انتزعوا زوج »شيرين عبادي« من فراشه واقتادوه مقيد اليدين بالأساور الحديدية إلي أحد مقار الحرس الثوري في ضواحي طهران.. حيث تلقفه المتخصصون في استنطاق الضحايا، بكل ما يجيدونه من أساليب الترغيب والترهيب وقبل الانتقال به إلي مرحلة التعذيب والتكسير! لم يستطع زوج »شيرين عبادي« تحمل أكثر مما تحمله من تعذيب، لإجباره ليس فقط علي الكشف عن المكان الذي هربت إليه زوجته حاملة جائزة نوبل للسلام، والمدافعة الأولي عن حقوق الإنسان الإيراني وإنما للاعتراف أيضاً بأنها أي: » شيرين عبادي« بارتكاب جريمة عظمي لا علم له ولا علم لها بها من قبل! بدموعه التي سبقت كلماته.. توسل الزوج إلي جلاديه ليتوقفوا عن طحن عظامه ونزع أظافره، وطالبهم يائساً منكسراً: »هاتوا الورق والقلم لأعترف علي كل شيء وأي شيء!«. وعلي الفور.. توقف التعذيب، وأخذ يمليه أحد الزبانية بما يخطه علي الورق أمامه بداية بإقراره بأنه كان علي علم مسبق بأن زوجته » شيرين عبادي« خططت للهرب من البلاد في أعقاب الانتخابات الرئاسية الإيرانية وهو ما تم بالفعل في يونيو 2009! لم يوضح الزوج الذي يشغل منصب السكرتير العام لمركز الدفاع عن حقوق الإنسان الإيراني، الذي أسسته وتديره زوجته في طهران أن السبب الحقيقي لمغادرة زوجته البلاد جاء بناء علي إصرار، وإجماع، أنصارها وأقاربها وأهمية وجودها علي قيد الحياة للدفاع من خارج الحدود عن حقوق الشعب الإيراني، بدلاً من البقاء في البلاد انتظاراً لاقتحام غرفة نومها، وانتزاعها من منزلها، وتعذيبها، ومحاكمتها.. ثم إعدامها فور الحكم بإدانتها(...). بعد أن أقر الزوج بهروب زوجته من البلاد، منذ يونيو2009، أضاف اعترافاً ثانياً وهمياً.. هذه المرة اتهم فيه زوجته حاملة جائزة نوبل للسلام، بأنها غادرت البلاد من أجل الاتصال بأناس أجانب يمثلون قوي خارجية معادية لإيران وللإسلام بهدف التخطيط للقيام بمؤامرة غربية، أمريكية، صهيونية تستهدف الإضرار بالمصالح العليا للجمهورية الإيرانية الإسلامية (...). ببساطة شديدة.. أقر، واعترف، و وقع، الزوج علي اتهام زوجته بالتخطيط مع أعداء أجانب لإرتكاب جريمة أبسط وصف لها أنها تشكل »خيانة عظمي في حق الوطن والمواطنين«. جريمة بهذه الخطورة.. يعاقب القانون الجنائي الإيراني عليها بالإعدام. ويؤكد »كريم لاحيدجي« أحد نشطاء الدفاع عن حقوق الإنسان أن أهم أهداف حملات القمع والردع والاعتقالات التي تشنها أجهزة الأمن الإيرانية في هذه الأيام، خاصة إجبار زوج »شيرين عبادي« علي اتهام زوجته بالخيانة العظمي، يرجع إلي رغبة النظام الديكتاتوري الحاكم في إرهاب المعارضين والنشطاء في الدفاع عن حقوق المواطنين من جهة ومنعهم من جهة أخري من تنظيم مسيرات تطوف الشوارع إحياءً للذكري السنوية الأولي للانتفاضة الشعبية في يونيو 2009 ضد تزوير نتيجة الانتخابات الرئاسية، والتمديد فترة تالية للرئيس »محمود أحمدي نجاد«. ومن جانبها.. أقرت »شيرين عبادي« في تصريحاتها الأخيرة من العاصمة الفرنسية بأن عنف الدولة الذي تمارسه أجهزة »نجاد« ضد المعارضة ورموزها ونشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان الإيراني أقنعهم بإلغاء الاحتفالات بذكري انتفاضة يونيو2009 لا لشيء إلاّ حماية لأرواح ودماء عشرات الآلاف من الإيرانيين الذين كان ينتظر نزولهم إلي شوارع وميادين المدن والقري احتفالاً بالانتفاضة وتنديداً في الوقت نفسه بتزوير الانتخابات. وأكدت »شيرين عبادي« التي تقيم، منذ سنة كاملة، بعيداً عن مخالب أجهزة »نجاد« الاستخباراتية أن وجودها في الخارج ساهم في لفت انتباه الرأي العام العالمي إلي الواقع الأليم الذي يعاني منه عشرات الملايين من الإيرانيين، وترتب علي هذا الانتباه توالي مشاركة معظم منظمات ومراكز الدفاع عن حقوق الإنسان العالمية في تبني التنديد بحملات القمع، والردع، والمطالبة بسرعة الإفراج عن الآلاف من سجناء الرأي ، و وقف تعذيبهم وإنهاء محاكماتهم الهزلية ، وإدانة معظمهم باتهامات وهمية تقضي بإعدام بعضهم ودفن البعض الآخر في كهوف تحت الأرض!