مبدئيا الأخطبوط العراف «بول» ذو الثماني أذرع بارع جدا لدرجة أنه تنبأ بأننا سنكتب عنه هذا الموضوع وأقره ولم يعترض عليه.. وبهذا نطمئن إلي أنه موافق جدا علي أن نستعين بخدماته هنا في مصر بعد أن أفني نصف عمره يخدم الشعب الألماني.. لكننا طبعا أذكي من أن نستخدم موهبته النادرة لمجرد توقع نتائج كرة القدم ، لأن فوائد بول الأخطبوط أكثر من أن تنحصر بين ثلاث خشبات. 1- الوشاح والروب أولي القضايا التي سيمد فيها بول ذراعه هي أزمة القضاة والمحامين.. فبعد اشتباك طرفي القضية بهذا الشكل المؤسف لن نجد أمامنا سوي قارئ المستقبل ليحدد لنا الطرف المخطئ بين جناحي العدالة. حكم بول سيكون نهائيا لا يقبل الاستئناف أو النقض أو المرافعات المجلجلة، ولا يمكن لوسائل الإعلام مناقشته لأنه لا تعليق علي أحكام الأخطبوط. 2- التنسيق الحيواني وهي المهنة التي ستجعل قطاعا عريضا من المصريين يرفعون ملايين الأذرع إلي السماء للدعاء لهذا الخواجة ذي الأذرع الثماني، فبدلا من مكتب التنسيق الحالي الذي يرسل الطلبة إلي أماكن تدمر بداخلهم أي موهبة أو إحساس بالتميز أو رغبة في التعلم سيكون علي بول أن يختار الكلية المناسبة لحوالي نصف مليون طالب سنويا.. أي أن كل يد من أياديه البيضاء ستخدم 62 ألف شاب ونصف!! 3- العلاج علي مسئولية الأخطبوط بدلا من أن نصدع رؤوس السادة النائمين في مجلس الشعب بحوارات وإحاطات ودوامات عن العلاج علي نفقة الدولة، وكيف أصبح بالنسبة لبعض المسئولين وسيلة للربح المادية أو الأبهة الاجتماعية أو المجاملة السياسية وكأنه «العلاج علي نفقة الحاجة».. الأخطبوط المتبصر وارد ألمانيا، ولذلك فهو لا يعرف وطني أو معارضة، وهو ككل الأخطبابيط «جمع تكسير» يملك ثلاثة قلوب، وبالتالي سيكون رحيما جدا علي مرضانا المستحقين للعلاج علي مسئولية الأخطبوط. 4- أين النووي ؟ وهذه طريقة علمية تماما.. فالأخطبوط «الذي واجه احتمالات للفشل تبلغ 255 إلي 1 وانتصر» هو أسلم طريقة نستطيع أن نختار بها موقع المفاعل النووي الجديد بدون الحاجة إلي تحليلات أو طرق وقاية أو مستلزمات أمان... صحيح أنه خرج من البيضة في يناير 2008 لكن هذا لا يعني أنه ساذج. 5 5- عمورة أم تمورة؟ وهنا ستحبس الأنفاس وترتجف الشفاه تتفكك الأوصال... فهذا الحكم المحايد الذي لا يسمع أساسا«الأخطبوط لا يملك أذنا» هو من سيحدد شخصية نجم القرن في قلوب المعجبين... ولا داعي لتذكير محبي النجمين أن الحكم هنا لا يعترف بالتعادل، وعلي الجمهور الخاسر الالتزام بالنتيجة دون شغب أو شماريخ. 6- فضيحة 8 سلندر من أفضل من أخطبوط عراف يحمل جواز سفر ألمانيا لكي يكشف لنا عن أسماء المسئولين المتورطين في فضيحة مرسيدس؟ الأسماء التي أعيت الشعب المصري في البحث عنها سيكشفها لنا الرخوي الأمين بكل دقة، والميزة الكبري فيه أنه لا يجيد قيادة السيارات، وبالتالي فالشفافية مؤكدة 7- جوائز الدولة المائية وهو حل مثالي يضمن النزاهة والاستحقاق في الاختيار، بدلا من الضجة التي تثار سنويا حول منح جوائز الدولة بفروعها المختلفة وشروط الترشح وقواعد التصويت.. فالأخطبوط العادل لن تكون لديه أي حساسيات أو تربيطات في منح الجوائز، بل سيختار بعناية ليفوز من يفوز عن بينة.. والأخطبوط رغم عالمه المائي إلا أنه ليس بعيدا عن أجواء الكتاب والشعراء والمثقفين، فهو - مثلهم- ينفث الحبر طوال الوقت عند الشعور بالخطر. 8- ضاع في الزحام حاولنا أن نطلب من بول أن يوضح لنا طريقة للتغلب علي مشكلة زحام القاهرة الكبري «المشكلة هي الكبري وليست القاهرة فقط»، والتي جعلت كلا منا يعرف أن وصوله إلي مكان عمله يتوقف علي عدد غير محدود من المتغيرات العشوائية، يدخل فيها عدد إشارات المرور في المسار وكثافة المصالح الحكومية عند خط النهاية واحتمالية الاحتكاك بموكب مفاجئ لمسئول كبير. المستبصر اللافقاري حاول أن يرسم لنا بأذرعه مسارات بديلة علي خريطة القاهرة، لكن أذرعه الثماني تشابكت في عقدة مستحكمة لا نهائية حاولنا إنقاذه منها بلا جدوي، حتي فطس المسكين مخنوقا.