صوَّت مجلس الأمن بالإجماع صباح السبت الماضي علي مشروع القرار 2118 الذي ينص علي خطة عمل لتفكيك الأسلحة الكيميائية السورية ويحذر من إجراءات عقابية إذا تم استخدام الكيماوي مرة أخري.. بيد أن أي إجراء عقابي سيتطلب قرارا ثانيا لمجلس الأمن وبالتالي فإن هذا القرار لم ينص علي استخدام القوة تحت الفصل السابع وهو ما سعت أمريكا إلي تحقيقه بعد أن ظلت تحاول العصف بالاتفاق الإطاري الذي تم في جنيف بين 'لافروف' و'كيري' في 14 سبتمبر الحالي والذي نص علي وضع السلاح الكيماوي السوري تحت رقابة دولية توطئة لإزالته. وهو الاتفاق الذي سحب الذريعة التي كانت أمريكا تتعلل بها لشن هجوم عسكري علي سوريا. كان غريبا موقف أمريكا وبريطانيا وفرنسا، فلقد كشفوا عن نواياهم الخبيثة الهادفة إلي استهداف سوريا عسكريا رغم المواقف الجادة والمنطقية للرئيس 'بشار' ومسارعته بالانضمام إلي معاهدة حظر السلاح الكيماوي بشكل عزز من مصداقيته وأثبت تنفيذه لأي التزامات تتطلبها المرحلة.. ولا أدري علام كان الحرص الأمريكي علي قرار يرتكز علي الفصل السابع رغم أن سوريا التزمت ونفذت بحرفية قرارات منظمة حظر الأسلحة الكيماوية؟ ولا أدري السبب الذي حدا بالغرب إلي تغييب الطرف الآخر المدان وهم المسلحون الارهابيون المناوئون لسوريا الدولة رغم أن كل الأدلة تكاد تجزم بأنهم هم الطرف الذي عمد إلي استخدام الكيماوي من أجل الصاق الاتهام بالنظام واستدراج الغرب إلي تبني الخيار العسكري؟ غاب عن الغرب أنه لا يمكن اللجوء هنا إلي الفصل السابع في أي قرار يتخذه مجلس الأمن في ظل التزام سوريا بما تعهدت به بالاضافة إلي أن الغرب يفتقر إلي الدليل الذي يبرر به إلصاق الاتهام بالنظام بأنه هو الذي استخدم الكيماوي في غوطة دمشق في الحادي والعشرين من أغسطس الماضي ذلك أن جميع التهم هذه يمكن دحضها بأسباب جوهرية تتصدرها الأدلة التي قدمها 'لافروف' لنظيره 'كيري' والتي تثبت بأن المعارضة هي من استخدم السلاح الكيماوي في واقعة غوطة دمشق. ومن ثم تثار الكثير من التساؤلات أمام مجموعة الذرائع التي ما فتئت أمريكا تقدمها لأنها تفتقر إلي المنطق والدليل ولعل الدافع الوحيد من وراء إثارتها هو تنفيذ ما تطمح إليه المعارضة السورية ممثلة فيما يسمي بمجموعة الائتلاف الوطني التي عارضت اتفاق الإطار بين وزيري خارجية روسيا وأمريكا لكونها تريد الاطاحة بالحكومة في سوريا وبالتالي تدفع الغرب نحو تبني الخيار العسكري لتحقيق ذلك غير مبالية بما قد يجلبه ذلك من تداعيات وخيمة علي سوريا الوطن ولو أنهم أنصفوا لعمدوا إلي تفعيل الحل السياسي بوصفه يشكل بداية لاستقرار المنطقة لاسيما وأن اتفاق جنيف بين 'لافروف' و'كيري' كان نقطة البداية للحل الدبلوماسي للأزمة في سوريا. يحمد لروسيا موقفها الثابت الراسخ ضد أي قرار في مجلس الأمن يفترض احتمال استخدام القوة ضد سوريا، فروسيا حريصة علي ألا تكرر ما فعلته إزاء الشأن الليبي وخسرت من جرائه صورتها ولهذا فإن موقفها اليوم الداعم لسوريا من شأنه أن يضفي علي دورها المصداقية. أما الغرب فاللأسف يغيب عنه النتائج الوخيمة التي سيخلفها المعارضون المسلحون في سوريا ويتصدرها خلق بؤر لانتشار الإرهاب في المنطقة وخارجها لاسيما إذا أخذنا في الاعتبار أن الإرهابيين الذين يحاربون في سوريا ينتمون إلي أكثر من 36 دولة آن الأوان لكي تتخلي أمريكا والغرب عن النزوع العدواني والتربص بدول المنطقة..