[email protected] لم تتأخر اسرائيل كثيرا في كشف نواياها الحقيقية فيما يتعلق بقطاع غزة والقائه في حضن مصر وغسل يديها من أي مسئولية عليها باعتبارها سلطة احتلال. وما تم كشفه علي لسان اسرائيل كاتس وزير المواصلات الاسرائيلي ليس مفاجئا فكل التوقعات كانت تشير اليه. وكان هذا تحديدا هو ما حذرنا منه في مقال الاسبوع الماضي. لكن الجديد هو أن يأتي ذلك علي لسان مسئول اسرائيل وكذلك كم الوقاحة والصفاقة التي تضمنتها تصريحات كاتس الذي بدا وكأنه يوزع الأدوار. فقد نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن كاتس قوله " إن الوضع الحالي الذي تغذي فيه إسرائيل العدو وضع خاطئ من جذوره." وقال إن اسرائيل يجب أن تقطع كل صلاتها بقطاع غزة وأنه يؤيد فكرة إغلاق جميع المعابر علي حدود القطاع باستثناء معبر رفح بحيث يتم نقل جميع البضائع إلي ميناء بورسعيد عن طريق البحر ومن ثم تنقل إلي غزة عن طريق معبر رفح. وأعرب كاتس عن اعتقاده بأنه يمكن ربط قطاع غزة بشبكة البني التحتية المصرية في غضون عام واحد، مشيرا إلي أنه سيقوم بوضع خطته بالتنسيق مع الدوائر الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ومن ثم سيعرضها علي نتنياهو. لكن مصر أعلنت رفضها الكامل لما قاله كاتس وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية إن التصريحات تؤكد "بما لا يدع مجالا للشك ما كانت تقوله مصر علي مدي الأعوام الماضية من أن هناك تفكيرا اسرائيليا رسميا يهدف الي التنصل من مسئولية قطاع غزة والقائها علي مصر." ما تفكر فيه اسرائيل خطير علي القطاع وخطير علي القضية الفلسطينية وخطير علي مصر. فأن يتم اغلاق جميع المعابر بين اسرائيل والقطاع وقطع اسرائيل كل صلة لها به يعني تخلي اسرائيل عن مسئولياتها كدولة احتلال. إن هناك فرقا كبيرا بين خروج اسرائيل من القطاع لاعتبارات أمنية خاصة بها وبين أن يكون هذا القطاع قد تم تحريره وهو ما لم يحدث فالاحتلال لا يزال قائما. اسرائيل فيما تفكر فيه "تقسم وتختار" كما يقول المثل. فهي تغسل يديها من المسئولية كقوة احتلال فيما يتعلق بضمان احتياجات سكان غزة. لكنها من ناحية اخري تواصل الحصار البحري للقطاع. وهي تتجاوز ذلك الي حد ترتيب كيفية وصول السلع الي غزة والتي لن تصل عن طريقها في حالة اغلاق المعابر وانما عن طريق معبر رفح. وهي تحدد أن تصل هذه السلع الي بورسعيد ثم تنقل بعد ذلك الي غزة عبر رفح. وقطع الصلات مع غزة يعني أن يتحول القطاع الي "دويلة" قائمة بذاتها وألا يكون هناك ممر آمن يربط بين الضفة والقطاع كشطرين للدولة الفلسطينية المأمولة وبذلك يتم تكريس الانفصال. وقيام "دويلة" أو إمارة غزة يقود الي الحديث عما تحلم به اسرائيل من مبادلة في الاراضي بين مصر واسرائيل بحيث يتم توسيع الرقعة الجغرافية للقطاع الذي يكاد ينفجر بسكانه البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة يعيشون فوق 350 كيلومترا مربعا. لكن الأخطر من كل ذلك أن طرفي المعادلة الفلسطينية .. فتح وحماس يتصارعان علي من يكون له حق تمثيل الفلسطينيين في اللجان التي تشرف علي المعابر في حال نجاح الجهود الدولية في الضغط علي اسرائيل بفتحها وليس علي كيفية انهاء الانقسام بينهما وتوحيد الجهد في مواجهة خطر ضياع الأرض وانتهاء القضية.