اتفقوا علي حاجة الوطن إليه.. واختلفوا علي بعض بنوده.. أثار قانون التظاهر الجديد الذي أصدره رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور ردود فعل واسعة في الساحة السياسية، حيث وافق البعض عليه مع التحفظ علي توقيت صدور القانون الذي قد يخلق نوعا من شق الصف الثوري، وهناك فريق آخر رحب بالقانون مع التحفظ علي بعض المواد به أبرزها المادة العاشرة التي تنص علي 'جواز منع التظاهرة حيث يجوز لمدير الأمن منعها إذا ما وصلت دلائل علي ما يهدد الأمن والسلم أو إرجاءها أو نقلها الي مكان اخر أو نقل مسارها علي أن يبلغ المنظمون قبل الميعاد المحدد ب 24 ساعة علي الاقل ويجوز لمقدمي الإخطار التظلم من قرار المنع أو الإرجاء أمام قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية'، والماده 11 التي نصها 'علي أن قوات الأمن تتولي اتخاذ ما يلزم من اجراءات وتدابير لتأمين الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة والحفاظ علي المشاركين فيها دون ان يترتب علي ذلك ما يخل بالغرض منها واذا وقعت جريمة أو خروج علي الطابع السلمي تقوم قوات الأمن بالزي الرسمي بفض الاجتماع العام أو تفريق التظاهرة والقبض علي المتهمين بارتكاب الجريمة ويجوز لمدير الأمن أن يطلب من قاضي الأمور الوقتية ندب من يراه لإثبات عدم سلمية التظاهرة'، بينما رفضت بعض القوي الثورية والاحزاب القانون بمجمله، ودعت للتظاهر ضده، كما هدد البعض بالاعتصام في ميدان طلعت حرب حتي يتم سحب القانون. وفي المقابل لقي القانون ترحيبا واسعا من خبراء قانونيين أكدوا تأخر صدوره لأن البلاد في حاجة شديدة له في الفترة الحالية، واعتبروه الرادع لممارسات جماعة الإخوان التي تعرقل انطلاق خارطة الطريق.. المستشار بهاء الدين أبو شقة 'الفقيه القانوني' أكد أن قانون التظاهر الذي صدر من أجل أمرين، أولا تنظيم حق التظاهر السلمي الذي يعد حقاً دستورياً منصوصاً عليه في كافة دساتير العالم، والذي يكفل حرية الرأي والتعبير، موضحا أنه في حالة الخروج عن حدود السلمية وتحول الامر الي عنف وبلطجة يتم تطبيق القانون. والأمر الثاني هو حق الدولة في تنظيم أي اجتماعات يمكنها تحقيق الصالح العام بما في ذلك مصلحة الوطن والمواطن معاً، وهنا يتضح الفرق بين الحق الدستوري وبين تنظيم استعماله. وأشار 'ابو شقه' الي ان قانون التظاهر ليس بجديد حيث كان يسمي بالقانون رقم 14 لسنة 1923، ولكن تم اضافة بعض البنود عليه منها منع حمل السلاح في التظاهرات وامتدت العقوبة فيه إلي السجن المؤبد أو الإعدام، وقد أحال في ذلك إلي القانون رقم 314 لسنة 1954 وتعديله بالقانون رقم 6 لسنة 1912 الذي يعاقب وجوبياً عند حيازة السلاح الآلي أو المفرقعات بما يهدد السلم أو الأمن العام للخطر فيعاقب بالإعدام. وينص ايضا علي عدم استغلال دور العبادة في تنظيم الاجتماعات أو ما شابه، كما ينظم إجراءات الاجتماع أو التجمهر بما يزيد علي 10 أشخاص التي تلزم التقدم مسبقاً بسبعة أيام لإخطار السلطات الأمنية بتاريخ التظاهر والغرض منه، ويمكنها إلغاء أي اجتماع أو تظاهر قبل الميعاد المحدد له إذا ما رأت السلطات الأمنية ان هناك ما يهدد أمن الوطن أو المواطن، وبذلك فإن القانون الجديد يهدف إلي التوفيق بين حق المجتمع والفرد ومن يعارضه يخل بأمن الوطن واستقراره. واتفق معه الدكتور شوقي السيد 'أستاذ القانون' قائلا: إن هذا القانون تأخر كثيراً فهو يحمي حقوق المواطن والدولة معاً، كما يضع ضوابط حاسمة للحد من الفوضي والعنف والشغب الذي يأتي بعد المظاهرات، مشيرا إلي أن التصريح المسبق بالتجمهر ضروري جدا من أجل الأمن العام. واختلف معهم الدكتور جمال زهران 'أستاذ العلوم السياسية'، حيث يستنكر إصرار الحكومة علي تمرير قانون التظاهر، رغم اعتراض كثير من القوي الثورية والسياسية عليه. كما رفض 'زهران' دعاوي المصالحة مع الاخوان التي يدعو لها ما اطلق عليه الطابور الخامس، قائلا: إن ذلك يعرقل مسيرة الثورة، وأنه لم تكن هناك حاجة الي قانون التظاهر في الوقت الحالي بينما نحتاج إلي قانون الارهاب، لأن مصر في حرب مع الارهاب، وتواجه عدوا غير واضح، يهدد امنها في اي وقت. وأشار 'زهران' إلي أنه يتحفظ شخصيا علي بعض المواد التي نص عليها قانون التظاهر، منها 'ضرورة إخطار جهات الشرطة قبل موعد التظاهر بثلاثة ايام'، موضحا انه من المفترض ابلاغ الشرطة دون انتظار الموافقة من اجل حماية المتظاهرين فقط، مضيفا أن قانون التظاهر بصيغته الحالية يحد من حرية التعبير عن الرأي . وأعرب محمد عطية 'عضو تكتل القوي الثورية'، عن رفضه لقانون التظاهر لانه سوف يشق الصف الوطني، مضيفا ان القانون يمكن أن يضع النظام بين خيارين، الصدام أو عدم القدرة علي تنفيذ القانون، وأنه كان الافضل صدور القانون بعد اجراء حوار مجتمعي عليه. وأضاف 'عطية' أن القانون يتضمن بعض المواد غير المقبولة والتي تشكل تضييقا علي الحريات ومنها طول المدة المطلوبة للاخطار قبلها وهي 3 ايام. ومن جانبها قالت الدكتورة كريمة الحفناوي 'الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري' إن قانون التظاهر ليس، بكاملة، مرفوضا ولكن يحتاج إلي تعديل لبعض المواد وهي، المادة 10 من قانون التظاهر التي تنص علي حق وزير الداخلية في إلغاء التظاهرة في أي وقت في حال وجود أخطار أمنية، مؤكدة أن تلك المادة ستكون ثغرة لالغاء المظاهرات قانونيا، وان الداخلية مهمتها تأمين التظاهرات وليس منعها، كما ان المادة 12 التي تنص علي رد قوات الداخلية العنف بالمثل، تعتبر انتهاك لحقوق الانسان. وأشارت 'الحفناوي' إلي أن معظم التظاهرات التي نشبت خلال العقود الماضية بداية من الحركات والاحتجاجات الطلابية في السبعينيات، وحتي التظاهرات التي خرجت في 25 يناير و30 يونية، كانت تتسم بالسلمية، ولم يحدث عنف الا في تظاهرات الإخوان. وتري 'الحفناوي' أن قانون التظاهر ليس معناه تجريم التظاهر أو منعه كما يصور البعض، ولكن تنظيمه لأن حق التظاهر انتزعه المواطن المصري بالثورة ولا يمكن التنازل عنه بأي شكل. وان من يعترض علي القانون ككل لا يريد بالبلاد خيراً ويسعي لاستمرار الفوضي وقطع الطرق وترويع الآمنين. واستنكر الدكتور عبد الله المغازي 'أستاذ القانون الدستوري وعضو مجلس الشعب السابق'، منهج الكيل بمكيالين الذي اتبعته الشرطة في التعامل لأنه في الوقت الذي طبقت قانون التظاهر بكل حزم مع متظاهري مجلس الشوري، لم تستجب لاستغاثة عميدة كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر ' بنات ' التي حاصرها الطالبات داخل مكتبها بالمعهد. ويري 'المغازي' انه لا وقت للتظاهرات، لاننا نواجه حربًا ضد الارهاب، مطالبا الجميع بضبط النفس واحترام القانون، مؤكدا حق التظاهر والاعتراض علي القانون. ومن جانبه يري حسين عبد الرازق 'عضو لجنة الخمسين لتعديل الدستور' إن تظاهرات مجلس الشوري سلمية، ولم تعطل المرور حتي رغم هتافهم ضد لجنة الخمسين في الاعتراض والتعبير عن الرأي حق لا يمكن سلبه من الشعب المصري، منتقدا استخدام العنف ضدهم. وعلق شهاب وجيه 'المتحدث الرسمي باسم حزب المصريين الأحرار' علي قانون التظاهر قائلا أنه كان من الأفضل تطبيق قانون العقوبات علي أي شخص يتعدي علي المنشآت العامة. وأكد وجيه أن الحزب مع فكرة إصدار قانون للتظاهر ولكن ليس بالنص الحالي الذي تم اعتماده، فيجب تعديله، لانه لا يتناسب مع الثورة، مشيرا إلي اعتراض الحزب علي بعض مواد القانون والتي تجيز منع التظاهرة والتظلم منها.