إسمها: »شيرين عبادي«. مثقفة إيرانية، درست الحقوق. وعملت محامية غير اعتيادية. فهي لا تدافع فقط عن حق الفرد، وإنما تدافع أكثر عن حق المجتمع كله. قدر »شيرين عبادي« أنها اختارت الانحياز التام إلي جانب المضطهدين، والمتضررين، والمنبوذين .. الذين يشكلون أغلبية الشعب الإيراني. وعقاباً لها علي »جريمتها« فقد استحقت غضب، وحنق، وكراهية من يسمون أنفسهم ب: »آيات الله« كورثة شرعيين لكبيرهم الغائب: »آية الله خوميني«! لم تخف »شيرين« من ورثة خوميني، ولا من اضطهادها علي أيدي أجهزتهم الأمنية. كما لم تتنازل عن توجهاتها في الدفاع عن حقوق الإنسان الإيراني رغم الترهيب والترغيب اللذين تعرضت لهما خلال الفترة الطويلة التي ذاقت فيها أسوأ وأردأ، ما يمكن من تعذيب وإهانة المواطن أو المواطنة بهما! تحمّلت »شيرين عبادي« الكثير.. إلي أن قام الآخرون بتكريمها، في محاولة لتعويضها عن بعض ماعانت منه من أجل إيران والإيرانيين. فوجئت الناشطة الإيرانية ذات يوم لا يُنسي باختيارها لنيل جائزة »نوبل للسلام«: أرفع، وأرقي جائزة في العالم. لماذا هذا الحديث عن »شيرين« في مقال اليوم؟ ربما لأنني سمعت ما قالته بمناسبة مرور الذكري السنوية الأولي لفضيحة تزوير الانتخابات الرئاسية الإيرانية، والتمديد المفضوح لفترة تالية من نظام حكم الديكتاتور: »نجاد محمود أحمدي«.. أو »محمود أحمدي نجاد«.. علي ما أتذكر. في مثل هذه الأيام من العام الماضي.. خرجت جماهير الشعب الإيراني إلي الشوارع تندد بالتزوير، وترفض التمديد، وتصب لعناتها علي »خامئني« وتلميذه »أحمدي نجاد« مما دفعهما إلي إنزال قوات الحرس الثوري إلي الشوارع لسحق الجماهير المعارضة، والقبض علي رموزهم، وطحن عظام شباب الجامعات الذين نددوا بالحكم الفاسد، وطالبوا بإعادة الحريات والحقوق للشعب الذي حرم منها منذ اندلاع ثورة »خوميني«، وإلي الآن. كان من المتوقع أن يحتفل الشعب الإيراني بالذكري الأولي لانتفاضته الشهيرة.. لكن زعماء المعارضة قرروا في آخر لحظة إلغاء هذه الاحتفالات خوفاً علي المواطنين من ويلات حملات البطش، والسحق، والسحل، والتنكيل، التي أمر الرئيس الإيراني غير الشرعي بشنها لردع أي تحرك شعبي معارض في شوارع وميادين طهران وغيرها من المدن. رغم إلغاء الاحتفالات..إلاّ أن حملات الردع والسحل والتنكيل لم تختف بدورها. وأعلنت »شيرين عبادي« من أوروبا أن مقر »مركز الدفاع عن حقوق الإنسان« الذي أسسته حاملة جائزة نوبل للسلام في العاصمة طهران يتعرض حالياً لحملة تفتيشية، تنقيبية، تخللها إلقاء القبض علي كل من عثر عليه داخل المقر، أو تعثر وجوده فلحقوا به داخل منزله.. من بينهم المساعدة الأولي لمديرة المركز، واسمها: »نرجس محمدي«. وأضافت »شيرين عبادي« لأجهزة الإعلام العالمية أن المعلومات المتوافرة لديها حتي هذه اللحظة أن زبانية نظام القهر الإيراني اقتحمت منزل مساعدتها:»نرجس محمدي« بعد منتصف الليل، وقام أحدهم بتقييد يديها »بالكلابشات«.. تحت سمع وبصر طفليها الصغيرين، وبدون أية أوراق رسمية قضائية! وصفت »شيرين عبادي« ما حدث لمكتبها، بأنه تكرار لما حدث في عشرات ومئات المكاتب والمنازل في طول البلاد وعرضها. وعلقت محامية الشعب الإيراني علي هذه الإجراءات الانتقامية بقولها: »مع استمرار إحساس الحكومة الحالية بفقد المزيد من مصداقيتها وشعبيتها في الشارع الإيراني، لا تجد متنفساً لإثبات وجودها سوي معاملة خصومها بالعنف، ثم المزيد من العنف«. »شيرين« اضطرت للإقامة حالياً في لندن، ولم تزر طهران منذ انتفاضة الشعب ضد تزوير الانتخابات الرئاسية في يونيو 2009، وقد سألها أحد الصحفيين عن رأيها في مقولة إن نظام الملالي الحاكم يتباهي بانتصاره علي المعارضة ما دام أنصارها قرروا وقف الاحتفالات وعدم النزول إلي الشوارع؟ فأجابت »شيرين عبادي« قائلة: »إن نظام القهر يعتبر منتصراً عندما يتوقف الشعب عن التعبير عن رفضه له وسخطه عليه.. وهذا لم يتحقق، وما زال الشعب الإيراني يواصل تعبيره عنهما.. بوسائل أخري«. .. وللحديث بقية.