في محاولة ثورة 23 يوليو 1952 تجميع القوي السياسية خاصة الإخوان من حولها.. قامت بالإفراج عن قادة الإخوان من السجون ومن بينهم مصطفي مشهور.. وما جري بعدها معروف حيث حاول الإخوان الهيمنة علي الثورة.. ورشحوا مجموعة من أعضاء الجهاز السري المسلح لتولي المناصب الوزارية في حكومة الثورة.. ويقال إن مصطفي مشهور كان بين هؤلاء المرشحين من قبل الإخوان.. ورفض جمال عبد الناصر أن يصبح أعضاء جهاز سري مارس الإرهاب ونسف وقتل وزراء في وزارة الثورة.. ورد الإخوان بتفجير المعارك الدامية في الجامعة بين طلاب الإخوان والطلاب المناصرين للثورة.. وتصاعد الصراع حتي بلغ محاولة اغتيال عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية 26 أكتوبر 1954، وفتحت السجون أبوابها للجناة والمتآمرين.. وكان بينهم بالطبع مصطفي مشهور الذي وصفته تقارير الأمن وقتها بأنه الدينامو المحرك ليس لخليته ولكن للتنظيم كله.. وحكم عليه بالسجن عشر سنوات هو ومجموعة أطلق عليها اسم 'مجموعة العشرات' وأودع الجميع في سجن طرة.. حيث دبر مصطفي مشهور لعملية إرهابية داخل السجن عندما قام الإخوان بتكسير الأسرة، واستخدموا أجزاءها المعدنية كأسلحة، وتمكنوا من خطف بعض الضباط والجنود كرهائن.. وكانت تلك الحادثة وراء إنشاء سجن الواحات في منطقة مفتوحة يصعب الهرب منها.. وبالطبع كان مصطفي مشهور وإخوان معركة سجن طرة أول زبائنه. وحتي نقترب أكثر من شخصية مصطفي مشهور.. ومنهج الإخوان في قلب الحقائق.. والالتفاف علي الحقيقة نستمع إلي تفسيره لأول تمرد عنيف في تاريخ السجون المصرية، وتصويره الغريب لما جري ويعرفه الناس.. يقول: 'في سنة 1957 كان عبد النناصر يخطط لخلع الملك حسين عن طريق الضباط الإخوان في الأردن.. فكشفوا هذا المخطط وأفشلوه.. فاغتاظ منهم، ومن الإخوان المسجونين في طرة!! حيث كان السجناء يخرجون إلي الجبل لتكسير الحجارة، ثم يعودون، والمريض منهم يأخذ تصريحًا طبيًا كي لا يخرج إلي الجبل.. وذات يوم صدر الأمر بخروج جميع السجناء إلي الجبل، السليم منهم والمريض، فاستغرب الإخوان هذا الأمر.. وشكوا في أسبابه، فلم يخرجوا.. كان رد إدارة السجن أن مجموعة من الجنود يحملون الرشاشات، دخلوا علي الإخوان في الزنازين والعنابر، وصوبوا الرشاشات نحوهم بعشوائية همجية، فسقط منهم واحد وعشرون قتيلاً، وسميت مذبحة طرة'.. وهو أسلوب خاص بالإخوان في سردهم للوقائع، وقلبهم للحقائق.. واللجوء إلي الحكايات الوهمية التي لا توجد إلا في رؤوسهم.. والحديث عنها كأنها واقع قد حدث بالفعل. في أوائل عام 1965 تم الافراج عن مصطفي مشهور ومجموعة العشرات وبينهم سيد قطب وكمال السنانيري وغيرهم وكشفت التحقيقات أنه حوَّل مجموعة العشرات إلي شبه تنظيم، وناقش معهم إعادة التنظيم وحدد واجبات لكل عضو، ينهض بها فور الإفراج عنه.. وحدد مسئولي المناطق المختلفة وأنشطة الجماعة.. خاصة أنه كان الوحيد الذي يحتفظ بسر الأسلحة وأماكن تخزينها والبلدان والمحافظات المختلفة التي تضم هذه الأسلحة التي يدخرها مصطفي مشهور ليوم معلوم. ولما أفرج عنه أوائل عام 1965 أعيد اعتقاله من جديد منتصف نفس العام علي ذمة تنظيم 1965 الذي ترأسه سيد قطب.. وعلي الرغم من ضبط الأسلحة المخبأة.. وضلوع مشهور في تنظيم سيد قطب إلا أنه كانت هناك دائمًا حلقة مفقودة تضلل العدالة وتؤدي إلي فقدان الرابطة بين مشهور وتلك الجرائم.. فيتم الافراج عنه بعد فترة الاعتقال دون أن يقدم للمحاكمة.. إلي أن تم اعتقاله من جديد عام 1969 علي خلفية قضية أحمد سيف الإسلام حسن البنا التي أشرنا إليها من قبل. وخلال جلسات الحوار التي سبقت قرار السادات بالإفراج عن الإخوان عام 1971.. تحدثت كل قيادات الإخوان عن أخطاء الماضي ومحاولات تصحيحها بمن فيهم عمر التلمساني وحامد أبو النصر وغيرهما ممن انتقدوا فكرة الجهاز السري المسلح أساسًا.. إلا مصطفي مشهور. عقب الإفراج عنه كان أبرز الخمسة الكبار الذين أداروا مكتب الإرشاد في فترة شهر العسل التي امتدت لعشر سنوات بين الإخوان والسادات.. وكان معه عمر التلمساني وكمال السنانيري وأحمد الملط وأحمد حسنين وحسني عبد الباقي.. وقد تولي مشهور مسئوليات نشاط الشباب ثم الاتصالات الخارجية، وهو الذي خطط لتجنيد أكبر عدد من الشباب وإعداد برامج تثقيفهم تدريبهم.. وفي ذات الوقت كان همزة الوصل مع التنظيم الدولي للإخوان والمراكز الإسلامية الموجودة خارج مصر.. ويؤكد اللواء فؤاد علام أنهم تمكنوا من رصد مجموعة من اللقاءات والاجتماعات التي عقدها مشهور بالخارج، ودعا فيها إلي الثورة ضد الحكومات العربية.. ولكن لم تكن الظروف السياسية السائدة، في تلك الفترة تسمح بالقبض عليه ومحاكمته. كانت المهنة الأصلية لمصطفي مشهور هي 'التنبؤ الجوي' كباحث بمصلحة الأرصاد الجوية.. يتنبأ بالعواصف والزلازل.. وموجات البرد والحر والصقيع.. ويبدو أن مهنته قد ساعدته.. فقبل قرارات التحفظ الشهيرة بقرارات 5 سبتمبر 1981 التي تم خلالها اعتقال كل قيادات الاتجاهات السياسية والأحزاب والنشطاء السياسيين وأعضاء هيئات تدريس الجامعات.. وقيادات الكنيسة.. والإخوان.. وبالطبع كان اسم مصطفي مشهور في أول قائمة المطلوب اعتقالهم من الإخوان.. ولكنه 'تنبأ' فيما يبدو بما سوف يجري.. وهرب قبل التحفظ بشهرين.. ورفض أن يعود إلي مصر.. وتنقل بين السعودية والكويت وألمانيا.. وأقام فترة طويلة في المركز الإسلامي بألمانيا وظل هناك حتي اغتيل السادات.. وأفرج مبارك عن المعتقلين وهدأت الأوضاع عاد مصطفي مشهور إلي مصر.. ليجد أن التلمساني قد رحل منذ أيام.. واختار الإخوان كعادتهم أكبرهم سنًا ليتولي منصب المرشد.. وكان محمد حامد أبو النصر.. وكان طاعنًا في السن ومريضًا.. فأصبح مصطفي مشهور نائبه، هو المرشد الحقيقي.. وكان هناك سرّ لا يعلم أحد حقيقته.. يتم تداوله بين قيادات الإخوان.. يقول إن مجلس شوري الجماعة قد اجتمع واختار مصطفي مشهور مرشدًا عامًا ولم يعلن ذلك تحرجًا وحفاظًا علي الأوضاع العامة.. وهي قصة غير مؤكدة.. وإن كان مصطفي مشهور بالفعل المرشد الحقيقي.. ومازلنا مع أخطر رجل في الإخوان، المرشد الخامس 'مصطفي مشهور'.