رحلة ,يقترب فيها الحجيج من فطرة الله التي فطر الناس , ترتفع الأيادي والأعين الي سماء رب رحيم كريم ترجو عفوه ورضاه ومغفرته فلا يردهم الا مجبورين .تتجلي في هذا المشهد حقيقة البشر والبشرية يراها من كتبت له واضحة جلية أمام عينيه "هاأنا ذا أعود اليك كما بدأت لا يشغلني عنك شاغل " نقف أمامك الأن سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي علي عجمي الا بالتقوي تجتمع الأجناس والأعراق والألوان في مكان واحد تختلط الأصوات وتموج الأجساد ويتلاحم البشر في مشهد عظيم أمام بيت عظيم تلبي نداء رب عظيم .
حينها تشعر أن كل ما حولك يشع نورا ربانيا , البشر والحجر والطير والسماء والأرض. احساس لا يشعر به الا من كان من الموعودين بهذه الرحلة المباركة رحلة التطهر والتوبة والعودة الي الله .وحين تقع عينيك لأول مرة علي الكعبة المشرفة حينها تتوقف أمام هذا المشهد العظيم لتنسي كل شئ حتي الدعوات التي استعددت لتدعو الله بها فحينها لن تفكر في شئ سوي أن تملأ عينيك بهذا النور وأن تتأكد أنها حقيقة وليست حلما طالما حلمت به .ستتوقف عينيك فلا ترمش وتتمني أن يتسع قلبك وذراعيك لتضم وتحتضن هذا النور, أما اذا اقتربت من هذا النور وتعلقت بأستار الكعبة لتشم ريحها الطيب فتنهمر دموعك لتغسل قلبك وتشعر بضعفك الانساني وأنت تقف علي باب رب عظيم , تروي ظمأ حياتك وتشفي سقمك بماء زمزم الطهور تسعي بين الصفا والمروة تهرول مستحضرا مشهد أمنا هاجر التي سعت يقينا وثقة بقدرة الله الواحد القادر علي كل شئ والمفرج لكل كرب , يأتي يوم عرفة فيقف خير زائر علي جبل الرحمة يدعو و يناجي ربه من مطلع الشمس حتي مغيبها يذكر الله عند المشعر الحرام ثم يرمي الجمرات وكأنه يتخلص من كل الذنوب يكتمل جمال وجلال الرحلة المباركة بزيارة أطهر وأشرف الخلق حين تأتي الي المدينة المنورة وكأنك تري وتشعر في كل ركن فيها بنور سيد الخلق وصحابته الكرام لا تصدق نفسك حين تقف أمام قبر الرسول " ص" وحين يمتلئ قلبك وعينيك بنوره لا تصدق أنك تقف أمامه وتشعر أنه يرد عليك السلام تناجيه وتتحدث معه تستشعر نوره ومعيته حينها قد يصيبك الخجل من أحوالنا وأحوال أمتنا تبكي حين تختلط مشاعر الخجل مع احساسك بالشوق الي خير خلق الله وأملك ورجاءك في شفاعته والظمأ الي أن تشرب من حوضه شربة لا تظمأ بعدها أبدا , تقبل مثوي الأعظم العطرات , تصلي في الروضة الشريفة , تتمني الا تمر هذه الأيام واللحظات المباركة حينها لا تنس اخوة لك يشتاقون الي ماأنت فيه وما أنعم الله به عليك , فاجعل لنا ولسائر المسلمين نصيبا من دعاءك حتي ننال جميعا هذا الشرف .غفر الله لنا ولك وتقبل منا ومنك وأمانة الفاتحة يامسافر .
Zinab.abdellah@hotmail.com