سباق انتخابات الرئاسة الفرنسية التي تعقد اليوم كانت لحملات المرشحين فيها طابع خاص، فلأول مرة تتراجع قضية السياسة والقضايا الاخري في مواجهة قضايا المهاجرين التي اصبحت قضية هوية واختبار للحرية في فرنسا والتي أول من أرست قواعدها. ولأول مرة يسارع المرشحون الي خطب ود المهاجرين الذين يصل عددهم لحوالي 5 ملايين نسمة حتي ان "جان ماري لوبان" اليميني المتطرف الذي طالب من قبل بطرد الاجانب عاد وتراجع قائلا انه ليس معاديا للاجانب ولكنه محب لفرنسا ودعا الي معالجة قضية تعدد الازواج معتبرا ان المقيمين علي الاراضي الفرنسية يجب ان يحترموا القانون. وما لا يعرفه "لوبان" ان العرب المتجنسين أو المقيمين في فرنسا يلجأون الي هذا الاعتبار لإعالة اقاربهم ومعارفهم الذين يتعرضون لظروف عصيبة ويفتقدون الي العمل في مجتمع مختلف ثقافيا. ومن الملاحظ ان المهاجرين واغلبهم من المغرب العربي يتمتعون بالجنسية الفرنسية نجحوا في لفت الانظار الي قضيتهم وتعرضهم للتمييز ويعيشون في الضواحي ويحصلون علي اجور متدنية بعد ان قاموا باعمال شغب دموية تعامل معها بعنف "نيكولا سركوزي" عندما كان وزيرا للداخلية ووصف المهاجرين بالاجرام وضرورة استئصال العناصر المخربة من المجتمع الفرنسي. وليس السبب خلف مداعبة مرشحي الرئاسة للمهاجرين واستمالتهم هو ندم او اعتراف بالذنب في عزل هؤلاء عن المجتمع الفرنسي والتعامل معهم بتعال وانما لان آخر استطلاعات الرأي تشير الي ان 30% من الناخبين الفرنسيين لم يحددوا موقفهم بعد وهذه النسبة وحدها ربما تكون كفيلة لادخال مرشح في المرحلة الثانية، فاستطلاعات الرأي الاخيرة تشير الي تقدم اليميني سركوزي وخلفه مباشرة المرشحة الاشتراكية "رويال سجولين" التي ستحظي في الاغلب باصوات اغلب المهاجرين ومع الاخذ في الاعتبار ان عدد المسجلين في الجداول من العرب المهاجرين تضاعف مقارنة بمثيله في الانتخابات السابقة، وبالتالي سيكون تصويتهم مؤثرا وان لم يكن حاسما. اما اليميني المتطرف "جان ماري لوبان" فقد حصل علي 17% في آخر استطلاعات الرأي ورغم ان النسبة لا تؤهله للحكم فإنها تشير الي تعاطف جزء من الشعب الفرنسي مع افكاره عن الهوية والحد من الاجانب، أو بمعني آخر فان مجرد اقترابه من الرئاسة يعتبر انتصارا لافكاره. انتخابات الرئاسة 2007 الفرنسية ربما يلعب فيها المهاجرون دورا غير مسبوق بعد ان تنبه المهاجرون واغلبهم من العرب الي اهمية الاندماج في المجتمع الفرنسي والمشاركة في صنع سياسته وهو ما سيدعم مواقفهم ويفيدهم في تحسين مستوي معيشتهم. والآن فقط سيلتف صانعو السياسات في فرنسا الي وجود شريحة في المجتمع تسمي مهاجرين.. وتترقب الاسواق الفرنسية بصفة خاصة والاوروبية والعالمية بصفة عامة نتائج الانتخابات. إلا ان المرشحين الرئيسيين الاربعة "سركوزي"، و"سجولين"، و"بايرو"، و"لوبان" اتفقوا علي ضرورة اصلاح الاقتصاد الفرنسي - ثاني اكبر الاقتصاديات الاوروبية وادماجه في اقتصاد السوق. إلا ان التوجهات الاشتراكية لسجولين وبايرو تختلف كثيرا عن مثيلاتها عند سركوزي الذي وصف الحزب الاشتراكي انه مليئ بالعناصر الماركسية التي يجب تطهيرها. وتعتزم سجولين انتهاج برنامج اقتصادي يساري في حالة فوزها.. ويتركز برنامج المرشحين الثلاثة علي الاقتصاد وتوفير فرص عمل والسياسة التي يتعين انتهاجها ازاء اوروبا والمهاجرين بالاضافة لحفظ النظام والامن، ففي مجال الاقتصاد يرتكز برنامج المرشحة الفرنسية "سجولين رويال" علي عدم فرض ضرائب جديدة وتقليل ساعات العمل الي 35 ساعة في الاسبوع. اما في مجال الوظائف فهي تعد برفع الحد الادني للاجور بنسبة 20% الي 1500 يورو شهريا ومكافأة الشركات التي تزيد من معدلات التوظيف. وفي قضية الهجرة وهي ما تعنينا كثيرا في هذا المجال الحفاظ علي حقوق المواطنة والتجنس بعد مرور 10 سنوات من الاقامة في فرنسا. اما "فرانسوا بيرو" فيعد بموازنة الميزانية خلال اعوام ثلاثة وتخصيص 20% من العقود العامة لقطاعات الاعمال الصغيرة والسماح للشركات بتشغيل عاملين دون الزامها بدفع تأمينات اجتماعية وتقليل الضرائب علي ساعات العمل الاضافية التي تزيد علي 35 ساعة وفي مجال الهجرة يطالب بانشاء وزارة للهجرة ومطالبة المهاجرين غير الشرعيين بالالتحاق ببرامج لتعليم اللغة والثقافة الفرنسية. اما "سركوزي" والاوفر حظا حتي الان فيدعو لخفض الدين العام 50% وتخفيض الاعباء الضريبية علي ذوي الدخول المحدودة والغاء ضريبة المواريث باستثناء المفروضة علي الاكثر ثراء بالاضافة بزيادة القيمة المضافة. ويدعو سركوزي الي عدم فرض ضرائب علي من يعملون ساعات اضافية تزيد علي 35 ساعة اسبوعيا كما طالب بانشاء وزارة للهجرة مع ضرورة تعليم المقيمين الدائمين اللغة الفرنسية.