سألني صديقي - الذي يكره تنظيم 'الإخوان' وحلفاءهم - عن رأيي فيما يقوله أصدقاء وزملاء لنا علي شاشة إحدي القنوات الفضائية وما يكتبونه علي صفحات التواصل الاجتماعي من دعم لجماعة 'الإخوان'؟! وقبل أن أرد سارع بالسؤال الثاني وقال: وما رأيك فيما يصدر عن قيادات 'الجبهة السلفية' و'الجماعة الإسلامية' وحزب الاستقلال 'العمل سابقا' وغيرهم من أعضاء ما يسمي ب 'تحالف دعم الشرعية' من أقوال وأفعال تدفع التنظيم الإخواني إلي رحي المعارك المتواصلة؟!.. قاطعت صاحبنا بصعوبة وأثرت غيظه وقلت: 'قد لا تكون هناك نيات سيئة لدي أصدقائنا الصحفيين والإعلاميين المرابطين في عاصمة إحدي الدول العربية ضيوفاً علي شاشة إحدي الفضائيات، وقد يكون دفاعهم عن 'الإخوان' عن قناعة سياسية وفكرية' !! اشتعل صديقي غضباً وقال: قناعة.. عن أي قناعة تتحدث إن أكثرهم لا يكرهون شيئاً مثل كراهيتهم لجماعة 'الإخوان' وآثار ضربات 'الإخوان' وطعناتهم لا تزال بادية علي رؤوسهم جميعاً.. وكل منهم تجرع من 'الإخوان' مرارة وخداعاً.. فهذا منحوه وعد عرقوب أن يكون علي قائمتهم الانتخابية في البرلمان، وخرج من التجربة وهو يلعن هذا التنظيم، وآخر خاض معهم تجربة صحفية وحزبية مريرة، وثالث يتحسس آثار جروح حزبه منهم' ورابع شق عصا الطاعة الإخوانية ثم عاد وانتظم ثم انشق ثم عاد وهكذا !! وأفرغ صديقي ما في جعبته وأغلق كل مداخل الحديث أمامي وأضاف: أما الجماعات والأحزاب التي تشارك في التحالف الداعم لهم فأكثرهم كان قبل ستة أشهر يشارك في تحالفات الهدف منها خوض الانتخابات والحصول علي أغلبية برلمانية تمنحهم الحق في انتزاع الحقائب الوزارية من جماعة 'الإخوان' ثم التكتل وراء مرشح رئاسي يطيح بالدكتور محمد مرسي'.. فماذا جري كي ينزفوا الدموع علي ضياع السلطة من الدكتور محمد مرسي و'الإخوان'؟!! ويبدو أن نظرية المؤامرة كانت حاكمة لتفكير صديقي فسألني ساخراً: لماذا تدعم إيران 'الشيعية' حزباً إسلامياً عربياً يرفع شعارات -لا نعلم صدقاً كانت أو كذباً- ويزعم أنه من أهل 'السنة والجماعة'؟!! ولماذا تدعم قطر جماعات سلفية تعلن عداءها لإسرائيل، ومعروف للكافة أن قطر هي الصديقة الصدوق للولايات المتحدة وإسرائيل وتفتح أرضها للقواعد الأمريكية التي يمكن للقرضاوي أن يراها ذهاباً وإيابا قبل أن يرتقي منبره ويتحدث عن المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية التي تقف وراء الإطاحة بمحمد مرسي حسب زعمه؟! وبدا من حديث صديقي أنه سيلقي الجملة الأخيرة من حديثه الساخن وقال: ما رأيك في صديقنا القيادي الحزبي الذي يدافع عن جيش بشار الأسد، ولا يترك نقيصة إلا ويلصقها بجيش مصر؟! ولا يكل ولا يمل من ترويج الشائعات ضد القيادات العسكرية المصرية؟!! وقبل أن ينطق لساني بحرف واحد، خطف صديقي الحوار لنفسه وانطلق في فاصل آخر إجابة وسؤالاً وألقي في وجهي بمفاجأة وقال: أنا سعيد جداً بما يفعله أصدقاؤنا ومعهم أحزاب وجماعات 'التحالف' لأن 'الإخوان' جاءهم العدو الصديق فوقف خلف ظهرانيهم يدفعهم إلي الأمام ويصفق ويهلل ويبشرهم بالسراب الذي يظهر في الأفق بعد بحر الرمال الناعمة وها هي جماعة 'الإخوان' تسابق الزمن في طريقها إلي حتفها راقصة طرباً علي ألحان أصدقاء ونفير قيادات لا تختلف كثيرا عن الدبة التي قتلت صاحبها، وقد صدق في جماعة 'الإخوان' قول الدكتور مصطفي محمود: 'الحرب العصرية هي أن تجعل خصمك يقتل نفسه بنفسه بدلا من أن تكلف نفسك بمشقة قتله'!! استراح صديقي بعد أن أفرغ ما في نفسه أمامي وتركني وانصرف لكن كلماته ظلت عالقة في ذهني.. فلها من الصواب نصيب، وتستحق أن أتوقف عندها كثيراً !! وللعدل والإنصاف فإن صديقي معه كل الحق في أن يصف قيادات 'الإخوان' بالدبة التي قتلت صاحبها، وصدق في الحلفاء وصف العدو الصديق !! وحكاية الدُبة التي قتلت صاحبها، من الحكايات الشعبية التي يحكيها الآباء لأبنائهم بروايات مختلفة تنتهي بنهاية واحدة، فهناك رواية عن الدُبة التي كانت تصاحب إنسانا أراد أن يأتي ببعض العسل فهاجمه النحل، فأرادت الدبة أن تنقذه فضربت رأسه بحجر كي تقتل النحل.. وفي رواية أخري أن صاحب الدبة كان نائماً والذباب يقفز فوق رأسه، فأرادت الدبة أن تحمي صاحبها مما يكدر نومه فضربت الذباب بحجر جعله ينام نوما طويلاً إلي يوم القيامة!! - وإليكم 'إخوان' الدبة التي قتلت صاحبها: قبل الثلاثين من يونيو 2013 كانت الأحزاب والجماعات التي شكلت فيما بعد 'التحالف الوطني من أجل دعم الشرعية'، تخطط لإبعاد 'الإخوان' عن الأغلبية البرلمانية، والإطاحة بهم خارج مجلس الوزراء بعد أول انتخابات، ثم الدفع بمرشح رئاسي والتخلص من الرئيس الإخواني محمد مرسي.. فماذا جري لهم حتي ينقلبوا فجأة ويقيموا الدنيا ولا يقعدوها للمطالبة بعودة الرئيس الإخواني إلي الحكم؟!! ونعود معكم لنقلب الصفحات، ونستدعي بعض المواقف: - قبل الانتخابات الرئاسية، وقبل أن يعلن 'الإخوان' اسم مرشحهم للرئاسة، كان رئيس حزب من أحزاب التحالف – حالياً- في طريقه لمتابعة إجراءات تأسيس حزبه وأثناء سيره في ساحة دار القضاء العالي، سأله أحد أصدقائه عن توقعاته للانتخابات الرئاسية؟!! فأجابه قائلا: إن 'الإخوان' سيطرحون مرشحاً رئاسياً يتولي الحكم ويعود بالتنظيم خمسين عاماً إلي الخلف.. والسؤال الذي ظل عالقاً في رأس صديقه حتي الآن: من أين عرف رئيس الحزب بما سيقع فيه 'الإخوان' من خدعة الدفع بمرشح رئاسي، ومن أين عرف باسم المرشح الذي سيختاره 'الإخوان' ليتقهقر بالجماعة إلي الخلف خمسين سنة علي الأقل !!! وربما نجد الإجابة في اقوال خيرت الشاطر التي تحدث بها لأعضاء تنظيمه الإخواني.. يقول 'الشاطر': قبل أن يتخذ مكتب الإرشاد قراره بخوض الانتخابات الرئاسية، تحدثت معي قيادات سلفية من حزب معروف، وأكدت لي أنهم يرون أن المصلحة العامة تقتضي أن أرشح نفسي لرئاسة الجمهورية، فقلت لهم إن الجماعة سبق أن أعلنت أنها لن تدفع بمرشح رئاسي، وكان خلاصة حديثهم الإلحاح بكل قوة علي أن أخوض الانتخابات، فقلت لهم وماذا لو اختارت الجماعة شخصاً آخر؟! فكانت إجابتهم لا نوافق علي أي شخص سوي المهندس خيرت الشاطر!! والمستفاد من رواية 'الشاطر' أن هناك من كان يلعب برؤوسهم ليدفعهم إلي بحر الرمال الناعمة، حيث كل أثقال تحملها الجماعة وكل مسئوليات ترفعها علي أعناقها تعني الغوص السريع في أعماق الرمال الناعمة، وبتعريف آخر تعني التعجيل بهلاك جماعة 'الإخوان' وزوالها من علي الساحة !! - وقبل ساعات من جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية دار حديث ودي بين رئيس هذا الحزب وأحد الصحفيين، فسأله الأخير عن أسباب دعمه للدكتور محمد مرسي في مواجهة الفريق أحمد شفيق، رغم تاريخ الإخوان السيئ معه ومواقفهم المخزية مع فصيله السياسي؟!! وفتح هذا السؤال أبواب إجابات كثيرة كان أهمها تأكيده علي أن جهازاً أمنيا هو الذي كان يضع لجماعة 'الإخوان' قوائم مرشحي التحالف، ودلل علي قوله إن القائمة الانتخابية الإخوانية شملت رئيس حزب وصفه بأنه من الموالين لجهاز أمني، وفي المقابل تم استبعاد آخرين لهم تاريخهم السياسي والوطني!! ووجه صاحبنا رئيس الحزب العديد من الانتقادات العلنية لجماعة 'الإخوان'، ومع ذلك استمر في التحالف معهم حتي جاء الشهر السادس من حكم الإخوان لمصر، ورأيته من مؤسسي تحالف إسلامي يخطط للإطاحة ب 'الإخوان' من الحكم، وبالفعل تأسس هذا التحالف وكان يضم أحزاباً من الجبهة السلفية.. ثم تغير موقف صاحبنا وأصبح من أشد المدافعين عن 'الإخوان' والمطالبين بعودة مرسي مع أنه لا يري في أهل السنة والجماعة فصيلاً واحداً أو نموذجاً يصلح للحكم.. لا 'إخوان' ولا 'قاعدة' ولا ما بينهم، فهو يري المثالية في نموذج آخر !! وعلي صراط صاحبنا رئيس الحزب ومن تحالف معه، سارت 'الجماعة الإسلامية'، وأعلنت أنها بصدد تشكيل تحالف لا يجمع بين صفوفه 'الإخوان ' وعقدت الجماعة مؤتمراً صحفياً في مقر حزبها 'البناء والتنمية'، يوم الثلاثاء، 22 يناير 2013 لتبشر بمشروع 'تحالف وطني إسلامي' يجمع الفصائل الإسلامية عدا 'الإخوان المسلمين'، مع السماح بتنسيق محدود معهم في بعض الدوائر التي لا مفر من تركها لمرشحي 'الإخوان'، وأكد الدكتور صفوت عبد الغني القيادي في 'الجماعة' وحزب 'البناء والتنمية' أن هذا التحالف سيخوض الانتخابات تحت قائمة واحدة، وخلال كلمته في المؤتمر أطلق عبد الغني وابلاً من الهجوم الساخن علي نظام 'الإخوان'، حيث أكد 'أن هناك قرارات وشعارات كثيرة رفعت ولم يتحقق قصاص عادل وعاجل لدماء الشهداء، أما عن الوضع الاقتصادي فقال 'للأسف الفقراء ازدادوا فقراً، وأصبح المواطن يسير الآن في الشارع وهو ناقم علي الوضع العام'، وأضاف 'لا أري سوي أننا نتسول المنح والمعونات من هنا وهناك، ولم نر مشروعا جدياً واحداً يعود علي الفقراء والمساكين'، واتهم عبد الغني 'الإخوان' بالكذب والخداع في حديثهم عن مشروع النهضة وقال: 'أنا أقول إنه ليس هناك مشروع نهضة ولا غيره'، وكان قوله مؤلماً لجماعة 'الإخوان'، فقد هاجمهم قبل أن يجف حبر قرار مرسي بتعيينه في مجلس الشوري!! - أحد الذين يطالبون 'الإخوان' من موقعه في لندن بقتال الجيش والشرطة كتب يوم الاثنين 17 سبتمبر 2012 يقول عن 'محمد مرسي' والتنظيم الإخواني الحاكم في ذلك الوقت: 'والله إن كلّ هؤلاء '...... '، العريان والكتاتني وبكار والزمر ومحمد مرسي، ومن لفّ لفهم، ومن سار سيرهم، ومن نصرهم ووقف إلي جانبهم لأي سبب كان، ما هم إلا خونة لحرمة نبينا صلي الله عليه وسلم، يقولون كلمة عن 'شجب الفيلم المُسيء' كما يسمّونه، ثم يسردون مقالاً في ضبط النفس وعدم الاعتداء علي السفارات، وحرمة قتل النفس! بل إن كبيرهم مرسي، صاحب الكرسي، قد كذب علي رسول الله صلي الله عليه سلم متعمداً، حين أعلن بلا حياء أن 'حرمة نفس السفير الأمريكي أشد حرمة من الكعبة'، أخزاك الله وأعماك من منافق كذوب. لقد حرّف هذا الدعيّ، صاحب الكرسيّ، الحديث الصحيح عن حرمة دم المؤمن، بأن جعلها حرمة النفس، أيّ نفس! رواه ابن ماجة في سُننه: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: 'ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك، وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه وأن نظن به إلا خيراً' رواه ابن ماجة في سننه في كتاب الفتن بترقيم الموسوعة الحديثية 4067 وصححه الشيخ ناصر الدين الألباني. هكذا يُزوّر حافظ القرآن، الإخوانيّ حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم! بل لقد خرج هذا الدعيّ صاحب الكرسيّ يدافع عن إلهام شاهين '...... '، ويعقد المؤتمرات الصحفية ويدعو للإبداع' الفاحش، بعد يومين من حديث العلماء الأفاضل عبد الله بدر ووجدي غنيم، عن إجرامها و'.....'، لكن، هو يكتفي بشجب 'الفيلم المُسيء' ثم يدين التظاهر وضرب سفارة '.....' واليوم تصدر عن الجهادي عشرات البيانات والفتاوي التي أهدرت دماء الجيش والشرطة في مصر بعد عزل الدكتور محمد مرسي من منصبه ! - الخميس 31 يناير 2013: 'الجبهة السلفية' التي يفصل بينها وبين 'الدعوة السلفية' خلافات كثيرة أصدرت بياناً أعلنت فيه أنها تستبعد 'الإخوان' من التنسيق في أية فعاليات لمواجهة الوضع المتوتر في مصر وقالت الجبهة في بيانها: '.. لن نقف مكتوفي الأيدي تجاه ما يجري، ولكن دون الانجرار إلي العنف أو التخريب، كما هو عهدنا مع جموع شعبنا العظيم، إلا أننا سنعلن عن فعالياتنا في وقتها علي لسان المتحدث الرسمي للجبهة السلفية أو علي صفحتنا الرسمية، كما لن نقوم بأي تحرك إلا بالتنسيق مع القوي الإسلامية إلا جماعة 'الإخوان' المسلمين والدعوة السلفية وحزبيهما المعروفين'. وتأسس التحالف الأول والثاني والثالث وكان كل منها يمضي بكل قوة في خطته إلي أن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، وجاءت نذر الثلاثين من يونيو تقرع أسماع الفصائل التي ترفع شعارات إسلامية فاجتمعوا في ساحة 'رابعة العدوية' قبل الثلاثين من يونيو تحت شعار 'لا للعنف' مع أن ألسنتهم لم تنطق إلا عنفاً.. ووقف صفوت عبد الغني علي منصة 'رابعة العدوية' عدة مرات، ليبشر المعتصمين بأسود الجماعة الإسلامية الذين يقفون خلفهم.. وعند الجد، تصاغرت الأسود، وظهر التعداد الحقيقي لأعضاء الجماعة الإسلامية. قيادي آخر لا يملك حشوداً، لكنه يمتلك ما يبشر به 'الإخوان' بالانشقاق القادم في صفوف الجيش، وقد استطاع بشائعاته التي يروجها أن ينقل الفريق عبد الفتاح السيسي إلي المنفي هارباً ويعيده إلي منصبه عدة مرات، فتارة ينشر خبر هروبه من مطار القاهرة، ثم ينشر خبرا آخر عن هروبه من مطار ألماظة، ثم يبشر 'الإخوان' بخبر اختفائه ثم إصابته ثم مقتله، وينسي ما بشر به ويعود بعد فترة لينقل ل 'الإخوان' مرة أخري نبأ إصابته ثم اختفائه ومقتله وهكذا ومن أحدث أخباره في الأسبوع الأول من نوفمبر 2013 أن الفريق السيسي في المستشفي بين الحياة والموت.. وعندما قال له أحد الأصدقاء وماذا عن صور الفريق السيسي مع جون كيري.. قال إنها مزيفة؟!!!!! ولا يزال صاحبنا في مسيرته لا يكل ولا يمل من ترويج التقارير الوهمية عن وهن الجيش وتفكك قواته وفساد قادته، ويتخذ من ذلك انطلاقة لدعوات جديدة لمزيد من التظاهر والاحتجاج.. فالنصر علي مرأي البصر، ومحمد مرسي قاب قوسين أو أدني من كرسي العرش، وصدقه بعضهم وأعلن أن يوم الرابع من نوفمبر - يوم الجلسة الأولي لمحاكمة مرسي في أولي القضايا المتهم فيها - سيكون يوم تحريرها وستتدفق أمواج الجماهير إلي قاعة المحكمة لتحمله علي الأعناق وتسير به إلي قصر الاتحادية كي ترفعه علي العرش، ولا مانع لدي صاحبنا من تفجر أنهار الدماء.. 'ومن لم يعد إلي صوابه من الشعب في المذبحة الأولي.. يعود في الثانية والثالثة والرابعة.. إلخ ' هكذا كتب في مقال له وكأن ابناء مصر طيور لا قيمة لذبحها كي يحقق أمجاده وبطولاته وتصدق مقالاته وكتاباته!! أما داخل جماعة 'الإخوان' فالدبة التي قتلت صاحبها لها صولات وجولات، فقد كانت أخطاء القيادات هي الطائرة المكوكية التي تربط بين تنظيم 'الإخوان' وزنازين السجون والمعتقلات ذهاباً وإياباً.. وإليكم هذه الصور والمشاهد المتكررة للدبة وهي تقتل صاحبها: 1- تسببت الثقة الزائدة في القدرات التنظيمية للجماعة في حصول أجهزة الأمن علي أدق المعلومات عن هيكل التنظيم ومخططاته وقائمة الأعضاء والقيادات منسوخة جاهزة علي أقراص مدمجة، ولعل القضية المعروفة باسم 'سلسبيل' نموذج لهذه الثقة المفرطة، حيث تمكنت مباحث أمن الدولة عام 1992 من الوصول إلي معلومات مهمة عن التنظيم بسهولة ويسر من شبكات الحاسب الآلي، الخاصة بشركة 'سلسبيل' التي أسسها المهندس خيرت الشاطر والسيد حسن مالك، وخضع خيرت الشاطر وعدد من القيادات الإخوانية لتحقيقات أمام النيابة ومحاكمة جنائية انتهت إلي البراءة بعد أحد عشر شهراً من الحبس الاحتياطي لمن شملهم قرار الإتهام، لكن المهم لدي أجهزة الأمن ما وصل إليها من معلومات جعلت التنظيم أمامها كتاباً مفتوحاً بسبب أخطاء القائمين علي تأمين معلوماته!! ومما دفع أجهزة الأمن للبحث وراء 'سلسبيل' في ذلك الوقت أنها تقدمت بشكل رسمي لتنافس شركات كبري في عمليات لأجهزة أمنية رفيعة المستوي ولجهات حكومية مهمة وثبت في يقين أصحاب القرار في نظام مبارك أن رقبتهم قد اصبحت في قبضة 'الإخوان' بعد تنفيذ مثل هذه العمليات، ولهذا كان قرار تدمير شركة 'سلسبيل'، وكانت المفاجأة في ضبط بعض الأجهزة والاسطوانات المدمجة، وعليها معلومات مهمة عن التنظيم، ولاندري كيف وافقت الجماعة علي دخول شركة 'سلسبيل' في مغامرة تنفيذ أعمال تابعة لأجهزة أمنية وهي تعلم أن مثل هذه الأعمال ستفتح علي 'الإخوان' أبواب الجحيم؟!! ولهذا لم تكن منافسة 'سلسبيل' لإحدي شركات مجدي راسخ صهر علاء مبارك هي السبب كما يردد الإخوان ولكن جاءت الضربة من الدبة التي قتلت صاحبها!! 2- قدم الدكتور عصام العريان معلومات مهمة علي طبق من ذهب إلي أجهزة الأمن نهاية عام 1994، وسلم لأجهزة الأمن القرار الخاص بالدعم المالي لحركة ' حماس' في فلسطين، وذلك بسبب عدم اهتمامه بإخفاء محضر اجتماع المكتب الإداري للجماعة في محافظة الجيزة حتي جاءت حملة أمنية مفاجئة اقتحمت منزله وقامت بإثبات هذا المحضر في المضبوطات، وأرشد محتواه أجهزة الأمن عن صدور تعليمات من التنظيم الدولي برفع قيمة الاشتراكات التي يدفعها الأعضاء مع إبلاغ الأعضاء في مستوي الأقل من 'النقيب' أن هذه الزيادة ستذهب لعمليات الإغاثة الإنسانية للأقليات المسلمة، بينما يتم ابلاغ القيادات الأعلي بأن الزيادات تذهب لحركة 'حماس' في فلسطين، وتعني هذه المعلومة الكثير لنظام مبارك كما تعني الكثير للولايات المتحدةالأمريكية، ومن هنا كان لا بد من توجيه ضربات قوية للجماعة للحد من قدراتها المالية والتنظيمية !! 3- وجاءت هذه المعلومة الخطيرة في توقيت وصول معلومات أخري بوثائق قدمها لأجهزة الأمن قيادي إخواني كبير في إحدي المحافظات، بخطأ وإهمال مشابه لما فعله 'العريان'، حيث نسي في بهو شقته 'الخطة الخمسية الجديدة للجماعة' ومعها تسجيلات الفيديو التي يوزعها التنظيم باسم 'لقاء الشهر' وتتضمن محاضرات سياسية وتربوية من القيادات بالقاهرة إلي الأعضاء في مختلف المحافظات، وكان هذا قبل استخدام الإنترنت في مثل هذه المهمة، وشملت المضبوطات قائمة بأسماء من حضروا الاجتماع، وضبطت أجهزة الأمن كل ما كان في منزل القيادي المعروف من وثائق ومستندات بمنتهي السهولة واليسر!! وكادت قيادات في الجماعة تدفع حياتها ثمناً لهذه الرعونة ومنهم الدكتور محمود حسين 'الأمين العام الحالي للجماعة' الذي أعلنوا وفاته في سجنه بعد أن تعرض لأزمة صحية شديدة، ونقلته وزارة الداخلية من سجنه إلي المستشفي بين الموت والحياة، وتم إنقاذه بأعجوبة، وتعرض أيضا لخطر الموت الدكتور علي عز الدين ثابت أحد قيادات الجماعة عندما صدر حكم بسجنه 3 سنوات في ذات القضية العسكرية دون أن يكون لدي بعض القيادات الرئيسية علم بحالته الصحية المتدهورة إلا بعد تنفيذه للحكم وتناول إعلام الجماعة حالته بعد سجنه!! 4- في نهاية عام 2006 م تسببت رعونة عناصر بارزة في جماعة 'الإخوان' في تدمير إحدي شركات السيارات المعروفة في مصر، بعد أنباء عن تعاون أحد الشركاء مع عناصر من أعضاء الجماعة، واستثمار مبالغ كبيرة خاصة بهم في نشاط الشركة، ووصلت إلي أجهزة الأمن معلومات تفيد بأن أعضاء الجماعة قاموا بجمع مبالغ مالية كبيرة من الأعضاء وغير الأعضاء وقاموا باستثمارها في شركة السيارات، وكان نصيب شخصية معروفة من هذه الإستثمارات نصف مليون جنيه، وقامت شخصية نسائية أخري بجمع حوالي مائتي ألف جنيه، وكان أقل المبالغ من عضو آخر هو مبلغ خمسين ألف جنيه، وأفادت المعلومات أن عائد هذه المبالغ يتم توظيفه في نشاط إعلامي تابع لجماعةالإخوان، عندها كتب الإخوان بأنفسهم نهاية هذه الشركة وتم تدميرها بالوسائل المعروفة!! 5- لا يزال السؤال يتردد داخل 'الإخوان' عن الفائدة التي عادت علي 'الجماعة' من قرار تنظيم عرض الفنون القتالية أمام مكتب رئيس جامعة الأزهر في نهاية عام 2006 خاصة أن هذا العرض جاء بعد توتر داخل الجامعة وموجة من الغضب الأمني ضد طلاب 'الإخوان'؟ وماذا حقق القيادي صاحب فكرة العرض الذي أيد فكرته بحديث 'أروهم من أنفسكم قوة'؟!! لقد دفعت الجماعة ثمناً باهظاً لهذه الفكرة، بمحاكمة عدد كبير من قادتها، في القضية المعروفة إعلامياً بقضية ميليشيات جامعة الأزهر، وكانت هذه القضية هي المحاكمة العسكرية السابعة لجماعة 'الإخوان' في عهد مبارك، والمحاكمة العسكرية التاسعة في تاريخ الجماعة. وصدر قرار رئيس الجمهورية محمد حسني مبارك في 5 فبراير 2007 بإحالة القضية إلي القضاء العسكري، وأصدرت النيابة العسكرية قرارا بإحالة المتهمين أمام المحكمة العسكرية العليا في 23 أبريل 2007، واستمرت المحاكمة 73 جلسة بدأت في 26 أبريل 2007 وانتهت بصدور الحكم في جلسة الثلاثاء 15 أبريل 2008 بعد أن تأجل النطق بالحكم لثلاث مرات. وحكم علي 25 من قيادت جماعة الإخوان المسلمين بالسجن لمدد تتراوح بين الثلاث والعشر سنوات بتهم كغسيل الأموال والانتماء لجماعة محظورة وقضت المحكمة ببراءة 15 منهم، وكان نصيب خيرت الشاطر من هذه القضية الحكم بسجنه 7 سنوات.. كما قضت المحكمة بمصادرة أموال خيرت الشاطر وحسن مالك في شركة 'مالك' وفروعها و'رواج' وفروعها. ومصادرة نصيب حسن مالك في شركة 'الأنوار'، ومصادرة نصيب خيرت الشاطر ود.أحمد عبد العاطي في شركة 'الحياة للأدوية'، ومصادرة نصيب أ. أحمد أشرف في 'دار التوزيع والنشر الإسلامية' وكانت هذه القضية سببا في خلافات كبيرة بين خيرت الشاطر وحسن مالك، حيث أعلن مالك صراحة أن خيرت الشاطر هو المسئول عما لحق به من اضرار وعلي الأخص مصادرة أموالها، ووصل الخلاف بين الشاطر ومالك إلي الدرجة التي طالب فيها حسن مالك من إدارة السجن نقله إلي زنزانة أخري بعيداً عن الشاطر !! وكان القيادي صاحب فكرة استعراض الفنون القتالية هو الدبة التي قتلت صاحبها !!!! وكانت الطامة الكبري علي رأس الجماعة أنها لم تتعلم من أخطائها، وجاءت بذات القيادات التي قادت الجماعة إلي 7 محاكمات عسكرية في عهد مبارك، ووضعتها علي رأس السلطة في الدولة والجماعة، فسطقت دولتهم وعادت جماعتهم إلي نقطة الصفر!! بهؤلاء يحتمي 'الإخوان' وهم في أمان بمن يتوهمون أنهم خط الدفاع الأول ورأس الحربة، ويعتقدون أنهم الرماة، والنصر قادم لا محالة بسهامهم.. لكن يبدو أن هذه السهام ضلت طريقها واتجهت إلي ظهور 'الإخوان' والخسائر تقع في صفوف 'الإخوان' وحدهم، ولا يصيب غيرهم إلا القليل من الخسائر، إن كانت هناك خسائر !! وسوف تستمر أحزاب وجماعات التحالف من أجل دعم الشرعية في دفع 'الإخوان' إلي الجهاد حتي آخر عضو في التنظيم الإخواني، وعلي المنوال نفسه سوف تستمر القيادة الإخوانية في قراراتها، وستلقي بالأحجار فوق رأس التنظيم كي تدفع عنه الخطر !!