[email protected] مشكلتنا الكبري مع حكوماتنا، المدنية، المشكلة في غالبيتها من أساتذة جامعات قادمين من مؤسسات البحث العلمي.. التي تتحدث ليل نهار عن ديمقراطية اتخاذ القرارات.. أنها تصم أذنيها.. ولا تسمع لأي مفكر، أو خبير، أو باحث، أو مخترع، من خارجها، لا تبالي بما ننشره نحن الصحفيين، نقلا عن هؤلاء، برغبة مخلصة في حل مشكلة هنا أو هناك، بل وتصل في لامبالاتها إلي حد العناد، والمكابرة، وبهذه العقلية الجاحدة المستعلية، فوتت علي البلد فرصا لحلول، لو أنها تواضعت واستمعت إليها، وأعطتها إمكانية البحث الجاد والاختبار التجريبي، لكان حالنا غير الحال، ولكنا تجنبنا معظم ما نعاني منه الآن من آلام مريرة موجعة. من واقع تجربتي الصحفية، ولدي زملائي الكثير مثلها.. وفيما يتعلق فقط بمشاكل ملحة تضغط علي حياتنا حاليا: في عام 6891، قبل 42 عاما.. نشرت في »الأخبار« تحقيقا اقترح فيه تحويل قنوات مياهنا، من قنوات مفتوحة إلي »أنابيب« كان الدكتور محمود أبوزيد رئيس مركز بحوث المياه حينئذ قدر لي كفاءة منظومة الري، بأنها في حدود 05٪ أي أن نصف حصتنا من مياه النيل، تتبدد.. بالبخر والتسرب في أجناب المجاري المائية، وبدائية أساليب الري، مع الأسف لم تكترث الحكومة، ولا علماء الموارد المائية، رغم العلاقات الطيبة القوية التي كانت تربطني بهم، وها هم، في لجنة يرأسها الدكتور عادل البلتاجي مستشار وزير الزراعة يصلون لنفس الفكرة، لكن بعد إيه، وبكم، ومتي ستنفذ؟! أليس من حقنا أن نتهم الحكومة بمسئوليتها عن ضياع مليارات الامتار المكعبة من المياه، كانت خضرت ملايين الأفدنة، والأهم، حمت مياهنا من التلوث الفظيع الذي حدث فيها؟ في هذه الأيام، وبدء زراعة، المحصولين الصيفيين: الأرز والذرة المفروض ان يزرع الأرز في مساحة مليون ومائة ألف فدان فقط، وهو ما كان مفروضا أن يحدث منذ بناء السد العالي، لكن نظرا لارتفاع العائد النقدي من زراعة الأرز، جري التوسع في زراعته، وألغت حكومات الحزب الوطني، لأسباب انتخابية في الغالب، غرامات الري ضد المخالفين، حتي وصلت مساحة الأرز إلي مليوني ونصف مليون فدان، هذا العام تتشدد وزارة الري، وتنصح الزراع - الفلاحين - بزراعة الذرة في المساحة المفترضة له، وهي مليونا فدان، لكن كثيرين من الفلاحين يرفضون، بسبب ما عانوه في تسويق الذرة العام الماضي، ويهددون بترك أراضيهم بورا، وهي كارثة علي الجميع. يحدث هذا في نفس الوقت الذي نشرت فيه زميلتي مراسلة الأخبار في الشرقية سناء عنان، أن الدكتور سعيد سليمان رئيس قسم الوراثة بكلية زراعة، الزقازيق توصل بتجاربه المستمرة إلي اصناف أرز تتحمل الجفاف، ومع زميله الدكتور يسري عطا بمعهد توزيع المياه، توصلا إلي ري الأرز ب0053 متر مكعب فقط، بدلا من 0056 متر مكعب السائد، وكنت قد تابعت أبحاث الدكتور سعيد سليمان، بصحبة عالم الوراثة المفكر، الدكتور أحمد شوقي أقرب زملاء عالمنا الجليل الراحل الدكتور أحمد مستجير صاحب الابحاث المماثلة في الأرز والقمح.. وكتبت تحت عنوان »أرز بنصف مياه الري«.. ناشدت المسئولين في الزراعة - والري الاستفادة من نتائج أبحاث الدكتور سعيد سليمان، لكن احدا لم يهتم، بل وحاربه أقرانه، اتعرفون متي كان ذلك؟.. عام 2991، أي منذ 81 عاما!.. كم خسرنا فيها من مليارات الأمتار المكعبة! ولايزال في الجعبة الكثير..