"الشيء الذي لا يكسرك، يجعلك أكثر قوة " و"أبتسم تبتسم لك الدنيا" وغيرها من الأقوال أو الأمثال التي اعتدنا سماعها ولكننا أحيانا ما نتوقف عندها لنفكر في معناها أو نتدبر في الحكمة منها أو الدروس المستخلصة منها بالرغم من أن مثل هذه الاقاويل والأمثال تعد خلاصة لتجارب وحكم الشيوخ عبر السنين وتمثل جزءا من ثقافتنا أو التعرف علي عاداتنا وتقاليدنا. ولعل ما ذكرني بهذه الأقاويل الشهيرة عندما اهدتني صديقتي وزميلتي بالدراسة الدكتورة مني زكي كتابا لأمثالنا وأقوالنا الشعبية المعروفة لزوجها الفنان فريد فاضل، وسعدت جدا بعدما قرأت للكتاب أن أتعرف علي القصة أو الحكمة من وراء كل مثل أو قول مأثور، وأحسست بعد تدبري لبعض هذه الأمثلة إنها قد تنشلنا أحيانا من الاستسلام لمشاعر اليأس أو الاحباط أو حتي الانهاك التي تعترضنا كل فترة نتيجة تعقد الحياة والتحديات التي دائما تطرأ علي حياتنا بسبب كثرة الضغوط والتحديات المحيطة بنا. وتذكرت إنني كلما التقيت مع جمع من الشباب في الندوات العامة، وجدت دائما إنهم في أشد الحاجة إلي الدعم المعنوي والنفسي من المجتمع نظرا لكثرة المتغيرات والتحديات الواقعة عليهم، هذا بالإضافة إلي صعوبة ظروفهم المعيشية مقارنة بجيلنا أو جيل آبائنا.. ويمكن استخلاص أهم الدروس المستفادة بشأن هذا الموضوع والتي من خلال التدرب والصبر عليها ويمكن أن تشعرنا بالسلام النفسي الداخلي والتصالح مع الذات مثل: 1- أعرف أن لكل شيء نهاية، فالأحزان والمحن والقلق لهم نهاية: فمن عظمة الخالق أنه جعل مع مرور الوقت ننسي همومنا، وأنزل الصبر في قلوبنا بقدر مصائبنا فنحن دائما معرضون لأحداث الحياة المؤلمة، ومع الوقت سوف ننسي همومنا وتتحول إلي ذكري نستخلص العبر منها. 2- الإسراف في القلق والهم أو الحزن لن يحل مشاكلك فأعزم علي التخلص من هذا الشعور المنهك للطاقة ومهدر للمزاج من خلال الانخراط بعمل ما أو بالانشغال بشيء نافع محبب لك أو بالعطاء او معاونة الأخرين فهو خير معاون علي المشاعر السلبية. أعد تقييم الأمور ضع أولوياتك عندما يختل توازنك. 3- فإذا تعرضت لضغوط متعددة في أي وقت ما وشعرت بأن الأمورخرجت عن السيطرة من يدك فلا تستسلم ولكن أعد تقييم أولوياتك الأهم فالمهم وسجلها ، ثم تعامل معها بالترتيب، ونوط مهام للغير، أو أعيد تقييم أهمية بعض المهام. 4 - بالموضوعية والاعتدال في أمورك، تعدل حياتك: الوصول الي التوازن بين الراحة والعمل والأسرة ، وبدون أن نتكاسل أو نحترق في العمل وبدون طموحات تفوق إمكانياتنا أو ظروفنا يجعلنا أكثر قدرة علي التكيف مع ضغوط المعيشة وأكثر رضاء 5- لا تلعب دور الضحية أو المجامل الدائم علي حساب نفسك: لا تحاول أن تجامل كل الناس بأن تفعل كل شيء لهم أو أن تلبي كل ما يطلب منك دون تفكير، لأن كثرة الوعود والالتزامات الكثيرة والمواعيد المتلاحقة تشعرك بالخنقة، فلا تحمل نفسك فوق طاقتها، ويمكنك استبدال عمل الشيء بالمساعدة بالمعلومة أو المشورة 6- لا تبالغ في تأنيب أو عقاب ذاتك عندما تفشل، ولكن اعتبرها خطوة لنجاح أكبر: فكثيرا ما نجد شبابا يبالغ في عقاب نفسه علي مشروع ما لم ينجح فيه، فيصبح هذا اللوم المبالغ مثل التأديب الذاتي وهو ما يشعر الشخص بالاحباط ويشعره بأنه قليل الحيلة، ولكن لو علم هؤلاء الشباب قصص أشهر رجال الأعمال في العالم وكما كان بداية مشوار حياتهم مليئ بالفشل الذي تعلموا منه الكثير ليقفزوا إلي نجاحات أكبر. 7- نمي مهاراتك وقدراتك في العمل لتتغلب علي المشاعر السلبية لديك: كثيرا ما يستطيع الانسان التغلب علي المشاعر السلبية لديه لدي الزملاء مثل الشعور بالغيرة أو المنافسة الزائدة من خلال تنمية وتطوير مهاراته الوظيفية حتي يرفع من تنافسيته بالعمل فيكتسب ثقته بنفسه ويعلو بها عن المشاعر السلبية والتفاهات. 8- التفكير الايجابي في نظرتك للأمور: فكثيرا ما تأتي الضغوط نتيجة كثرة التكليفات، المطلوب انجازها في وقت واحد، ولكن انظر لهذه الضغوط نظرة إيجابية، فقد تكون مفيدة لأنك تنجز فيها أكثر من شيء في يوم واحد، فتشعر بتحقيق ذاتك أو أهميتك للمحيطين بك، واعلم أن الشعور بالراحة والهدوء النسبي يأتي دائما بعد إنجاز أصعب الأشياء. وخلاصة الكلام، إننا لا نستطيع أن نمنع الضغوط لأنها وليدة البيئة المحيطة بنا التي يصعب تغيرها ولكن ممكن أن نعيد أسلوب التعامل أو التكيف معها، فانظر للصورة الأكبر دائما فالضغوط التي تتعرض لها الآن في عملك أو في محيط أسرتك هي أشبه ما يكون بضريبة مصاحبة للنجاح الذي أنت فيه الآن أو المستقبلي واعلم أن ثمرة هذا الكفاح النفسي مؤكدة. علي أي مشكلة تقابلهم .