قلنا من قبل إنها أزمة مفتعلة لها مقاصد سياسية، وتفتقر إلي المعيارية والموضوعية ومصيرها إلي زوال، وان السير فيها هو »عنترية« لا يقدر عليها لا المجلس العسكري ولا حكومته ولا الست الوزيرة فايزة أبوالنجا وكان الأفضل لهؤلاء جميعا طالما انهم ينطلقون من انها »أزمة مفتعلة« قصد بها إلهاء الشعب عن قضايا الانتخابات وجرائم المجلس العسكري في شارعي محمد محمود ومجلس الوزراء، بخلاف ما قبلهما. وجاء التصعيد في توظيفها مع احداث بورسعيد حيث سارع المحققان الي تقديمها للمحكمة للفصل فيها علي وجه السرعة فإنه من الواجب والمنطقي ألا تصل التحقيقات الي القضاء وكان الأفضل ألا تتفجر نهائيا. اما وانها تفجرت لأي سبب، فكان الاصل فيها »ألا تصل الي بيت العدل والاستقلال« حسبما ترسب في نفوس ووجدان هذا الشعب الصابر علي بلاوي حكامه حتي لو كانوا مؤقتين كما هو حادث هذه الأيام. إلا ان سوء حظهم كشف تواطئهم الي حد التآمر علي سمعة هذا الوطن وعلي شعبه وثورته العظيمة، فلو كانوا قد استعانوا بأسوأ المستشارين وهو الحادث الان ما كانوا قد وصلوا إلا لهذه النتيجة التي تجسد حقيقة التواطؤ والتآمر بلا حدود. فقد حاول هؤلاء المعنيون »المجلس العسكري وحكومته الجنزورية« ان يفجروا هذه الأزمة ويرتفعوا بسقف الطموحات لدي افراد الشعب الطيب باعتبار انهم يتحدون امريكا، ولا يعنيهم معونة أو منحة، ولا قروض البنك الدولي، فاستنفرت الهمم، وارتفعت نبرة الخطاب الوطني، واشتغل الحنجريون ومن علي شاكلتهم بخطاب ان الوطن في خطر ويتعرض لمؤامرة خارجية، مرة من الثوريين الذين يريدون هدم الدولة ومرة اخري من الامريكيين الذين يتجسسون ولا يريدون الخير لمصر والثورة، وكأن هذا اكتشاف جديد، ثم القوا بتهم الخيانة لهذا وذاك، واعتبروا انفسهم في عداد الشرفاء وهم الذين كانوا يركعون لحسني مبارك وحاشيته ويسبونه الآن بعد زوال عرشه، ويركعون للمجلس العسكري وحاشيته أيضا، والامر معروف ان هذه النوعية من المصريين منبوذون الي يوم القيامة لانهم منافقون علي طول الخط، ويكتشفهم المصريون أولا بأول من فرط ذكائهم لطبيعة الحال، وفي المقابل غباء المنافقين الذين يتصورون ان الشعب المصري ليس بالذكاء!! استهدف المعنيون، من وراء تفجير هذه الأزمة المفتعلة، محاولة استحضار الوطنية، وزيادة الشعبية المفقودة للمجلس العسكري، وغض النظر عما يحدث من جرائم سياسية نتيجة التآمر المنظم علي الثورة من هؤلاء، مقابل الحفاظ علي السلطة ومغانمها ورغد العيش الذين يعيشون فيه من قصور من كل مكان دون ان يشعروا بالفقراء الذين وصلت نسبتهم الي ما يزيد علي 05٪ من كل الشعب المصري!! وشايعهم في ذلك بعض الشيوخ سواء بحسن النية أو الجهل أو الاشتراك في التآمر، ودعوا إلي مشروع للتبرع في صندوق لالهاء الفقراء وسرقة ما في جيوبهم ان كانوا يحتفظون بها أو فيها بمليم واحد!! تاركين الاغنياء يسبحون فيما سرقوه من اموال الشعب دون حسيب أو رقيب. من اسف ان هؤلاء المعنيين يعرفون ان هذه الأزمة عارضة ومفتعلة لاسباب سياسية، ولو كانت حقيقية كما ذكرت في المقالين السابقين، لطبقوا ذلك علي كل المعونات الخارجية دون تمييز، ولقرروا علي الفور الغاء المعونة الامريكية وعدم طلب قروض كما يدركون أن هذه الأزمة ستتوقف دون أن تصل إلي النهاية طالما يدركون ذلك، فإن السؤال لماذا لم يحافظوا علي بقية من حمرة الخجل حين توقفها فجأة وبالسكتة القلبية؟! ولماذا لم يحفظوا مكانة الوطن في نفوس أبنائه كراما أعزاء؟! ولماذا لم يحفظوا للقضاء هيبته واستقلاله؟! أهذا تصرف يؤكد علي أن الثورة التي حملت شعار »الحرية الكرامة«.. كانت خيالا وليس حقيقة؟! أهذه هي الكرامة التي عشنا من أجلها، وثار الشعب المصري كله من أجل كرامته وإنسانيته، ألا يبكي »القلوب«، ويدمي »العيون«، ما حدث في اغلاق ملف التمويل الأمريكي والتهريب العمدي لهؤلاء المتهمين الأمريكيين حسبما أوردت التحقيقات؟! فالقضية احيلت إلي هيئة المحكمة برئاسة القاضي شكري، ثم يقوم رئيس محكمة الاستئناف بالقاهرة »القاضي عبدالمعز إبراهيم«، الذي ترأس اللجنة العليا لانتخابات مجلسي الشعب والشوري وعضو اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة. بالاتصال بهيئة المحكمة ويطلب منه اتخاذ قرار بالغاء قرار منع المتهمين الأمريكيين من السفر والسماح لهم بالسفر، فاضطر القاضي شكري إلي عرض الأمر علي أعضاء المحكمة وقرروا جميعا الامتناع عن اصدار القرار المطلوب، والتنحي عن نظر القضية للحرج بعد هذا التدخل السافر الذي أتي بطبيعة الحال بناء علي تعليمات عليا، والأرجح أنه صادر من المجلس العسكري وربما بتنسيق مع الحكومة أم من وراء ظهرها! ومن ثم فإن اسوأ ما في الأمر، هو الخروج من الأزمة بعد تصعيدها غير المبرر ورفع سقف الطموحات لدي الشعب واعتبار المسألة قضية وطنية علي وزن »لن نركع.. إلخ الكلمات العنترية«، التي وردت علي لسان الجنزوري أمام البرلمان والأسوأ هو أن يكون الخروج علي حساب سمعة ومصداقية واستقلال مؤسسة العدل »السلطة القضائية«، وهوخروج مكلف لسمعة الوطن ورخص قيمته وتدهور ثمن الشعب، وانعدام قيمة الثورة التي قامت من أجل الحرية والكرامة والاستقلال. لقد ضحي هؤلاء المتآمرون علي الشعب والوطن والثورة، بمؤسسة القضاء وشرفها وسمعتها، فماذا بقي إذن من سمعة الوطن. فقد فجرت هذه الازمة مخزون طاقة الغضب الشعبي، واشعرت الشعب ان القابضين علي السلطة الان هم من بقايا وذيول نظام مبارك. وفي نفس الوقت اوضحت للكافة ان السلطة القضائية منقسمة بين فريقين »الشرفاء- المتآمرين« ومن ثم صحت وجهة نظر الثورة حينما طالبت بتطهير القضاء من غير الشرفاء، ومن المزورين، والمرتشين وتجار السلاح والمخدرات الذين انكشفوا الان ونحن نطالب الان اكثر من اي وقت مضي بتنفيذ التطهير عبر آلية المحكمة الثورية ليبدأ الاستبعاد الفوري لفئتين اساسيتين من القضاة هما: 1- المزورون لانتخابات مجلسي الشعب والشوري عام 2010 ومن قبل سنة 2005. 2- جميع ضباط الشرطة الذين التحقوا بالقضاء لإفساده طوال عهد حسني مبارك. فلا ننسي ان الهيئة المؤقتة التي شكلها عبدالمعز ابراهيم كان اعضاؤها من رجال الشرطة السابقين وتشكلت لتنفيذ التعليمات بالغاء قرار منع سفر الامريكيين بعد تنحي دائرة المحكمة برئاسة شكري دون اصدار هذا القرار فهل يصلح امثال هؤلاء بالاستمرار في وظيفة القاضي العادل؟! كما ان كل من ارتكب فعلا في هذه الجريمة ابتداء بمن فكر وبمن اصدر الامر وبمن قام بالتنفيذ اول خطوة »رئيس محكمة الاستئناف وبمن اصدر القرار بتهريب الامريكيين الذين كانت تنتظرهم الطائرة في المطار قبل القرار!! بالمحاكمة العاجلة، وكل من شارك وتواطأ بالقول والفعل وضلل الشعب حتي لو كانوا نوابا ولديهم الحصانة فإن إسقاطها ومحاكمتهم فورا هو خير وسيلة لاعادة الطمأنينية لهذا الشعب واسترداد ثقته في قضائه العادل والا فان انهيار الدولة في وجدان وادراك هذا الشعب بفعل هؤلاء المجرمين تصبح حقيقة وليس من وجهت اليهم الاتهامات بالخيانة والسعي نحو تدمير المجتمع وتخريبه وهي اتهامات زور وبهتان القصد منها التغطية علي السلوك الاجرامي لمن بيدهم السلطة الان اما عن الضربة القاتلة التي وجهها الامريكيون الي كل من المجلس العسكري وحكومته والقضاء والاخوان، فلهذا حديث آخر ونذكر بان نفي الاخوان الشفهي لم يعد مقبولا وللحديث بقية ولا زال متصلا ومستمرا. [email protected]