سلىمان قناوى من الان وحتي 2 يونيو القادم،موعد النطق بالحكم علي مبارك ونجليه والعادلي وستة من مساعديه، هل يتحقق ما طالبت به النيابة العامة في مرافعتها الاخيرة من أن تستيقظ الضمائر . وتدلي وزارة الداخلية بمعلوماتها التي تكشف الفاعل الاصلي لجريمة قتل المتظاهرين في الثورة.اذ اعلن المستشار مصطفي سليمان المحامي العام الاول لنيابة استئناف القاهرة صراحة: أن الدفاع حاول قدر طاقته ان يؤكد هذه المعلومة بعدم وجود الفاعل الاصلي، ولكن طالما تأكدنا انه من رجال الشرطة فوفقا للقانون يمكن ان نحاسبه اذا عرفناه خلال 10سنوات، وربما في القريب العاجل اذا استيقظت الضمائر وادلت الداخلية بمعلوماتها". فالمشكلة في هذه القضية ان مبارك حرض حبيب العادلي علي قتل المتظاهرين، الذي اصدر اوامره للضباط بذلك، الا انه لم يتم التعرف علي شرطي واحد يطلق النيران علي المتظاهرين علي الرغم من الكثير من الفيديوهات التي سجلت ذلك ، "وظهرت في مشاهد ملامح لاشخاص من المؤكد ان وزارة الداخلية تعرفهم، وكان باستطاعتها تقديمهم لنا-والكلام للمستشار سليمان- علي غرار قناص العيون في شارع محمد محمود ، ولكن حتي قناص العيون ،لولا ان معلوماته الشخصية تم نشرها علي الفيس بوك لظل مجهولا حتي الان". والغريب ان صورة المتهم الوحيد الذي اطلق الرصاص علي زميلنا شهيد الصحافة الوحيد(احمد محمود ) امام وزارة الداخلية، وكانت لنقيب شرطة ، وظهرت علي التليفون المحمول للشهيد ، حتي هذه الصورة قالت وزارة الداخلية انها غير واضحة، ولم يصل التحقيق مع الضباط من الحرس المحيط بالوزارة الي شيء. هل يستيقظ ضمير احد الضباط ويقدم معلومات موثقة عن فاعل واحد من قتلة الثوار، الا تؤرق الكوابيس احدهم، ممن رأي شيئا وكتم شهادته، كيف سيواجه (قاتل) المفروض انه يحمي الارواح ويطبق القانون ، كيف سيواجه ربه سبحانه وتعالي لو افلت من العقاب في الدنيا، وهو الاهون،اذا قورن بأهوال يوم القيامة. متي يحضر ضمير الداخلية الغائب؟ (2) اخيرا تذكر الرئيس المخلوع وطنه، وراح يناجيه بعد خراب مالطا،فقال مبارك في الجلسة الاخيرة لمحاكمته: بلادي وان جارت عليَّ عزيزة، واهلي وان ضنوا عليَّ كرام" لكن السؤال من جار علي مصر؟ ومن ضن علي من؟ عشنا مع مبارك 30عاما، لم نسمعه يوما يذكر بيتا للشعر، كان مشغولا ببيوت وقصور شرم الشيخ.قراءة الشعر كان من الممكن ان تنجي مبارك وتصقل تجربته الهزيلة في الحكم، لكن المعروف عنه وعن اقرب حوارييه(زكريا عزمي) انه كان يسخر من قراء الكتب و كان شائعا -حتي قبل خلعه- انه كان يقول لزكريا عزمي (سيبك منهم دول بتوع الكتب) في اشارة منه لاسامة الباز ومصطفي الفقي. لو قرأ مبارك يوما شعرا لربما تغير تاريخ مصر وتاريخه هو.ربما لم تمر عيونه يوما علي قصيدة نزار قباني التالية: أيها الناس : "اشتروا لي صحفا تكتب عني إنها معروضة مثل البغايا في الشوارع اشتروا لي ورقا أخضر مصقولاً كأشعاب الربيع ومدادا .. ومطابع كل شيء يشتري في عصرنا .. حتي الأصابع.. اشتروا فاكهة الفكر .. وخلوها أمامي واطبخوا لي شاعرا، واجعلوه، بين أطباق طعامي.. أنا أمي.. وعندي عقدة مما يقول الشعراء فاشتروا لي شعراء يتغنون بحسني." لكن مبارك أبي أن يقرأ.فهل تنفعه قراءة آخر العمر؟ (3) اذا كان اطلاق اللحية سنة، فإن حفظ الامن فرض. فإلي متي يلهينا التدين المظهري عن التدين الرسالي،الاوجب علي ضباط الشرطة الان تحقيق المقاصد العليا للشريعة في حفظ النفس والمال والممتلكات والاعراض. الله لن يحاسب ضابط الشرطة هل اطلق لحيته ام حلقها، ولكن سيحاسبه لو غض الطرف عن البلطجية او تجار المخدرات. هيكلة الشرطة، أهم من دقنها. (4) في اليوم العالمي للغة الأم، حذرت منظمة اليونسكو من انقراض 3000 من اللغات المحكية..وأخطر ما يقلقني هو انقراض لغة الحوار في مصر، فإذا اختلفت مع احد في الرأي اليوم فأنت إما خائنا او كافرا. ولن يصلح حال أمة فشلت في ان تدير خلافاتها سلميا.فالاختلاف سنة الله في الكون، ولكن الغرب ربي ابناءه علي مهارات ادارة الخلافات سلميا، ورغم اننا نملك قاعدة فقهية ذهبية، أرقي من المهارات الغربية وهي: نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، الا اننا نطبقها بالمقلوب فتصبح "نتعارك فيما اختلفنا فيه،ولا يرحم بعضنا بعضا فيما تصارعنا عليه. (5) قامت حضارة اليابان علي ثلاث كلمات: آسف. لو سمحت. شكرا. وللاسف في مصر لم نترب علي ثقافة الاعتذار: الأم تنصح ابنتها بعدم الإعتذار لزوجها كي لا ( يكبر راسه) .والأب ينصح الإبن بعدم الاعتذار، لأن رجل البيت لا يعتذر. والمدير لا يعتذر للموظف لان مركزه لايسمح بذلك . والمعلمة لا تعتذر للطالبة لأن ذلك سوف ينقص من احترام الطالبات لها. ويعتقد كثيرون ان الاعتذار انتقاص من مكانة الانسان، لكن لو علمت ان سجدة السهو ماهي الا اعتذار لله، وان الرسول اعتذر لعبد الله بن ام مكتوم، ما استكبرت انت علي الاعتذار.حكاية عبد الله بن ام مكتوم وردت في سورة"عبس"،كان كفيفا ودخل علي الرسول ذات يوم والنبي يدعو كفار قريش الي الاسلام، وظل يكثر من الاسئلة علي الرسول حتي عبس في وجهه، ورغم ان الكفيف بالطبع لا يلحظ العبوس، الا ان الله عاتب النبي في سورة كاملة عما فعل، بعد هذه الواقعة كان النبي يري بن ام مكتوم يبسط له رداءه ويقول له مرحبا بمن عاتبني فيه ربي هل لك من حاجة وكان اذا سافر الي الحرب جعل امير المدينة هو ابن ام مكتوم كنوع من اعتذار النبي.