" مالاما ".. فتاة فرنسية المولد والجنسية، من أصل سنغالي، وتقيم مع والديها في إحدي المدن الفرنسية حيث درست في المدارس والجامعة ، وتعمل حالياً في وظيفة تتعيش منها وتساعد أسرتها عند الحاجة. فتاة عادية مثلها مثل غيرها من الفرنسيات. الشيء الوحيد الذي يميزها في الشارع أو أمام معارفها هو لون بشرتها الأفريقية. فهي تتكلم الفرنسية بطلاقة، بلا لكنة، وتتابع ما يجري في بلدها من أحداث سياسية وأزمات اقتصادية، بنفس اهتمامها بالتغييرات التي طرأت وتطرأ علي مجتمعها وخاصة ما يوصف بتصاعد اليمين المتطرف وتأثيراته الخطيرة علي الفرنسيين المهاجرين الملونين بألوان البشرة الناصعة والشعر الأصفر. الدستور الفرنسي وقوانينه وقيمه الموروثة لا يفرق بين الفرنسيين في الحقوق والواجبات رغم اختلاف جذورهم وألوان بشرتهم ومعتقداتهم. فقد عرفت فرنسا بعد نجاح ثورتها في إسقاط الملكية بأنها واحة القيم الديمقراطية التي تقدس حريات مواطنيها في ممارستهم حقوقهم والالتزام بواجباتهم. فللمواطن الفرنسي الحق المطلق في العيش داخل بلده طبقاً لخياراته ومعتقداته وميوله الشخصية، بصرف النظر عن لون بشرته، أو ديانته، أو تصرفاته، أو ما يقوله أو يظهره انتساباً لدينه، أو إعلاناً لإلحاده ورفضه لكل الأديان ولكل ما تتحدث به تلك الأديان عن حياة الدنيا وحياة الآخرة. هذه المفاهيم، والقيم، الفرنسية وغيرها تمسك الفرنسيون بها خلال القرون والعقود الماضية، لكن بعضهم وربما معظمهم تخلي منذ سنوات عديدة ماضية عن تمسكه بتلك القيم التي عرف واشتهر المجتمع الفرنسي بها في تاريخه الطويل والقديم. فقد تصاعدت نغمة "فرنسا للفرنسيين الأصليين، وليست للمهاجرين المتجنسين". فمع كل ما تعرضت فرنسا له مثلها مثل غيرها من باقي دول الغرب من هجمات إرهابية سقط الآلاف ضحايا أبرياء لها تباهي بها من تحمل المسئولية عنها: "المتأسلمون المتطرفون.. أعداء الكفار من المسيحيين واليهود وغيرهم من الديانات واللادينيات الأخري" تصاعدت الأصوات داخل المجتمع الفرنسي امتدت إلي معظم دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يتوجس أصحابها من " خطر تشدد المتأسلمين" علي بلادهم، وضرورة مراقبة ومتابعة ما يقوله ويفعله المواطنون المسلمون/ الفرنسيون ممن يتعاطفون مع الجماعات الإرهابية أو المتورطين مع هجماتها. ومن الطبيعي أن تجد تلك الأصوات صدي لدي قطاعات تتزايد انتشاراً من المجتمع الفرنسي، علي رأسها الأحزاب اليمينية المتطرفه والوسطية. وانعكس هذا الصدي علي التغييرات التي طرأت علي تعامل تلك القطاعات مع المسلمين المقيمين في فرنسا بصرف النظر عن المتجنسين، أو المهاجرين، أو حتي السياح! أمام هذه التغييرات العصبية والعنصرية في معاملة المسلمين بلا تفرقة لم تجد السيدة "مالاما" "الفرنسية/ السنغالية" من وسيلة لإظهار رفضها واعتراضها سوي أن تمسك بقلمها وتكتب رسالة طويلة رحبت صحيفة فرنسية شهيرة.. بفتح أولي صفحاتها لنشرها بالكامل حتي ولو وجدت معارضين لأفكارها وتوجهاتها واتهاماتها. .. و لرسالة "مالاما" بقية.