في تقرير أخير أصدرته منظمة العفو الدولية بمناسبة الذكري الأولي لتزوير الانتخابات الرئاسية الإيرانية لصالح :محمود أحمدي نجاد قرأت عن آلاف الإيرانيين الذين اعتقلوا في السجون والمعتقلات والمعسكرات التابعة للحرس الثوري الإيراني عقاباً علي تعاطفهم مع المطالبة بإلغاء نتيجة الانتخابات وإعادتها مرة أخري تحت إشراف هيئات ومنظمات دولية! ورغم مرور سنة كاملة علي احتجاز سجناء الرأي من صحفيين، وطلبة، ومحامين، وأكاديميين، ونشطاء حقوق الإنسان، وأفراد من الأقليات الإثنية والدينية إلاّ أن الرئيس المزوّر لم يشبع من إذلالهم، وتعذيبهم، وحرمانهم من أبسط حقوقهم، مثل منعهم من توكيل محامين يحضرون التحقيقات معهم مما يعني الإبقاء عليهم بمعزل عن العالم خارح أسوار المعتقلات لفترات مفتوحة وغير محددة! وجاء في تقرير منظمة العفو الدولية أن زبانية الحرس الثوري »حرموا سجناء الرأي من زيارات الأهل، كما حرموا المرضي منهم من تناول أدويتهم كوسيلة لممارسة الضغط عليهم«. أما عن المحاكمات الهزلية، وأدلة الإدانات الوهمية، فيصفها تقرير المنظمة بأن: »المحاكمات يشوبها مثالب أساسية، كما أن الإدانات والأحكام القاسية تستند إلي اعترافات تُنتزع دائماً تحت وطأة التعذيب وغيره من وسائل وضروب إساءة المعاملة«. ولأن هؤلاء ساروا في مسيرات، أو تحدثوا في اجتماعات عامة، للتنديد بالرئاسة المزورة التي حظي بها »أحمدي نجاد«.. فقد استحقوا بأمر، وتصديق، فخامة الرئيس المزوّر عقوبات تبدأ بالجلد عشرات أو مئات المرات، مروراً علي أحكام بالسجن مدداً طويلة، ووصولاً إلي الإعدام وهو الحكم الوحشي الذي راح ضحيته 16من المعتقلين الأبرياء.. حتي لحظة كتابة تقرير منظمة العفو الدولية! ولم يكن غريباً أن يتضمن قوائم:»المطلوب ضبطهم وتقييدهم واعتقالهم « اسم الناشطة العالمية الشهيرة:»شيرين عبادي« حاملة جائزة نوبل للسلام. فالمحامية الإيرانية التي تتفرغ للدفاع عن حقوق الإنسان الإيراني داخلياً وخارجياً كانت تتصدر المحتجين علي تزوير نتائج الانتخابات الرئاسية في يونيو عام2009، وبالتالي تصدر اسمها، وبالتالي.. أسماء أقاربها حتي الدرجة الرابعة، ومعارفها، وجيرانها، وجيران جيرانها قائمة »الشخصيات أصحاب الأولوية في إلقاء القبض عليهم « ! في مساء الخميس 10يونيو الحالي .. شنت وحدة خاصة من قوات »الحرس الثوري« حملة تفقدية، تنقيبية، واسعة الانتشار.. شملت اقتحام مقر»مركز المدافعين عن حقوق الإنسان« الذي أسسته، وتديره المحامية الإيرانية:»شيرين عبادي« واستولت علي كل ما فيه من أوراق وملفات. ومن المقر.. انتقلت الوحدة المسلحة إلي بيت نائبة مدير المركز: »نرجس محمدي« وقيدوا يديها بالحديد أمام توءمها في الثالثة من العمر، ثم اقتادوها إلي سجن »إفين« حيث كان في استقبالها زبانية التحريات لاستجوابها، واستنطاقها بما يريدون سماعه من معلومات واعترافات لا علم لديها بها! ومن سجن »إفين« استأنفت دورية الحرس الثوري مسيرتها المقدسة بالتوجه إلي منزل حاملة جائزة السلام »شيرين عبادي« لإلقاء القبض عليها وعلي من يكون معها! لسوء حظ ضباع الحرس الثوري أن »شيرين عبادي« لم تكن في شقتها، ولا في طهران، ولا في أي مكان في إيران! لقد أقنعها أنصارها وأقاربها أن إلقاء القبض عليها سيتم إن لم يكن الآن فبعد ساعة علي الأكثر. حاولت المدافعة الأولي عن حقوق الإنسان الإيراني أن ترفض مغادرة البلاد والبقاء إلي جانب الشعب الذي تفرغت للدفاع عنه، فأقنعوها بأن الأمر لن يتوقف عند القبض عليها، وإنما ستقدم للمحاكمة علي ارتكاب جرائم لم تسمع عنها من قبل، ويمكن أن يصدر الحكم بإعدامها أو بسجنها لسنوات طويلة.. وفي الحالتين فإنها لن تستطيع مواصلة الدفاع عن حقوق الإيرانيين. اقتحم الضباع المفترسة منزل »شيرين عبادي« وعندما فوجئوا باختفائها، لم يغادروا بخفي حنين.. وقنعوا بانتزاع زوجها من فراشه واقتادوه مقيداً بالكلابشات إلي السجن ليبدأ المستقبلون المتخصصون في استنطاقه بكل ما يجيدونه من ترغيب وترهيب قبل الانتقال إلي مرحلة التعذيب والتكسير! بصعوبة شديدة صبر الزوج علي ساعات تعذيبه.. لكنه أجبر بعدها علي إعلان استسلامه، وشهر عجزه عن تحمّل ما يستحيل علي البشر احتماله! وكانت دموعه تسبق كلماته التي وجهها لزبانية التعذيب من حوله: »أتوسل إليكم .. توقفوا! ها هو توقيعي مسبقاً علي كل ما تريدون مني الاعتراف به، وعليه!«. .. وأواصل غداً.