اصدرت محكمة القضاء الاداري بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة حكما تاريخيا اكدت فيه علي انه ولئن كان للحركات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وما يسمي بالنشطاء الحقوقيين دور في تكوين راي عام مستنير الا ان دورهم يقف علي اعتاب مراعاة حدود القوانين دون التغول عليها مما لا يجوز لهم التدخل في شؤن الوظائف العامة او التأثير علي سير المرافق العامة في الدولة ودون الاعتداء علي سلطات الدولة الدستورية والقانونية وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عبد الحميد متولي وذكي الدين حسين واحمد مكرم نواب رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار وكيلة وزراة الصحة بكفر الشيخ فيما تضمنه من تكليف الدكتور الشحات قطب سلامة مديرا للادارة الصحية بسيدي سالم وما يترتب علي ذلك من اثار اخصها تعيين الدكتور احمد ضياء الدين ابوخوات مديرا لتلك الادارة اعمالا لما انتهت اليه اللجنة المشكلة لاختيار القيادات دون الاعتداد باعتراض حركة تمرد او نقابة الفلاحين ودون الخضوع لفترة اختبار المقررة للوظائف الدنيا وليست القيادية علي النحو المبين بالاسباب وتنفيذ الحكم بمسودته دون اعلان والزمت الادارة المصروفات وكانت وكيلة وزارة الصحة بالمحافظة قد اصدرت قرارا في 13 اغسطس 2013 بتعيين الدكتور احمد ضياء الدين ابوخوات في وظيفة مدير الادارة الصحية بسيدي سالم بناء علي ما انتهت اليه لجنة اختيار القيادات وقبل انقضاء 24 ساعة علي صدوره اصدرت قرارا اخر في صباح اليوم التالي مباشرة بتعيين طبيب اخر في تلك الوظيفة استنادا الي فاكس وصل اليها من رئيس مركز ومدينة سيدي سالم يفيد اعتراض حركة تمرد ونقابة الفلاحين علي تعيين الاول رغم حصوله علي المركز الاول عن طريق لجنة القيادات بالمديرية قالت المحكمة انه ولئن كانت للحركات السياسية ومنظمات المجتمع المدني دور فعال لتمكين المواطنين من المشاركة والانخراط في تحسين مستواهم باعتبارهم شركاء في عملية التنمية ولتكوين راي عام مستنير لحمل الحكومات علي احترام الحريات مما يؤدي الي التلاحم بين الشعب والقيادة في المشاركة الايجابية في تحقيق التقدم والرخاء الا ان دور الحركات السياسية يقف في كل الاحوال علي اعتاب مراعاة حدود القانون وعدم التغول عليه او الانتقاص منه, مما لا يجوز معه علي تلك الحركات السياسية التدخل في شئون الوظائف العامة او التأثير علي سير المرافق العامة علي وجه معين او النيل من انتظامها باضطراد او الوساطة في تعيين البعض دون الاخر, فحينئذ تكون قد خرجت عن نطاقها المرسوم لها وافتئتت علي حقوق الاخرين وتغولت علي ممارسة سلطات الدولة لاختصاصاتها الدستورية والقانونية وهو لم تتلقفه العقول بالقبول وغير جائز قانونا واكدت المحكمة ان اللجنة المشكلة لاختيار القيادات هي المنوط بها تقييم المتقدمين لشغل الوظائف القيادية ويتوج عملها بقرار السلطة الادارية وان وكيلة وزارة الصحة اصدرت قرارا في 13 اغسطس عام 2013 بتعيين المدعي مديرا للادارة الصحية بسيدي سالم لكونه افضل العناصر طبقا لترشيح اللجنة المشكلة لاختيار القيادات الا انه لم يمض يوما واحدا حتي اصدرت وكيلة الوزارة قرارا بتعيين اخر استنادا الي الفاكس الذي ورد اليها من رئيس مركز ومدينة سيدي سالم يفيد اعتراض حركة تمرد ونقابة الفلاحين علي تعيين الاول, وبهذه المثابة كان يتعين علي وكيلة وزارة الصحة وهي علي القمة في مرفق الصحة بالمحافظة ولها من الخبرة والدراية ألا تنصاع لتدخل اعضاء حركة تمرد او نقابة الفلاحين في شؤن الوظيفة العامة بل كان يجب عليها ان تصدع لاحكام القانون بحسبان انه لا يجوز للحركات السياسية التدخل في تسيير المرافق العامة او في شؤن الوظيفة العامة في مصر فهي ليست علاقة تعاقدية حتي يمكن التدخل فيها بل هي علاقة تنظيمية تخضع للقوانين واللوائح ومن ثم فان القرار المطعون فيه لم يستهدف المصلحة العامة ويكون مشوبا بعيب الانحراف بالسلطة كما اضافت المحكمة في حكمها التاريخي انه لا يفوتها ان تشير وهي جزء من نسيج هذا الوطن انه يتعين علي كبار المسؤلين في الدولة تنفيذ واحترام احكام القانون في شغل الوظائف العامة وفي تسيير ادارة مرافق الدولة اعمالا للنظم واللوائح المنصوص عليها دون الاستجابة لمحاباة او الخضوع لموالاة تساهلا او تخاذلا ونظرا لان الدعوي المائلة كشفت عن تدخل الحركة المذكورة للسعي لاصدار القرار المطعون فيه والخضوع غير البصير لرئيس مجلس مدينة سيدي سالم ووكيلة وزارة الصحة استنادا لهذا التدخل السافر في الشأن الوظيفي علي خلاف حكم القانون مما يكون معه للسلطة الرئاسية الاعلي وهو المحافظ ان يحاسبهما علي هذا الجرم الوظيفي كي لا يحدث ذلك مستقبلا واختتمت المحكمة حكمها ان الدولة القانونية هي تلك التي تخضع فيها نشاط الادارة الي احكام القانون بحيث لا تتصرف فيها بطريقة استبدادية باعتبار ان المرافق العامة ترمي الي سد احتياجات تتصل بنفع عام مثل مرفق الصحة مما يتوجب فيه علي المسؤلين خاصة القيادات العليا اتباع القواعد والنظم التي يقررها القانون لشغل الوظائف بما يؤدي الي سير المرافق العامة بانتظام واضطراد, كما يلزم توافر مبدأ خضوع الادارة للقانون بحيث تكون له الغلبة والسيادة وفيه تخضع اعمال الادارة لنصوص القانون وهذا الخضوع يعد ضمانا للمواطنين ضد تعسف السلطة الادارية وان وجود مثل هذا الضمان في كل دولة امر تحتمه الاوضاع السليمة في النظم الديمقراطية الحديثة