هل يتكافأ العبور والعبور المضاد.. مع ما اصطلح على تسميته بالثورة والثورة المضادة؟ وهل هناك علاقة أو وشائج صلة بين هاتين المعادلتين معادلة العبور ونقيضة، ومعادلة الثورة ونقيضها على ضوء ما تشهده جماعةالإخوان وهى تمثل ثورة مضادة تحاول قلب الموازين بكل ما أوتيت من قوة.. قوة كذب وخداع وحشد وقوة افتراءات شتى لإحداث فوضى كبرى فى المجتمع المصري!! وإذا كنا عانينا الثورة المضادة منذ الانفتاح السداح مداح فى منتصف السبعينيات ومن قلب الموازين بل قلب الهرم الاجتماعى مع تطبيق أفكار الرأسمالية المتوحشة فترنح المجتمع ولم يستقر بعد حتى الآن فهل سنعانى من تلكالثورة المضادة ممثلة فى الجماعة التى تعاند فى إحداث عبور مضاد لتعيد به عجلة الزمن إلى الخلف! لعل الأجيال القديمة التى أنتسب إليها تتذكر مقولة السادات الشهيرة أن 99٪ من أوراق اللعبة فى يد أمريكا.. الأمر الذى تأكدت معه التبعية والتى تثاقلت خطاها وموازينها على امتداد زمن المخلوع لثلاثين عامًا.. ثم أعقبهازمن المعزول مرسى لمدة عام واحد لكنه مر على المصريين وكأنه الدهر ولعل الجواب الشهير الذى أرسله د. مرسى يهنئ فيه الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز لقيام دولة إسرائيل المحتلة!! لهو مفتاح حل لغز الإخوان وتأكيدالتبعية بل التفريط فى الوطن واستقلال إرادته. وها هو المشهد المصرى يهل علينا فى عيد العبور المجيد 6 أكتوبر عام 1973 والموافق العاشر من رمضان والذى عبر فيه الجيش المصرى قناة السويس، وحطم خط بارليف المنيع وحوله إلى قطعة جبن مثقوبة.. رغم كلالدعوات الدولية التعجيزية التى أكدت أن تحطيمه يحتاج إلى عدة قنابل نووية!! لكن إرادة القتال لدى الجيش المصرى العظيم صنعت المستحيل.. ونحن إذ تسترجع هذا العبور الأسطورى الذى تم منذ أربعين عامًا.. لنضعه جنبًاإلى جنب مع ذاك العبور الشعبى الرهيب الذى تم فى 30 يونية ليعلن سقوط الدولة الدينية أو دولة الإخوان ومشروعها الدولي.. بعد أن هددت اسم مصر وكادت أن تطيح به من خارطة العالم.. وصلت به إلى أعلى درجاتالتقزيم بل إن التخريب الذى مورس على كيان الدولة المصرية وأخونة دولاب العمل والمؤسسات كاد أن يحيلها إلى كيان هزيل أشبه بحطام دولة تابعة، وذليلة، ومهلهلة، تكره شعبها وتفضل الأهل والعشيرة والجماعة عماسواهم. إن المشهد الحالى الراهن يستوجب المقارنة بين الأمس البعيد واليوم القريب حتى نضع أيدينا وأعيننا على حل المعضلة التى نحن بصددها الآن.. من كون مجموعة أو جماعة الإخوان التى تهدف إلى اختطاف الثورة للمرةالثانية.. بعد تصحيح المسار الذى قام به عشرات الملايين من الشعب المصرى فى 30/6 إنها تحاول عنوة أن تصنع عبورًا مضادًا فيما يشبه الثغرة تقلب به الموازين حتى تضمن شروطًا أفضل للخروج الآمن لقياداتها لعلهاتشبه إسرائيل فى حرب 73. إن الطامة الكبرى الخافية عن عقلية الجماعة فى لحظتها الراهنة أو المتغافلة عنها عن عمد أنها لا تواجه كراهية من نظام بعينه بقدر ما تواجه كراهية شرائح كبرى وعديدة من الشعب المصرى بعد أن كفر بممارستها الفاشيةوالاستبدادية وتلك الجماعة منذ نشأتها فى عام 1928 وهى فى صدام ممتد مع النظام القائم منذ عهد الملكية وحتى الجمهورية مع عبدالناصر ومحاولة اغتياله، والسادات الذى أغتيل والمخلوع ولعبة القط والفأر.. وهى الآنوبعد عام من حكم مرسى الذى فشل فى إدارة البلاد فشل مزريًا.. ولم ينجح سوى فى شيء واحد هو اكتساب كراهية الشعب المصرى بعد أن حكم البلاد لصالح الجماعة والأهل والعشيرة. المشهد القديم.. يتحدد بالعبور التاريخي.. والذى قام به جيش مصر العظيم.. الجيش الوطنى بعد أن أعاد بناءه وتكوين قياداته وهى المهمة التى أرسى دعائمها الزعيم عبدالناصر فأدخل فى صفوفه خيرة شباب مصر من خريجىالجامعات على امتداد 6 سنوات أى منذ هزيمة 67 وحتى نصر 73.. ومن هنا اكتسب الجيش مهارات إضافية فى العمل الممنهج المبنى على العلم والكفاءات وكان الشعب المصرى يشكل ظهير الجيش فى العبور العظيم يحميظهره ويمده بأسباب العون والقوة ويكفى أنه خلال العبور 73 لم تحدث حادثة سرقة واحدة، وهو الأمر الذى تكرر فى العبور الجماهيرى الرهيب فى 30/6/2013 وهو يؤكد على عراقة معدن هذا الشعب المصرى العظمىالذى ينصهر ويتوحد ويصمد فى لحظات المحن والتحدي. أما المشهد المعاصر والذى أبهر العالم وكتم الأنفاس وهو يرقب أكبر انتفاضة عرفتها البشرية... الملايين الثلاثين الزاحفة المحتشدة عبر جغرافيا مصر المنبسطة تهتف بسقوط حكم الإخوان والمرشد ومرسى وقد خرجت بعد أنتأكدت أن الذي يحمي ظهرها هو جيشها الوطني.. هذا الجيش الذي لم يتوان عن حماية الشرعية الحقيقية والتى جاءت على حناجر الملايين «يسقط يسقط حكم المرشد» فهى تنزع عنه الشرعية بعد أن فرط فى العهد والقسمبالحفاظ على الدولة المصرية بل إنه حاول تحطيم أركانها الأساسية المتمثلة فى القضاء والشرطة والجيش والأزهر الشريف!! ناهيك عن الإعلام والثقافة. إن ما يلفت النظر فى العبور من القديم والحديث هو الدور المتبادل لعلاقة الجيش بالشعب ففى الأولى كان الشعب ظهير الجيش أما فى الثانية فقد رد الجيش الجميل وصار ظهرًا لشعبه.. على أن المضى العام فى الموقفين أنهمامعًا هزما الهزيمة.. بعد أن تحديا المحنة التى كادت تزلزل أركان الدولة وتنال من الشعب. وتبادل الأدوار تبدى أيضا فى عام 52 عندما قام الضباط الأحرار وعلى رأسهم جمال عبدالناصر ليطيحوا بالنظام الملكى الفاسد منقلبين عليه وانضم إليهم الشعب المصري.. فتوجت العلاقة بثورة 23 يوليو 52.. وفى 30/6خرجت الملايين وانضم الجيش المصرى فكان تصحيح مسار ثورة 25 يناير المجيدة التى اختطفها الإخوان.. ولم يعبأوا بتحقيق شعاراتها الأساسية.. فى الحرية والعيش والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. إن الشعار الذى أطلقته ثورة 25 يناير 2011.. الشعب والجيش إيد واحدة لم يأت من فراغ.. فلقد تحقق عبر مفاصل مهمة فى التاريخ المصرى البعيد والقريب ولكن هذه الجماعة تحاول أن تنال من هذا الشعار.. رغم أنهاتحالفت مع المجلس العسكرى فى بداية ثورة 25 يناير وعندما وثبت على السلطة أزاحت المؤسسة العسكرية بعيدًا مثلما أزاحت كل المؤسسات وحاولت أن تشق الصف وتصنع لنفسها ما يمكن وصفه بالدولة الإخوانية الموازيةللدولة المصرية العريقة. ولأنها تجيد عملية الحشد المبنى على مبدأ السمع والطاعة وهو المبدأ الحاكم للجماعة فقد وزعت حشودها فى قلب القاهرة فى رابعة العدوية وميدان النهضة وهى تستخدم هذه الأعداد كورقة ضغط أو تفاوض لرموز الجماعةالمطلوبين فى قضايا كبرى ولعل الزمن القريب سيفضح تلك الرموز وهى تحاول الآن أن تؤلب العالم على الجيش المصرى وعلى قائده رمز الوطنية الناصع الفريق أول عبدالفتاح السيسي.. ولا تقف بها نواياها العدوانية عندهذا الحد بل تستقوى بالخارج مدعية أن ما حدث فى 30/6 ما هو إلا انقلاب عسكرى مدبر قاده الفريق السيسى رغم أن بيانات السيسى المتكررة تؤكد بما لا يدع للشك بأنه أعطاهم الفرصة تلو الأخري ليصححوا المسار ولكنمرسي وجماعته وضعوا أصابعهم فى آذانهم ولم ينصتوا سوى إلى أطماعهم والتكويش على السلطة والسرعة فى السيطرة والتمكين!! فلم يأبها بمطالب الشعب الذى رفعها السيسى بأمانة وصدق والتى بح صوت المعارضة فى المطالبة بها فى تعديل الدستور وتشكيل وزارة من كفاءات وطنية وتغيير النائب العام وأخيرًا مطلب شباب تمرد وال22 مليون توقيعالتى تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة أغلب الظن أن الجماعة ارتكبت إلى الراعى الأصلى لها وهى أمريكا لكن فاتهم أن أمريكا لا تعرف سوى مصالحها وأن المتغطى بها عريان كما يقول المثل الشعبى ولعل التحالف الذى حدث فى 30/6 بين الشعب والجيش يعداللبنة الأولى فى طريق استرداد الإرادة الوطنية الحرة واستقلال الوطن والنأي به عن التبعية الذليلة لأمريكا وبعد أن تصدى الجيش ولايزال يخوض المعارك ضد مشاريع الإخوان فى التفريط فى التراب الوطنى فى سيناءالحبيبة.. تعانى أمريكا صدمة حقيقية.. وهى تنعكس فى تخبط القرار الأمريكى بين النعم واللا بين الاعتراض والموافقة فى آن. إن مصر بشعبها وجيشها فى مشهدها الراهن تحاول أن تضمد الجراج حتى تتمكن من إعادة البناء فى اتجاه دولة ديمقراطية مدنية، حديثة، دولة القانون.. لكن على ما يبدو أن الجماعة تضبط ساعتها ونبضها على التوقيتالخطأ.. تحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.. تطالب بعودة مرسي وحكم الجماعة هو أمر صار في عداد المستحيل مثل الغول والعنقاء والخل الرافى ولهذا هى توجه حشودها ومعظهم منقادين ومضللين لتحدث بهم ثغرة فىصفوف الجيش المصرى علها تعيد إنتاج السيناريو السوري لكن فإنها أن الجيش المصري هو جيش وطني بالأساس لكل المصريين.. وليس جيشًا طائفيًا أو مذهبيا لينحاوز لفئة دون أخرى أو طائفة دون سواها!! لقد علمتنا دروس التاريخ العبور المضاد مآله للفشل وأن العدو الاسرائيلى عندما لجأ إليه وصنع ثغرة الدفرسوار فى عام 73 كان مصيره الفشل الذريع فى نهاية المطاف.. فهل تتعظ الجماعة أم أنها مصرة علي السير قدما فيطريق اسرائيل وأساليبها العدوانية والعدائية؟ هل ستستمر فى الاندفاع الأعمى إلى نهاية الشوط دون وازع من عقل أو ضمير وطنى لتتباكى فى النهاية على الفرص التى أضاعتها وبددتها بعد أن استبدلت اللبن المسكوب بالدم المسفوح يوميًا!!