التعليم قضية كل بيت في مصر، ولذلك كان طبيعيا أن تثور ضجة حول تصريحات نسبت لوزير التربية والتعليم جمال العربي عن اضافة سنة رابعة للدراسة الثانوية يدرس خلالها الطالب المواد المؤهلة لقبوله بأحد قطاعات التعليم العالي بعد اجتيازه الاختبارات اللازمة. وكذلك تخفيض سن القبول بالمرحلة الابتدائية إلي خمس سنوات لتوفير العام المطلوب في الثانوية بعد التعديل!! الوزير يسارع بالتوضيح نافيا أن يكون هناك قرار بذلك، ومؤكدا ان الأمر ليس أكثر من »دردشة« حول رأيه الشخصي لتطوير التعليم، وأن كل ما يتعلق بتطوير الثانوية العامة والقبول بالجامعات سيكون محل دراسة في لجنة مشتركة بين وزارتي التعليم والتعليم العالي، وأن التوصيات ستتم مناقشتها مجتمعيا قبل العرض علي البرلمان! »دردشة« الوزير وتوابعها تدل أننا مازلنا ندور حول أنفسنا في قضية التعليم. بدليل أننا نبدأ مرة أخري من حيث انتهي النظام السابق الذي أفسد التعليم كما أفسد كل شيء في مصر، والذي كان يتعامل مع القضية باعتبار التعليم عبئا ثقيلا ينبغي التخفف منه، وليس استثمارا قوميا وأساسا لابد منه لأي نهضة حقيقية. في آخر مؤتمر للتعليم عقد أيام وزارة نظيف، تم انهاء المؤتمر دون عرض التوصيات، لأن المطلوب كان تمرير فكرة امتحان القبول بالجامعات دون النظر لمجموع الثانوية العامة. ولأن الهدف لم يكن اصلاح التعليم بل السير في طريق إلغاء المجانية في ظل الظروف التي يعيش فيها نصف الشعب المصري تحت خط الفقر، وهو ما يعني أن يكون التعليم للأغنياء فقط!! الاصلاح الحقيقي ينبغي أن يكون شاملا، وأن يبدأ بقرار سياسي يقول ان التعليم هو المشروع القومي الذي يستحق كل دعم، وبرؤية متكاملة لا تستهدف أن تتخلص الدولة من »عبء« التعليم، بل أن توفر كل ما تستطيع من امكانيات لتحويل الشباب إلي أعظم استثمار وأهم قاعدة للنهضة والتقدم. الاصلاح الحقيقي للتعليم سيستغرق سنوات، وينبغي أن يبدأ من التعليم الابتدائي وليس من الثانوية العامة. ولو استطعنا خلال فترة معقولة توفير التعليم الابتدائي اللائق لأطفالنا، ولو بدأنا علي الفور بتجهيز المدارس وتأهيل المعلمين وتوفير الدخل الكافي لهم.. لكانت هذه هي البداية الحقيقية التي ننتقل بعدها للتعليم الاعدادي والثانوي، ليكون التعليم الجامعي المحترم هو النتيجة الطبيعية لهذا البرنامج الذي لا بديل عنه اذا أردنا بالفعل أن ننهض ونتقدم. اصلاح التعليم قضية قومية أكبر من »دردشة« ولا يمكن استمرار التعامل معها ببرامج موروثة من »لجنة السياسات«.