كنت مرهقة كعادتي في نهاية اليوم، واستسلمت عيناي للإغفاء قليلا، وقبيل الوصول، فوجئت بطرق شديد علي السيارة، فحدثته بفزع، ما الذي يجري، فإذا باصطفاف حاملي بالون علامة رابعة متشوحين الأسود، منتقبات كثيرات، وبعض المختمرات، وكثير من مراهقي البلطجة، في شكل مؤلم، واخترق أذني أبشع أنواع السباب لجيش مصر، حتي لعموم المواطنين لم أصدق ما سمعت، كنت لفترات طويلة مؤمنة بتدين هذا الفيلق، كنت أظن أنهم يسيرون علي هدي الرسول، 'ادع سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة'، لكن هنا العنف والغضب والتعدي علي ممتلكات الغير، لم أتيقن منه إلا بعد أن لمسته بيدي، لن أزيد في المفارقة إلا وقد تذكرت سنين مضت حين كان نفس هذا الفيلق يهددني بشرائط كاسيت عن الدين، والحجاب، ويصرخون في يا سافرة، ستسقطين من علي الصراط يوم القيامة، وانتظرت أي أحد أن يصرخ في ياسافرة، إنها الجنة يا قوم، وانا عقبتكم إليها ألن تهدوني إلي سواء السبيل أخذت نفسا طويلا، وتيقنت أنها كانت تجارة بالدين ممنهجة مر عليها علي خمسة عشر عاما، ليعتلي حجاب العقل ما اعتلاه غطاء الرأس. لكن ما أدهشني أن قبلها كنت وأثناء خروجي من حي الزمالك الهادي، استوقفتني به اشارة مرور طويلة، فشاهدت رجلا دمثا مترجلاً علي قدميه يحمل علي كتفه شنطة بسيطة، يسير علي الرصيف متأنيا، متأملا، بدا لي حزينا، أنه بلال فضل، أظنه كان في مكتبه الشروق بنفس الشارع، كم ألهمني، وعلمني هذا الرجل وبرنامجه عصير الكتب يعد أيقونة ودرة لمن أراد أن يسقي فكرًا وثقافة ولكن غصة في قلبي آلمتني، أردت أن أهرع إليه، وأسأله لماذا، لماذا أقحمت ثقافتك، وأدبك وفنك، في لعبة السياسة، لماذا تنتهي علينا أملا لا يزال هناك جيل من المثقفين حقيقي الموهبة، إن هناك دررا تتلألأ، لا يعنيني مكسب السياسة، الابداع وطن بذاته مملكة لن تندثر. أردت أن أحادثه، أن أنهره، لكن، أنا أؤمن بالحريات، هل أنهره لأن له رأيا مخالفا، دعوت له عسي الله أن يهدي الجمي.