هناك من يتصورون أن كل مشاكل مصر سببها تنظيم الاخوان وأنه بالخلاص من شرهم تنتهي كل معاناة المصريين وهو طرح يبالغ في حجمهم وقوة تأثيرهم فما هم الا ورقة يستخدمها أعدائنا ضدنا كما أنه يتجاهل ان كل ما فعله هذا التنظيم ما هو الا وجه للمعركة التي أراد أعدائنا صناعتها علي أرضنا حتي يكسر قوتنا ويقطع أوصال وطننا. فما هم الا أحد أذرع الأخطبوط الذي لا يكتفي أبدا بذراع واحد بل يضع لنفسه ذراع في كل مكان محاولا السيطرة الكاملة علي ارادتنا ومقدراتنا. واذا جعلنا كل تركيزنا في اتجاه واحد فسنجد أذرع أخري للاخطبوط تخنق كل أحلامنا بالاصلاح. . فعندما فتحت الولاياتالمتحدة وحلفائها قنوات اتصال مع قادة تنظيم الاخوان لدعم وجودهم وافساح المجال لهم علي الساحة المصرية كانت قد فتحت في الوقت ذاته قنوات اتصال أخري مع قوي مدنية تستطيع من خلالها النفاذ لكل النخب والمثقفين والشباب الذين يتأثرون بهم. لقد قررت الولاياتالمتحدة أن تعيد ترسيم حدود الشرق الأوسط والعالم الاسلامي وأن تصنع شرق أوسط جديد وضعه ملتهب وكل الدول فيه هشة مفككة بما يضمن أمن اسرائيل واستمرار هيمنتها علي الأراضي الفلسطينية المحتلة ويضمن الهيمنة والنفوذ الأمريكي حيث تنقل كل معاركها داخل الأرض التي تريد تخريبها.وتجد من يحاربون عنها بالوكالة و تهيء الوضع للصراع وتمول وتدعم حتي يشتعل الفتيل دون أن تخسر عتادها وجنودها. واعتمدت نظرية عشب الأرض التي يطلقون عليها الجراس روتس حيث تصنع عملاء لها في كل مكان فما أن نجتث ما يظهر منهم حتي يظهر آخرون وآخرون من بعدهم بحيث يظل تلاعبها بالأرض والارادة الحرة للشعوب مستمرا لاجهاض أي اصلاح . ومن خلال الدعم المادي والتدريب والمساندة الاعلامية والتنسيق مع العديد من الجبهات والتيارات المختلفة مع بعضها البعض أصبحت تسيطر علي كل التحركات وتضمن استمرار الصراع محتدما لأطول فترات ممكنة بينهم لتظل قوتنا مشتتة وطاقاتنا مهدرة لا سيطرة عليها بينما الدولة في حالة تفكك وسيولة والجميع مختلفون مع بعضهم. لابد أن نعترف اننا حقا قد اخترقنا كمجتمع من كافة تلك التيارات المدعومة دعما أمريكيا قويا بعدما تدربت علي كيفية تغيير اتجاهات الرأي العام وكيفية التاثير علي قطاعات كبيرة داخل المجتمع.كما ينبغي أن نعترف أن غياب الشفافية عن مؤسسات الدولة وعدم وجود خطط وأولويات تلتزم بها الحكومات أمام المواطن قد خلق بيئة خصبة لتترعرع تلك التيارات ويزداد حجم تأثيرها. ينبغي أن نعترف أن تلك الفتن الأمريكية الصنع قد دخلت كل بيت فاشعلت نار العداوة والغضب بين الأخ وأخيه والزوج وزوجته والآباء والأبناء. وبعدما كان الاختلاف هو شيء مفيد وصحي لا يؤثر سلبا علي العلاقات الانسانية للأسر والعائلات والناس تحترم الرؤي المختلفة لبعضها أصبحت الحوارات محتدمة الي حد الشجار والتشاحن بل والفراق لأن تلك التيارات استقطبت الناس فكريا بنظرة أحادية تهين الآخرين وتقدح فيهم وفي وطنيتهم وتتهمهم بالعمالة ولا تسمح لأي رأي مخالف يفكر ويبحث عن الحقائق أو يطلب الاستقراروالاستقلال الوطني أو يدافع عن مؤسسات الدولة حتي اختلط الحابل بالنابل وأصبحت الحقائق غائبة والجميع حائرون متشككون في كل شيء. وفي تلك الأوقات الحاسمة التي لا تحتمل سوي تكاتف وتماسك وحدة المجتمع نحتاج أن نستعيد الثقة المفقودة بين جميع أطياف المجتمع وأن نستعيد الود والتراحم ولا نلتفت للفتن ولا نحبط أمام العثرات التي تلقي في طريقنا حتي تبدأ كل الشروخ المجتمعية في التلاشي وتتعافي كل الجراح الغائرة التي أصابت جسد المجتمع فهذا الوطن لن يقوم من جديد الا علي أكتاف جميع المخلصين.