إبراهيم سعده الأستاذ الدكتور جورجي شفيق ساري أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة المنصورة، المعار حالياً كمستشار قانوني بدولة الكويت أعد مشروع الدستور منذ فترة طويلة، و نشره في كتاب أصدره عام 2003، وتكرر طبعه أربع مرات، و يري د. جورجي شفيق وأنا أؤيده فيما يراه بعد أن قرأت أخيراً ما كتبه أن الدستور الذي أعده منذ سنوات تجتمع فيه كل سمات الدستور الديمقراطي الحديث، مع مراعاة الخصوصيات التي تتسم بها مصر. الباب الثالث تحت عنوان: الحريات والحقوق والواجبات العامة بدأ بالمادة 38 التي تنص علي: [كل مواطن يُقبض عليه أو يُحبس أو تقيد حريته بأي قيد تجب معاملته بما يحفظ كرامة الانسان، ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، كما لا يجوز حجزه أو حبسه في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون. وكل قول يثبت أنه صدر من مواطن تحت وطأة شيء مما تقدم أو التهديد بشيء منه يُهدر ولا يُعوَّل عليه]. والمادة 40 التي تتحدث عن حرمة المساكن التي لا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقاً للقانون. هذا النص نجده في كل الدساتير بما فيها ما صدر في مصر، ويلزم تكراره في الدستور الجديد لأن هناك فرقاً بين النص بالكلمات وبين احترامه وتنفيذه. وتضيف المادة التالية أن لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون، فمثلاً: [ للمراسلات البريدية والبرقية والالكترونية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال الأخري حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو رقابتها أو فضها أو الاطلاع عليها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقاً لأحكام القانون]. وأيضاً: [تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية للجميع دون تمييز أو تفرقة بين عقيدة وأخري، بما ليس فيه خروج علي القانون أو النظام العام]. ولأهمية حق التعبير وحرية النشر والإعلام، كتب أستاذ القانون الدستوري د. جورجي شفيق يقول: [حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمانا لسلامة الوطن]. ويواصل في المادة الدستورية التالية قائلاً: [حرية الطباعة والنشر بكل الطرق ووسائل الإعلام مكفولة. والرقابة علي كافة وسائل النشر محظورة وانذارها او وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور، ويجوز استثناءً في حالة الطوارئ أو زمن الحرب أن تفرض علي المطبوعات رقابة محدودة، ومقصورة علي الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي، وذلك كله وفقاً للقانون]. ويطمئننا الفقيه الدستوري في المادة 45 علي أن الدولة [تكفل حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي، وتوفر وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق ذلك]. هذه الحريات والحقوق كلها، وغيرها، لا يكفي الإشارة إليها، والتشجيع عليها وإنما يجب الأخذ بها ومحاسبة من لا يلتزم بها. فالمادة 53 تنص علي : [كل اعتداء علي الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوي الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وتكفل الدولة تعويضاً كاملاً لمن وقع عليه الاعتداء]. لا أعرف إذا كانت الجمعية التأسيسية لإعداد دستورنا المنتظر سوف تهتم بمثل هذه البنود التي- وغيرها كثر- في مشروع د.جورجي شفيق، و باقي المشروعات التي أعلنها ونشرها وتقدم بها كثيرون من أساتذة القانون الدستوري، وغيرهم من المهتمين بالتوصل إلي دستور جديد لا يقل ولا يزيد عن دساتير الدول الديمقراطية الحقيقية، أم يتجاهلها ويأتي لنا بدستور مبتكر، وموجّه، لا يعبر إلاّ عن فكر واقتناع فصيل واحد من فصائل مجتمعنا المصري؟!