جلال عارف فور توليه منصبه الوزاري نشرت تصريحات لوزير التربية والتعليم جمال العربي أعرب فيها عن الاتجاه لإعادة نظام السنة الواحدة بالثانوية العامة. وبعدها عاد الوزير لنفي أي قرار في هذا الشأن، وقال انه كان فقط يعبر عن رأيه الشخصي في »دردشة« خاصة!! قبل يومين عاد الوزير مرة أخري ليقول ان الموضوع محل دراسة، وان الوزارة تسعي لتحقيقه من أجل تخفيف ضغوط الدروس الخصوصية علي الأسرة المصرية، ولكن القرار لم يصدر بعد!! الأمر -فيما يبدو- تعدي حدود »الدردشة« خاصة بعد تعقيب لمسئول في حزب »الحرية والعدالة« يؤيد هذا التوجه، ويؤكد انه يمثل الخطوة السريعة المطلوبة في خطة الحزب للتعامل مع قضية التعليم، والتي تتضمن أيضا اعتبار شهادة الثانوية العامة نهاية مرحلة دراسية، بما يعني تغيير نظام القبول بالجامعات! وما ينبغي التأكيد عليه ان قضية التعليم ينبغي ان تكون قضيتنا الأولي في الفترة القادمة إذا أردنا اصلاحا حقيقيا ونهضة تنقلنا إلي عالم الحداثة والتقدم. وبالتالي فهي بحاجة إلي استراتيجية شاملة تعتمد علي العلم والعلماء، وتلتزم بها الحكومات، وتنهي حالة الفوضي التي تتغير بها سياسة التعليم بتغير الوزير أو بمزاج المسئول! لقد صحونا ذات يوم علي قرار بتخفيض سنوات التعليم الابتدائي عاما كاملا بدعوي تخفيف الضغوط علي الأسرة وعلي الدولة كما هي العادة، وقيل يومها ان منظمة »اليونسكو« تؤيد ذلك، والعالم الحديث كله سيجري وراءنا ويستفيد من تجربتنا! ثم خرج الوزير لنكتشف ان ما حدث كان كارثة وان اصلاحه سيكلفنا الكثير من الجهد والوقت والمال، وهو ما حدث دون مساءلة أو محاسبة! وعلي مدي ربع قرن علي الأقل جربنا في الثانوية العامة كل شيء إلا الشيء الوحيد المطلوب.. ان نستعين بالخبراء الحقيقيين »وما أكثرهم لدينا« وان يكون لدينا هيئة عليا تضع استراتيجيات التعليم وتقوم بتطويرها، وان يكون دور الحكومة هو التنفيذ وتدبير الموارد والإمكانيات. قبل الثورة.. كان الاختيار هو ان يكون للأغنياء تعليمهم الخاص المميز، وان يكون للفقراء جهلهم ومدارسهم المنهارة. وعندما عقد الحزب الوطني المنحل مؤتمرا للتعليم قبل عامين كانت المهمة هي انهاء ما تبقي من فرص أمام الفقراء للتعليم الجامعي بإلغاء التنسيق والتحايل علي المجانية! بعد الثورة.. ينبغي ان يكون الهدف هو توفير تعليم حقيقي لكل أبنائنا باعتبار ذلك الاستثمار الأمثل من أجل المستقبل. ولن يتم ذلك إلا باستراتيجية شاملة لا تتغير بتغير الوزير أو الحكومة، ولا نصحو معها كل بضعة أعوام لنجد أنفسنا أمام نظام جديد للثانوية العامة تدق له الطبول، ثم نكتشف انه قادنا إلي المزيد من الفشل! المطلوب أكثر بكثير من الانتقال من ثانوية »سنتين وأنا أحايل فيك« إلي ثانوية »سنة حلوة يا جميل«!!