رغم السباق المحموم الذي شهدته ساحات بعض الصحف الخاصة، ولا نقول المستقلة، لمذكرات الرئيس الأسبق 'المخلوع'.. في محاولة فاشلة لتبييض وجهه!! ثم تلتها مقتطفات من مذكرات الفريق 'سامي عنان' التي وئدت في المهد! رغم أن ذلك يندرج تحت ما أسماه د.طه حسين 'تهافت التهافت'.. فقد تأتي من قبيل 'التربيطات' أو تهيئة المسرح السياسي لتقبل شخصيات هي أشبه ما تكون بالدمي أو عرائس الماريونت'.. فجميعها تتعلق بخيوط.. لتلعب لصالح كتل بعينها.. ويدركها الشعب المصري قبل غيره في الساحة المصرية السياسية علي اتساعها.. بعد أن حطم هذا الشعب حائط الخوف في ثورته الأولي 25 يناير 2011 وهو الأمر الذي أكده في فورته الثانية المكملة للأولي في 30 يونيو 2013.. فيا له من شعب.. ويا له من مارد يقوم بثورتين في أقل من ثلاث سنوات!! نعم إنه مارد حقًا.. ولم تعد يخفي عليه خافية.. هل يرجع ذلك إلي طبيعة العصر والانترنت والفضاء الكوني؟ هل هو نتيجة لانشغاله بالشأن العام بالسياسة بعد أن غيب عنها زمن المخلوع والذي دام 30 عاما؟! هل هو العبور الثاني الذي نحياه بعد 30 يونيو وتحقيق معجزة التخلص من حكم الأهل والعشيرة والجماعة التي أرادت اختصار الوطن في جماعة، وتحطيم الدولة لصالح الخلافة الإسلامية المزعومة؟! رغم 'الخلافات' الصحفية والثرثرة تلك.. فإننا نتوقف حيال الرئيسين السابقين، باعتبارهما هددا مصر والمصريين.. عيانًا بيانًا.. فالمخلوع مبارك قال: أنا أو الفوضي ثم جاء مرسي المعزول ليقول: أنا أو طوفان الدم.. ثم مشاريع الشهادة الذين رأيناهم في التحرير.. وربما لا نزال حتي الآن! ثم أعقب ذلك بقول صريح للتبعية والانقياد.. 'الأمريكان مش حيسبيكو'!! ونحن لا نفاضل بين الاثنين.. 'فأزفت من زفتي إلا ميت غمر'.. كما يقول المثل المصري الشهير.. لكننا نقف أمام الدوافع التي دفعت بهذين الرئيسين أن يهددا المصريين بالويل والثبور وعظائم الأمور في حالة الإطاحة بهما.. وقد أتم المهمة علي الوجه الأكمل تكاتف الشعب والجيش في المرتين. لكن يظل السؤال.. هل بات في قرارة نفسيهما أنهما باختصار فاسدان حد الثمالة؟! هل بات في قرارة نفسيهما أنهما يحكمان مصر بالحديد والنار.. وبشكل مطلق، ولصالح أهواء خاصة سواء أكانت فئوية لرجال الأعمال لدي الأول، أو لصالح الأهل والعشيرة لدي الثاني.. وأنه ليس هناك ايمان حقيقي بالقانون ولا بدولته، ولا بالحريات وسيادتها، ولا بالمواطن وحقوقه.. وأن كل ما يدور في دهاليز السياسة يداري فسادًا رهيبًا في القاع، وبالتالي من الممكن التحكم في صنابير السياسة لأنها طوع البنان والسيادة العليا!! وقد فات الاثنين أن الشعب شب عن الطوق، وأبي إلا أن يخلع رأسي الاستبداد والحكم البوليسي في ثورة 25 يناير.. أما في ثورة 30 يونيو فتأتي الشهادة علي لسان واحد من كبار الجنرالات الأمريكيين السابقين 'هيو شيلتون'.. 'في أن ثورة 30 يونيو أوقفت مؤامرة الرئيس الأمريكي أوباما' مع الإخوان والمعزول في زعزعة الاستقرار المصري، وتدمير الجيش، وتحويل مصر إلي سوريا أخري. نعم لقد فات 'المخلوع' و'المعزول' دروس التاريخ.. في أن 'المتغطي بالأمريكان عريان' ولم يقرأ وبدقة ما حدث لشاه إيران السابق 'محمد رضا بهلوي' ومآساته عندما لم يعثر علي بلد يؤيه بعد أن لفظه شعبه والأمريكان في آن!! قد أعماهما نزقهما كل علي طريقته الخاصة.. فبينما تملكت الأول فزعة التوريث وكأن مصر تحولت إلي عزبة خاصة يملكها ليورثها لأحد أبنائه 'جمال' في حين رأي الثاني في حلم الخلافة الإسلامية المزعومة الخلاص.. فلتتحول مصر إلي لقمة سائغة لدي الأمريكان لا يضر لأنه لا يعترف بوطن!! ولتتمزق حسب الرغبة والمصلحة، وليفسح المجال لتوطين الإرهاب الدولي وزرعه في سيناء.. ثم لا مانع من اقامة وطن بديل لحماس واخواتها.. حتي تتحول إسرائيل في النهاية إلي إسرائيل الكبري إلي دولة يهودية خالصة بعد أن تفتت كل الدول العربية ابتداء بمصر وسوريا والعراق والسعودية واليمن وليبيا!! لكن خاب ظن هذا التحالف الأمريكي الصهيوني المتأسلم!! وعلي هذه الخلفية المأسوية لنظامي 'المخلوع' و'المعزول' تأتي الذكري الأربعين لحرب 6 أكتوبر المجيدة.. تأتي وجل الشعب المصري يشعر بأنه حقق بالفعل ما يشبه العبور الثاني في 30 يونيو 2013.. عندما فوض الشعب المصري.. الجيش المصري بقيادة الفريق أول 'عبد الفتاح السيسي'.. في عزل 'مرسي' وانتشال البلد من براثن حكم الإخوان والجماعة.. بعد أن رفض 'المعزول' كل ما عرضه عليه الفريق السيسي من اقتراحات وإجراء انتخابات مبكرة كان من شأنها تصحيح المسار لكنه أبي، واستكبر معتمدًا بالأساس علي الظهير الأمريكي.. الذي تنصل منه فرمي القفاز في وجه 'مرسي' المعزول وكأنه لم يكن.. انظر إلي تصريحات أوباما الأخيرة.. لكن لا تزال اللعبة القذرة تدار لصالح الجماعة لعل وعسي من خارج مصر وعبر تنظيمها الدولي وتحالفه الدولي.. وهي تصب داخل مصر مؤامرات وحممًا تلو حمم.. حركات شغب، عنف، كر وفر.. تعطيل مرور واحتلال المترو.. ومعارك في سيناء تشبه الحرب.. ودماء تسيل تدفع الشعب المصري إلي مزيد من الكراهية تجاه الإخوان والجماعة.. بل لنكن أكثر صدقًا تجاه كافة التيارات المتأسلمة التي لم تقدم للمصريين حلولاً في الحياة ولا في الدين.. بل العكس صحيح منذ أن ظهرت في حياتهم بعد محاولة اختطاف ثورة 25 يناير.. ولا تزال الرحي تدور بصراعات لا تهدأ.. ولا تبغي المصالحة المبنية علي العدل بالأساس.. أي ما يمكن تسميته بالعدالة الانتقالية.. حيث المحاكمات العادلة.. والاعتراف بالجرائم بعد ذلك يأتي الصفح من عدمه.. باختصار كل من تلوثت يداه بالدماء لابد أن ينال جزاءه بالقانون.. وإذا كنا نقول دومًا.. إن المؤمن 'كيس فطن' فأين هذا من هؤلاء القوم المنتشرين في حياتنا الآن.. الذين يعادلون إحالتها إلي جحيم وخراب !! تحت يافطة 'سوداء' أو أخري 'صفراء' أو إشارة من هنا، وإشارة من هناك. ولعل مخططاتهم صارت مكشوفة للكافة.. وهي ترمي لتحويل يوم 6 أكتوبر 2013 إلي يوم انتقام من الجيش المصري الوطني العظيم!! وفاتهم أن هذا اليوم هو يوم تجسيد للوطنية المصرية بامتياز.. لكل الشعب المصري بكافة طوائفه، وفئاته، وطبقاته.. لأن الجيش المصري يمثل هذه الانتماءات مجتمعة.. الجيش المصري المكون من أبي وأبيك.. وأخي وأخيك.. وعمي وعمك.. إن 6 أكتوبر 1973 هو يوم العزة والكرامة المصرية بعد رحلة كفاح وبناء استغرقت سبع سنين طوالا منذ نكسة يونيو 1967. والسؤال: كيف لهذه الجماعة ومن والاها أن تأتيه القدرة عليتحويل هذا اليوم المشهود إلي يوم انتقام، وانقسام، وترويع؟! كأنهم صاروا الوجه الآخر لإسرائيل.. لأنها الوحيدة التي ترغب في محو هذا اليوم من التاريخ بعد أن أذاقها الجيش المصري هزيمة ربما تبرأ منها في اليوم!! ثم ما هذا الغباء الأزلي الذي تتمتع به هذه الجماعة.. في أن تحاول أن تماثل بين ما حدث في 25 يناير 2011.. عندما اختارته الطليعة الثورية الشبابية قاعدة لانطلاقها.. فالتصق بالثورة وبشرارة الاندلاع.. رغم كونه كان عيدًا للشرطة بالأساس!! لكن فاتهم أن عناد الرئيس 'المخلوع' ونظامه البوليسي، هو الذي حول هذا اليوم عيدًا للثورة.. إن عدم تلبيته للمطالب الثورة التي كانت محدودة في البداية، ثم سرعان ما تصاعدت وتطورت لتجابه عناده وصلفه.. بمطالب جذرية تلخصت في كلمة 'ارحل'.. ثم رحيل النظام كله!! أخشي ما أخشاه أن بعناد هؤلاء المتآمرين في الخارج والداخل علي السواء ومنزوعي الوطنية أساسًا.. وهم يسعون إلي اشعال الساحات والميادين وإغراقها بالدماء أن يتسع 'الخرق علي الرائق'.. وأن تزداد الهوة اتساعًا بين الشعب المصري وتلك الجماعة التي لا يزال البعض يحبونها علي مصر والمصريين.. أن تضيق الخناق حولها بحيث لا نستطيع في النهاية إلا أن نجمع علي كونها نوعًا من أنواع الإرهاب.. بل والإرهاب الأسود والأعمي الذي يحرق 'بلدا' هو وطنه بالأساس.. فهل يأتي يوم العبور الثاني 6 أكتوبر 2013.. بمثابة النداء الأخير للجماعة.. فهل من مجيب؟!!