لرابعة العدوية مكانة خاصة في قلوب المصريين لطهارتها وعفتها ومكانتها الدينية العالية التي أرتقتها بسبب قوة إيمانها وحبها الخالص لوجه الله وابتغاء مرضاته وأيضا لرفضها الزواج وملذات الدنيا عندما وهبت نفسها تشبها بالسيدة مريم إلي عبادة الله ومناجاته بأشعارها الصوفية الفلسفية التي ارتقت بها عند الله مكانا عليا ولهذا فقد أحبها المصريين حبا كبيرا لا يقل عن حبهم وتبجيلهم لآل البيت والصحابة فانتشرت من أجلها المؤلفات وحملت لها الذاكرة الشعبية والوجدان الشعبي والمرويات الكثيرة التي تظهر قيمة شخصيتها وقوة إيمانها، وفرحة المصريين لرضا الله عنها عندما عدت كأولياء الله الصالحين المبشرين بالجنة، لم يتوقف حبها لدي المصريين عند هذا الحد فبعد تخليدها في قصص وأشعار الأدب الشعبي تم إنتاج فيلم درامي ومسلسل إذاعي باسمها في فترة الستينات من القرن الماضي وجاءت أشعارها الصوفية الخالدة التي غنتها أم كلثوم من مجموعة أغاني فيلم رابعة بألحانها الرائعة ومنها أغنية الرضا والنور، وأصبحت تلك الأغاني الدينية مشهورة ومتوارثة ويتم عرضها وإذاعتها في كل المناسبات الدينية الإسلامية في مصر وخارجها، وقد توج هذا الحب بإقامة مسجد باسمها بمدينة نصر عام 1993 وعلي إثره تم تسمية الميدان باسمها وأصبح المسجد بملحقاته هام وضروري وتشيع فيه جنازات المشاهير وغيرهم لاقترابه من مدافن شرق القاهرة. ورابعة التي يحمل المسجد اسمها ولدت في مدينة البصرة عام 70 هجرية لأب فقير يرجح أنه إسماعيل العدوي وكان رجلا فقيرا ويعمل بمركب نهري لنقل الركاب وعندما توفي كانت رابعة هي البنت الرابعة لأبيها الذي لم يرزق بالأولاد، واستطاعت في صغرها أن تحفظ القرآن وتلقت معانيه وورعه وفقهه وأدائه من أبيها، ثم تولت بعد أبيها القيام بالأعمال الشاقة بحثا عن الرزق، وتشتت الأسرة ووقعت رابعة في شباك أحد تجار الرقيق الذي باعها لأحد تجار البصرة فأجبرها سيدها علي الغناء في قصره لأصدقائه وضيوفه بالإجبار وظلت رابعة تتصارع مع نفسها بسبب إرادتها في القرب من الله من جهة والحياة التي تجبرها علي الإتيان بأفعال تغضب الله من جهة أخري حتي فاضت دموع التوبة عندما قابلها شيخا فدلها علي الطريق وفتح لها آفاق العشق الإلهي حتي رأي سيدها يوما قنديلا معلق فوق رأسها ليلا وهي تبكي وتناجي الله فأعتقها لوجه الله بعد رؤيته لتلك البشري والمكانة التي نالتها، وظلت رابعة مع الله حتي صعدت روحها إلي الرفيق الأعلي ومن حولها الملائكة وهي مبشرة حسب المرويات الدينية والشفاهية بالجنة. ونحن لم نكن لنتوقع يوما أن يتحول هذا المسجد بعد الأحداث السياسية التي عصفت بمصر بداية من ثورة 25 يناير وصولا إلي مجدها في ثورة الثلاثين من يونيو لكي يتخلص المصريين من حكم الإخوان وخلع مرسي من الحكم لم نكن نتوقع أن يتحول ميدان ومسجد رابعة هذا الرمز الديني إلي اعتصام للإخوان علي هذا النحو المذري ومن هؤلاء الذين مارسوا فيه الكثير من المآسي والمعاصي والسلوكيات اللا أخلاقية والبدع التي تتعارض مع الدين، والفتن والمؤامرات والتحريض علي القتل والتخريب وكل ما يهدد أم الوطن واستقراره وينال من جيشه وشرطته وإرادة شعب مصر وثورته وتعطيل مصالح العباد والبلاد، وأصبح المسجد بملحقاته تحت قبضتهم غرفة عمليات كبيرة لقيادات الإخوان ومورست فيه الكثير من الجرائم وحالات التعذيب ومكان لتجميع كل أنواع الأسلحة للنيل من هذا الوطن. بدأت قصة جماعة الإخوان بالاعتصام بميدان رابعة بعد الإعلان الدستوري لمرسي في 22نوفمبر 2012 عندما احتج المتظاهرين الحقيقيين واعتصموا عند قصر الاتحادية، وعلي إثر ذلك وبتوجيهات من مرسي وقيادات الإخوان احتشد التنظيم بإشارة رابعة ليكونوا قريبين من قصر الاتحادية ثم بدءوا هجومهم علي المعتصمين في 5 ديسمبر 2012 والتي أسفرت عن عشرة قتلي ومئات المصابين و قيام قيادات الإخوان بالقبض علي النشطاء وتعذيبهم علي أسوار القصر وهي القضية التي يحاكم عليها مرسي وأعوانه الآن، بعدها وجد الإخوان بتنظيماتهم السرية والعالمية في رابعة مكانا حيويا واستراتيجيا لهم لقربه من المنشآت العسكرية والمدنية الهامة كما أن هذا التقاطع يتحكم في حركة مرور شرق القاهرة ويصيبها بالشلل المروري التام إلي جانب اعتصامهم بميدان النهضة المحوري والهام والذي يشل الحركة المرورية والخدمية للقاهرة من الجهة الغربية بالجيزة لإصابة القاهرة بالشلل التام وتهديد الدولة كمحاولة منهم لإرجاع مرسي إلي الحكم، وما إن استخدم رجب طيب أوردغان إشارة الأصابع الأربعة في أحد خطاباته تعبيرا عن دعمه لمرسي واعتصام الإخوان حتي التقط الإخوان تلك الشارة وجعلوها شعارا لهم دون أن يعرفوا مصدرها أو تاريخها غير تفسير واحد لأوردغان لها الذي اعتبره رمزا لرابعة العدوية وأنه إشارة جديدة للتعبير عن النصر والتضحية في العالم الإسلامي بدلا من إشارة الإصبعين القديمة، ومعه فقد أصبح هذا الرمز شعارا للإخوان يعبرون عنه بكافة وسائل التعبير ويستخدمونه بكل الحيل لكسب تعاطف العالم وفي كل تظاهراتهم المستمرة في ميادين مصر، وأثناء محاكمات رموزهم الإخوانية وعلي رأسها محاكمة مرسي كانت هناك بعض الحشود من أنصار المعزول عندما قام أحدهم برفع كفه معبرا عن إشارة رابعة أمام أكاديمية الشرطة في وجه إحدي سيدات مصر الفضليات التي كانت تحمل صورة لزعماء مصر واعتدي عليها بالضرب ففجرت تلك الواقعة بذاتها ثورة مصرية جديدة ضد انتهاكات الإخوان في مصر وكشفت للمصريين جميعا ولكل دول العالم مدي ما تحمله تلك السيدة المصرية من انتماء ووطنية ومعرفة سياسية كبيرة لكل الأحداث التي صاحبت الثورة بمصر وما يرتكبه الإخوان في حقها، لقد استطاعت رابعة المصرية السيدة ' عواطف سالم ' أن تثأر لرابعة العدوية تلك الشخصية الدينية الكبيرة مما لحق بها وبخاصة الأحداث الأليمة والجرائم التي مارسها الإخوان في مسجدها وميدانها، عندما استطاعت أم المصريين عواطف سالم أن تهزم الرمز الإخواني الموجه إلي الوطن وتهوي به إلي الأرض السابعة بقوة يدها غير مبالية بما تعرضت له من إهانة وأذي، وكانت تلك اللقطة بمثابة معركة جديدة لأن تهزم بها تلك السيدة كل الإخوان في مصر وخارجها بل هزمت بردة فعلها تلك أوباما وأوردغان والغرب وقطر وحماس وكل من يكيل الفتن والمؤامرات والعداء لمصر، كما استطعنا من خلال القنوات الفضائية المصرية وغيرها من الصحف أن نتعرف علي تلك الشخصية الوطنية التي أعطتنا جميعا نحن أبناء مصر درسا في الوطنية والكرامة وعن أهمية قيمة مصر في هذا العالم فشحذت الهمم من جديد في أبناء مصر بما تعجز أن تفعله الثورات واستطاعت بأحاديثها وفطرتها أن تسرد علينا تاريخا ووقائع لم نكن نتوقعها منها ففاقت بها السياسيين والإعلاميين والمدعين وجاء ذلك بعد أن عرفنا أنها اشتركت في كل أحداث الثورة وطافت من خلالها الميادين وتعرضت من أجل عشقها للوطن للكثير من الاعتداءات برغم فقرها وبساطتها، كما كشفت للحكومة الحالية عجزها عن تلبية مطالب الثورة والنظر إلي الفقراء والمهمشين من هذا الشعب الذي لا يملك قوت يومه ويعيش محروما من أبسط متطلبات الحياة ورغم ذلك شاهدناها وهي تتحلي بروح العزة والكرامة وتجاهد من أجل حب الوطن وتتمني استقراره، كما أن فقرها الذي يشبه فقر رابعة العدوية لم يمنعها عن التمسك بحب الوطن وحب الله والدين، فإن فاقتها رابعة العدوية في مرتبتها الدينية فإنها لاحقتها وساوتها بأفعالها بحبها القوي لهذا الوطن، لما لا وقد أحيت ذكراها عندما ثأرت وقهرت هذا الرمز الإخواني المشين والمسيء لرابعة العدوية وكل من أحبوها وكرموها في مصر. جاء ظهور السيدة عواطف سالم ليقضي علي أهل الردة والظلام عندما طمست رمزهم اللعين، جاءت لتذكرنا بالأم المصرية الأصيلة التي ارتوت من ماء النيل وأكلت من خيره الوفير وربت لنا أجيالا مصرية أصيلة مناها ومنتهاها حب الوطن إنها الصعيدية السمراء الأصيلة بكل ما روته وحكته عن عشق الوطن وحكمتها تجاهه وتمسكها بترابه وفاجأتنا بكل ما روته أننا في ضئالة من أمرنا تجاه الوطن واسترسلت في أمانيها فجعلت الأغنياء يشعرون بالفقراء ونبهت شبابنا إلي معني حب الوطن ودعت إلي التمسك بالفضيلة وقيم الرجولة والشهامة التي من سمات المصريين وطبائعهم كما انتقدت أهل الباطل والبدع والفتن وخائني الدين الوطن، كما أكدت علي الوحدة الوطنية فدعت لتلاحم الأزهر مع الكنيسة كما عودونا دائما كما أكدت علي ضرورة الوحدة العربية أمام العدو الخارجي ولم يفوتها بسجيتها وفطنتها أن تشكر الدول الخليجية وعلي رأسهم السعودية لوقوفهم بجانب مصر في محنتها، وحظرت من خطورة الجماعات التكفيرية في البلاد العربية، كما أكدت أن علاقة الإخوان برابعة ومسجدها ليس إلا اعتصام إجرامي فقط وأن رابعة منهم براء، فالتاريخ وكما قالت لن يذكر لهم علاقتهم بهذا المكان إلا بالقيام بتخريبه وحرقه وتدنيسه وجعله مكانا للإجرام والتسلح لضرب الجيش والشرطة المصرية لاسترداد الإخوان إلي الحكم علي عكس إرادة المصريين، لقد ذكرتنا بتمثال النهضة لمحمود مختار عندما رأيناها وكأنها هي نفس السيدة المصرية بشموخها وعزتها وكرامتها وهي تحنو بيدها علي أبو الهول متطلعة إلي مصر المستقبل، إنها عمر مكرم وأحمد عرابي ومحمد كريم بل إنها عمر المختار وجميلة بوحريد ولنقل أنها ذكّرتنا الآن بعبد الناصر والسادات و السيسي إنها رابعة المصرية التي ثأرت لرابعة العدوية بل وثأرت لشعب مصر من هؤلاء الغرباء والدخلاء المسمون بالإخوان فأسقطتهم وأسقطت رمزهم وتمنت سقوطهم إلي غير رجعة .